الأربعاء، 22 يوليو 2015

تلخيص لكتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد



فهذا تلخيص لكتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد للعلامة عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى

شرح فيه كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى


أنقله وهو على طريقة السؤال والجواب في أهم مسائله وفوائده, لعل الله أن ينفعني به يوم لا ينفع مال ولا بنون, إلا من أتى الله بقلب سليم .

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد 1
س1: ما موضوع كتاب التوحيد؟
ج: بيان ما بعث به الله رسله: من توحيد العبادة، وبيانه بالأدلة من الكتاب والسنة، وذكر ما ينافيه من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر ونحوه، وما يقرب من ذلك أو يوصل إليه.

س2:ما ذا عمل الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله في كتاب التوحيد؟
ج:وضع عليه شرحا أجاد فيه وأفاد، وأبرز فيه من البيان ما يجب أن يطلب منه ويراد، وسماه "تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد".

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد 2
س3: ما موقف المؤلف من كتاب تيسير العزيز الحميد, وماذا عمل؟ 
ج: قال رحمه الله: ولما قرأت شرحه رأيته أطنب في مواضع، وفي بعضها تكرار يستغنى بالبعض منه عن الكل ولم يكمله، فأخذت في تهذيبه وتقريبه وتكميله، وربما أدخلت فيه بعض النقول المستحسنة تتميما للفائدة، وسميته "فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد".

س4: لماذا ابتدأ المصنف كتابه بالبسملة؟ 
ج: اقتداء بالكتاب العزيز، وعملا بحديث:
" كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الر حيم فهو أقطع ", أخرجه ابن حبان من طريقين. قال ابن الصلاح:" والحديث حسن" . ولأبي داود وابن ماجه: " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله، أو بالحمد فهو أقطع", ولأحمد:" كل أمر ذي بال لا يفتتح بذكر الله، فهو أبتر أو أقطع", وللدارقطني عن أبي هريرة مرفوعا:" كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أقطع".
 انتهى.
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ( ٣)
س5: هل اقتصر المؤلف على البسملة أم ذكر الحمدلة؟ ولماذا؟ 
ج: اقتصر في بعض نسخه على البسملة، لأنها من أبلغ الثناء والذكر للحديث المتقدم, وكان النبي صلي الله عليه وسلم يقتصر عليها في مراسلاته، كما في كتابه لهرقل عظيم الروم, ووقع لي نسخة بخطه -رحمه الله تعالى- بدأ فيها بالبسملة، وثنى بالحمد والصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم وآله, وعلى هذا فالابتداء بالبسملة حقيقي، وبالحمدلة نسبي إضافي، أي بالنسبة إلى ما بعد الحمد يكون مبدوءا به.

س6: ما فائدة حذف العامل في البسملة؟
ج: ذكر العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- لحذف العامل فوائد، منها: أنه موطن لا ينبغي أن يتقدم فيه غير ذكر الله, ومنها: أن الفعل إذا حذف صح الابتداء بالبسملة في كل عمل وقول وحركة، فكان الحذف أعم. انتهى ملخصا.


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ( ٤)
س7: ما نوع الباء في "بسم الله"؟ 
ج: للمصاحبة, وقيل: للاستعانة, فيكون التقدير: بسم الله أؤلف حال كوني مستعينا بذكره، متبركا به, وأما ظهوره في: (اقرأ باسم ربك) وفي (بسم الله مجراها) فلأن المقام يقتضي ذلك كما لا يخفى.

س8: مم اشتُقَّ الإسم؟ 
ج: من السمو وهو العلو, وقيل: من الوسم وهو العلامة, لأن كل ما سمي فقد نوه باسمه ووسم.

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (٥)
س9: ما أصل قولهم : "الله"؟ 
ج: قال الكسائي والفراء: أصله الإله، حذفوا الهمزة، وأدغموا اللام في اللام، فصارتا لاما واحدة مشددة مفخمة. 
قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: الصحيح: أنه مشتق، وأن أصله الإله كما هو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذ.
وهو الجامع لمعاني الأسماء الحسنى والصفات العلى.
والذين قالوا بالاشتقاق إنما أرادوا أنه دال على صفة له تعالى,
  
وهي الإلهية كسائر أسمائه الحسنى، كالعليم والقدير، والسميع، والبصير, ونحو ذلك, فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب، وهي قديمة، ونحن لا نعني بالاشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى، لا أنها متولدة منه تولد الفرع من أصله.

وتسمية النحاة للمصدر والمشتق منه: أصلا وفرعا، ليس معناه أن أحدهما متولد من الآخر، وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر وزيادة.
قال أبو جعفر ابن جرير: "الله" أصله "الإله" أسقطت الهمزة التي هي فاء الاسم فالتقت اللام التي هي عين الاسم واللام الزائدة وهي ساكنة فأدغمت في الأخرى، فصارتا في اللفظ لاماً واحدة مشددة.

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ( ٦ )
س10: ما معنى: "الله"؟
ج: قال -أي ابن جرير-: وأما تأويل "الله" فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس قال: "هو الذي يألهه كل شيء ويعبده كل خلق ", وساق بسنده عن الضحاك عن عبد الله بن عباس قال: " الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين ".
س11: ما معنى "الرحمن الرحيم"؟
ج: قال ابن جرير: حدثني السري بن يحيى حدثنا عثمان بن زفر سمعت العرزمي يقول: "الرحمن بجميع الخلق، والرحيم بالمؤمنين". 

= وساق بسنده عن أبي سعيد - يعني الخدري - قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " إن عيسى ابن مريم قال: الرحمن: رحمن الآخرة والدنيا. والرحيم: رحيم الآخرة ".

= وقال - أي ابن القيم-: ( "الرحمن" دال على الصفة القائمة به سبحانه, "والرحيم" دال على تعلقها بالمرحوم, وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} {إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} ولم يجئ قط رحمان بهم).

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ( ٧ ) 
س12: ما معنى: "الحمد لله"؟
ج: معناه الثناء بالكلام على الجميل الاختياري على وجه التعظيم.

س13:ما معنى صلاة الله على عبده؟
ج: أصح ما قيل في معنى صلاة الله على عبده: ما ذكره البخاري -رحمه الله تعالى- عن أبي العالية قال: " صلاة الله على عبده ثناؤه عليه عند الملائكة ".
وقرره ابن القيم -رحمه الله- ونصره في كتابيه: "جلاء الأفهام"، و"بدائع الفوائد".
قلت-القائل هو المؤلف-: وقد يراد بها الدعاء، كما في المسند عن علي مرفوعا: " الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه: اللهم اغفر له الله ارحمه ".

س14: من المقصود بالآل في قوله: "وعلى آله" ؟ 
ج: أي أتباعه على دينه، نص عليه الإمام أحمد هنا وعليه أكثر الأصحاب. وعلى هذا فيشمل الصحابة وغيرهم من المؤمنين .
س15: ما معنى قوله: "كتاب"؟ 
ج: مصدر كتب يكتب كتابا وكتابة وكتبا، ومدار المادة على الجمع. ومنه: تكتب بنو فلان، إذا اجتمعوا. والكتيبة لجماعة الخيل، والكتابة بالقلم لاجتماع الكلمات والحروف. وسمي الكتاب كتابا: لجمعه ما وضع له.
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (( ٨)) 
س17: ما هي العبادة ؟
ج: قال شيخ الإسلام:" العبادة هي طاعة الله بامتثال ما أمر الله به على ألسنة الرسل".
وقال أيضا:"العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة".
قال ابن القيم:" ومدارها على خمس عشرة قاعدة، من كملها كمل مراتب العبودية".
وبيان ذلك: أن العبادة منقسمة على القلب واللسان والجوارح, والأحكام التي للعبودية خمسة: واجب ومستحب وحرام ومكروه ومباح, وهن لكل واحد من القلب واللسان والجوارح.
س1: ما معنى قوله تعالى: "إلا ليعبدون" ؟ 
ج: قال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه في الآية:" إلا لآمرهم أن يعبدوني وأدعوهم إلى عبادتي"
وقال مجاهد: "إلا لآمرهم وأنهاهم" اختاره الزجاج وشيخ الإسلام.
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ((٩))
19: عرف الطاغوت؟
ج: مشتق من الطغيان، وهو مجاوزة الحد,
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "الطاغوت الشيطان",
وقال جابر رضي الله عنه: "الطاغوت كهان كانت تنزل عليهم الشياطين" رواهما ابن أبي حاتم, وقال مالك: "الطاغوت كل ما عبد من دون الله".
قلت: وذلك المذكور بعض أفراده،
وقد حده العلامة ابن القيم حدا جامعا فقال:الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع.
س20: ما معنى قوله تعالى: "وقضى ربك" ؟
ج: قال مجاهد: "قضى" يعني وصى, وكذا قرأ أبي بن كعب وابن مسعود وغيرهم, ولابن جرير عن ابن عباس: "وقضى ربك، يعني أمر".


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (( ١٠ )) 
س21: ما معنى قوله تعالى: "وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل"؟ 
ج: روى الإمام أحمد والنسائي والدارمي وابن أبي حاتم والحاكم - وصححه - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "خط رسول الله صلي الله عليه وسلم خطا بيده، ثم قال: هذا سبيل الله مستقيما، ثم خط خطوطا عن يمين ذلك الخط وعن شماله ثم قال: وهذه سبل ليس منها سبيل إلا وعليه شيطان يدعو إليه "
ثم قرأ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} الآية.
وعن مجاهد: ولا تتبعوا السبل، قال: البدع والشهوات.
قال ابن القيم -رحمه الله-: ولنذكر في الصراط المستقيم قولا وجيزا، فإن الناس قد تنوعت عباراتهم عنه بحسب صفاته ومتعلقاته، وحقيقته شيء واحد، وهو طريق الله الذي نصبه لعباده موصلا لهم إليه، ولا طريق إليه سواه، بل الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا طريقه الذي نصبه على ألسن رسله، وجعله موصلا لعبادة الله،

 وهو إفراده بالعبادة، وإفراد رسله بالطاعة، فلا يشرك به أحدا في عبادته ولا يشرك برسوله صلي الله عليه وسلم أحدا في طاعته. فيجرد التوحيد، ويجرد متابعة الرسول صلي الله عليه وسلم, وهذا كله مضمون "شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله" فأي شيء فسر به الصراط المستقيم فهو داخل في هذين الأصلين.

ونكتة ذلك، أن تحبه بقلبك وترضيه بجهدك كله، فلا يكون في قلبه موضع إلا معمورا بحبه، ولا يكون لك إرادة إلا متعلقة بمرضاته, فالأول يحصل بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، والثاني يحصل بتحقيق شهادة أن محمدا رسول الله.

وهذا هو الهدى ودين الحق، وهو معرفة الحق والعمل به، وهو معرفة ما بعث الله به رسوله والقيام به، وقل ما شئت من العبارات التي هذا آخيتها وقطب رحاها. قال: وقال سهل بن عبد الله: " عليكم بالأثر والسنة


فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكر إنسان النبي صلي الله عليه وسلم والاقتداء به في جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وتبرءوا منه وأذلوه وأهانوه " اهـ.
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ((11))
س22:ما معنى قول ابن مسعود رضي الله عنه: "من أراد أن ينظر إلى وصية........" الحديث؟ 
ج:معناه من أراد أن ينظر إلى الوصية التي كأنها كتبت وختم عليها فلم تغير ولم تبدل فليقرأ " قل تعالوا " إلى آخر الآيات، شبهها بالكتاب الذي كتب ثم ختم فلم يزد فيه ولم ينقص, فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوص إلا بكتاب الله، كما قال فيما رواه مسلم: " وإني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله "، وقد روى عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "أيكم يبايعني على هؤلاء الآيات الثلاث؟ ثم تلا قوله: " {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} حتى فرغ من الثلاث الآيات".

 ثم قال:" من وفى بهن فأجره على الله، ومن انتقص منهن شيئا فأدركه الله به في الدنيا كانت عقوبته، ومن أخره إلى الآخرة كان أمره إلى الله إن شاء آخذه وإن شاء عفا عنه " رواه ابن أبي حاتم والحاكم وصححه ومحمد بن نصر في الاعتصام.
قلت: ولأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يوص أمته إلا بما وصاهم الله تعالى به على لسانه. وفي كتابه الذي أنزله {تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}, وهذه الآيات وصية الله تعالى ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم.
س23:ما اسم حمار النبي صلى الله عليه وسلم, ومن الذي أهداه إليه؟ 

ج: في رواية: اسمه عفير، قلت-أي الشارح-: أهداه إليه المقوقس صاحب مصر.


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ((12))
س24: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "حق العباد على الله"؟
ج: معناه أنه متحقق لا محالة؛ لأنه قد وعدهم ذلك جزاء لهم على توحيده {وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ}.
قال شيخ الإسلام:كون المطيع يستحق الجزاء هو استحقاق إنعام وفضل، ليس هو استحقاق مقابلة، كما يستحق المخلوق على المخلوق، فمن الناس من يقول: لا معنى للاستحقاق، إلا أنه أخبر بذلك ووعده صدق، ولكن أكثر الناس يثبتون استحقاقا زائدا على هذا، كما دل عليه الكتاب والسنة.
قال تعالى: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}
لكن أهل السنة يقولون:هو الذي كتب على نفسه الرحمة وأوجب على نفسه الحق، لم يوجبه عليه مخلوق, والمعتزلة يدعون أنه واجب عليه بالقياس على المخلوق، وأن العباد هم الذين أطاعوه بدون أن يجعلهم مطيعين له، وأنهم يستحقون الجزاء بدون أن يكون هو الموجب، وغلطوا في ذلك، وهذا الباب غلطت فيه الجبرية والقدرية أتباع جهم، والقدرية النافية.
س25: ماذا نستفيد من قول معاذ رضي الله عنه: "أفلا أبشر الناس" ؟
ج: فيه استحباب بشارة المسلم بما يسره، وفيه ما كان عليه الصحابة من الاستبشار بمثل هذا.


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ((13))
س26: ما معنى قول الراوي: "فأخبر بها معاذ عند موته تأثما"؟ 
ج:أي تحرجا من الإثم.
قال الوزير أبو المظفر:"لم يكن يكتمها إلا عن جاهل يحمله جهله على سوء الأدب بترك الخدمة في الطاعة، فأما الأكياس الذين إذا سمعوا بمثل هذا زادوا في الطاعة، ورأوا أن زيادة النعم تستدعي زيادة الطاعة، فلا وجه لكتمانها عنهم". 
س27: ما معنى الإيمان هنا: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون" ؟

ج: قال ابن جرير : حدثنى المثنى - وساق بسنده - عن الربيع ابن أنس قال : الإيمان الإخلاص لله وحده ) .
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(14)
س28: وما معنى الظلم هنا؟
ج: ساقه البخارى بسنده فقال "حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنى إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما نزلت:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" قلنا: يا رسول الله ، أينا لا يظلم نفسه ؟ قال : ليس كما تقولون، لم يلبسوا إيمانهم بظلم، بشرك. أو لم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه:" يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم".
وعن عمر أنه فسره بالذنب . فيكون المعنى: الأمن من كل عذاب. وقال الحسن والكلبي: أولئك لهم الأمن ، فى الآخرة ، وهم مهتدون فى الدنيا .
فائدة من الشارح: 
وقال ابن القيم رحمه الله: قوله: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون" قال الصحابة: وأينا يا رسول الله لم يلبس إيمانه بظلم؟ قال: ذلك الشرك. ألم تسمعوا قول العبد الصالح "إن الشرك لظلم عظيم" لما أشكل عليهم المراد بالظلم فظنوا أن ظلم النفس داخل فيه .

وأن من ظلم نفسه أى ظلم كان لم يكن آمناً ولا مهتدياً. أجابهم صلوات الله وسلامه عليه بأن الظلم الرافع للأمن والهداية على الإطلاق هو الشرك. وهذا والله هو الجواب، الذى يشفي العليل ويروي الغليل. فإن الظلم المطلق التام هو الشرك. الذى هو وضع العبادة فى غير موضعها. والأمن والهدى المطلق: هما الأمن فى الدنيا والآخرة, والهدى إلى الصراط المستقيم, فالظلم المطلق التام رافع للأمن والاهتداء المطلق التام, ولا يمنع أن يكون الظلم مانعاً من مطلق الأمن ومطلق الهدى, فتأمله, فالمطلق للمطلق، والحصة للحصة ا هـ ملخصاً.


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(15)
س29: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم (من شهد أن لا إله إلا الله)في حديث عبادة؟ 
ج: أى من تكلم بها عارفاً لمعناها، عاملاً بمقتضاها، باطناً وظاهراً، فلابد فى الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولها،
كما قال الله تعالى:"فاعلم أنه لا إله إلا الله"
وقوله:"إلا من شهد بالحق وهم يعلمون"
أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه: من البراءة من الشرك، وإخلاص القول والعمل: قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح - فغير نافع بالإجماع.
قال القرطبى فى المفهم على صحيح مسلم:
باب لا يكفى مجرد التلفظ بالشهادتين بل لابد من استيقان القلب - هذه الترجمة تنبيه على فساد مذهب غلاة المرجئة، القائلين بأن التلفظ بالشهادتين كاف فى الإيمان. وأحاديث هذا الباب تدل على فساده, بل هو مذهب معلوم الفساد من الشريعة لمن وقف عليها, ولأنه يلزم منه تسويغ النفاق، والحكم للمنافق بالإيمان الصحيح, وهو باطل قطعاً ا هـ .
س30: ماذا تقتضي شهادة أن محمداً رسول الله؟
ج: تقتضى الإيمان به وتصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، والانتهاء عما عنه نهى وزجر، وأن يعظم أمره ونهيه، ولا يقدم عليه قول أحد كائناً من كان.


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(16)
س31: ما معنى أن شهادة أن عيسى عبد الله ورسوله؟
ج:أى خلافاً لما يعتقده النصارى أنه الله أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة. تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً"ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله" فلا بد أن يشهد أن عيسى عبد الله ورسوله على علم ويقين بأنه مملوك لله، خلقه من أنثى بلا ذكر،
كما قال تعالى:"إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون" فليس رباً ولا إلهاً, سبحان الله عما يشركون.
قال تعالى:" فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا * قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا * وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا * والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا * ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون * ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون * وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم "
وقال:"لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً "
ويشهد المؤمن أيضاً ببطلان قول أعدائه اليهود: أنه ولد بغى، لعنهم الله تعالى, فلا يصح إسلام أحد علم ما كانوا يقولونه حتى يبرأ من قول الطائفتين جميعاً في عيسى عليه السلام، ويعتقد ما قاله الله تعالى فيه : أنه عبد الله ورسوله. 
س32: لماذا سمي عيسى عليه السلام كلمة الله؟
ج: لوجوده بقوله تعالى:(كن) كما قاله السلف من المفسرين, قال الإمام أحمد فى الرد على الجهمية: بالكلمة التى ألقاها إلى مريم حين قال له كن فكان عيسى بكن وليس عيسى هو كن, ولكن بكن كان, فكن من الله تعالى قول، وليس كن مخلوقاً، وكذب النصارى والجهمية على الله فى أمر عيسى. انتهى 
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(17)
س33: ما معنى :"وروح منه"؟
ج:قال أبى بن كعب : عيسى روح من الأرواح التى خلقها الله تعالى واستنطقها بقوله:"ألست بربكم قالوا بلى" بعثه الله إلى مريم فدخل فيها رواه عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد فى زوائد المسند وابن جرير وابن أبى حاتم وغيرهم . قال الحافظ : ووصفه بأنه منه ، فالمعنى أنه كائن منه، كما فى قوله تعالى:" وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه " فالمعنى أنه كائن منه .
قاعدة مفيدة:
قال شيخ الإسلام:
المضاف إلى الله تعالى إذا كان معنى لا يقوم بنفسه ولا بغيره من المخلوقات وجب أن يكون صفة لله تعالى قائمة به، وامتنع أن تكون إضافته إضافة مخلوق مربوب, وإذا كان المضاف عيناً قائمة بنفسها كعيسى وجبريل عليهما السلام وأرواح بني آدم امتنع أن تكون صفة لله تعالى ، لأن ما قام بنفسه لا يكون صفة لغيره .
لكن الأعيان المضافة إلى الله تعالى على وجهين :
أحدهما:
أن تضاف إليه لكونه خلقها وأبدعها، فهذا شامل لجميع المخلوقات، كقولهم: سماء الله، وأرض الله, فجميع المخلوقين عبيد الله، وجميع المال مال الله .

الوجه الثانى:
أن يضاف إليه لما خصه به من معنى يحبه ويأمر به ويرضاه، كما خص البيت العتيق بعبادة فيه لا تكون فى غيره, وكما يقال فى مال الخمس والفىء: هو مال الله ورسوله,
ومن هذا الوجه:
فعباد الله هم الذين عبدوه وأطاعوا أمره . فهذه إضافة تتضمن ألوهيته وشرعه ودينه، وتلك إضافة تتضمن ربوبيته وخلقه . ا.هـ ملخصاً .
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(18)
س34: ما معنى: (أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)؟ 
ج:هذه الجملة جواب الشرط وفى رواية : أدخله الله من أى أبواب الجنة الثمانية شاء.
قال الحافظ: معنى قوله: على ما كان من العمل أى من صلاح أو فساد، لأن أهل التوحيد لابد لهم من دخول الجنة،
ويحتمل أن يكون معنى قوله: على ما كان من العمل أن يدخله الجنه على حسب أعمال كل منهم فى الدرجات.
س35:ما معنى حديث عتبان وما في معناه؟ 
ج: قال شيخ الإسلام وغيره : فى هذا الحديث ونحوه أنها فيمن قالها ومات عليها، كما جاءت مقيدة بقوله: خالصاً من قلبه غير شاك فيها بصدق ويقين, فإن حقيقة التوحيد انجذاب الروح إلى الله تعالى جملة،
= فمن شهد أن لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة، لأن الإخلاص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى بأن يتوب من الذنوب توبة نصوحاً، فإذا مات على تلك الحال نال ذلك
= فإنه قد تواترت الأحاديث بأنه يخرج من النار من قال لا إله إلا الله ، وكان فى قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، وما يزن خردلة ، وما يزن ذرة,
= وتواترت بأن كثيراً ممن يقول لا إله إلا الله يدخل النار ثم يخرج منها،
= وتواترت بأن الله حرم على النار أن تأكل أثر السجود من ابن آدم، فهؤلاء كانوا يصلون ويسجدون لله،
= وتواترت بأنه يحرم على النار من قال لا إله إلا الله، ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، لكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال، وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص، وأكثر من يقولها إنما يقولها تقليداً أو عادة، ولم تخالط حلاوة الإيمان بشاشة قلبه .


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(19) 
س36: اذكر بعض فوائد حديث أنس رضي الله عنه عند الترمذي؟
ج: كثرة ثواب التوحيد، وسعة كرم الله وجوده ورحمته والرد على الخوارج الذين يكفرون المسلم بالذنوب، وعلى المعتزلة القائلين بالمنزلة بين المنزلتين، وهي الفسوق، ويقولون ليس بمؤمن ولا كافر، ويخلد في النار . والصواب قول أهل السنة: أنه لا يسلب عنه اسم الإيمان، ولا يعطاه على الإطلاق، بل يقال هو مؤمن عاص، أو مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته. وعلى هذا يدل الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة.

فائدة جليلة النفع
قوله صلى الله عليه وسلم:« من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله » وهذا من أعظم ما يبين معنى" لا إله إلا الله "
= فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصما للدم والمال،
= بل ولا معرفة معناها مع لفظها،
= بل ولا الإقرار بذلك  
= بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له،
= بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله 
فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ودمه.
فيالها من مسألة ما أعظمها وأجلها، وياله من بيان ما أوضحه، وحجة ما أقطعها للمنازع.


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(20)
س37: ما معنى قوله تعالى: ( أن إبراهيم كان أمة.....) الآية؟
ج: وصف إبراهيم عليه السلام بهذه الصفات التي هي الغاية فى تحقيق التوحيد:
الأولى: أنه كان أمة، أي قدوة وإماماً معلماً للخير. وما ذاك إلا لتكميله مقام الصبر واليقين الذين تنال بهما الإمامة فى الدين .
الثانية: قوله قانتاً, قال شيخ الإسلام: القنوت دوام الطاعة ، والمصلي إذا أطال قيامه أو ركوعه أو سجوده فهو قانت.
قال تعالى:"أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه" ا هـ. ملخصاً 
الثالثة: أنه كان حنيفاً (قلت) قال العلامة ابن القيم الحنيف المقبل على الله، المعرض عن كل ما سواه ا. هـ
الرابعة: أنه كان من المشركين، أي لصحة إخلاصه وكمال صدقه، وبعده عن الشرك.
فائدة:
قال المصنف رحمه الله في هذه الآية: "إن إبراهيم كان أمة": لئلا يستوحش سالك الطريق من قلة السالكين, (قانتاً لله): لا للملوك ولا للتجار المترفين, (حنيفاً): لا يميل يميناً ولا شمالاً كفعل العلماء المفتونين,(ولم يك من المشركين):خلافا لمن كثر سوادهم وزعم أنه من المسلمين. أ هـ  
فائدة:
روى ابن أبى حاتم عن ابن عباس فى قوله:"إن إبراهيم كان أمة" على الإسلام, ولم يك فى زمانه أحد على الإسلام غيره".
قلت: ولا منافاة بين هذا وبين ما تقدم: من أنه كان إماماً يقتدى به فى الخير .


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(21)
باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب
فائدة:
البارحة هى أقرب ليله مضت.
قال أبو العباس ثعلب: يقال قبل الزوال: رأيت الليلة، وبعد الزوال: رأيت البارحة، وكذا قال غيره  وهى مشتقة من برح إذا زال.
س38:ما معنى حديث:"لا رقية إلا من عين أو حمة"؟
ج: العين هى إصابة العائن غيره بعينه, والحمة - بضم المهملة وتخفيف الميم - سم العقرب وشبهها,
قال الخطابى: ومعنى الحديث: لا رقية أشفى وأولى من رقية العين والحمة. وقد رقى النبى صلى الله عليه وسلم ورقي .
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(22)
س39: ما معنى: (قد أحسن من انتهى إلى ما سمع)؟
ج:أى من أخذ بما بلغه من العلم وعمل به فقد أحسن بخلاف من يعمل بجهل ، أو لا يعمل بما يعلم فإنه مسىء آثم . وفيه فضيلة علم السلف وحسن أدبهم .
س40: قال صلى الله عليه وسلم في الحديث:(عرضت علي الأمم), متى كان ذلك؟
ج: فى الترمذي والنسائي من رواية عبثر بن القاسم عن حصين بن عبد الرحمن أن ذلك كان ليلة الإسراء
قال الحافظ: فإن كان ذلك محفوظاً كان فيه قوة لمن ذهب إلى تعدد الإسراء, وأنه وقع بالمدينة أيضاً (قلت): وفي هذا نظر .
فائدة:

قوله:(فرأيت النبي ومعه الرهط) والذي فى صحيح مسلم الرهيط بالتصغير لا غير، وهم الجماعة دون العشرة، قاله النووي.
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(23)
س41: ما سبب اختصاص هؤلاء السبعون ألفاً بهذا الفضل؟ 
ج: لتحقيقهم التوحيد، وفى رواية ابن فضيل ويدخل الجنة من هؤلاء من أمتك سبعون ألفاً و"فى حديث أبي هريرة فى الصحيحين أنهم تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر
"وروى الإمام أحمد والبيهقي فى "حديث أبى هريرة: "فاستزدت ربى فزادنى مع كل ألف سبعين ألفاً" قال الحافظ : وسنده جيد .
س42: جاء في رواية مسلم: "ولا يرقون" بدل "ولا يسترقون", ماصحة هذه الرواية؟ 
ج: قال شيخ الإسلام ابن تيمية : هذه الزيادة وهم من الراوي ، لم يقل النبى صلى الله عليه وسلم و لا يرقون
وقد "قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل على الرقى: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه". و"قال : لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً" قال : وأيضاً فقد"رقى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم" و "رقى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه"
قال والفرق بين الراقي والمسترقي:
أن المسترقى سائل مستعط ملتفت إلى غير الله بقلبه،
والراقى محسن.
قال : وإنما المراد وصف السبعين ألفاً بتمام التوكل، فلا يسألون غيرهم أن يرقيهم ولا يكويهم . وكذا قال ابن القيم


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(24)
س 43: ما معنى قوله : (ولا يكتوون)؟ 
ج:أي لا يسألون غيرهم أن يكويهم كما لا يسألون غيرهم أن يرقيهم، استسلاماً للقضاء، وتلذذاً بالبلاء .
قلت : والظاهر أن قوله لا يكتوون أعم من أن يسألوا ذلك أو يفعل ذلك باختيارهم .
س44: ما حكم الكي؟
ج: جائز 
كما فى الصحيح "عن جابر بن عبد الله أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث إلى أبى بن كعب طبيباً فقطع له عرقاً وكواه" .
وفى صحيح البخارى "عن أنس أنه كوى من ذات الجنب والنبى صلى الله عليه وسلم حى" وروى الترمذى وغيره "عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة".
وفي صحيح البخارى"عن ابن عباس مرفوعاً الشفاء فى ثلاث: شربة عسل ، وشرطة محجم، وكية نار، وأنا أنهى أمتى عن الكى وفى لفظ :وما أحب أن أكتوى".

قال ابن القيم رحمه الله: قد تضمنت أحاديث الكى أربعة أنواع
(أحدها) فعله.
(والثانى) عدم محبته.
(والثالث) الثناء على من تركه.
(والرابع) النهي عنه.
ولا تعارض بينها بحمد الله،فإن فعله يدل على جوازه، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه ، وأما الثناء على تاركه فيدل على أن تركه أولى وأفضل، وأما النهي عنه فعلى سبيل الاختيار والكراهة.


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(25)
س45:ما معنى قوله:(ولا يتطيرون)؟

ج: أي لا يتشاءمون بالطيور ونحوها .

فائدة:
واعلم أن الحديث لا يدل على أنهم لا يباشرون الأسباب أصلاً ، فإن مباشرة الأسباب فى الجملة أمر فطري ضروري ، لا انفكاك لأحد عنه ،
بل نفس التوكل:
=مباشرة لأعظم الأسباب كما قال تعالى:"ومن يتوكل على الله فهو حسبه" أي كافيه وإنما المراد أنهم يتركون الأمور المكروهة مع حاجتهم إليها ، توكلاً على الله تعالى ، كالاكتواء والاسترقاء، فتركهم له لكونه سبباً مكروهاً ، لا سيما والمريض يتشبث -فيما يظنه سبباً لشفائه  بخيط العنكبوت.
=وأما مباشرة الأسباب والتداوي على وجه لا كراهة فيه، فغير قادح فى التوكل ، فلا يكون تركه مشروعاً ، لما فى الصحيحين "عن أبي هريرة مرفوعاً ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه ، وجهله من جهله".
"وعن أسامة بن شريك قال: كنت عند النبى صلى الله عليه وسلم وجاءت الأعراب ، فقالوا يا رسول الله أنتداوى؟ قال: نعم. يا عباد الله تداووا ، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء، غير داء واحد. قالوا: وما هو؟ قال: الهرم" رواه أحمد .

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(26)
س46: ما حكم التداوي؟ 
ج: اختلف العلماء فى التداوى هل هو مباح ، وتركه أفضل ، أو مستحب أو واجب ؟
فالمشهور عند أحمد : الأول لهذا الحديث وما في معناه ،
والمشهور عند الشافعية الثاني ،
حتى ذكر النووى فى شرح مسلم : أنه مذهبهم ومذهب جمهور السلف وعامة الخلف ،
واختاره الوزير أبو الظفر . قال : ومذهب أبي حنيفة أنه مؤكد حتى يدانى به الوجوب .
قال : ومذهب مالك أنه يستوي فعله وتركه فإنه قال : لا بأس بالتداوي ولا بأس بتركه .
وقان شيخ الاسلام : ليس بواجب عند جماهير الأئمة وإنما أوجبه طائفة قليلة من أصحاب الشافعي وأحمد .
س47: ما سبب قوله صلى الله عليه وسلم:(فقال سبقك بها عكاشة)؟
ج:قال القرطبي : لم يكن عند الثانى من الأحوال ما كان عند عكاشة ، فلذلك لم يجبه، إذ لو أجابه لجاز أن يقلب ذلك كل من كان حاضراً فيتسلسل الأمر ، فسد الباب بقوله ذلك ا هـ

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(27)
باب الخوف من الشرك
س48: على من رد قول الله عز وجل :"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"؟
ج: على الخوارج المكفرين بالذنوب, وعلى المعتزلة القائلين بأن أصحاب الكبائر يخلدون فى النار، وليسوا عندهم بمؤمنين ولا كفار . 
س49: ما الفرق بين الصنم والوثن؟
ج: الصنم ما كان منحوتاً على صورة، والوثن ما كان موضوعاً على غير ذلك. ذكره الطبري عن مجاهد .

قلت : وقد يسمى الصنم وثناً كما قال الخليل عليه السلام:" إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا " الآية ويقال : إن الوثن أعم ، وهو قوي، فالأصنام أوثان ، كما أن القبور أوثان .


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(28)
س50: ما معنى قوله تعالى: "واجنبني وبني أن نعبد الأصنام"؟
ج: أي اجعلني وبني فى جانب عن عبادة الأصنام، وباعد بيننا وبينها. وقد استجاب الله تعالى دعاءه، وجعل بنيه أنبياء، وجنبهم عبادة الأصنام.
فائدة:
قال إبراهيم التيمي: من يأمن البلاء بعد إبراهيم؟ رواه إبن جرير وابن أبي حاتم.


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(29)
س51: اذكر تخريج حديث:"أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه فقال: الرياء"؟
ج: أورد المصنف هذا الحديث مختصراً غير معزو, قد رواه الإمام أحمد والطبراني والبيهقي،
وهذا لفظ أحمد: حدثنا يونس حدثنا ليث عن يزيد - يعنى ابن الهاد - عن عمرو عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء. يقول الله تعالى يوم القيامة، إذا جازى الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراءوا فى الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء".
قال المنذري: ومحمود بن لبيد رأى النبى صلى الله عليه وسلم ولم يصح له منه سماع فيما أرى.
وذكر ابن أبى حاتم أن البخارى قال: له صحبة، ورجحه ابن عبد البر والحافظ. وقد رواه الطبرانى بأسانيد جيدة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج. مات محمود سنة ست وتسعين. وقيل سنة سبع وتسعين وله تسع وتسعون سنة.


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(30)
س52: ما أقسام اتخاذ الند؟
ج: على قسمين:
الأول: أن يجعله لله شريكاً فى أنواع العبادة أو بعضها كما تقدم ، وهو شرك أكبر .
والثانى: ما كان من نوع الشرك الأصغر,
كقول الرجل: ما شاء الله وشئت ، ولولا الله وأنت .
وكيسير الرياء ،
فقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم لما قال له رجل: "ما شاء الله وشئت ، قال : أجعلتنى لله نداً ؟ بل ما شاء الله وحده" رواه أحمد وابن أبي شيبة والبخارى في الأدب المفرد والنسائي وابن ماجه .
فائدة:
فإذا كان الشرك الأصغر مخوفاً على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كمال علمهم وقوة إيمانهم ، فكيف لا يخافه وما فوقه من هو دونهم فى العلم والإيمان بمراتب ؟ خصوصاً إذا عرف أن أكثر علماء الأمصار اليوم لا يعرفون من التوحيد إلا ما أقر به المشركون ، وما عرفوا معنى الإلهية التى نفتها كلمة الإخلاص عن كل ما سوى الله
باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(31)
س53:ما مناسبة الباب لما قبله؟ 
ج: لما ذكر المصنف رحمه الله التوحيد وفضله، وما يوجب الخوف من ضده، نبه بهذه الترجمة على أنه لا ينبغى لمن عرف ذلك أن يقتصر على نفسه ، بل يجب عليه أن يدعو إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة. كما هو سبيل المرسلين وأتباعهم
كما قال الحسن البصري لما تلا قوله تعالى:" ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين" فقال: هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله فى دعوته. ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحاً فى إجابته: إنني من المسلمين. هذا خليفة الله . 
فائدة: 

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى فى معنى قوله تعالى:" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " الآية . ذكر سبحانه مراتب الدعوة وجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعو،
فإنه إما أن يكون طالباً للحق محباً له, مؤثراً له على غيره إذا عرفه, فهذا يدعى بالحكمة, ولا يحتاج إلى موعظة وجدال,
وإما أن يكون مشتغلاً بضد الحق, لكن لو عرفه آثره واتبعه, فهذا يحتاج إلى الموعظة بالترغيب والترهيب,
وإما أن يكون معانداً معارضاً، فهذا يجادل بالتي هى أحسن, فإن رجع وإلا انتقل معه إلى الجلاد إن أمكن. انتهى 
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(32)
س54:متى كان بعث معاذ إلى اليمن؟ 
ج: قال الحافظ : كان بعث معاذ إلى اليمن سنة عشر, قبل حج النبى صلى الله عليه وسلم كما ذكره المصنف- يعنى البخارى فى أواخر المغازي-
وقيل:كان ذلك فى آخر سنة تسع عند منصرفه صلى الله عليه وسلم من تبوك. رواه الواقدي بإسناد إلى كعب بن مالك. وأخرجه ابن سعد في الطبقات عنه واتفقوا على أنه لم يزل على اليمن إلى أن قدم فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه ثم توجه إلى الشام فمات بها.

س55: من القوم الذين بُعث إليهم معاذ رضي الله عنه في اليمن؟
ج: قال القرطبي: يعني اليهود والنصارى، لأنهم كانوا في اليمن أكثر من مشركي العرب أو أغلب، وإنما نبه على ذلك ليتهيأ لمناظرتهم .
وقال الحافظ : هو كالتوطئة للوصية لجمع همته عليها .
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(33)
س56: ما شروط لا إله إلا الله؟
ج: لا بد فى شهادة أن لا إله إلا الله من سبعة شروط، لا تنفع قائلها إلا باجتماعها،
أحدها: العلم المنافي للجهل.
الثانى: اليقين المنافي للشك.
الثالث: القبول المنافي للرد.
الرابع: الانقياد المنافي للترك.
الخامس: الإخلاص المنافي للشرك.
السادس: الصدق المنافي للكذب. 
السابع: المحبة المنافية لضدها .
س57: ما معنى كرائم؟

ج:جمع كريمة, قال صاحب المطالع:"هي الجامعة للكمال الممكن في حقها، من غزارة لبن، وجمال صورة، وكثرة لحم وصوف". 
ذكره النووي. (قلت) وهي خيار المال وأنفسه وأكثره ثمناً.

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(34)
س58: لماذ لم يذكر في الحديث الصوم والحج؟
ج: أشكل ذلك على كثير من العلماء, قال شيخ الإسلام :
 أجاب بعض الناس:
أن بعض الرواة اختصر الحديث وليس كذلك , فإن هذا طعن فى الرواة , لأن ذلك إنما يقع فى الحديث الواحد ،
مثل حديث وفد عبد القيس حيث ذكر بعضهم الصيام وبعضهم لم يذكره ، فأما الحديثان المنفصلان فليس الأمر فيها كذلك ، ولكن عن هذا جوابان :
أحدهما :
 أن ذلك بحسب نزول الفرائض ، وأول ما فرض الله الشهادتين ثم الصلاة , فإنه أمر بالصلاة فى أول أوقات الوحي ، ولهذا لم يذكر وجوب الحج ، كعامة الأحاديث ، إنما جاء فى الأحاديث المتأخرة .
الجواب الثانى :
 أنه كان يذكر فى كل مقام ما يناسبه , فيذكر تارة الفرائض التى يقاتل عليها :
كالصلاة والزكاة 
ويذكر تارة الصلاة والصيام لمن لم يكن عليه زكاة، ويذكر تارة الصلاة والزكاة والصوم , فإما أن يكون قبل فرض الحج، وإما أن يكون المخاطب بذلك لا حج عليه،
وأما الصلاة والزكاة
فلهما شأن ليس لسائر الفرائض ولهذا ذكر الله تعالى فى كتابه القتال عليهما، لأنهما عبادتان ظاهرتان،
بخلاف الصوم بأنه أمر باطن من جنس الوضوء والاغتسال من الجنابة، ونحو ذلك مما يؤتمن عليه العبد فإن الإنسان يمكنه أن لا ينوي الصوم وأن يأكل سراً، كما يمكنه أن يكتم حدثه وجنابته، وهو يذاكر فى الأعمال الظاهرة التى يقاتل الناس عليها ويصيرون مسلمين بفعلها  
فلهذا علق ذلك بالصلاة والزكاة دون الصوم، وإن كان واجباً كما في آيتي براءة نزلت بعد فرض الصيام باتفاق الناس, وكذلك لما بعث معاذاً إلى اليمن لم يذكر فى حديث الصوم، لأنه تبع وهو باطن، ولا ذكر الحج لأن وجوبه خاص ليس بعام، و لا يجب فى العمر إلا مرة. انتهى بمعناه.
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(35)
س59:هل الراية نفس اللواء أم بينهما فرق؟
ج:قال الحافظ:فى رواية بريدة: "إنى دافع اللواء إلى رجل يحبه الله ورسوله" وقد صرح جماعة من أهل اللغة بترادفها،
ولكن روى أحمد والترمذي من حديث ابن عباس "كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء ، ولواؤه أبيض" ومثله عند الطبرانى عن بريدة.
وعند ابن عدي عن أبى هريرة وزاد مكتوب فيه: لا إله إلا الله محمد رسول الله. 
فائدة: 
قوله: (يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) فيه فضيلة عظيمة لعلي رضى الله عنه .
قال شيخ الإسلام: ليس هذا الوصف مختصاً بعلي ولا بالأئمة، فإن الله ورسوله يحب كل مؤمن تقي، يحب الله ورسوله، لكن هذا الحديث من أحسن ما يحتج به على النواصب الذين لا يتولونه، أو يكفرونه أو يفسقونه، كالخوارج.
لكن هذا الاحتجاج لا يتم على قول الرافضة الذين يجعلون النصوص الدالة على فضائل الصحابة كانت قبل ردتهم، فإن الخوارج تقول في علي مثل ذلك، ولكن هذا باطل،
 فإن الله تعالى ورسوله لا يطلق مثل هذا المدح على من يعلم الله أنه يموت كافراً وفيه إثبات صفة المحبة خلافاً للجهمية ومن أخذ عنهم .
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(36)
س60: ماهي شكوى علي رضي الله عنه في قوله:(فقيل هو يشتكي عينيه)؟ 
ج: أي من الرمد ،
كما فى صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص فقال:ادعوا لي علياً فأتي به أرمد الحديث،
وفى نسخة صحيحة بخط المصنف:فقيل هو يشتكي عينيه، فأرسل إليه مبني للفاعل، وهو ضمير مستتر في الفعل راجع إلى النبى صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون مبنياً لما لم يسم فاعله.
ولمسلم من طريق إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: فأرسلنى إلى علي فجئت به أقوده أرمد .
س61: ما معنى: "على رسلك"؟ 
ج: أي على رفقك من غير عجلة .
باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(37) 
س62:تقدم في أول الكتاب من الآيات ما يبين معنى لا إله الا الله وما تضمنته من التوحيد
كقوله تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه " وسابقها ولاحقها ، وكذلك ما ذكره في الأبواب بعدها ، 
فما فائدة هذه الترجمة ؟
فائدة: 
وقوله تعالى : " وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون * إلا الذي فطرني فإنه سيهدين * وجعلها كلمة باقية في عقبه " أي لا إله إلا الله .

فتدبر كيف عبر الخليل عليه السلام عن هذه الكلمة العظيمة بمعناها الذي دلت عليه .
ووضعت له من البراءة من كل ما يعبد من دون الله من المعبودات الموجودة في الخارج : كالكواكب والهياكل والأصنام التى صورها قوم نوح على صور الصالحين : ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ، وغيرها من الأوثان والأنداد التى كان يعبدها المشركون بأعيانها . ولم يستثن من جميع المعبودات إلا الذي فطره ، وهو الله وحده لا شريك له ، فهذا هو الذي دلت عليه كلمة الإخلاص .
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(38)
س63: ما معنى قوله تعالى: "وجعلها كلمة باقية في عقبه"؟ 
ج: قال عكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم فى قوله:" وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون " يعنى لا إله إلا لله لا يزال في ذريته من يقولها. 
س64:ما معنى قوله تعالى "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله". .الآية)؟ 
ج: الأحبار: هم العلماء, والرهبان: هم العباد.
وهذه الآية قد فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم، وذلك أنه لما جاء مسلماً دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه هذه الآية. قال: فقلت: إنهم لم يعبدوهم. فقال: "بلى: إنهم حرموا عليهم الحلال وحللوا لهم الحرام فاتبعوهم ، فذلك عبادتهم إياهم" رواه أحمد والترمذي وحسنه، وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني من طرق .

قال السدي: استنصحوا الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم. ولهذا قال تعالى: "وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون" فإن الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله ، والدين ما شرعه الله.

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(39)
س65:ما حكم طاعة الأحبار والرهبان في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله؟
ج: قال شيخ الإسلام في معنى قوله "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله" وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله يكونون 
 على وجهين:
أحدهما: أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على هذا التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله، اتباعاً لرؤسائهم، مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل. فهذا كفر، وقد جعله الله ورسوله شركاً، وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم . فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف للدين، واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله، مشركاً مثل هؤلاء.
الثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحرام وتحليل الحلال ثابتاً، لكنهم أطاعوهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب،
 كما قد ثبت"عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما الطاعة في المعروف".
س67: بم علق النبي صلى الله عليه العصمة في قوله: (من قال لا إله إلا الله وكفر يما يعبد من دون الله)؟ 
ج:علق عصمة المال والدم فى هذا الحديث بأمرين:
الأول: قول لا إله إلا الله عن علم ويقين، كما هو قيد فى قولها فى غير ما حديث كما تقدم.

والثانى: الكفر بما يعبد من دون الله، فلم يكتف باللفظ المجرد عن المعنى، بل لابد من قولها والعمل بها.

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(40)
  فائدة:
 وقال شيخ الإسلام ، لما سئل عن قتال التتار فقال:
 كل طائفة ممتنعة عن التزام شرائع الإسلام الظاهرة من هؤلاء القوم أو غيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه . كما قاتل أبو بكر والصحابة رضى الله عنهم مانعى الزكاة, وعلى هذا اتفق الفقهاء بعدهم .
 وقال: فأيما طائفة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات أو الصيام، أو الحج أو عن التزام تحريم الدماء، أو الأموال أو الخمر، أو الميسر أو نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار, أو غير ذلك من التزام واجبات الدين ومحرماته التى لا عذر لأحد فى جحودها أو تركها، التى يكفر الواحد بجحودها, فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها، وهذا مما لا أعلم فيه خلافاً بين العلماء .
 وقال: وهؤلاء عند المحققين ليسوا بمنزلة البغاة، بل هم خارجون عن الإسلام. انتهى . 
س68:ما معنى قوله: (وحسابه على الله)؟ 

ج: أي الله تبارك وتعالى هو الذى يتولى حساب الذي يشهد بلسانه بهذه الشهادة ، فإن كان صادقاً جازاه بجنات النعيم ، وإن كان منافقاً عذبه العذاب الأليم , وأما فى الدنيا فالحكم على الظاهر ، فمن أتى بالتوحيد ولم يأت بما ينافيه ظاهراً والتزم شرائع الإسلام وجب الكف عنه .


باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما ، لرفع البلاء أو دفعه

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(41)
س69: ما الفرق بين رفع البلاء ودفعه؟ 
 رفعه : إزالته بعد نزوله , ودفعه : منعه قبل نزوله .
س70: ما صحة حديث عمران في تعليق الحلقة؟

ج: قال الإمام أحمد:
 حدثنا خلف بن الوليد حدثنا المبارك عن"الحسن قال: أخبرنى عمران بن حصين أن النبى صلى الله عليه وسلم أبصر على عضد رجل حلقة- قال أراها من صفر- فقال: ويحك ما هذه؟ قال: من الواهنة. قال: أما إنها لا تزيدك إلا وهناً. انبذها عنك فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً" رواه ابن حبان في صحيحه فقال: فإنك لو مت وكلت إليها والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وأقره الذهبي، وقال الحاكم: أكثر مشايخنا على أن الحسن سمع من عمران، وقوله في الإسناد: أخبرني عمران يدل على ذلك.
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(42)
س71:من هو الرجل المبهم في حديث عمران؟
ج:قوله (رأى رجلاً) في رواية الحاكم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عضدي حلقة صفر ، فقال : ما هذه الحديث فالمبهم في رواية أحمد هو عمران راوي الحديث. 
س72: ما فائدة الإستفهام في قوله (ما هذه)؟

ج: يحتمل أن الاستفهام للاستفسار عن سبب لبسها ، ويحتمل أن يكون للإنكار وهو أشهر .


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(43)
س73: ما معنى الواهنة؟ ولماذا نهي عنها؟
ج: قال أبو السعادات: الواهنة عرق يأخذ في المنكب واليد كلها، فيرقى منها، وقيل هو مرض يأخذ في العضد، وهي تأخذ الرجال دون النساء وإنما نهى عنها لأنه إنما اتخذها على أنها تعصمه من الألم .
س74:ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة)؟ 
ج: أي علقها متعلقاً بها قلبه فى طلب خير أو دفع شر،
 قال المنذري: خرزة كانوا يعلقونها يرون أنها تدفع عنهم الآفات، وهذا جهل وضلالة، إذ لا مانع ولا دافع غير الله تعالى .
 وقال أبو السعادات: التمائم جمع تميمة وهى خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين، فى زعمهم، فأبطلها الإسلام .
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(44)   
س75:ما معنى قوله:(فلا أتم الله له)؟
ج:دعاء عليه
س76:ما معنى قوله:(ومن تعلق ودعة)؟
ج: بفتح الواو وسكون المهملة , قال فى مسند الفردوس : شئ يخرج من البحر يشبه الصدف يتقون به العين .
س77: ما معنى قوله : (فلا ودع الله له)؟
ج: بتخفيف الدال ، أي لا جعله في دعة وسكون ، قال أبو السعادات وهذا دعاء عليه .
س78: لماذا حكم النبي صلى الله عليه وسلم على أن من تعلق تميمة فقد أشرك؟

ج: قال أبو السعادات : إنما جعلها شركاً لأنهم أرادوا دفع المقادير المكتوبة عليهم ، وطلبوا دفع الأذى من غير الله الذي هو دافعه .

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(٤٥)
س79:مامعنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( خيط من الحمى )؟
ج: أي عن الحمى , وكان الجهال يعلقون التمائم والخيوط ونحوها لدفع الحمى 
وروى وكيع  عن حذيفة : 
أنه دخل على مريض يعوده فلمس عضده ، فإذا فيه خيط ، فقال : ما هذا ؟ قال : شئ رقى لي فيه ، فقطعه وقال : لو مت وهو عليك ما صليت عليك وفيه إنكار مثل هذا ، وإن كان يعتقد أنه سبب ، فالأسباب لا يجوز منها إلا ما أباحه الله تعالى ورسوله مع عدم الاعتماد عليها , وأما التمائم والخيوط والحروز والطلاسم ونحو ذلك مما يعلقه الجهال فهو شرك يجب إنكاره وازالته بالقول والفعل ، وإن لم يأذن فيه صاحبه .


 

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(46) 
س80: ما الدليل على جواز الإستدلال بآية نزلت في الشرك الأكبر على الشرك الأصغر؟
ج: قوله:(وتلا قوله : "وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون" استدل حذيفة رضي الله عنه بالآية على أن هذا شرك , ففيه صحة الاستدلال على الشرك الأصغر بما أنزله الله فى الشرك الأكبر ، لشمول الآية ودخوله فى مسمى الشرك ، وتقدم معنى هذه الآية عن ابن عباس وغيره فى كلام شيخ الإسلام وغيره , والله أعلم

باب ما جاء في الرقى والتمائم
س81:ما اسم الصحابي أبي بشير؟

ج: قيل اسمه قيس بن عبيد قاله ابن سعد . وقال ابن عبد البر : لا يوقف له على اسم صحيح ، هو صحابى شهد الخندق ومات بعد الستين . ويقال : إنه جاوز المائة .


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(47) 
س82:من هو الرسول في قوله: (فأرسل رسولاً)؟
ج:هو زيد بن حارثة . روى ذلك الحارث بن أبى أسامة فى مسنده قاله الحافظ .
س83:ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (من وتر) في وصف القلادة؟

ج:أحد أوتار القوس , وكان أهل الجاهلية إذا اخلولق الوتر أبدلوه بغيره وقلدوا به الدواب إعتقاداً منهم أنه يدفع عن الدابة العين .
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (48)
ًس84: ما معنى قوله:(أو قلادة إلا قطعت)؟
ج: معناه: أن الراوى شك هل قال شيخه : قلادة من وتر أو قال : قلادة وأطلق ولم يقيده؟ ويؤيد الأول ما روى عن مالك أنه سئل عن القلادة ؟ فقال: ما سمعت بكراهتها إلا فى الوتر. ولأبى داود ولا قلادة بغير شك.
قال البغوى فى شرح السنة: تأول مالك أمره عليه الصلاة والسلام بقطع القلائد على أنه من أجل العين وذلك أنهم كانوا يشدون الأوتار والتمائم ويعلقون عليها العوذ، يظنون أنها تعصمهم من الآفات, فنهاهم النبى صلى الله عليه وسلم عنها وأعلمهم أنها لا ترد من أمر الله شيئاً.
قال أبو عبيد: كانوا يقلدون الإبل الأوتار، لئلا تصيبها العين، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بإزالتها إعلاماً لهم بأن الأوتار لا ترد شيئاً, وكذا قال ابن الجوزي وغيره.
قال الحافظ: ويؤيده حديث عقبة بن عامر، رفعه من تعلق تميمة فلا أتم الله له رواه أبو داود. وهى ما علق من القلائد خشية العين ونحو ذلك. انتهى

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(49)
 فائدة:
قال السيوطى: قد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاث شروط: أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربى: ما يعرف معناه، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى

س85: ما هي التمائم؟
ج: قال المصنف:(شئ يعلق على الأولاد من العين) وقال الخلخالى: التمائم جمع تميمة وهى ما يعلق بأعناق الصبيان من خرزات وعظام لدفع العين، وهذا منهى عنه. لأنه لا دافع إلا الله، ولا يطلب دفع المؤذيات الا بالله وبأسمائه وصفاته.

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(50)
س86: ما حكم التمائم التي من القرآن؟
ج:اعلم أن العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم اختلفوا فى جواز تعليق التمائم التى من القرآن وأسماء الله وصفاته، فقالت طائفة يجوز ذلك، وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص وهو ظاهر ما روي عن عائشة. وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد فى رواية, وحملوا الحديث على التمائم التى فيها شرك.
وقالت طائفة لا يجوز ذلك, وبه قال ابن مسعود وابن عباس, وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم، وبه قال جماعة من التابعين، منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد فى رواية اختارها كثير من أصحابه، وجزم بها المتأخرون، واحتجوا بهذا الحديث وما فى معناه.
قلت: هذا هو الصحيح لوجوه ثلاثة تظهر للمتأمل:
الأول: عموم النهى ولا مخصص للعموم .
الثانى: سد الذريعة ، فإنه يفضى إلى تعليق ما ليس كذلك .
الثالث: أنه إذا علق فلابد أن يمتهنه المتعلق بحمله معه فى حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك.
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(51)
س87: ما هي التولة؟
ج: قال المصنف:(هى شئ يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى امرأته), وبهذا فسرها ابن مسعود راوي الحديث كما فى صحيح ابن حبان والحاكم قالوا: يا أبا عبد الرحمن، هذه الرقى والتمائم قد عرفناها فما التولة؟ قال: شئ نصنعه للنساء يتحببن به إلى أزواجهن.

قال الحافظ: التولة: بكسر المثناة وفتح الواو واللام مخففاً - شيئاً كانت المرأة تجلب به محبة زوجها، وهو ضرب من السحر، والله أعلم.
 
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(51)
س88: ترجم للراوي عبد الله بن عكيم؟
ج: عبد الله بن عكيم هو بضم المهملة مصغراً ، ويكنى أبا معبد ، الجهني الكوفي. قال البخاري : أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرف له سماع صحيح وكذا قال أبو حاتم . قال الخطيب سكن الكوفة وقدم المدائن في حياة حذيفة وكان ثقة ، وذكر ابن سعد من غيره أنه مات في ولاية الحجاج .
 فائدة:
قوله: (فأخبر الناس) دليل على وجوب إخبار الناس، وليس هذا مختصاً برويفع، بل كل من كان عنده علم ليس عند غيره مما يحتاج إليه الناس وجب إعلامهم به، فإن إشترك هو وغيره في علم ذلك فالتبليغ فرض كفاية.قاله أبو زرعة في شرح سنن أبي داود. 
س89: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم:(أن من عقد لحيته)؟
قال الخطابي: أما نهيه عن عقد اللحية فيفسر على وجهين.
أحدهما: ما كانوا يفعلونه في الحرب ، كانوا يعقدون لحاهم ، وذلك من زى بعض الأعاجم يفتلونها ويعقدونها. قال أبو السعادات: تكبراً وعجباً .

ثانيهما: أن معناه معالجة الشعر ليتعقد ويتجعد، وذلك من فعل أهل التأنيث, وقال أبو زرعة بن العراقى:والأولى حمله على عقد اللحية في الصلاة، كما دلت عليه رواية محمد بن الربيع, وفيه:(أن من عقد لحيته في الصلاة).


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(52)
س90: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم:(أو تقلد وتراً)؟ 
ج: أي جعله قلادة في عنقه أو عنق دابته, وفي رواية محمد بن الربيع:(أو تقلد وتراً ـ يريد تميمة - ).
فإذا كان هذا فيمن تقلد وتراً فكيف بمن تعلق بالأموات وسألهم قضاء الحاجات ، وتفريج الكربات الذي جاء النهى عنه وتغليظه في الآيات المحكمات ؟ 
س91: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم:( فإن محمداً بريء منه )؟
ج: قال النووي:(أي بريء من فعله)، وهذا خلاف الظاهر, والنووي كثيراً ما يتأول الأحاديث بصرفها عن ظاهرها فيغفر الله تعالى له. 
 فائدة: 

قوله:(وعن سعيد بن جبير قال:" من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة " رواه وكيع) هذا عند أهل العلم له حكم الرفع، لأن مثل ذلك لا يقال بالرأي ويكون هذا مرسلاً لأن سعيداً تابعى, وفيه فضل قطع التمائم لأنها شرك. ووكيع هو ابن الجراح ابن وكيع الكوفى، ثقة إمام، صاحب تصانيف منها الجامع وغيره, روى عنه الإمام أحمد وطبقته, مات سنة سبع وتسعين ومائة.
 
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد((53
س92: من هو إبراهيم المذكور في قول المصنف: (وله عن إبراهيم قال : كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن)؟
ج: وإبراهيم هو الإمام بن يزيد النخعى الكوفي ، يكنى أبا عمران ثقة من كبار الفقهاء , قال المزى : دخل على عائشة ، ولم يثبت له سماع منها , مات سنة ست وتسعين ، وله خمسون سنة أو نحوها . 
س93: ما معنى قوله : (كانوا يكرهون التمائم)؟ 
ج: مراده بذلك أصحاب عبد الله بن مسعود ، كعلقمة والأسود وأبي وائل والحارث بن سويد ، وعبيد السلمانى ومسروق والربيع بن خثيم ، وسويد بن غفلة وغيرهم ، وهو من سادات التابعين وهذه الصيغة يستعملها إبراهيم من حكاية أقوالهم كما بين ذلك الحافظ العراقى وغيره .

 
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(54)
باب من تبرك بشجرة ونحوهها

س94: ما هي الات؟ وكيف تُقرأ؟
ج: أما اللات فقرأ الجمهور بتخفيف التاء، وقرأ ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وحمدي وأبو صالح ورويس بتشديد التاء.
فعلى الأولى قال الأعمش: سموا اللات من الإله ، والعزى من العزيز. قال ابن جرير: وكانوا قد اشتقوا اسمها من الله تعالى، قالوا: اللات مؤنثة منه ، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً قال: وكذا العزى من العزيز .
وقال ابن كثير: اللات كانت صخرة بيضاء منقوشة عليها بيت الطائف له أستار وسدنة وحوله فناء معظم عند أهل الطائف، وهم ثقيف ومن تبعها يفتخرون به على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش، قال ابن هشام: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار.
وعلى الثانية قال ابن عباس: كان رجلاً يلت السويق للحاج ، فما مات عكفوا على قبره ذكره البخاري قال ابن عباس: كان يبيع السويق والسمن عند صخرة ويسلؤه عليها، فلما مات ذلك الرجل عبدت ثقيف تلك الصخرة إعظاماً لصاحب السويق وعن مجاهد نحوه وقال: "فلما مات عبدوه" رواه سعيد بن منصور, وكذا روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنهم عبدوه وبنحو هذا قال جماعة من أهل العلم.

قلت: لا منافاة بين القولين. فإنهم عبدوا الصخرة والقبر تأليهاً وتعظيماً, ولمثل هذا بنيت المشاهد والقباب على القبور واتخذت أوثاناً.
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (55)
س95: ما هي العزى؟
ج: قال ابن جرير : كانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة ـ بين مكة والطائف ـ كانت قريش يعظمونها, كما قال أبو سفيان يوم أحد : لنا العزى ولا عزى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم " وروى النسائي وابن مردوية عن أبي الطفيل قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة ـ وكانت بها العزى ، وكانت على ثلاث سمرات ـ فقطع السمرات ، وهدم البيت الذي كان عليها, ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره, فقال ارجع فإنك لم تصنع شيئاً ، فرجع خالد ، فلما أبصرته السدنة أمعنوا في الجبل وهم يقولون : يا عزى يا عزى ، فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحفن التراب على رأسها فعمها بالسيف فقتلها ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره , فقال : تلك العزى قلت : وكل هذا وما هو أعظم منه يقع في هذه الأزمنة عند ضرائح الأموات وفي المشاهد . 
س96: ما هي مناة؟
ج: أما مناة فكانت بالمشلل عند قديد ، بين مكة والمدينة ، وكانت خزاعة والأوس والخزرج يعظمونها ويهلون منها للحج ، وأصل اشتقاقها : من إسم الله المنان ، وقيل : لكثرة ما يمنى ـ أي يراق ـ عندها من الدماء للتبرك بها .

قال البخاري رحمه الله ، في حديث عروة عن عائشة رضي الله عنها : إنها صنم بين مكة والمدينة قال ابن هشام : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً فهدمها عام الفتح .


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (56)
س97: ما معنى قوله تعالى:" تلك إذا قسمة ضيزى"؟
ج: أي جور وباطلة.
س98: ما معنى قوله تعالى:" إن يتبعون إلا الظن"؟
ج:أي ليس لهم مستند إلا حسن ظنهم بآبائهم الذين سلكوا هذا المسلك الباطل قبلهم.
س99:ما معنى قوله: (وللمشركين سدرة يعكفون عندها)؟
ج:العكوف هو الإقامة على الشيء في المكان ، ومنه قول الخليل عليه السلام:"ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون" وكان عكوف المشركين عند تلك السدرة تبركاً بها وتعظيماً لها وفي حديث عمرو:"كان يناط بها السلاح فسميت ذات أنواط وكانت تعبد من دون الله" 
س100: ما معنى قوله:"وينوطون بها أسلحتهم" ؟
ج: أي يعلقونها عليها للبركة .

قلت: ففي هذا بيان أن عبادتهم لها بالتعظيم والعكوف والتبرك ، وبهذه الأمور الثلاثة عبدت الأشجار ونحوها. 


 
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (57)
س101: ماسبب سؤال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم ذات أنواط؟
ج: ظنوا أن هذا أمر محبوب عند الله وقصدوا التقرب به ، وإلا فهم أجل قدراً من أن يقصدوا مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم
س102:ما المراد بتكبير النبي صلى الله عليه وسلم عندما طلب الصحابة منه ذلك؟
ج: المراد تعظيم الله تعالى وتنزيهه عن هذا الشرك بأي نوع كان ، مما لا يجوز أن يطلب أو يقصد به غير الله وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل التكبير والتسبيح في حال التعجب تعظيماً لله وتنزيهاً له إذا سمع من أحد ما لا يليق بالله مما فيه هضم للربوبية أو الإلهية
 فائدة:
قوله: "إنها السنن" بضم السين, أي: الطرق


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (58)
س103: ما وجه الشبه بين الصحابة وبني إسرائيل في قوله صلى الله عليه وسلم:(قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى" اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ")؟
ج: شبه مقالتهم هذه بقول بني إسرائيل، بجامع أن كلاً طلب أن يجعل له ما يألهه ويعبده من دون الله، وإن اختلف اللفظان فالمعنى واحد، فتغيير الاسم لا يغير الحقيقة.
ففيه الخوف من الشرك، وأن الإنسان قد يستحسن شيئاً يظن أنه يقربه إلى الله، وهو أبعد ما يبعده من رحمته ويقرب من سخطه، ولا يعرف هذا على الحقيقة إلا من عرف ما وقع في هذه الأزمان من كثير من العلماء والعباد مع أرباب القبور، من الغلو فيها وصرف جل العبادة لها ، ويحسبون أنهم على شئ وهو الذنب الذي لا يغفره الله .
قال الحافظ أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل الشافعي المعروف بابن أبي شامة في كتاب البدع والحوادث : ومن هذا القسم أيضاً ما قد عم الابتلاء به من تزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد وإسراج مواضع مخصوصة في كل بلد ، يحكي لهم حاكٍ أنه رأى في منامه بها أحداً ممن شهر بالصلاح والولاية، فيفعلون ذلك ويحافظون عليه مع تضييعهم لفرائض الله تعالى وسننه ، ويظنون أنهم متقربون بذلك، ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم فيعظمونها ويرجون الشفاء لمرضاهم وقضاء حوائجهم بالنذر لها، وهي من عيون وشجر وحائط وحجر. وفي مدينة دمشق من ذلك مواضع متعددة كعوينة الحمى خارج باب توما والعمود المخلق داخل باب الصغير، والشجرة الملعونة خارج باب النصر على نفس قارعة الطريق سهل الله قطعها واجتثاثها من أصلها، فما أشبهها بذات أنواط الواردة في الحديث. انتهى.
وذكر ابن القيم رحمه الله نحو ما ذكره أبو شامة، ثم قال : فما أسرع أهل الشرك إلى اتخاذ الأوثان من دون الله ولو كانت ما كانت، ويقولون: إن هذا الحجر وهذه الشجرة وهذه العين تقبل النذر، أي تقبل العبادة من دون الله ، فإن النذر عبادة وقربة يتقرب بها الناذر إلى المنذور له، وسيأتي ما يتعلق بهذا الباب عند قوله صلى الله عليه وسلم:" اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد".

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (59)
فائدة:
وفي هذه الجملة من الفوائد: أن ما يفعله من يعتقد في الأشجار والقبور والأحجار من التبرك بها العكوف عندها والذبح لها هو الشرك، ولا يغتر بالعوام والطغام، ولا يستبعد كون الشرك بالله تعالى يقع في هذه الأمة، فإذا كان بعض الصحابة ظنوا ذلك حسناً وطلبوه من النبي صلى الله عليه وسلم حتى بين لهم أن ذلك كقول بني إسرائيل:" اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة" فكيف لا يخفى على من دونهم في العلم والفضل بأضعاف مضاعفة مع غلبة الجهل وبعد العهد بآثار النبوة؟! بل خفي عليهم عظائم الشرك في الإلهية والربوبية ، فأكبروا فعله واتخذوه قربة.

فائدة:
قوله:لتركبن سنن من كان قبلكم بضم الموحدة وضم السين أي طرقهم ومناهجهم وقد يجوز فتح السين على الإفراد أي طريقهم, وهذا خبر صحيح, والواقع من كثير من هذه الأمة يشهد له.
س104:ما صحة ما ادعاه بعض المتأخرين من أنه يجوز التبرك بآثار الصالحين؟
ج: ممنوع من وجوه :
منها: أن السابقين الأولين من الصحابة ومن بعدهم لم يكونوا يفعلون ذلك مع غير النبي صلى الله عليه وسلم، لا فى حياته ولا بعد موته, ولو كان خيراً لسبقونا إليه، وأفضل الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم, وقد شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن شهد له بالجنة، وما فعله أحد من الصحابة والتابعين مع أحد من هؤلاء السادة، ولا فعله التابعون مع ساداتهم في العلم والدين وأهل الأسوة, فلا يجوز أن يقاس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد من الأمة، وللنبي صلى الله عليه وسلم في حال الحياة خصائص كثيرة لا يصلح أن يشاركه فيها غيره.
ومنها: أن في المنع عن ذلك سداً لذريعة الشرك كما لا يخفى


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (60)
باب ما جاء في الذبح لغير الله
س105: ما معنى قوله تعالى: (ونسكي)؟
ج: قال مجاهد : النسك الذبح في الحج والعمرة . وقال الثورى عن السدى عن سعيد ابن جبير: ونسكي ذبحي, وكذا قال الضحاك. 
س106: ما وجه مطابقة الترجمة لقوله تعالى:(قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)؟ 
ج: وجه مطابقة الآية للترجمة: أن الله تعالى تعبد عباده بأن يتقربوا إليه بالنسك، كما تعبدهم بالصلاة وغيرها من أنواع العبادات، فإن الله تعالى أمرهم أن يخلصوا جميع أنواع العبادة له دون كل ما سواه، فإذا تقربوا إلى غير الله بالذبح أو غيره من أنواع العبادة فقد جعلوا لله شريكاً في عبادته، ظاهر في قوله: " لا شريك له" فنفى أن يكون لله تعالى شريك في هذه العبادات، وهو بحمد الله واضح.
س107: ما معنى اللعن في قوله: (لعن الله من ذبح لغير الله)؟ 
ج: اللعن : البعد عن مظان الرحمة ومواطنها , قيل : واللعين والملعون من حقت عليه اللعنة، أو دعي عليه بها. قال أبو السعادات: أصل اللعن
س108: ما حكم ذبيحة من يذبح لغير الله؟
ج: لا تباح ذبيحتهم بحال, لكن يجتمع في الذبيحة مانعان :
الأول: أنه مما أهل به لغير الله .
والثاني: أنها ذبيحة مرتد .
ومن هذا الباب: ما يفعله الجاهلون بمكة من الذبح للجن، ولهذا روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذبائح الجن. اهـ .
قال الزمخشري: كانوا إذا اشتروا داراً أو بنوها أو استخرجوا عيناً ذبحوا ذبيحة خوفاً أن تصيبهم الجن ، فأضيفت إليهم الذبائح لذلك.

وذكر إبراهيم المروزي: أن ما ذبح عند استقبال السلطان تقرباً إليه، أفتى أهل بخارى بتحريمه، لأنه مما أهل به لغير الله.
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (61)
س109:ما معنى قوله: ( لعن الله من آوى محدثاً )؟ 
ج:أي منعه من أن يؤخذ منه الحق الذي وجب عليه, آوى بفتح الهمزة ممدودة أي ضمه إليه وحماه.
قال أبو السعادات : أويت إلى المنزل ، وأويت غيرى ، وآويته . وأنكر بعضهم المقصور المتعدى 
وأما محدثاً فقال أبو السعادات : يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول ، فمعنى الكسر : من نصر جانباً وآواه وأجاره من خصمه ، وحال بينه وبين أن يقتص منه , وبالفتح : هو الأمر المبتدع نفسه ، ويكون معنى الإيواء فيه الرضى به والصبر عليه ، فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواه.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : هذه الكبيرة تختلف مراتبها باختلاف مراتب الحدث في نفسه فكلما كان الحدث في نفسه أكبر كانت الكبيرة أعظم .
س110: ما معنى قوله : (ولعن الله من غير منار الأرض)؟
ج: بفتح الميم: علامات حدودها , قال أبو السعادات في النهاية ـ في مادة تخم ـ ملعون من غير تخوم الأرض أي معالمها وحدودها ، وحدها تخم قيل :أراد حدود الحرم خاصة: وقيل هو عام في جميع الأرض ، وأراد المعالم التي يهتدى بها في الطريق. وقيل هو أن يدخل الرجل في ملك غيره فيقتطعه ظلماً. قال ويروى تخوم بفتح التاء على الإفراد وجمعه تخم بضم التاء والخاء:
 ا هـ .
وتغييرها:أن يقدمها أو يؤخرها ، فيكون هذا من ظلم الأرض الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: " من ظلم شبراً من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين " ففيه جواز لعن أهل الظلم من غير تعيين .
س111:ما حكم لعن الفاسق المعين؟
ج:فيه قولان :
أحدهما: أنه جائز , اختاره ابن الجوزى وغيره .
ثانيهما: لا يجوز ، اختاره ، أبو بكر عبد العزيز وشيخ الإسلام.
س112: هل سمع طارق بن شهاب من النبي صلى الله عليه وسلم؟ 
ج: قال أبو داود: رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئاً.قال الحافظ : إذا ثبت أنه لقي النبي فهو صحابي , وإذا ثبت أنه لم يسمع منه فروايته عنه مرسل صحابي وهو مقبول على الراجح.

باب لا يذبح مكان يذبح فيه لغير الله
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (62)
س113: ما معنى قوله تعالى: " لا تقم فيه أبدا "؟
ج: قال المفسرون: إن الله تعالى نهى رسوله عن الصلاة في مسجد الضرار ، والأمة تبع له في ذلك ، ثم إنه تعالى حثه على الصلاة في مسجد قباء الذي أسس من أول يوم بني على التقوى، وهي طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وجمعاً لكلمة المؤمنين ومعقلاً ومنزلاً للإسلام وأهله .
س114: ما معنى قوله: (ببوانة)؟ 
ج/:بضم الباء وقيل بفتحها , قال البغوي : موضع في أسفل مكة دون يلملم . قال أبو السعادات : هضبة من وراء ينبع .
س115: ما الفائدة من قوله:(فهل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد)؟ 
ج: فيه المنع من الوفاء بالنذر إذا كان في المكان وثن ، ولو بعد زواله . قاله المصنف رحمه الله 
س116: ما معنى قوله:(فهل كان فيها عيد من أعيادهم)؟
ج: قال شيخ الإسلام رحمه الله : العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد ، إما بعود السنة أو الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك والمراد به هنا الاجماع المعتاد من اجتماع أهل الجاهلية . فالعيد يجمع أموراً منها يوم عائد ، كيوم الفطر ويوم الجمعة ، ومنها 
اجتماع فيه ، ومنها أعمال تتبع ذلك من العبادات والعادات ، وقد يختص العيد بمكان بعينه ، وقد يكون مطلقاً ، وكل من هذه الأمور قد يسمى عيداً, فالزمان كقول النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة "إن هذا يوم قد جعله الله للمسلمين عيداً " والاجتماع والأعمال كقول ابن عباس شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , والمكان كقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا تتخذوا قبرى عيداً " وقد يكون لفظ العيد اسماً لمجموع اليوم والعمل فيه وهو الغالب ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم : " دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيداً " انتهى
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (63)
س117:هل تجب الكفارة في نذر المعصية؟
ج:هما روايتان عن أحمد، أحدهما: يجب وهو المذهب , وروي عن ابن مسعود وابن عباس , وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، لحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: " لا نذر في معصية ، وكفارته كفارة يمين " رواه أحمد وأهل السنن واحتج به أحمد وإسحاق .
ثانيهما : لا كفارة عليه , وروي ذلك عن مسروق والشعبي والشافعي ، لحديث الباب , ولم يذكر فيه كفارة , وجوابه : أنه ذكر الكفارة في الحديث المتقدم , والمطلق يحمل على المقيد .
س118: ما معنى قوله:(ولا فيما لا يملك ابن آدم)؟
ج: قال في شرح المصابيح : يعنى إذا أضاف النذر إلى معين لا يملكه بأن قال : إن شفى الله مريضي فلله على أن أعتق عبد فلان ونحو ذلك , فأما إذا التزم في الذمة شيئاً ، بأن قال إن شفى الله مريضي فلله على أن أعتق رقبة ، وهو في تلك الحال لا يملكها ولا قيمتها ، فإذا شفى مريضه ثبت ذلك في ذمته .

باب من الشرك النذر لغير الله 
 فائدة: 

قال الرافعي في شرح المنهاج : وأما النذر للمشاهد التي على قبر ولي أو شيخ أو على اسم من حلها من الأولياء ، أو تردد في تلك البقعة من الأولياء والصالحين فإن قصد الناذر بذلك ـ وهو الغالب أو الواقع من قصود العامة تعظيم البقعة والمشهد ، أو الزاوية ، أو تعظيم من دفن بها أو نسبت إليه ، أو بنيت على اسمه فهذا النذر باطل غير منعقد ، فإن معتقدهم أن لهذه الأماكن خصوصيات ، ويرون أنها مما يدفع بها البلاء ويستجلب بها النعماء ، ويستشفى بالنذر لها من الأدواء حتى إنهم ينذرون لبعض الأحجار لما قيل لهم إنه استند إليها عبد صالح وينذرون لبعض القبور السرج والشموع والزيت ، ويقولون إنها تقبل النذر كما يقوله البعض يعنون بذلك أنه يحصل به الغرض المأمول من شفاء مريض ، أو قدوم غائب أو سلامة مال ، وغير ذلك من أنواع المجازاة ، فهذا النذر على الوجه باطل لا شك فيه ، بل نذر الزيت والشمع ونحوهما للقبور باطل مطلقاً , ومن ذلك نذر الشموع الكثيرة العظيمة وغيرها لقبر الخليل عليه السلام ولقبر غيره من الأنبياء والأولياء ، فإن الناذر لا يقصد بذلك الإيقاد على القبر إلا تبركاً وتعظيماً ، ظاناً أن ذلك قربة ، فهذا مما لا ريب في بطلانه ، والإيقاد المذكور محرم ، سواء انتفع به هناك منتفع أم لا


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (64)
س119:ماحكم الوفاء بنذر الطاعة؟
ج:أجمع العلماء على أن من نذر طاعة لشرط يرجوه ، كإن شفى الله مريضي فعلي أن أتصدق بكذا ونحو ذلك وجب عليه، إن حصل له ما علق نذره على حصوله , وحكي عن أبي حنيفة : أنه لا يلزم الوفاء إلا بما جنسه واجب بأصل الشرع كالصوم وأما ما ليس كذلك كالاعتكاف فلا يجب عليه الوفاء به.
فائدة:
قوله صلى الله عليه وسلم: (ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه), زاد الطحاوي: (وليكفر عن يمينه).
س120: ما حكم نذر اللجاج والغضب؟

ج: هو يمين عند أحمد ، فيخير بين فعله وكفارة يمين ، لحديث عمران بن حصين مرفوعاً " لا نذر في غضب، وكفارته كفارة يمين " رواه سعيد بن منصور وأحمد والنسائي ، فإن نذر مكروهاً كالطلاق استحب أن يكفر ولا يفعله.
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (65)
باب من الشرك الاستعاذة بغير الله
س121: ما معنى الاستعاذة؟
ج: الإلتجاء والإعتصام ، ولهذا يسمى المستعاذ به : معاذاً وملجأ , فالعائذ بالله قد هرب مما يؤذيه أو يهلكه ، إلى ربه ومالكه ، واعتصم واستجار به والتجأ إليه ، وهذا تمثيل ، وإلا فما يقوم بالقلب من الالتجاء إلى الله ، والاعتصام به ، والانطراح بين يدى الرب ، والافتقار ، والتذليل له، أمر لا تحيط به العبارة. قاله ابن القيم رحمه الله.
وقال ابن كثير: الاستعاذة هي الالتجاء إلى الله والالتصاق بجنابه من شر كل ذى شر . والعياذ يكون لدفع الشر. واللياذ لطلب الخير . انتهى.
س122: ما معنى قوله تعالى : " وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً " ؟

ج: قال ابن كثير : أي كنا نرى أن لنا فضلاً على الإنس لأنهم كانوا يعوذون بنا ، أي إذا نزلوا وادياً أو مكاناً موحشاً من البراري وغيرها كما كانت عادة العرب في جاهليتها يعوذون بعظيم ذلك المكان من الجان أن يصيبهم بشيء يسوءهم ، كما كان أحدهم يدخل بلاد أعدائه في جوار رجل كبير وذمامه وخفارته ، فلما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم من خوفهم منهم زادوهم رهقاً، أي خوفاً وإرهاباً وذعراً، حتى يبقوا أشد منهم مخافة وأكثر تعوذاً بهم ـ إلى أن قال ـ قال أبو العالية والربيع وزيد بن أسلم رهقاً أي خوفاً. وقال العوفي عن ابن عباس فزادوهم رهقاً أي إثماً ، وكذا قال قتادة.ا هـ .
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (66)
س123:ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم :(أعوذ بكلمات الله التامات)؟
ج:قال القرطبي : قيل معناه : الكاملات التي لا يلحقها نقص ولا عيب ، كما يلحق كلام البشر , وقيل معناه : معناه الشافية الكافية . وقيل الكلمات هنا هي القرآن . فإن الله أخبر عنه بأنه : " هدى وشفاء " وهذا الأمر على جهة الإرشاد إلى ما يدفع به الأذى
 فائدة:

قوله صلى الله عليه وسلم: (لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك), قال القرطبي: هذا خبر صحيح وقول صادق علمنا صدقه دليلاً وتجربة ، فإني منذ سمعت هذا الخبر عملت عليه فلم يضرني شئ إلى أن تركته ، فلدغتني عقرب بالمهدية ليلاً ، فتفكرت في نفسي فإذا بي قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات .
يتبع بإذن الله (الجزء الثاني من السلسلة)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق