كان إبراهيم عليه الصلاة و السلام
واسماعيل يبنيان بيت الله تعالى،
الشيخ ابن الباز رحمه الله رحمة
واسعة كان يتأثر بهذه الآية عندما يتلوها و يفسرها،
تأمّل في شأنهما: يقومان بأجلّ الأعمال
وأرفعها بإذنٍ من ربهما تعالى، وهما يسألان [رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا]، فتأمّل كيف
كان حالهما من الخوف والرجاء ألاّ يتقبل عملهما، فإذا كان هذا حال إمام الحنفاء، وقدوة
الموحدين، فكيف بحالنا وتقصيرنا؟.
فعن وهيب بن الورد أنه قرأ:[وَإِذْ
يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ
مِنَّا]، ثم يبكي ويقول:(يا خليل الرحمن، ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق أن لا يتقبل
منك؟). وهذا كما حكى اللَّه تعالى عن حال المؤمنينَ الخُلَّص في قوله تعالى:[وَالَّذينَ
يُؤْتُونَ مَا آتَوْا]، أي يعطون ما أعطوا من الصدقات والنفقات والقربات:[وَقُلُوبُهُمْ
وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ]، أي: خائفة ألاّ يتقبل منهم، كما
جاء في الحديث أن عائشة رَضْيَ اللَّهُ عنْهَا سألت رسول اللَّه عن هذه الآية:
(أَهُمْ
الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ،
وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ، وَيُصَلُّونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ
أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ،)[أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ]،
والتعرض لوصف الربوبية في دعائهم؛ لأن إجابة الدعاء من شأن الربوبية وخصائصها لما فيها
من معاني التربية والإصلاح والتدبير، وقولهما:[تَقَبَّلْ مِنَّا]:(القبول: أخذ الشيء
والرضا به، فتقبّل اللَّه سبحانه للعمل أن يتلقّاه بالرضى فيرضى عن فاعله، وإذا رضي
اللَّه تعالى عن فاعله، فلا بدّ أن يثيبه الثواب الذي وعده إيّاه): وقولهما:[إنَّكَ
أنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ] تعليل لطلب القبول، ومزيد استدعاء للإجابة.
فختمت الآية بقول تعالى:« رَبَّنَا
تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»[البقرة 127].
إذن ماذا نستفيد من هذه الآية؟؟؟
1- أهمية القبول عند الله تعالى. كيف يكون القبول ؟؟؟
بشيئين:
- كلما زادا زادت نسبة القبول بفضله و
منته و كرمه سبحانه و تعالى
- كلما زادت نسبة الإخلاص لله تعالى في ذلك العمل.
دائما قَلِبي قلبك تجدين بعض الأعمال لها حلاوة أكثر من بعضها،
و هذا و الله أعلم يعود إلى مدى إخلاص العبد في ذلك العمل.
2- مدى إتباع سنة النبي صلى الله عليه و سلم. فعلينا دائما أن ننتبه للسنن،
ماذا فعلنا بسنة النبي ؟ هل اتبعنها
كما هي ؟ هل زدنا أم نقصنا؟ أم تهاونا، أم ماذا؟
- دوام ملازمة العبد بهذا الدعاء ، النبي صلى الله عليه و سلم كان يدعو صباحاً
و مساءاً: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا
صَالِحًا مُتَقَبَّلًا» «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ
و مِنْ عَمَلِ لاَ يُقْبَلْ» و هكذا.....
3- ينبغي للعبد أن يجعل قلبه معلق بالله.
ويعمل بثلاثة الأركان و هي أركان
العبادة: الخوف، الرجاء، المحبة.
و يتوسل إلى الله عز و جل بأسمائه
و صفاته « رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ».
- ملازمة التواضع و الإخبات لله تعالى أن يتقبل منه هذا العمل و أن يجعله ذخرا
عند لقاءه سبحانه و تعالى.
معلمتي أم محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق