السبت، 18 أبريل 2015

تفسير الكريم المنان للشيخ السعدي


1- تفسير سورة الناس  
"قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ" قل يا محمد: أعوذ وأعتصم برب الناس, القادر وحده على 
رد شرالوسواس.مَلِكِ النَّاسِ"ملك الناس المتصرف في كل شؤونهم،الغني عنهم."إِلَهِ النَّاسِ"إله الناس الذي لا معبود بحق سواه"مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ"الذي يبث الشر والشكوك في صدورالناس."الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ"من أذى الشيطان الذي يوسوس عند الغفلة, ويختفي عند ذكر الله."مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ َنَّاسِ"من شياطين الجن والإنس.

2- تفسير سورة الفلق 
 قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ" قل يا محمد: أعوذ وأعتصم برب الفلق, وهو الصبح."مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ"من شر جميع المخلوقات وأذاها."وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ"ومن شر ليل شديد الظلمة إذا دخل وتغلغل, وما فيه من الشرور والمؤذيات."وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ"ومن شر الساحرات اللاتي ينفخن فيما يعقدن من عقد بقصد السحر."وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ"ومن شر حاسد مبغض للناس على ما وهبهم الله من نعم, يريد زوالها عنهم إذا حسد

 3- تفسير سورة الإخلاص 
 قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ"قل يا محمد: هو الله المتفرد بالألوهية لا يشاركه أحد فيها."للَّهُ الصَّمَدُ" الله وحده المقصود في قضاء الحوائج والرغائب."لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ" ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة.وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ "ولم يكن له كفوا أحد, لا في أسمائه ولا في صفاته, ولا في أفعاله, تبارك وتعالى وتقدس.

4- تفسير سورة المسد   
"تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ"خسرت يدا أبي لهب وشقي بإيذائه رسول الله محمدا صلى الله عليه وسلم, وفد تحقق خسران أبي لهب"مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ"ما أغنى عنه ماله وولده, فلن يردا عنه شيئا من عذاب الله إذا نزل به."سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ"سيدخل نارا متأججة,"وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ"هو وامرأته التي كانت تحمل الشوك ،فتطرحه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم:لأذيته"فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ"في عنقها حبل محكم من ليف شديد خشن, ترفع به في نار جهنم, ثم ترمى إلى أسفلها

5- تفسير سورة  النصر 
"إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ"إذا تم لك يا محمد النصر على كفار قريش, وتم لك فتح 
(مكة)."وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً"ورأيت الكثير من الناس يدخلون في الإسلام جماعات جماعات."فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً" إذا وقع ذلك فتهيأ للقاء ربك بالإكثار من التسبيح بحمده والإكثار من استغفاره, إنه كان توابا على المسبحين والمستغفرين, يتوب عليهم ويرحمهم ويقبل توبتهم.

6- تفسير سورة  الكافرون 
 "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ"قل يا محمد للذين كفروا بالله ورسوله: يا أيها الكافرون بالله."لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ"لا أعبد ما تعبدون من الأصنام والآلهة الزائفة." وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ"ولا أنتم عابدون ما أعبد من إله واحد, هو المستحق وحده للعبادة."وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ"ولا أنا عابد مستقبلا ما عبدتم من الأصنام والآلهة الباطلة."وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ "ولا أنتم عابدون مستقبلا ما أعبدلَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ"لكم دينكم الذي أصررتم على اتباعه, ولي ديني الذي لا أبغي غيره

7- تفسير سورة  الكوثر  
"إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ" إنا أعطيناك -يا محمد- الخير الكثبر في الدنيا والآخرة, ومن ذلك نهر الكوثر في الجنة الذي حافتاه خيام اللؤلؤ المجوف, وطينه المسك."فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ"فأخلص لربك صلاتك كلها, واذبح ذبيحتك له "إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ"إن مبغضك ومبغض ما جئت به من الهدى والنور, هو المنقطع أثره, المقطوع من كل خير

8- تفسير سورة  الماعون  
"أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ"أرأيت حال ذلك الذي يكذب بالبعث والجزاء؟
"فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ"فذلك الذي يدفع اليتيم بعنف وشدة عن حقه; لقساوة قلبه."وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ"ولا يخص غيره على إطعام المسكين, فكيف له أن يطعمه بنفسه؟"فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ"فعذاب شديد للمصلين "الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ"الذين هم عن صلاتهم لاهون, لا يقيمونها على وجهها, ولا يؤدونها في وقتها."الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ"الذين هم يتظاهرون بأعمالهم مراءاة للناس

9- تفسير سورة قريش  
"لإِيلافِ قُرَيْشٍ"اعجبوا لإلف قريش, وأمنهم, واستقامة مصالحهم, وانتظام رحلتيهم في الشتاء إلى (اليمن), وفي الصيف إلى (الشام) وتيسير ذلك; لجلب ما يحتاجون إليه."فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ"فليشكروا, وليبعدوا رب هذا البيت -وهو الكعبة- الذي شرفوا به, وليوحدوه ويخلصوا له العبادة."الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ"الذي أطعمهم من جوع شديد, وآمنهم من فزع وخوف عظيم.
  
10- تفسير سورة الفيل  
 "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ" ألم تعلم -يا محمد- كيف فعل ربك بأصحاب الفيل: اأرهة الحبشي وجيشه الذين أرادوا تدمير الكعبة المباركة؟"أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ"ألم يجعل ما دبروه من شر في إبطال وتضييع؟"وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ"وبعث عليهم طيرا في جماعات متتابعة," تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ"تقذفهم بحجارة من طين متحجر."فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ"فجعلهم به محطمين كأوراق الزرع اليابسة التي أكلتها البهائم ثم رمت بها.
   
11- تفسير سورة الهمزة
 "وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ"شر وهلاك لكل مغتاب للناس, طعان فيهم."الَّذِي جَمَعَ مَالا 
وَعَدَّدَهُ"الذي جمع مالا, وأحصاه."يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ "يظن أنه ضمن لنفسه بهذا المال الذي جمعه, الخلود في الدنيا والإفلات من الحساب."كَلا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ"ليس الأمر كما ظن, ليطرحن في النار التي تهشم كل ما يلقى فيها."وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ" وما أدراك يا محمد ما حقيقة النار؟نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ "إنها نار الله المرقدة الموقدة  التي من شدتها تنفذ من الأجسام للقلوب"الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ "التي من شدتها تنفذ من الأجسام إلى القلوب."إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ"إنها عليهم مطبقةفِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ "في عمد ممددة; لئلا يخرجوا منها

12- تفسير سورة العصر
"وَالْعَصْرِ" أقسم الله بالدهرإِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ"على أن بني آدم لفي هلكة ونقصان.ولا يجوز للعبد أن يقسم إلا بالله, فإن القسم بغير الله شرك."إِلا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ".إلا الذين آمنوا بالله وعملوا عملا صالحا, وأوصى بعضهم بعضا بالاستمساك بالحق, والعمل بطاعة الله, والصبر على ذلك.

13- تفسيرسورة التكاثر
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ" شغلكم عن طاعة الله التفاخر بكثرة الأموال والأولاد."حَتَّى زُرْتُمُ 
الْمَقَابِرَ"واستمر اشتغالكم بذلك إلى أن صرتم إلى المقابر, ودفنتم فيها."كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ"ما هكذا ينبغي أن يلهيكم التكاثر بالأموال, سوف تتبينون أن النار الآخرة خير لكم."ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ"ثم احذروا سوف تعلمون سوء عاقبة انشغالكم عنها."كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ"ما هكذا ينبغي أن يلهيكم التكاثر بالأموال, لو تعلمون حق العلم لا تزجرتم, ولبادرتم إلى إنقاذ أنفكسم من الهلاك."لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ"لتبصرن الجحيم,"ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ"ثم لتبصرنها دون ريبثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ" ثم لتسألن يوم القيامة عن كل أنواع النعيم.

14- تفسير سورة القارعة
"الْقَارِعَةُ"الساعة التي تقرع قلوب الناس بأهوالها."مَا الْقَارِعَةُ"أي شيء هذه 
القارعة؟وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ "وأي شيء أعلمك بها؟"يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ"في ذلك اليوم يكون الناس في كثرتهم وتفرقهم حركتهم كالفراش المنتشر وهو الذي يتساقط في النار.وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ"وتكون الجبال كالصوف متعدد الألوان الذي ينفش باليد, فيصير هباء ويزول."فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ"فأما من رجحت موازين حسناته,فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ  "فهو في حياة مرضية في الجنة."وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ " وأما من خفت موازين حسناته, ورجحت موازين سيئاته,فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ "فمأواه جهنم.وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ" وما أدراك- يا محمد- ما هذه الهاوية؟ نَارٌ حَامِيَةٌ " إنها نار قد حميت من الوقود عليها

15- تفسير سورة العاديات
"وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا "أقسم الله تعالى بالخيل الجارية في سبيله, حين يظهر صوتها من سرعة عدوهاولا يجوز للمخلوق أن يقسم إلا بالله, فإن القسم بغير الله شرك.فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا " فالموقدات بحوافرها نارا وذلك من شدة عدوها."فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا "فالمغيرات على الأعداء عند الصبح"فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا "فيهجن بهذا العدو غبار"فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا "فتوسطن بركبانهن جموع الأعداء.إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ "إن الإنسان لنعم ربه لجحود,وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ " وإنه بجحوده ذلك لمقر"وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ " "وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ"وإنه لحب المال لشديد."أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُور"أفلا يعلم الإنسان ما ينتظره إذا أخرج الله الأمهات من القبور للحساب والجزاء؟وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُو"واستخراج ما استتر في الصدور من خير أو شر."إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ"إن ربهم بهم وبأعمالهم يومئذ لخبير, لا يخفى عليه شيء من ذلك

 16- تفسير سورة الزلزلة
"إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا"إذا رجت الأرض رجا شديدا,"وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا"وأخرجت ما في بطنها من موتى وكنوز,وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا"وتساءل الإنسان فزعا: ما الذي حدث لها؟"يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا"يوم القيامة تخبر الأرض بما عمل عليها من خير أو شر,"بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا "وبأن الله سبحانه وتعالى أمرها بأن تخبر بما عمل عليها."يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُالنَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ"يومئذ يرجع الناس عن موقف الحساب أصنافا متفرقين;ليريهم الله ما عملوا من السيئات والحسنات, ويجازيهم عليها."فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ"  فمن يعمل وزن نملة صغيرة خيرا ير ثوابه في الآخرة,"وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ"ومن يعمل وزن نملة صغيرة شرا, ير عقابه في الآخرة.

 17- تفسير سورة البينة
(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ)يقول تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } أي: [من] اليهود والنصارى { وَالْمُشْرِكِينَ } من سائر أصناف الأمم.{مُنفَكِّينَعن كفرهم وضلالهم الذي هم عليه، أي: لا يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور السنين إلا كفرًا.{حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُالواضحة، والبرهان الساطع.رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً )ثم فسر تلك البينة فقال: {رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ } أي: أرسله الله، يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه كتابًا يتلوه، ليعلم الناس الحكمة ويزكيهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور{ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةًأي: محفوظة عن قربان الشياطين، لا يمسها إلا المطهرون، لأنها في أعلى ما يكون من الكلامفِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ){فِيهَاأي: في تلك الصحف {كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } أي: أخبار صادقة، وأوامر عادلة تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، فإذا جاءتهم هذه البينة، فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينةوَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ‏) وإذا لم يؤمن أهل الكتاب لهذا الرسول وينقادوا له، فليس ذلك ببدع من ضلالهم وعنادهم، فإنهم ما تفرقوا واختلفوا وصاروا أحزابًا { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُالتي توجب لأهلها الاجتماع والاتفاق، ولكنهم لرداءتهم ونذالتهم، لم يزدهم الهدى إلا ضلالًا، ولا البصيرة إلا عمى، مع أن الكتب كلها جاءت بأصل واحد، ودين واحد.وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) فما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا { اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي: قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله، وطلب الزلفى لديه، {حُنَفَاءأي: معرضين [مائلين] عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد. وخص الصلاة والزكاة بالذكر مع أنهما داخلان في قوله{لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ } لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين.{ وَذَلِكَ } أي التوحيد والإخلاص في الدين، هو { دِينُ الْقَيِّمَةِ } أي: الدين المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيمإِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِثم ذكر جزاء الكافرين بعدما جاءتهم البينة، فقال: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } قد أحاط بهم عذابها، واشتد عليهم عقابها،خَالِدِينَ فِيهَا } لا يفتر عنهم العذاب، وهم فيها مبلسون، { أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عرفوا الحق وتركوه، وخسروا الدنيا والآخرةإِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عبدوا الله وعرفوه، وفازوا بنعيم الدنيا والآخرةجَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ )جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي: جنات إقامة، لا ظعن فيها ولا رحيل، ولا طلب لغاية فوقها، { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } فرضي عنهم بما قاموا به من مراضيه، ورضوا عنه، بما أعد لهم من أنواع الكرامات وجزيل المثوبات { ذَلِكَ } الجزاء الحسن { لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } أي: لمن خاف الله، فأحجم عن معاصيه، وقام بواجباته. [تمت بحمد لله]

(18)تفسير سورة القدر  
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) يقول تعالى مبينًا لفضل القرآن وعلو قدره: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } كما قال تعالى: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } وذلك أن الله [تعالى] ، ابتدأ بإنزاله في رمضان [في] ليلة القدر، ورحم الله بها العباد رحمة عامة، لا يقدر العباد لها شكرًاوسميت ليلة القدر، لعظم قدرها وفضلها عند الله، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الأجل والأرزاق والمقادير القدرية.(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) ثم فخم شأنها، وعظم مقدارها فقال: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ } أي: فإن شأنها جليل، وخطرها عظيم.لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ )لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } أي: تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر [خالية منها]، وهذا مما تتحير فيه الألباب، وتندهش له العقول، حيث من تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلًا، نيفًا وثمانين سنة.تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ )تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا }أي: يكثر نزولهم فيهامِنْ كُلِّ أَمْر}سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [ سَلَامٌ هِيَ } أي: سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها، { حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } أي: مبتداها من غروب الشمس ومنتهاها طلوع الفجر .وقد تواترت الأحاديث في فضلها، وأنها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه، خصوصًا في أوتاره، وهي باقية في كل سنة إلى قيام الساعة.ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعتكف، ويكثر من التعبد في العشر الأواخر من رمضان، رجاء ليلة القدر [والله أعلم].

(19)تفسير سورة العلق 
"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ"
اقرأ-يا محمد-ما أنزل إليك من القرآن مفتتحا باسم ربك المتفرد بالخلقخَلَقَ 
الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ "الذي خلق كل إنسان من قطعة دم غليظ رطب ."اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ " اقرأ- يا محمد- ما أنزل إليك, وإن ربك لكثير الإحسان واسع الجهد.الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ" الذي علم خلقه الكتابة بالقلم."عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" علم الإنسان ما لم يكن يعلم, ونقله من ظلمة الجهل إلى 
نهر العلم."كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى" حقا إن الإنسان ليتجاوز حدود الله إذا أبطره الغنى, فليعلم كل طاغية أن المصير إلى الله."  أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى " أرأيت أعجب من طغيان الذي ينهى (وهو أبو جهلعبدا لنا إذا صلى لربه (وهو محمد صلى الله عليه وسلم)؟ أرأيت إن كان المنهي عن الصلاة على الهدى فكيف ينهاه؟ أو إن كان آمرا غيره بالتقوى أينهاه عن ذلك أرأيت إن كذب هذا الناهي بما يدعى إليه, وأعرض عنه, ألم يعلم بأن الله يرى كل ما يفعل؟ ليس الأمر كذلك لئن لم يرجع هذا عن شقاقه وأذاه لنأخذن بناصيته أخذا عنيفا, ويطرح في النار, ناصيته ناصية كاذبة في مقالها,خاطئة في أفعالهافليحضر هذا الطاغية أهل ناديه الذين يتنصر بهم, سندعو ملائكة العذاب.ليس الأمر على ما يظن أبو جهل, إنه لن ينالك- يا محمد- بسوء فلا تطعه فيما دعاك إليه من ترك الصلاة, واسجد لربك واقترب منه بالتحبب لله بطاعته."إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى""أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى"
 "عَبْدًا إِذَا صَلَّى"تقوى أينهاه عن ذلك أرأيت إن كذب هذا الناهي بما يد"أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى"عى إليه, وأعرض عنه, ألم يعلم بأن الله يرى كل ما"أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى""أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى"أينهاه عن ذلك أرأيت إن كذب هذا الناهي بما يدعىأَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى" إليه, وأعرض عنه, ألم يعلم بأن الله يرى كل ما يفعل؟ ليس الأ"كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ "مر كذلك لئن لم يرجع هذا عن شقاقه وأذاهنَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ "لنأخذن بناصيته أخذا عنيفا, ويطرح في النار, ناصيته ناصية كاذبة في مقالها, خاطئة في أفعاله"فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ"فليحضر هذا الطاغية أهل نادي"سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ" الذين يتنصر بهم, سندعو ملائكة العذاب.ليس"كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ"الأمر على ما يظن أبو جهل, إنه لن ينالك- يا محمد-

(20)تفسير سورة التين 
"وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ" أقسم الله بالتين والزيتون, وهما من الثمار المشهورة,"وَطُورِ سِينِينَ" وأقسم بجبل "وَطُورِ سِينِينَ" الذي كلم الله عليه موسى تكليما,وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ"واقسم بهذا البلد الأمين من كل خوف وهو "مكة" مهبط الإسلام.لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ" لقد خلقنا الإنسان في أحسن صورة,ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ"ثم رددناه إلى النار إن لم يطع الله, ويتبع الرسل,"إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ"لكن الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحة لهم أجر عظيم غير مقطوع ولا منقوص."فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أَلَيْسَ" أي شيء يحملك -أيها الإنسان- على أن تكذب بالبعث والجزاء مع وضرح الأدلة على قدرة الله تعالى على ذلك؟"أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ" أليس الله الذي جعل هذا اليوم للفصل بين الناس بأحكم الحاكمين في كل ما خلق؟ بلىفهل ترك الخلق سدى لا يؤمرون ولا ينهون, ولا يثابون ولا يعاقبون؟

(21)سورة الشرح
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)  ألم نوسع صدرك يا محمد لشرائع الدين و الدعوة إلى الله.(وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَك) وحططنا عنك بذلك حملك(الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ) الذي أثقل ظهرك(وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) أي أعلينا قدرك و جعلنا لك الثناء الحسن العالي الذي لم يصل إليه أحد من الخلق (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) بشارة عظيمة كلما وجد عسر و صعوبة ، فإن اليسر يقارنه و يصاحبه حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر فأخرجه(فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ)فإذا تفرغت من أشغالك فاجتهد في العبادة و الدعاء(وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) فإذا فرغت من الصلاة و أكملتها فانصب في الدعاء و إلى ربك فارغب في السؤال مطالبك .

(22)سورة الضحى
(وَالضُّحَى) أقسم تعالى بالنهار إذا انتشر ضياؤه بالضحى  (وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) و بالليل إذا سجى ادلهمت ظلمته مَا (وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) إي ما تركك منذ اعتنى بك ، و لا أهملك منذ رباك و رعاك (و ما قلى) أي و ما أبغضك منذ أحبك (وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى)أي‏:‏ كل حالة متأخرة من أحوالك، فإن لها الفضل على الحالة السابقة‏ فلم يزل صلى الله عليه و سلم يصعد في درجات المعالي و يمكن الله له دينه و ينصره على أعدائه حتى مات و قد وصل إلى حال ما وصل إليها الأولون و الآخرون من الفضائل و النعم  .‏(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) من تفاصيل الإكرام و أنواع الإنعام(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى) وجدك لا ام ملك و لا أب فآواك الله (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) وجدك لا تدري ما الكتاب و لا الإيمان فعلمك ما لم تكن تعلم و وفقك لأحسن الأعمال و الأخلاق (وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى) أي فقيرا فأغناك الله بما فتح عليك من البلدان التي جبيت لك أموالها و خراجها (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) أي لا تسيء معاملة اليتيم (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) لا ترد السائل عن مطلوبه بنهر و شراسة خلق(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) يشمل النعم الدينية و الدنيوية أثن على الله بها و تحدث بها. 

 (23)سورة الليل  
 "وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى"أقسم الله سبحانه بالليل عندما يغطي بظلامه الأرض وما عليها,"وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى"وبالنهار إذا انكشف عن ظلام الليل بضيائه,"وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى"وبخلق الزوجين: الذكر والأنثىإِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى"إن عملكم لمختلف بين عامل للدنيا وعامل للآخرةفَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى"فأما من بذل من ماله واتقى الله في ذلك"وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى"
 وصدق بالحساب والثواب على أعمالهفَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى"فسنرشده إلى أسباب الخير والصلاح ونيسر له أموره.وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى"وأما من بخل بماله واستغنى عن جزاء ربهوَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى "وكذب بالحساب والثواب,"فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى"فسنبين له أسباب الشقاء"وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى"ولا ينفعه ماله الذي بخل به إذا وقع في النار.
"إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى"إن علينا بفضلنا وحكمتنا أن نبين طريق الهدى الموصل إلى الله, جنته من طريق الضلالوَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى"وإن لنا ملك الحياة الآخرة والحياة الدنيا.فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى"فحذرتكم- أيها الناس- وخوفتكم نارا تتوهج, وهي نار جهنم.لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى"لا يدخلها إلا من كان شديد الشقاء,الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى"الذي كذب نبي الله محمدا صلى الله عليه وسلم؟ وأعرض عن الإيمان بالله ورسوله, وطاعتهما."وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى"في وسيزحزح عنها شديد التقوى,"وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى"وليس إنفاته ذاك مكافأة لمن أسدى إليه معروفا.

(24)سورة الشمس
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا"أقسم الله بالشمس ونهارها وإشراقها ضحى,"وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا" وبالقمر إذا تبعها في الطلوع والأفول,"وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا"وبالهار إذا جلى الظلمة وكشفها,"وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا"وبالليل عندما يغطي الأرض فيكون ما عليها مظلما,وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا" وبالسماء وبنائها المحكم,"وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا"وبالأرض وبسطها,"وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا"وبكل نفس وإكمال الله خلقها لأداء مهمتها,"فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا"فبين لها طريق الشر وطريق الخير,"قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا "قد فاز من طهرها ونماها بالخير,"وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا"وقد خسر من أخفى نفسه في المعاصي." كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا "كذبت ثمود نبيها ببلوغها الغاية في العصيان,"إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا "إذ نهض أكثر القبيلة شقاوة لعقر الناقة,فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا "فقال لهم رسول الله صالح عليه السلام: احذروا الناقة التي أرسلها الله إليكم آية أن تمسوها بسوء, وأن تعتدوا على سقيها, فإن لها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم."فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا"فشق عليهم ذلك, فكذبوه فيما توعدهم به فنحروها, فأطبق عليهم ربهم العقوبة بجرمهم, فجعلها عليهم على السواء فلم يفلت منهم أحد."وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا "ولا يخاف- جلت قدرته- تبعة ما أنزله بهم من شديد العقاب

(25) سورة البلد  
"لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ"أقسم الله بهذا البلد الحرام, وهو (مكة),"وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ"وأنت- يا محمد- مقيم في هذا البلد الحرام,"وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ"وأقسم بوالد البشرية- وهو آدم عليه السلام- وما تناسل منه من ولد,"لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ"لقد خلقنا الإنسان في شدة وعناء من مكابدة الدنيا."أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ"أيظن بما جمعه من مال أن الله لن يقدر عليه؟"يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالا لُّبَدًا "يقول متباهيا: أنفقت مالا كثيرا.أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ "أيظن في فعله هذا أن الله عز وجل لا يراه, ولا يحاسبه على الصغير والكبير؟أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ "ألم نجعل له عينين يبصر بهما,"وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ"ولسانا وشفتين ينطق بها,وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ "وبينا له سبيلي الخير والشر؟فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ "فهلا تجاوز مشقة الآخرة بإنفاق ماله, فيأمن."وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ "وأي شيء أعلمك ما مشقة الآخرة, وما يعين على تجاوزها؟"فَكُّ رَقَبَةٍ"إنه عتق رقبة مؤمنة من أسر الرق."أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ"أو إطعام في يوم في مجاعة شديدة,يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ"يتيما من ذوي القرابة يجتمع فيه فضل الصدقة وصلة الرحم,أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ"أو فقيرا معدما لا شيء عنده."ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ "ثم كان مع فعل ما ذكر من أعمال الخير من الذين أخلصوا الإيمان لله,وأوصى بعضهم بعضا بالصبر على طاعة الله وعن معاصيه, وتواصوا بالرحمة بالخلق."أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ "الذين فعلوا هذه الأفعال, هم أصحاب اليم, الذين يؤخذ بهم يوم القيامة ذات اليمين إلى الجنة.وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ "والذين كفروا بالقرآن هم الذين يؤخذ بهم يوم القيامة ذات الشمال إلى النار.عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ "جزاؤهم جهنم مطبقة مغلقة عليهم.

(26)سورة الفجر    
"وَالْفَجْر"أقسم الله سبحانه بوقت الفجر,"وَلَيَالٍ عَشْر"والليالي العشر الأول من ذي الحجة وما شرفت به,وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ"وبكل شفع وفرد,وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ"وبالليل إذا يسري بظلامه,
هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْر"أليس في الأقسام المذكورة مقنع لذي عقل؟"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ"ألم تر- يا محمد- كيف فعل ربك بقوم عاد"إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ"قبيلة إرم, ذات القوة والأبنية المرفوعة على الأعمدة,الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ"التي لم تخلق مثلها في البلاد في عظم الأجاد وقوة البأس؟وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ"وكيف فعل بثمود قوم صالع الذين قطعوا الصخر بالوادي واتخذوا منه بيوتا؟"وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ" وفرعون ملك "مصر" , صاحب الجنود الذين ثبتوا ملكه, وقووا له أمره؟الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ"هؤلاء الذين استبدلوا, وظلموا في بلاد الله," فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ"فأكثروا فيها بظلمهم الفساد, "فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ"فصب عليهم ربك عذابا شديداإِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ"إن ربك- يا محمد- لبالمرصاد لمن يعصيه, يمهله قليلا, ثم يأخذه أخذ عزيز "فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ"فأما الإنسان إذا ما اختبره ربه بالنعمة, وبسط له رزقه, وجعله في أطيب عش, فيظن أن ذلك كرامته عند ربه, فيقول: ربي أكرمن.وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ"وأما إذا ما اختبره, فضيق عليه رزقه, فيظن أن ذلك لهوانه على الله, فيقول: ربي أهانن.كَلاَّ بَل لّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ"ليس الأمر كما يظن هذا الإنسان, بل الإكرام بطاعة الله, والإهانة بمعصيته, وأنتم لا تكرمون اليتيم, ولا تحسنون معاملته,"وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ"ولا يحث بعضكم بعضا على إطعام المسكين," وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَّمًّا" وتأكلون حقوق الأخرين في الميراث أكلا شديدا,وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا"وتحبون المال حبا مفرطا.كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا "ما هكذا ينبغي أن يكون حالكم.فإذا زلزلت الأرض وكسر بعضها بعضا,وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا"وجاء ربك لفصل القضاء بين خلقه, والملائكة صفوفا صفوفا,وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى"وجيء في ذلك العظيم العظيم بجهنم, يومئذ يتعظ الكافر ويتوب, ومن أين له الاتعاظ والتوبة, وقد فرط فيهما في الدنيا, وفات أوانهما؟يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي"يقول: يا ليتني قدمت في الدنيا من الأعمال ما ينفعني لحياتي في الآخرة.فَيَوْمَئِذٍ لّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ"ففي ذلك اليوم العصيب لا يستطيع أحد ولا يقدر أن يعذب مثل تعذيب الله من عصاه,"وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ "ولا يستطيع أحد أن يوثق مثل وثاق الله, ولا يبلغ أحد مبلغه في ذلك."يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ"يا أيتها النفس المطمئنة إلى ذكر الله والإيمان به, وبما أعده من النعيم للمؤمنين," ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً "ارجعي إلى ربك وجواره راضية بإكرام الله لك, والله سبحانه قد رضي عنك,فَادْخُلِي فِي عِبَادِي"فادخلي في عداد الصالحين من عبادي,"وَادْخُلِي جَنَّتِي"وادخلي معهم جنتي.

(27)سورة الغاشية   
"هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ "هل أتاك- يا محمد- خبر القيامة التي تغشى الناس 
بأهوالها؟وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ"وجوه الكفار يومئذ ذليلة بالعذاب,عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ "مجهدة
بالعمل متعبة,تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً"تصيبها نار شديدة التوهج,تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ "تسقى من عين شديدة الحرارة"لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ"ليس لأصحاب النار طعام إلا من نبت ذي شوك لاصق بالأرض, وهو من شر الطعام وأخبثه,"لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِن جُوعٍ"لا تسمن بدن صاحبه من الهزال, ولا بسد جوعه ورمقه."وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ"وجوه المؤمنين يوم القيامة ذات نعمة
لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ"لسعيها في الدنيا بالطاعات راضية في الآخرة,فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ "في جنة رفيعة المكان والمكانة,"لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً"لا تسمع فيها كلمة لغو واحدة," فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ"فيها عين تتدفق مياهها,فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ "فيها سرر عاليةوَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ"
وأكواب معدة للثاربين,وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ"ووسائد مصفوفة, الواحدة جنب الأخرى,وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ"وبسط كثيرة مفروشة.أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ"أفلا ينظر الكافرون المكذبون  إلى الإبل: كيف خلقت هذا الخلق العجيب؟وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ "وإلى السماء كيف رفعت هذا الرفع البديع؟وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ"وإلى الجبال كيف نصبت, فحصل بها الثبات للأرض والاستقرار؟"وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ"وإلى الأرض كيف بسطت ومهدت؟"فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّر" فعظ- يا محمد- المعرضين بما أرسلت به إليهم, ولا تحزن على إعراضهم, إنما أنت واعظ لهم,لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ"ليس عليك إكراههم على الإيمان.إِلاَّ مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ"لكن الذي أعرض عن التذكير والموعظة وأصر على كفره,فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ"فيعذبه الله العذاب الشديد في النار.إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ "إن إليندا مرجعهم بعد الموتثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ "ثم إن علينا جزاءهم على ما عملوا


(28)سورة الأعلى    
 "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى" نزه اسم ربك الأعلى عن الشريك والنقائص تنزيها يليق بعظمته سبحانه,"الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى"الذي خلق المخلوقات, فأتقن خلقها, وأحسنه,"وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى" والذي قدر جميع المقدرات, فهدى كل خلق إلى ما يناسبه,"وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى"
والذي أنبت الكلأ الأخضر,فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى"فجعله بعد ذلك هشيما جافا متغيرا."سَنُقْرِؤُكَ فَلا تَنسَى"سنقرئك يا محمد هذا القرآن قراءة لا تنساها,إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى"إلا ما شاء الله مما اقتضت حكمته أن ينسيه لمصلحة يعلمها.إنه سبحانه يعلم الجهر من القول والعمل, وما يخفى منهما.وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى"ونيسرك لليسرى في جميع أمورك, ومن ذلك تسهيل تلقي أعباء الرسالة, وجعل دينك يسرا لا عسر فيه.فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى"فعظ قومك يا محمد بالقرآن إن نفعت الموعظة.فالتذكير واجب وإن لم ينفع, فالتوفيق بيد الله وحده, وما عليك إلا البلاغ."سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى"سيتعظ الذي يخاف ربه,وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى"ويبتعد عن الذكرى الأشقى الذي لا يخشى ربه,"الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى"الذي سيدخل نار جهنم العظمى يقاسي حرها,"ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى"ثم لا يميت فيها فيستريح, ولا يحيا حياة تنفعه.قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى"قد فاز من طهر نفسه من الأخلاق السيئة."وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى"وذكر الله, فوحده ودعاه وعمل بما يرضيه, وأقام الصلاة في أوقاتها ابتغاء رضوان الله وامتثالا لشرعه."بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا"إنكم أيها الناس تفضلون زينة الحياة الدنيا على نعيم الآخرة. "وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى"والدار الآخرة بما فيها من النعيم المقيم, خير من الدنيا وأبقى.إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى"إن ما أخبرتم به في هذه السورة هو مما ثبت معناه في الصحف التي أنزلت قبل القرآن.صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى"وهي صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام.

(29)سورة الطارق  
"وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ"أقسم الله سبحانه بالسماء والنجم الذي يطرق ليلا," وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ"وما أدراك ما عظم هذا النجم؟" النَّجْمُ الثَّاقِبُ"هو النجم شيء المتوهج"إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ "ما كل نفس إلا أوكل بها ملك رتيب يحفظ عليها أعمالها لتجلب عليها يوم القيامة.
" فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ"فلينظر الإنسان المنكر للبعث مم خلق؟ ليعلم أن إعادة خلق الإنسان ليست أصعب من خلقه أولا,"خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ"خلق من مني منصب بسرعة في الرحم,
" يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ "يخرج من بين صلب الرجل وصدر المرأة"إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ "إن الذي خلق الإنسان من هذا الماء لقادر على رجعه إلى الحياة بعد الموت." يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ "يوم يختبر السرائر فيما أخفته, ويميز الصالح منها من الفاسد,"فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ"فما للإنسان من قوة يدفع بها عن نفسه, وما له من ناصر يدفع عنه عذاب الله." وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ "والسماء ذات المطر المتكرر" وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ "والأرض ذات التشقق بما يتخللها من نبات," إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ"إن القرآن لقول فصل بين الحق, والباطل"وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ"
وما هو بالهزل ولا يجوز للمخلوق أن يقسم بغير الله, وإلا فقد أشرك."إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا  إن المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم, وللقرآن, يكيدون ويدبرون, ليدفعوا بكيدهم الحق ويؤيدوا الباطل," وَأَكِيدُ كَيْدًا "وأكيد كيدا لإظهار الحق, ولو كره الكافرون,"فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا "فلا تستعجل لهم- يا محمد- بطلب إنزال العقاب بهم, بل أمهلهم وانظرهم قليلا, ولا تستعجل لهم, وسترى ما يحل بهم من العذاب والنكال والعقوبة والهلاك.

(30)سورة البروج  
" وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ "أقسم الله تعالى بالسماء ذات المنازل التي تمر بها 
الشمس والقمر," وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ"وبيوم القيامة الذي وعد الله الخلق أن يجمعهم فيه,"وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ"وشاهد يشهد, ومشهود يشهد عليه.ويقسم الله- سبحانه- بما يشاء من مخلوقاته, أما المخلوق فلا يجوز له أن يقسم بغير الله, فإن القسم بغير الله شرك." قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ"هلك وعذب ولعن الذين شقوا في الأرض شقا عظيما, لتعذيب المؤمنين," النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ "وأوقدوا النار الشديدة ذات الوقود,"إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ "إذ هم قعود على الأخدود ملازمون له," وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ "وهم على ما يفعلون بالمؤمنين من تنكيل وتعذيب حضوروَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وما أخذوهم بمثل هذا العقاب الشديد إلا أن كانوا مؤمنين بالله العزيز الذي لا يغالب,الحميد في أقواله وأفعاله وأوصافه"الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ "الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد "إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ" إن الذين حرقوا المؤمنين والمؤمنات بالنار.ليصرفوهم عن دين الله, ثم لم يتوبها, فلهم في الآخرة عذاب جهنم, ولهم العذاب الشديد المحرق." إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ "إن الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا الأعمال الصالحات, لهم جنات تجري من تحت قصورها الأنهار, ذلك الفوز العظيم." إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ "إن انتقام ربك من أعدائه وعذابه لهم لعظيم شديد,"إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ٌ"إنه هو يبدئ الخلق ثم يعبده," وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ "وهو الغفور لمن تاب, الودود المحب لأوليائه,"و الْعَرْشِ الْمَجِيدُ"ذو العرش العظيم," فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ "فعال لما يريد, لا يمتنع عليه شيء يريده."هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ "هل بلغك يا محمد خبر الجموع الكافرة المكذبة لأنبيائها," فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ "فرعون وثمود, وما حل بهم من العذاب والنكال, لم يعتبر القوم بذلك," بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ "بل الذين كفروا في تكذيب متواصل كدأب من قبلهم,"وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ "والله قد أحاط بهم علما وقدرة, لا يخفى عليه منهم ومن أعمالهم شيء وليس القرآن كما زعم المكذبون المشركون بأنه شعر وسحر, فكذبوا به," بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ "بل هو قرآن عظيم كريم," فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ "في لوح محفوظ, لا يناله تبديل ولا تحريف.

(31)سورة الإنشقاق 
" إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ "إذا السماء تصدعت, وتفطرت بالغمام يوم القيامة,"وَأَذِنَتْ 
لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ"وأطاعت أمر ربها فيما أمرها به من الانشقاق, حق لها أن تنقاد لأمره."وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ "وإذا الأرض بسطت ووسعت, ودكت جبالا في ذلك اليوم,"وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ "وقذفت ما في بطنها من الأموات, وتخلت عنهم,"وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ"وانقادت لربها فيما أمرها به, وحق لها أن تنقاد لأمره."يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ"يا أيها الإنسان إنك ساع إلى الله, وعامل أعمالا من خير أو شر, ثم تلاقي الله يوم القيامة, فلا تعدم منه جزاء بالفضل أو العدل." فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ"فأما من أعطي صحيفة أعماله بيمينه, وهو مؤمن بربه"فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا"فسوف يحاسب حسابا سهلا,"وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا"ويرجع إلى أهله في الجنة مسرورا" وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ "وأما من أعطى صحيفة أعماله من وراء ظهره, وهو الكافر بالله," وَيَصْلَى سَعِيرًا "فسوف يدعو بالهلاك والثبور," ويصلى سعيرا "ويدخل النار مقاسيا حرها." إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا "إنه كان في أهله في الدنيا مسرورا مغرورا, لا يفكر في العواقب," إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ"إنه ظن أن لن يرجع إلى خالقه حيا للحساب." بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا "بلى سيعيده الله كما بدأه ويجازيه على أعماله, إن ربه كان به بصيرا عليما بحاله من يوم خلقه إلى أن بعثه" فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ"أقسم الله تعالى باحمرار الأفق عند الغروب," وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ "وبالليل وما جمع من الدواب والحشرات والهوام وغير ذلك," وَالْقَمَرِإِذَااتَّسَقَ "وبالقمر إذا تكامل نوره" لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ "لتركبن- أيها الناس أطوارا متعددة وأحوالا متباينة: من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى نفخ الروح إلى الموت إلى البعث والنشور ولا يجوز للمخلوق أن يقسم بغير الله, ولو فعل ذلك لأشرك." فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ"فأي شيء يمنعهم من الإيمان بالله واليوم الآخر بعد ما رضحت لهم الآيات؟" وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ "وما لهم إذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون لله, ولا يسلمون بما جاء فيه؟" بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ "إنما سجية الذين كفروا التكذيب ومخالفة الحق " وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ "والله أعلم بما يكتمون في صدورهم من العناد مع علمهم بأن ما جاء به القرآن حق," فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ"فبشرهم يا محمد- بأن الله عز وجل- قد أعد لهم عذابا موجعا," إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ "لكن الذين آمنوا بالله ورسوله وأدوا ما فرضه الله عليهم, لهم أجر في الآخرة غير مقطوع ولا منقوص.

 (32)سورة المطففين
"وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ"عذاب شديد للذين يبخسون المكيال والميزان,"الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ"الذين إذا اشتروا من الناس مكيلا أو موزونا يوفون لأنفسهم,"وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَوإذا باعوا الناس مكيلا أو موزونا ينقصون في المكيال والميزان, فكيف بحال من يسرقهما ويختلسهما, ويبخس الناس أشيائهم؟ إنه أولى بالوعيد من مطففي المكيال والميزان.
 "أَلا يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ"ألا يعتقد أولئك المطففين أن الله تعالى باعثهم ومحاسبهم على أعملهم "لِيَوْمٍ عَظِيمٍ"في يوم عظيم الهول؟" يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ"يوم يقوم الناس بين يدي الله, فيحاسبهم على القليل والكثير, وهم فيه خاضعين لله رب العالمين."كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ"ليس الحق فيما هم عليه من تطفيف الكيل والميزان, فليرتدعوا عن ذلك.إن مصير الفجار ومأواهم لفي ضيق," وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ"وما أدراك ما هذا الضيق؟"كِتَابٌ مَّرْقُومٌ"
كتاب مكتوب كالرقم في الثوب لا ينسى ولا يمحى."وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ"عذاب شديد يومئذ للمكذبين؟"الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ"الذين يكذبون بوقوع يوم الجزاء,"وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ"وما يكذب به إلا كل ظالم كثير الإثم,"إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ"إذا تتلى عليه آيات القرآن قال: هذه أباطيل الأولين" كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَليس الأمر كما زعمها, بل هو كلام الله ووحيه إلى نبيه, وإنما حجب قلوبهم عن التصديق به ما غشاها من كثرة ما يرتكبون من الذنوب."كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ"ليس الأمر كما زعم الكفار, بل إنهم يوم القيامة عن رؤية ربهم- جل وعلا- لمحجوبون."ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ"ثم إنهم لداخلو النار يقاسون حرها,"ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ"ثم يقال لهم: هذا الجزاء الذي كنتم به تكذبون."كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ"كلا, ليس القرآن أساطير الأولين إن كتاب الأبرار لفي المراتب العالية في الجنة."وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ"وما أدراك- يا محمد- ما هذه المراتب العالية؟
"كِتَابٌ مَّرْقُومٌ"كتاب الأبرار مكتوب كالرقم في الثوب لا ينسى ولا يمحى,"يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ"
يطلع عليه المقربون من ملائكة كل سماء."إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ"إن أهل الصدق والطاعة لفي الجنة يتنعمون"عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ"على الأسرة ينظرون إلى ربهم, وإلى ما أعد لهم من خيرات؟
"تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ"ترى في وجوههم بهجة النعيم,"يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ"
يسقون من خمر صافية محكم إناؤها,"خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ"آخره رائحة مسك, وفي ذلك النعيم المقيم فليتسابق المتسابقون."وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ"وهذا الشراب مزاجه وخلطه من عين في الجنة تعرف لعلوها بـتسنيم "عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ "عين أعدت ; ليشرب منها المقربون, ويتلذذوا بها."إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ"
إن الذين أجرموا كانوا في الدنيا يستهزئون بالمؤمنين,"وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ" وإذا مروا بهم يتغامزون سخرية بهم,"وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ"وإذا رجع الذين أجرموا إلى أهلهم وذويهم تفكهوا معهم بالسخرية من المؤمنين."وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاء لَضَالُّونَ"وإذا رأى هؤلاء الكفار أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, وقد اتبعوا الهدى قالوا: إن هؤلاء لتائهون في اتباعهم محمدا صلى الله عليه وسلم,"وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ"وما بعث هؤلاء المجرمون رقباء على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم."فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ"فيوم القيامة يسخر الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه من الكفار, كما سخر الكافرون منهم في الدنيا."عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ"على المجالس الفاخرة ينظر المؤمنون إلى ما أعطاهم الله من الكرامة والنعيم في الجنة, ومن أعظم ذلك النظر إلى وجه الله الكريم."هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ"هل جوزي الكفار - إذ فعل بهم ذلك- جزاء وفاق ما كانوا يفعلونه في الدنيا من الشرور والآثام؟


(33) سورة الإنفطار
"إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ"إذا السماء انشقت, واختل نظامها,"وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ"وإذا الكواكب تساقطت,"وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ"وإذا البحار امتلأت, وفاضت فانفجرت, وسالت مياهها وطغت,
"وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ"وإذا القبور قلبت ببعث من كان فيها"عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ"
 حينئذ تعلم كل نفس جميع أعمالها, ما تقدم منها, وما تأخر, وجوزيت بها."يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ"يا أيها الإنسان المنكر للبعث, أفي شيء غرك بالإشراك بربك الكريم الحقيق بالشكر والطاعة،"الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ "الذي خلقك فسوى خلقك فعدلك, وركبك لأداء وظائفك,"فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ"في أي صورة شاءها خلقك؟"كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ"
 ليس الأمر كما تقولون من أنكم في عبادتكم غير الله محقون, بل تكذبون بيوم الحساب والجزاء.
" وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ"وإن عليكم لملائكة رقباءكِرَامًا كَاتِبِينَكراما على الله كاتبين لما و "يعلمون ما تفعلون "يعلمون ما تفعلون من خير أو شر.كلوا بإحصائه, لا يفوتهم من أعمالكم وأسراركم شيء,"يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ"يعلمون ما تفعلون من خير أو شر.

(34) سورة التكوير
"إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ"إذا الشمس لفت وذهب ضوءها,"وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ" وإذا النجوم تناثرت, فذهب نورها,"وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ" وإذا الجبال سيرت عن وجه الأرض فصارت هباء منبثا,"وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ" وإذا النوق الحوامل تركت وأهملت,"وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ" وإذا الحيوانات الوحشية جمعت واختلطت , ليقتص الله من بعضها لبعض,"وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ" وإذا البحار ملئت حتى فاضت, فانفجرت وسالت,"وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ" وإذا النفوس تركت بأمثالها ونظائرها"وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ" وإذا الطفلة المدفونة حيه سئلت يوم القيامة سؤال تطييب لها وتبكيت لوائدها"بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ" بأي ذنب كان دفنها؟ "وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ" وإذا صحف الأعمال عرضت,"وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ" وإذا السماء قلعت وأزيلت من مكانها,"وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ"وإذا النار أوقدت فأضرمت,"وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ" وإذا الجنة دار النعيم قربت من أهلها المتقين,"عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ" إذا وقع ذلك, تيقنت ووجدت كل نفس ما قدمت من خير أو شر."فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ" أقسم الله تعالى بالنجوم المختفية أنوارها نهارا,"الْجَوَارِ الْكُنَّسِ"الجارية والمستترة في أبراجها,"وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ"والليل إذا أقبل بظلامه,"الصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ"والصبح إذا ظهر ضياؤه "إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ" إن القرآن لتبليغ رسول كريم- هو جبريل عليه السلام-,"ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ" ذي قوة في تنفيذ ما يؤمر به, صاحب مكانة رفيعة عند الله,"مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ" تطيعه الملائكة, مؤتمن على الوحي الذي ينزل به"وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ" وما محمد الذي تعرفونه بمجنون,"وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ" ولقد رأى محمد جبريل الذي يأتيه بالرسالة في الأفق العظيم,"وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ" وما هو ببخيل في تبليغ الوحي "وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ" وما هذا القرآن بقول شيطان رجيم, مطرود من رحمة الله, ولكنه كلام الله ووحيه."فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ" فأين تذهب بكم عقولكم في التكذيب بالقرآن بعد هذه الحجج القاطعة؟ "إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ" ما هو إلا موعظة من الله لجميع الناس"لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ" لمن شاء منكم أن يستقيم على الحق والإيمان"وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" وما تشاؤون الاستقامة, ولا تقدرون على ذلك, إلا بمشيئة الله رب الخلائق أجمعين.


(35)سورة عبس
"عَبَسَ وَتَوَلَّى" ظهر التغير والعبوس في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم, وأعرض
"أَن جَاءَهُ الأَعْمَى"وأي شيء يجعلك عالما بحقيقة أمره؟ لعله بسؤاله تزكو نفسه 
يتطهر,"وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى"أو يحصل له المزيد من الاعتبار والازدجار."أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى"أو يحصل له المزيد من الاعتبار والازدجار"أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى" أما من استغنى عن هديك,"فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى"فأنت تتعرض له وتصغي لكلامه"وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى" وأي شيء عليك ألا يتطهر من كفره؟ "وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى" وأما من كان حريصا على لقائك,"وَهُوَ يَخْشَى"وهو يخشى الله من التقصير في الاسترشاد,"فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى" فأنت عنه تتشاغل "كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ" ليس الأمر كما فعلت يا محمد, إن هذه السورة موعظة لك ولكل من شاء الاتعاظ."فَمَن شَاء ذَكَرَهُ" فمن شاء ذكر الله وأتم بوحيه"فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ"هذا الوحي, وهو القرآن في صحف معظمة, موقرة,"مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ" عالية القدر مطهرة من الدنس والزيادة والنقص,"بِأَيْدِي سَفَرَةٍ" بأيدي ملائكة كتبة, سفراء بين الله وخلقه,"كِرَامٍ بَرَرَةٍ" كرام الخلق, أخلاقهم وأفعالهم بارة طاهرة."قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ" لعن الإنسان الكافر وعذب, ما أشد كفره بربه!!"مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ" ألم ير من أي شيء خلقه الله أول مرة؟"مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ"خلقه الله من ماء قليل- وهو المني- فقدره أطوارا"ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ" ثم بين له طريق الخير والشر,"ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ" ثم أماته فجعل له مكانا يقبر فيه,"ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ" ثم إذا شاء سبحانه أحياه, وبعثه بعد موته للحساب والجزاء. "كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ" ليس الأمر كما يقول الكافر ويفعل, فلم يهد ما أمره الله به من الإيمان والعمل بطاعته."فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ" فليتدبر الإنسان: كيف خلق الله طعامه الذي هو قوام حياته؟"أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا"إنا صببنا الماء على الأرض صبا,"ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا" ثم شققناها بما أخرجنا منها من نبات شتى,"فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا" فأنبتنا فيها حبا,"وَعِنَبًا وَقَضْبًا"وعنبا وعلفا للدواب,"وَزَيْتُونًا وَنَخْلا" وزيتونا ونخلا,"وَحَدَائِقَ غُلْبًا" وحدائق عظيمة الأشجار,"وَفَاكِهَةً وَأَبًّا" وثمارا وكلأ"مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ" تنعمون بها أنتم وأنعامكم"فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ" فإذا جاءت صيحة يوم القيامة التي تصم من هولها الأسماع,"يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ"يوم يفر المرء لهول ذلك اليوم من أخيه,"وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ" وأمه وأبيه"وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ" وزوجه وبنيه."لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ" لكل واحد منهم يومئذ أمر يمنعه من الانشغال بغيره.وجوه يومئذ مسفرة "وجوه أهل النعيم في ذلك اليوم مستنيرة؟"وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ"مسرورة فرحة "ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ" مسرورة فرحة"وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ" ووجوه أهل  الجحيم مظلمة مسودة, "تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ" تغشاها ذلة"أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ"أولئك الموصوفون بهذا الوصف هم الذين كفروا بنعم الله وكذبوا بآياته, وتجرؤا على محارمه بالفجور والطغيان.


(36)سورة النازعات
"وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا"أقسم الله تعالى بالملائكة التي تنزع أرواح الكفار نزعا شديدا"وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا" والملائكة التي تجذب أرواح المؤمنين بنشاط ورفق"وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا" والملائكة التي تسبح في نزولها من السماء وصعودها إليها,"فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا"فالملائكة التي تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء; لئلا تسرقه,"فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا" فالملائكة المنفذات أمر ربها فيما أوكل إليها تدبيره من شؤون الكون ولا يجوز للمخلوق أن يقسم بغير خالقه , فإن فعل فقد أشرك- لتبعثن الخلائق وتحاسب,"يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ"يوم تضطرب الأرض بالنفخة الأولى نفخة الإماتة,"تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ"تتبعها نفخة أخرى للإحياء."قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ"قلوب الكفار يومئذ مضطربة من شدة الخوف,"أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ"أبصار أصحابها قليلة من هول ما ترى."يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ"يقول هؤلاء المكذبون بالبعث: أنرد بعد موتنا إلى ما كنا عليه أحياء في الأرض؟"أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً"أنرد وقد صرنا عظاما بالية؟"قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ" قالوا: رجعتنا تلك ستكون إذا خائبة كاذبة."فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ"فإنما هي نفخة واحدة,"فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ"فإذا هم أحياء على وجه الأرض بعد أن كانوا في بطنها."هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى"هل أتاك- يا محمد- خبر موسى؟إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى"حين ناداه ربه بالوادي المطهر المبارك "طوى","اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى"فقال له: اذهب إلى فرعون, إنه قد أفرط في العصيان؟"فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى" فقل له: أتود أن تطهر نفسك من النقائص وتحليها بالإيمان,"وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى"وأرشدك إلى طاعة ربك, فتخشاه وتتقيه؟"فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى"فأرى موسى فرعون العلامة العظمى: للعصا واليد,"فَكَذَّبَ وَعَصَى"فكذب فرعرن نبي الله موسى عليه السلام, وعصى ربه عز وجل,"ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى"ثم ولى معرضا عن الإيمان مجتهدا في معارضة موسى."فَحَشَرَ فَنَادَى"فجمع أهل مملكته وناداهم ,"فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى" فقال: أنا ربكم الذي لا رب فوقه ,"فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى"فانتقم الله منه بالعذاب في الدنيا والآخرة , وجعله عبرة ونكالا لأمثاله من المتمردين."إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى" إن في فرعون وما نزل به من العذاب لموعظه لمن يتعظ وينزجر."أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا"أبعثكم أيها الناس- بعد الموت أشد في تقديركم أم خلق السماء؟"رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا"رفعها فوقكم كالبناء, وأعلى سقفها في الهواء لا تفاوت فيها ولا فطور ,"وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا"وأظلم ليلها بغروب شمسها, وأبرز نهارها بشروقها."وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا"والأرض بعد خلق السماء بسطها, وأودع فيها منافعها,"أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا" وفجر فيها عيون الماء, وأنبت فيها ما يرعى من النباتات,"وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا"وأثبت فيها الجبال أوتادا لها"مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ"خلق سبحانه كل هذه النعم منفعة لكم ولأنعامكم.(إن إعادة خلقكم يوم القيامة أهون على الله من خلق هذه الأشياء , وكله على الله هين يسير)"فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى"فإذا جاءت القيامة الكبرى والشدة العظمى وهي النفخة الثانية,"يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى"عندئذ يعرض على الإنسان كل عمله من خير وشر , فيتذكره ويعترف به ,"وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى"وأظهرت جهنم لكل مبصر ترى عيانا."فَأَمَّا مَن طَغَى"فأما من تمرد على أمر الله,"وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا"يفضل الحياة الدنيا على الآخرة,"فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى"فإن مصيره إلى النار."وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى"وأما من خاف القيام بين يدي الله للحساب , ونهى النفس عن الأهواء الفاسدة,"فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى"فإن الجنة هي مسكنه."يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا"يسألك المشركون يا محمد- استخفافا- عن وقت حلول الساعة التي تتوعدهم بها"فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا"لست في شيء من علمها ,"إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا"بل مرد ذلك إلى الله عز وجل ,"إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا"وإنما شأنك في أمر الساعة أن تحذر منها من يخافها."كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا"كأنهم يوم يرون قيام الساعة لم يلبثوا في الحياة الدنيا, لهول الساعة إلا ما بين الظهر إلى غروب الشمس , أو ما بين طلوع الشمس إلى نصف النهار.


(37)سورة النبأ
"عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ"عن أي شيء يسأل بعض كفار قريش بعضا؟"عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ"يتساءلون عن الخبر العظيم الشأن , وهو القرآن العظيم الذي ينبئ عن البعث"الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ"الذي شك فيه كفار قريش وكذبوا به"كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ"ما الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون, سيعلم هؤلاء المشركون عاقبة تكذيبهم , ويظهر لهم ما الله فاعله بهم يوم القيامة,"ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ"ثم سيتأكد لهم ذلك, ويتأكد لهم صدق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم, من القرآن والبعثوهذا تهديد ووعيد لهم."أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا" ألم نجعل الأرض ممهدة لكم كالفراش؟"وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا"والجبال رواسيكي لا تتحرك بكم الأرض؟"وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا" وخلقناكم أصنافا ذكرا وأنثى؟"وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا"وجعلنا نومكم راحة لأبدانكم , تهدؤون وتسكنون؟"وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا"وجعلنا الليل لباسا تلبسكم ظلمته وتغشاكم, كما يستر الثوب لابسه؟"وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا"وجعلنا النهار معاشا تنتشرون فيه لمعاشكم, وتسعون فيه لمصالحكم؟"وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا"وبنينا فوقكم سبع سموات متينة البناء محكمة الخلق, لا صدوع لها ولا فطور؟"وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا" وجعلنا الشمس سراجا وقادا مضيئا؟"وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا"وأنزلنا من السحب الممطرة ماء منصبا بكثرة,"لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا"لنخرج به حبا مما يقتات به الناس وحشائش مما تأكله الدواب ,"وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا"وبساتين ملتفة بعضها ببعض لتشعب أغصانها؟"إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا" إن يوم الفصل بين الخلق, يوم القيامة, كان وقتا وميعادا محدثا للأولين والآخرين,"يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا"يوم ينفخ الملك في "القرن" إيذانا بالبعث فتأتون أمما, كل أمة مع إمامهم."وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا"وفتحت السماء , فكانت ذات أبواب كثيرة لنزول الملائكة. "وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا"ونسفت الجبال بعد ثبوتها, فكانت كالسراب."إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا"إن جهنم كانت يومئذ ترصد أهل الكفر الذين أعدت لهم,"لِلطَّاغِينَ مَآبًا" للكافرين مرجعا,"مابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا"ماكثين فيها دهورا متعاقبة لا تنقطع "لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا"لا يطعمون فيها ما يبرد حر السعير عنهم , ولا شرابا يرويهم,"إِلاَّ حَمِيمًا وَغَسَّاقًا"إلا ماء حارا , وصديد أهل النار ,"جَزَاء وِفَاقًا"يجازون بذلك جزاء عادلا; موافقا لأعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا."إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا"إنهم كانوا لا يخافون يوم الحساب فلم يعملوا له"وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا"وكذبوا بما جاءتهم به الرسل تكذيبا,"وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا"وكل شيء علمناه وكتبناه في اللوح المحفوظ,"فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَابًا"فذوقوا -أيها الكافرون- جزاء أعمالكم, فلن نزيدكم إلا عذابا فوق عذابكم.إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا "إن الذين يخافون ربهم ويعملون صالحا, فوزا بدخولهم الجنة."حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا"إن لهم بساتين عظيمة وأعنابا,"وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا"ولهم زوجات حديثات السن , نواهد مستويات في سن واحدة,"وَكَأْسًا دِهَاقًا"ولهم كأس مملوءة خمرا "لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا"لا يسمعون في هذه الجنة باطلا من القول , ولا يكذب بعضهم بعضا."جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا"لهم كل ذلك جزاء ومنه من الله وعطاء كثيرا كافيا لهم."رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا"إنه رب السموات والأرض وما بينهما , رحمن الدنيا والآخرة, لا يملكون أن يسألوه إلا فيما أذن لهم فيه,"يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لّا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا"يوم يقوم جبريل عليه السلام والملائكة مصطفين , لا يشفعون إلا لمن أذن له الرحمن في الشفاعة, وقال حقا وسدادا."ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا"ذلك اليوم الحق الذي لا ريب في وقوعه, فمن شاء النجاة من أهواله فليتخذ إلى ربه مرجعا بالعمل الصالح."إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا"إنا حذرناكم عذاب يوم الآخرة القريب الذي يرى فيه كل امرئ ما عمل من خير أو اكتسب من إثم, ويقول الكافر من هول الحساب: يا ليتني كنت ترابا فلم أبعث.
انتهى
معلمتي أم المنتصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق