المقدمة:
يقول الله تعالى :« إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ
اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ»سورة
التوبة آية...
هي أربعة أشهر محرمات ، معظمات في الجاهلية و الإسلام .و قبل أن نبدأ أحب
أن أشير إلى مراجع هذا الدرس:
أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية، لابن القيم، الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ
ابن عثيمين، و في تبيين العجب في شهر رجب لابن حجر العسقلاني.
هذه الشهور الأربعة،خاصهن الله تعالى بالنهي عن ظلم النفس فيهن، كما في هذه
الآية، فنبهنا الله عز و جل أن نظلم فيهن أنفسنا، ظلم النفس يشمل جميع الأحوال و
الأزمان ليس فقط في هذه الأشهر الأربعة الحرم لكنه في هذه الأشهر خصوصية يكون فيها
ظلم النفس أشد، لذلك نهى الله تعالى عن ظلم النفس فيها بخصوصها، فعلينا احترمها و
تعظيمها.
وإن سألتهم ما هو ظلم النفس؟؟؟ ظلم النفس يكون بشيئين :
- إما ترك واجب أوجبه الله علينا
- إما فعل لمحرم و يدخل في ذلك التقصير في الطاعات، و التفريط بالأوقات.
هذا كله ظلم للنفس، لان النفس أمانة عندك عليك أن ترعاها حق رعايتها، و
تسلك بها ما به سبيل سعادتك و صلاحها، و تتجنب بها ما فيه شقاءها و فسادها.
فنحن نستقبل هذا الشهر الحرام و هو شهر رجب ، فعلينا بالتزام حدود الله عز
و جل .
أهم ما يقال في هذه الأشهر المحرمة ن يقال في فرائض الله عز و جل ، و
اجتناب المحارم و أداء الحقوق فيما بينكم و بين ربكم ، فيما بينكم و بين عباده.
و اعلموا أن الشيطان قد قعد لابن آدم كل مرصد و أقسم لله:« ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ
مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ
وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ»، أقسم لله بعزة الله : «وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ.
إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ».الشيطان حريص كل الحرص على إغراء بني
آدم و إظلالهم ، خاصة إذا أقبلت مواسم الخير يحبب إليهم المعاصي، يكره إليهم
الطاعات ، يأتيهم من كل جانب، يقذفهم بسهامه من كل جبهة،و إن رأى من العبد رغبة في
الخير، غبطه عنه و أقعده، و إن عجز عنه من هذا الجانب ن جاءه الغلو و الوسواس و
الشكوك و تمادي الحدود في الطاعة فأفسد عليه، فإن عجز من جانب الطاعات جاءه من
جانب المعاصي فينظر أقوى المعاصي هدماً لدينه سيوقعه فيها ، فإن عجز عن هذا ، حاول
أن يأتيه من جانب أسهل فأوقعه في المعاصي البسيطة بغيته طبعا و تدرج بعد ذلك.
فعلينا أن نحذر مكائد الشيطان و ان نحذر محقرات الذنوب ، النبي صلى الله
عليه و سلم فيما رواه سهل بن سعد:«إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّمَا
مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ،
وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ
مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ».
فنقول احذروا من مكائد الشيطان فإنه يتنوع و يتلون ، يأتي من قبل الإيمان،
و التوحيد، فيوقع الشك في ذلك، أحيانا يوقع الإنسان في شرك و أحيانا يأتيه من قبل
الصلاة فيوقع فيه التهاون و الإخلال بها، و أحيانا يأتيه من قبل الزكاة و الصدقة
فيوقع في نفسه البخل، و هذا يأتيه من قبل الصيام فيوقعه في سيء الأقوال و الأفعال،
و هذا يأتيه من قبل الحج فيوقعه في التصويف حتى يأتيه الموت.
كل هذه المقدمة حتى يحدث عند المسلم خوف من الذنوب و رغبة في الطاعات ، حتى
يستقبل الشهر المحرم كما يحب الله عز و جل و يرضى.
ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه و سلم خطب في حجة الوداع فقال في
خطبته:« إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ
اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ. السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ
حُرُمٌ؛ ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ،
وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ»
س: لماذا سميت هذه الأشهر الأربعة "حُرم" ؟؟؟
قد اختلفوا لما سميت:
- قيل لعظم حرمتها و حرمت الذنب فيها و قال ابن طلحة عن ابن عباس:«اختص الله تعالىأربعة أشهر جعلها حرماً، وعظم
حرماتها، وجعل الذنب فيها أعظم، وجعل العمل الصالح والأجر أعظم».
- و قيل أنه حرم القتال فيه في الجاهلية و جاء
الإسلام و أقر ذلك
- و قيل حماية للحجيج الذين يأتون إلى مكة.
س: نأتي لشهر رجب لماذا سمي رجب رجباً؟؟؟
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: سمّي رجبٌ رجباً؛ لأنه كان يرجب،
أي يُعظَّم، يُقال: رَجَبَ فلانٌ مولاه، أي عظَّمه.
- و قيل أن الملائكة تترجب للتسبيح و التحميد فيه
- و قيل أنه الشهر الوحيد الذي كان لا يغير:حيث كانوا في الجاهلية ينقلون
الأشهر الحرم على حسب ما يريدون العرب إلا رجب.و الله اعلم
س:هل كانوا في الجاهلية يعظمون هذا الشهر؟؟؟
نعم كانوا يعظمون هذا الشهر خصوصاً قبيلة "مُضر" كما جاء في حديث
النبي صلى الله عليه و سلمكما سبق"رجب مُبر"و قال ابن أثير في
النهاية«أضافت رجب إلى مُضر في الحديث لأنهم كانوا يعظمونه خلاف غيرهم فكان اختصوا
به».
- كانوا يحرمون فيه القتال ، حتى
أنهم كانوا يسمون الحرب التي تقع في هذا الشهر "حرب الفجار"
-كانوا يتحرون الدعاء في اليوم العاشر منه على الظالم.
- أيضا مما كان عندهم ما يذبحون ذبيحة تسمى "العتيرة" و هي شاة
يذبحونها لأصنامهم فكان يصب الدم على رأسها .
وأكثر العلماء على أن الإسلام ، في الصحيحين على بطلان هذه الذبيحة.
يقول بعض السلف:«شهر رجب ، شهر الزرع ، و شهر شعبان سقي للزرع و شهر رمضان
حصاد الزرع»و هذا صحيح ، يعني من تريد ان يدخل عليها رمضان و قلبها مليء بالإيمان
عليها أن تستعد قبل رمضان .
نقول من العجب أن الناس قد أحدثوا في شهر رجب بدع كثيرة سوف نتناولها ، و
الله عز و جل لم ينزل بها من سلطان.
و هذه البدع التي سنذكرها نبه عليها أئمة الإسلام و علمائهم،كشيخ الإسلام
ابن تيمية،و ابن القيم، و الشاطبي، و ابن رجب الحنبلي، و ابن حجر، و شيخ الألباني،
و شيخ ابن عثيمين، و شيخ الفوزان ، و شيع ابن باز ..و غيرهم من العلماء.
من أوائل هذه البدع التي تظهر
بين المسلمين في شهر رجب:
1- الدعاء عند دخول رجب:
و هذه من الأخطاء و من البدع ، وُدرد في عمل
اليوم و الليلة لأبن السني ، و شعب الإيمان للبيهقي عن أنس ابن ملك قال : كان
النبي صلى الله عليه و سلم إذا دخل رجب قال:«اللهم بارك لنا في رجب و شعبان و
بلغنا رمضان»هذا الدعاء شائع عند العامة و
لكنه حديث منكر لا يصح ، ضعفه ابن رجب، و ابن حجر لانه من رواية زائدة، لابن أبي
الرقاد ، و تكلم فيه البخاري و غيره...
قال أبو حاتم حديث منكر، على
هذا لا يشرع بهذا الدعاء و لا يخصص رجب بشيء من الدعاء لأنه لم يرد في الشرع بفضل
الدعاء في بداية رجب أو الاستغفار أو التهليل، هذا كله إنما هو معروف عند الرافضة.
2- التبرك بدخول رجب:
يعني يبارك المسلمين بعضهم لبعض بدخول رجب و
التهنئة و هذا العمل ليس له أصلا في السنة لان الدين لم يعتبر دخول رجب مناسبة
خاصة و لا ينبغي للإنسان أن يعمل عملا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه و سلم و لا
عن أصحابه و لا عن أئمة الهدى السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين .
3- الاغتسال عند دخول رجب:
انتشر عند طوائف من المسلمين مشروعية الاغتسال
في أول ليلة من رجب و في ليلة نصف من رجب و يرون أن هذا الاغتسال المستحب و هذا
قول أحدثته الرافضة و ليس له أصل في السنة.
4- العمرة في رجب:
اشتهر عند العامة تخصيص رجب
بعمرة و يرون أن لها فضل عظيم و مزية خاصة و يريدون فيها أثارا غير صحيحة، ترى
أحدهم أن عمرة رجب سنة، يشتهد في أدائها و ربما يبالغ فيها ، يجعلها أفضل من عمرة
رمضان و هذا هو شعار الجهال و لا يعرف عن أهل العلم المحققين أنه قد خص شهر رجب
بعمرة و لم يرد دليل في الشرع يدل على ذلك، و لم يثبت أن النبي صلى الله عليه و
سلم أنه اعتمر في رجب ألبته فما جاء في البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:« إن
رسول الله اعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب قالت (أي عائشة): يرحم الله أبا عبد الرحمن
ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قط».فسمعها عبد الله ابن عمر و ما
أنكر عليها، سكت .
و يقول ابن العطار:«ومما بلغني عن أهل مكة اعتيادهم كثرة الاعتمار في رجب
وهذا مما لا أعلم له أصلاً»
أما ما ورد عن عمر رضي الله عنه
و غيره من السلف، أنهم كانوا يستحبون العمرة في رجب فهذا مبني على اختيارهم في نسك
الحج و أن الأفضل أن تؤتى العمرة بسفر يعني عادة إذا قادم أحد من السفر ممكن
يناسبه شهر رجب ، لكن لم يكن قصدهم شهر رجب في ذلك.
5- الصوم في رجب:
يستحب بعض العامة الجهال الصوم
في رجب و يعتقد أن له مزية فتراه يصوم الشهر كله أو أيام معينة، و هذا العمل ليس
له أصل و لم يرد عن النبي صلى الله عليه و سلم أن كان يخص رجب أو بعض أيامه بصيام
و لا يثبت في هذا الباب شيء من ذلك.
يقول ابن تيمية:«و أما صوم رجب
بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها وليست من
الضعيف الذي يروى في الفضائل بل عامتها من الموضوعات و المكذوبات». و قال ابن
القيم رحمه الله:«كل حديث في ذكر صيام رجب و صلاة بعض الليالي فيه ، فهو كذب
مفترى».
و ورد إنكار الصحابة لهذا العمل
ففي مصنف ابن أبي شيبة قال خرشي ابن حر:« رأيت عمر يضرب أكف الناس في رجب حتى يضعوها
في الجفان ويقول كلوا فإنما هو شهر كان يعظمه أهل الجاهلية».أي كان يستغرب منهم
الصيام، فعلى هذا تخصيص رجب بصوم كله أو بأيام معنية أو لإعتقاد أن هذه سنة، هذا
امر غير مشروع.
- بعضهم من يحث على صيام الأول
و الثاني و الثالث ، يصمون 1 رجب و2 رجب و3 رجب و الأحاديث في هذا ليست ضعيفة بل
موضوعة منها:
-"من صام 3أيام من شهر
الحرام و خميس و جمعة و سبت كتب الله له عبادة 900 سنة"و في لفظ
"60سنة"
- و حديث"صوم أول يوم من
رجب كفارة 3 سنين "
- و حديث"رجب شهر الله و
شعبان شهري و رمضان شهر أمتي".
أيضا منهم من يصوم اليوم السابع
فقط و منهم من يصوم الشهر كله.
و قد روي عن عمر ابن الخطاب
قال:«إن رجب كان يعظمه أهل الجاهلية ، فلما كان الإسلام ترك»
6- صلاة الرغائب:
هذه استحبها الصوفية الجهال ،
قالوا هي اثني عشر ركعة يصلونها في أول ليلة جمعة من رجب بين المغرب و العشاء و
راو في هذا حديثا موضوعا مختلقا عن النبي صلى الله عليه و سلم لا يثبت عنه و هذه
البدعة أحدثت في بيت المقدس أواخر القرن الخامس و لا تعرف أنها فعلت في القرون
المفضلة أبدا.
يقول ابن تيمية :« هذه الصلاة لم يصلها رسول الله صلى
الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أئمة المسلمين ولا رغب فيها رسول
الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السلف ولا الأئمة ولا ذكروا لهذه الليلة فضيلة
تخصها والحديث المروي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة
بذلك ولهذا قال المحققون إنها مكروهة غير مستحبة» يعني محرمة.
و قال ابن رجب في بيان بدعتها
:« أما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به والأحاديث المروية في فضل
صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب وباطل لا تصح وهذه الصلاة بدعة عند جمهور
العلماء».
- و كذا صلاة في ليلة نصف من رجب
عمل محدث ليس له أصل في السنة.
- و صلاة الرغائب هي عدة صلوات
منها ما تسمى:
- صلاة الألفية: تصلى في أول
يوم من رجب و في نصف من شعبان
- صلاة أم دود : و هي تصلى في
نصف من رجب ، ذكرها شيخ الإسلام و انكر ذلك في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم
ص 293"
7- الزكاة في رجب:
يظن بعض العامة أن إخراج الزكاة
في شهر رجب له فضيلة خاصة فيتحرون إخراجها في هذا الشهر ولو لم يوافق انتهاء الحول
تحريا لشرف رجب وكذلك يعتقدون أن الصدقة في رجب لها فضل خاص وهذا العمل منكر ليس عليه
دليل في الشرع ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن العطار:«وما يفعله الناس
في هذه الأزمان ن إخراج زكاة أموالهم في رجب دون غيره من الأزمان لا أصل له بل حكم
الشرع أنه يجب إخراج زكاة الأموال عند حلول الحول بشرطه سواء كان رجبا أو غيره» وقال
ابن رجب:«وأما الزكاة فقد اعتاد أهل هذه البلاد"يعني دمشق"إخراجها في شهر رجب
ولا أصل لذلك في السنة ولا عرف عن أحد من السلف» على هذا ينبغي للمسلم أن لا يتحرى
إخراج الزكاة في رجب ولا يتكلف موافقة هذا الشهر لكن لو وافق حوله رجب فلا حرج عليه
حينئذ إخراجها فيه ولا ينبغي أن يعتقد للصدقة مزية خاصة في هذا الشهر.
8- ذبيحة العتيرة:
كان أهل الجاهلية يذبحون ذبيحة يسمونها
العتيرة يتقربون بها إلى الله في رجب وقد استحبها بعض العلماء ثم جاء الإسلام ونسخها
وذهب عامة الفقهاء إلى إبطالها وعدم مشروعيتها وهو الصحيح لما ثبت في صحيح مسلم في
النهي عنها و ما ورد في مشروعيتها فيه مقال ولا يقوى على معارضة الصحيح ولأن هذا العمل
من شعار الجاهلية والشريعة جاءت بالنهي عن التشبه بأهل الجاهلية ولهذا قال الحسن البصري:«ليس
في الإسلام عتيرة إنما كانت العتيرة في الجاهلية كان أحدهم يصوم رجب ويعتر فيه». وقال
ابن رجب في اللطائف: «العتيرة اختلف العلماء في حكمها في الإسلام فالأكثرون على أن
الإسلام أبطلها وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا فرع
ولا عتيرة».إذا لا يشرع للإنسان أن يخص رجب بذبيحة وتقسيمها على الفقراء أو تخصيص يوما
معينا فهذا ليس مشروعا في رجب.
9-
الاحتفال بيوم السراء و المعراج:
اعتاد المبتدعة و خاصة الروافض الاحتفال
في ليلة السابع والعشرين في رجب على أنه اليوم الذي أسري فيه بالنبي صلى الله عليه
وسلم يحتفلون و يتباشرون بالحلوى و الطعام
و غير ذلك....
و سبق و قلنا في فقه السيرة عن
حادثة الإسراء و المعراج و أرودنا أقوال العلماء وقلنا أنه لم يرد في تحديد تاريخ
الإسراء و المعراج لا سابعة وعشرون رجب و لا غيره، و كثر الكلام في هذا ، و تعددت
الأقوال، لكن ليلة الإسراء و المعراج ليست لها أفضلية على سائر الليالي و لا يشرع
في تلك الليلة نزيد عبادة سواء صلاة أم عمرة أم صدقة و لو كانت لها أفضلية لجاء في
حديث عن النبي صلى الله عليه و سلم ، يقول القسطلني نقلا عن شيخ أبو أمامة بن
نقاش:« ما ليلة الإسراء ، فلم يأت في أرجحية العمل فيها حديث صحيح ولا ضعيف ، ولذلك
لم يعينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه ، ولا عينها أحد من الصحابة بإسناد
صحيح ، ولا صح إلى الآن ، ولا إلى أن تقوم الساعة فيها شيء ، ومن قال فيها شيئاً ،
فإنما قال من كيسه لمرجع ظهر له استأنس به ، ولهذا تصادمت الأقوال فيها وتباينت ، ولم
يثبت الأمر فيها على شيء»
و قال ابن القيم نقلا على شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول:«لم يقم
دليل معلوم على ليلة الإسراء و لا على شهرها ، و لا على عشرها و لا على عينها ، بل
إن النقول في ذلك منقطعة مختلفة ، ليس فيها ما يقطع به، و لا شرع للمسلمين تخصيص
تلك الليلة بقيام و لا غيره».
و يقول الشيخ عبد العزيز ابن
باز رحمه الله:«و هذه الليلة التي حصل فيها الإسراء و المعراج لن يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها لا في رجب و لا في
غيره كل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه و سلم و عند أهل
العلم بالحديث».
و يقول الشيخ ابن باز أيضا:«و
لحكمة الله البالغة في إنساء الناس لها ولو ثبت تعيينها لم يجز للمسلمين أن يخصوها
بشيء من العبادات،ولم يجز لهم أن يحتلفوا بها،لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
رضي الله عنهم لم يحتلفوا بها،ولم يخصوها بشيء،ولو كان الإحتفال بها مشروعا لبينه
الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة إما بالقوم وإما بالفعل،ولو وقع شيء من ذلك لعرف
واشتهر،ولنقله الصحابة رضي الله عنهم إلينا)
10- من الأمور البدعية في هذا
الشهر زيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم و الذهاب إلى المسجد النبوي.
قاعدة:
- تخصيص عبادة لوقت لم يوقته الله
تعالى و لا رسوله من البدع المحرمة.
- تخصيص عبادة بمكان معين ما ذكره
الله عز و جل في كتابه و لم يذكره محمد صلى الله عليه و سلم، هذا من البدع المحرمة
و قد ذكر ذلك الشيخ الألباني في أحكام الجنائز و بدعها.
خلاصة القول:
إن البدع مع أنها حدث في الدين
و تغيير للملة فهي في الحقيقة أغلال تضاع فيها الأوقات و تنفق فيها الأموال و تتعب
فيها الأجساد و لا حول و لا قوة إلا بالله.
فصدق من قال :" و الخير في
إتباع من سلف و الشر في إتباع من خلف"
اللهم ارزقنا الإخلاص في عبادتك
و ارزقنا إتباع سنة نبيك صلى الله عليه و سلم و الموت على ذلك.
و الحمد لله
رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين و على آله و صحبه أجمعين
معلمتي أم المنتصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق