الدعاء مخ العبادة وينبغي للمؤمن أن تحفظ
أدعية القرآن السنة
بقدر المستطاع لذا سنبدأ كل يوم بدعاء
{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ
الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ
وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[[1].
المفردات:
أوزعني: أي ألهمني، وأولعني أن أشكر نعمتك
بحيث لا أنفكُّ عن شكرها، وقد سبق لنا أن شرحنا مثل هذه الدعوة المباركة الطيبة على
لسان سليمان عليه السلام إلاّ أنه ختم الدعاء هناك بقوله: * ﴿وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ
فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾([2])، وختم هنا بقوله: ﴿وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي﴾.
فبدأ اللَّه تعالى بالوصية لمن كان سبباً
في وجوده في هذه الحياة الدنيا بعد اللَّه عز وجل بالإحسان إليهما، وبرِّهما، قال تعالى:
﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ
كُرْهًا *وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ
وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي﴾ أي تناهى عقله، وكمل فهمه وحلمه،
ففيه بيان أن العبد إذا بلغ أربعين سنة أن يجدد التوبة للَّه تعالى.
* ﴿أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ
الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾: يا ربي وفقني أن أشكر نعمك التي لا تُحصى عليّ من نعم
الدنيا، والدين الذي هو أعظم النعم التي أسبغتها عليّ، فكم من محروم منها. تضمّن هذا
السؤال التوفيق للعمل بالطاعات، واجتناب المحرّمات.
* ﴿وَعَلَى وَالِدَيَّ﴾:
أدرج ذكر والديه تكثيراً للنعم، والنعم على الوالدين نعم على أولادهم؛ لأنهم لابد أن
ينالهم شيئاً منها، ومن أسبابها وآثارها، خصوصاً نعم الدين، فسأل ربه التوفيق للقيام
بشكر نعمته الدينية والدنيوية.
* ﴿وَأَنْ أَعْمَلَ
صَالِحًا تَرْضَاهُ﴾: وألهمني ووفقني أن أعمل صالحاً ترضاه في المستقبل، فجمع بين أنواع
الشكر المطلوبة: شكرها باللسان، بالثناء والذكر، المستلزم للشكر بالجنان، وأردفه الشكر
بالأركان، وهو القيام بصالح الأعمال عنده جل وعلا عليه وعلى والديه.
* وقوله: ﴿صَالِحًا تَرْضَاهُ﴾: فتقييده بـ(ترضاه)
يدلّ أنه ليس كل عمل صالحٍ في الظاهر يرضاه اللَّه تعالى، بل لا بدّ أن يوفّق إلى الأعمال
والأقوال الموجبة لرضاه جل وعلا، من صدق الإخلاص، وحسن العبادة في المتابعة
.
* ﴿وَأَصْلِحْ لِي فِي
ذُرِّيَّتِي﴾: أي واجعل الصلاح سارياً في ذريتي، راسخاً فيهم، متمكنين منه، ولذلك عُدِّي
بـ(في)[3]، وفيه إشارة إلى أن صلاح الآباء يورث صلاح الأبناء.
أدعية من القرآن:2
أدعية من القرآن:3
أدعية من القرآن:2
«وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا» [114طه]
يقول السعدي في
تفسيره :أمر الله تعالى نبيه أن يسأله زيادة العلم، فإن العلم خير و كثرة الخير
مطلوبة و هي من الله.
و الطريق إليها الاجتهاد و الشوق للعلم و سؤال الله و الاستعانة
به و الافتقار إليه في كل وقت، و يؤخذ من هذه الآية الكريمة الأدب في تلقى العلم
و أن المستمع للعلم
ينبغي له أن يتأنّى و يصبر حتى يفرغ
المملي و المعلم من كلامه ، فإذا فرغ منه سأل إن كان عنده سؤال ، و لا يبادر
بالسؤال و قطع كلام مُلقِي العلم فإنه سبب للحرمان و كذلك المسئول ينبغي له أن
يستملي سؤال السائل و يعرف المقصود منه قبل الجواب فإن ذلك سبب لإصابة الصواب.....انتهى
«لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ»[87 يونس]
يقول السعدي في تفسيره:
فنادى يونس في الظلمات«لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ
مِنَ الظَّالِمِينَ» فأقر لله تعالى بكمال الألوهية و نزهه عن كل نقص و عيب و آفة
اعترف بظلم نفسه و جنايته ، قال الله تعالى:« فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ
فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يُبْعَثُونَ»
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا
فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}
يقول السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره
:
الحسنات المطلوبة في الدنيا: يدخل فيها
كل ما يحسن وقوعه عند العبد : من رزق هنيء واسع حلال ، وزوجة صالحة ، وولد تقر به العين
، وراحة ، وعلم نافع ، وعمل صالح ، ونحو ذلك من المطالب المحبوبة والمباحة
.
وحسنة الآخرة هي: السلامة من العقوبات
في القبر ، والموقف ، والنار ، وحصول رضا الله ، والفوز بالنعيم المقيم ، والقرب من
الرب الرحيم .
* فصار هذا الدعاء أجمع دعاء ، وأولاه بالإيثار، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء به، ويحث عليه "أ.هـ
{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ
أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (250)
* "ربنا أفرغ علينا صبرا"، فإنه يعني
أن طالوت وأصحابه قالوا: "ربنا أفرغ علينا صبرا"، يعني أنـزل علينا صبرا.
* وقوله: "وثبت أقدامنا"، يعني:
وقو قلوبنا على جهادهم، لتثبت أقدامنا فلا نهزم عنهم
* "وانصرنا على القوم الكافرين"، الذين كفروا بك فجحدوك إلها وعبدوا غيرك، واتخذوا الأوثان أربابا.
واليك الامور التي تعينك على الصبر:
1. قصر الدنيا.
2. معرفتك انك لله وانك راجعة اليه واجعلي هذا المعنى
في ذهنك دائماً.
3. اعلمي ان ليس هناك ثواب للصبر الا الجنة.
4. ان يكون يقينك بالفرج يقيناً كبيراً.
ودائماً نحفظ ولا ننسى قوله عز وجل (إن
مع العسر يسراً) لان العسر لا يأتي وحده ابداً انه ملاصق للعسر
..واعلمي ان اليقين في الفرج يهون عليك المصيبة..
* انظري الى سيدنا يعقوب عليه السلام حينما
فقد ابنه الثاني: قال:(فصبر جميل عسى الله ان يأتيني بهم جميعاً).
* يقول ابن عطاء الاسكندري: من ظن بُعد لطف
الله عنه قدره ما عرف الله حق المعرفة اي انه من ظن ان لطف الله بعيد قليلاً عن المصيبة
لم يعرف الله.
قال تعالى :(ان ربي لطيف لما يشاء).
ويعينك على الصبر هذه الكلمة لأمير المؤمنين
عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول (ما اصابتني مصيبة الا هانت عليّ اربعة اشياء...)
الاولى: انها لم تكن اكبر منها..(سبحان
الله.. حقاً لقد كان من الممكن ان تكون اشد).
الثانية: انها لم تكن في ديني (نعم فكل
مصيبة ليست في الدين تهون).
الثالثة: ان الله يعوضني عنها الجنة (وياله
من ثمن).
الرابعة: اني تذكرت مصيبتي في فقد النبي
صلى الله عليه وسلم.
عليك ان تحفظي وتذكري نفسك دائماً وعندها
ما من مصيبة الا وستهون عليك
وهنيئاً لك قال تعالى :(وبشر الصابرين).
أدعية من القرآن 6
{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِر لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ
الْكَافِرِينَ}[286]
أدعية من القرآن 6
{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِر لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ
الْكَافِرِينَ}[286]
فهذه الدعوات, مقبولة من مجموع المؤمنين
قطعا, ومن أفرادهم, إذا لم يمنع من ذلك مانع في الأفراد.
وذلك أن الله رفع عنهم المؤاخذة, في الخطأ
والنسيان, وأن الله سهل عليهم شرعه غاية التسهيل.
ولم يحملهم من المشاق, والآصار, والأغلال,
ما حمله على من قبلهم, ولم يحملهم فوق طاقتهم, وقد غفر لهم ورحمهم, ونصرهم على القوم
الكافرين.
فنسأل الله تعالى, بأسمائه وصفاته, وبما
من به علينا من التزام دينه, أن يحقق لنا ذلك, وأن ينجز لنا ما وعدنا على لسان نبيه,
وأن يصلح أحوال المؤمنين.
ويؤخذ من هنا, قاعدة التيسير, ونفي الحرج
في أمور الدين كلها.
وقاعدة العفو عن النسيان والخطأ, في العبادات,
وفي حقوق الله تعالى.
وكذلك في حقوق الخلق من جهة رفع المأثم,
وتوجه الذم.
وأما وجوب ضمان المتلفات, خطأ أو نسيانا,
في النفوس والأموال, فإنه مرتب على الإتلاف بغير حق, وذلك شامل لحالة الخطأ والنسيان,
والعمد...انتهى
{ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا إنك أنت الوهاب}
ولما كان المقام مقام انقسام إلى منحرفين
ومستقيمين, دعوا الله تعالى أن يثبتهم على الإيمان *فقالوا:" رَبَّنَا لَا تُزِغْ
قُلُوبَنَا " أي لا تملها عن الحق إلى الباطل.
*"بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ
لَدُنْكَ رَحْمَةً" تصلح بها أحوالنا "إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ" أي كثير الفضل والهبات. وهذه الآية, تصلح مثالا للطريقة, التي يتعين
سلوكها في المتشابهات.
وذلك: أن الله تعالى ذكر عن الراسخين, أنهم
يسألونه أن لا يزيغ قلوبهم, بعد إذ هداهم.
* وقد أخبر في آيات أخر عن الأسباب التي بها
تزيغ قلوب أهل الانحراف وأن ذلك بسبب كسبهم * كقوله "فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ
اللَّهُ قُلُوبَهُمْ" "ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ".
*"وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ
كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ".
فالعبد إذا تولى عن ربه, ووالى عدوه, ورأى
الحق, فصدف عنه, ورأى الباطل, فاختاره - ولاه الله ما تولى لنفسه, وأزاع قلبه, عقوبة
له على زيغه. وما ظلمه الله, ولكنه ظلم نفسه, فلا يلم
إلا نفسه الأمارة بالسوء.
{الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا
ذنوبنا وقنا عذاب النار}
أي: هؤلاء الراسخون في العلم, أهل العلم
والإيمان, يتوسلون إلى ربهم بإيمانهم, لمغفرة ذنوبهم, ووقايتهم عذاب النار, وهذا من
الوسائل التي يحبها الله, أن يتوسل العبد إلى ربه, بما من به عليه من الإيمان والأعمال
الصالحة, إلى تكميل نعم الله عليه, بحصول الثواب الكامل, واندفاع العقاب.
انتهى
{قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء
وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير}
* يأمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أصلا,
وغيره تبعا - أن يقول عن ربه, معلنا بتفرده بتصريف الأمور, وتدبير العالم العلوي والسفلي,
واستحقاقه باختصاصه بالملك المطلق, والتصريف المحكم, وأنه يؤتي الملك من يشاء, وينزع
الملك ممن يشاء, ويعز من يشاء, ويذل من يشاء.
* فليس الأمر بأماني أهل الكتاب ولا غيرهم,
بل الأمر أمر الله, والتدبير له.
فليس له معارض في تدبيره, ولا معاون في
تقديره.
* وأنه كما أنه المتصرف بمداولة الأيام بين
الناس, فهو المتصرف بنفس الزمان.
* وقوله "بِيَدِكَ الْخَيْرُ" أي: الخير كله منك, ولا يأتي بالحسنات والخيرات, إلا الله.
* وأما الشر فإنه لا يضاف إلى الله تعالى,
لا وصفا, ولا اسما, ولا فعلا. ولكنه يدخل في مفعولاته, ويندرج في قضائه
وقدره.
* فالخير والشر, كله داخل في القضاء والقدر,
فلا يقع في ملكه إلا ما شاءه.
ولكن الشر لا يضاف إلى الله.
فلا يقال "بيدك الخير والشر" , بل يقال
"بيدك الخير" كما قاله الله, وقاله رسوله
{رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً
طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}[1].
هذه إحدى دعوات زكريا
التي قصّها اللَّه تعالى في كتابه .
تضمّنت هذه الدعوة المباركة فوائد، وحِكَماً،
منها:
1- إنّ جميع الخلق مفتقرون إلى اللَّه، حتى الأنبياء لايستغنون عن دعاء اللَّه تعالى
في كل أحوالهم، دلّ على ذلك قوله تعالى:{دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ}
2- إن من أعظم التوسل إلى اللَّه بالدعاء
هو(اسم (الربّ)؛ لقوله:(ربّه)، ولم يقل (اللَّه)؛ ولهذا أكثر الأدعية مصدرة بـ(الربّ)؛
لأنّ إجابة الداعي من مقتضى الربوبية؛ فلهذا يتوسل الداعي دائماً باسم (الرب)، قال
النبي(يمدّ يديه إلى السماء: يا ربّ، يا ربّ)
3- إنه لاينبغي للإنسان أن يسأل مطلق الذرية؛ لأنّ
الذريّة قد يكونون نكداً وفتنة، وإنّما يسأل الذريّة الطيّبة.
4- إنّ حُسن الظنّ من حسن العبادة، وأنه تعالى يجازي
عبده، ويعطيه على قدر حسن الظنّ به، دلّ عليه قوله تعالى: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا
رَبَّهُ}، حيث أقبل على الدعاء مباشرة لحسن ظنّه بربه تعالى، كما جاء في الحديث القدسي
عن ربّ العزّة والجلال:(أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني)
5- إنّ من تمنى أمراً عظيماً، أو رأى شيئاً جليلاً
يتمناه، أن يقبل على الدعاء في لحظته، ولايؤخره، دل عليه قوله تعالى:{هُنَالِكَ دَعَا}
ففي(تقديم الظرف للإيذان بأنه أقبل على الدعاء من غير تأخير)
6- إنه ينبغي للإنسان أن يفعل الأسباب التي تكون بها
ذريته طيبة، ومنها الدعاء؛ دعاء اللَّه تعالى، وهومن أكبرالأسباب
7- فيه دلالة على
أن الدعاء يردّ القضاء، وذلك أن من الأسباب العادية، أن العقيم والعجوز لاتلد، فلمّا
دعا اللَّه تعالى أن يرزقه الولد، جاءت البشرى مباشرة، كما أفاد قوله تعالى:{فَنَادَتْهُ
المَلائِكَةُ}عقب دعائه مباشرة، دلّ على ذلك بـ(الفاء السببية)، والتي تفيد التعقيب
والترتيب بدون مهلة .
8- إثبات سمع اللَّه، وكرم اللَّه تعالى، وقدرته،
وجه ذلك: أنه يسمع الدعاء، ويجيب من دعاه، وقادرعلى الإجابة.
انتهى
{ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا
مع الشاهدين}
*" رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا
الرَّسُولَ" وهذا التزام تام للإيمان, بكل ما أنزل الله, ولطاعة رسوله.
*"فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ" لك بالوحدانية, ولنبيك بالرسالة, ولدينك بالحق والصدق.
انتهى
{ ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك } عن كل ما لا يليق
بجلالك، بل خلقتها بالحق وللحق، مشتملة على الحق.
{ فقنا عذاب النار} بأن تعصمنا من السيئات، وتوفقنا
للأعمال الصالحات، لننال بذلك النجاة من النار.
ويتضمن ذلك سؤال الجنة، لأنهم إذا وقاهم
الله عذاب النار حصلت لهم الجنة، ولكن لما قام الخوف بقلوبهم، دعوا الله بأهم الأمور
عندهم،{ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته} أي: لحصوله على السخط من الله، ومن ملائكته،
وأوليائه، ووقوع الفضيحة التي لا نجاة منها، ولا منقذ منها، ولهذا قال:{وما للظالمين
من أنصار} ينقذونهم من عذابه، وفيه دلالة على أنهم دخلوها بظلمهم.
.انتهى
{ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن
آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار}
* "رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا
يُنَادِي لِلْإِيمَانِ" وهو محمد صلى الله عليه وسلم, يدعو الناس إليه, ويرغبهم
فيه, في أصوله وفروعه.
*"فَآمَنَّا" أي: أجبناه مبادرة, وسارعنا
إليه.
وفي هذا إخبار منهم بمنة الله عليهم, وتبجح
بنعمته, وتوسل إليه بذلك, أن يغفر ذنوبهم ويكفر سيئاتهم, لأن الحسنات يذهبن السيئات. والذي من عليهم بالإيمان, يمن عليهم بالأمان
التام.
*"وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ"
يتضمن هذا الدعاء, التوفيق لفعل الخير, وترك الشر, الذي به يكون العبد من الأبرار,
والاستمرار عليه, والثبات إلى الممات.
أدعية من القرآن14
{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ
الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ
نَصِيرًا} (75)
ضابط التفاضل بين الانتصار أو العفو: المصلحة
الشرعية.
وأحسن الأدعية أدعية القرآن والسنة، فليدع
المظلوم بمثل قول:( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ
الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ
نَصِيرًا )(75) سورة النساء
والدعاء المذكور في آخره تغليظ، ولعله يفوق
ظلم هؤلاء ـ في ظني على الأقل ـ،على أن ضبط النِّسَب بين قدر الظلم والانتصار لا يخلو
من صعوبة.
والأحسن لو جعلت الدعاء مختصاً "بسبب"
الظلم و"محله"، فالباغي بماله يدعى عليه بالفقر، والباغي بسلطانه يدعى عليه
بفقده، والباغي بقوته يدعى عليه بضد ذلك، وهكذا.
يشهد لذلك قوله تعالى:( فَعَسَى رَبِّي
أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء
فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا )(40) سورة الكهف.
فدعا عليه بفقد ماله، لما كان سبباً في
طغيانه، وقد أشار إلى هذا ابن سعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيره.
ولذا: فإن من تمام عدل الله تعالى أن يعذب
كل باغٍ بما بغى به، جزاءً وفاقاً.
وليتذكر المؤمن فضل الصفح والعفو، وقد قال
الفاروق ـ رضي الله عنه ـ أدركنا خير عيشنا بالصبر، ذكره البخاري، وليستحضر مواقف نبي
الله ، حيث لم ينتقم لنفسه قط، كمافي فتح مكة، وقصة غورث، والأعرابي بسيفه، وغيرها
كثيرٌ جمٌّ.
والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى:{قالا ربنا ظلمنا أنفسنا
و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين}
هذا منهما نهاية التذلل و الابتهال، و لذلك
لم يسألا شيئا و إنما ذكرا حاجتهما إلى المغفرة و الرحمة و تهديد الخسران الدائم المطلق
لهما حتى يشاء الله ما يشاء".
انتهى
{رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ
الظَّالِمِينَ}(1).
هذه دعوة أصحاب الأعراف،(والأعراف: موضع
بين الجنة والنار، يشرف على كل منهما، وليس هو موضع استقرار، وإنما هو موضع أناسٍ تساوت
حسناتهم وسيئاتهم، يمكثون فيه مدة كما يشاء اللَّه، ثم يدخلون الجنة، وفي ذلك حكم نبَّه
اللَّه تعالى عليها...)(2).
فالمؤمن ينبغي له أن يلازم سؤال اللَّه
تعالى ألاّ يجعله مع القوم الظالمين في الدنيا ولا في الآخرة، فينبغي له أن يفارقهم،
ولا يجاورهم في الدنيا، حتى لا يحوطه من العذاب ما يحوطهم، كما قال تعالى:{وَاتَّقُوا
فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّة}
* وحتى لا يكون معهم في الآخرة لما هم فيه من سوء المكان
من العذاب المهين، فالنجاة في الابتعاد عنهم، والتمسك بصراط اللَّه تعالى المستقيم.
{ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللّهِ
تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ
الْفَاتِحِينَ} (89)
"رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ" أي: انصر المظلوم, وصاحب الحق, على الظالم المعاند للحق "وَأَنْتَ
خَيْرُ الْفَاتِحِينَ" وفتحه تعالى لعباده, نوعان.
فتح العلم, بتبيين الحق من الباطل, والهدى
من الضلال, ومن هو المستقيم على الصراط, ممن هو منحرف عنه.
والنوع الثاني: فتحه بالجزاء وإيقاع العقوبة
على الظالمين, والنجاة والإكرام للصالحين.
فسألوا اللّه أن يفتح بينهم وبين قومهم,
بالحق والعدل, وأن يريهم من آياته وعبره, ما يكون فاصلا بين الفريقين.
انتهى
وهذه البشارة، والوعد العظيم الذي لا يتخلف من اللَّه ربّ العالمين لكل مؤمن ومؤمنة إذا وقع في الشدائد والهموم ، فدعا ربه القدير بهذه الدعوة العظيمة بصدقٍ وإخلاصٍ أن ينجيه ويفرج عنه.
أدعية من القرآن 18
(ربنا أفرغ علينا صبرا) أي : عمنا بالصبر
على دينك ، والثبات عليه ،(وتوفنا مسلمين) أي: متابعين لنبيك موسى، عليه السلام .... انتهى
أدعية من القرآن19
{عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ
تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ
الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (86)الأعراف
{فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا} أي: أسلمنا
أمورنا إليه، ورضينا بما كتب علينا من قضائه وقدره الذي كلّه خير. وفي تقديمهم التوكل على سؤالهم، فهذا من
باب التوسّل إليه بأعمالهم الصالحة.
ولا يخفى (في ترتيب الدعاء على التوكل
تلويح بأن حقّ الداعي أن يبني دعاءه على التوكل على اللَّه، فإنه أرجى للإجابة)
{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}:(أي: لا تسلّطهم علينا فيعذبونا حتى يفتنونا عن ديننا، ولا تجعلنا فتنة لهم يفتنون
بنا غيرنا، فيقولون لهم: لو كان هؤلاء على حق لما سُلّطنا عليهم وعذبناهم)
الفوائد:
1- إن الإيمان الصادق يقتضي التوكل على اللَّه تعالى
وحده:{يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا}
2- إن الدعاء لا ينافي التوكل على اللَّه تعالى والتقوي
به، بل هو أدلُّ على التوجه بالتوكل والاعتماد على اللَّه تعالى، والمؤمن لا يتمنّى
البلاء، ولكن يثبت عند اللقاء)(14).
3- أهمية التوسل إلى اللَّه تعالى حال الدعاء، حيث
توسلوا إليه بعملهم الصالح:(عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا)، وتوسلوا إليه باسم من أسمائه
الحسنى (رَبَّنَا)، وصفة من صفاته العلا (برحمتك)(نجنا برحمتك.
4- ينبغي الاستعاذة من الفتن لشدة خطورتها على الدين،
فقد كان يأمر بالاستعاذة منها: (تعوَّذوا باللَّه
من الفتن: ما ظهر منها، وما بطن
وكان يقول
في دعائه قبل السلام:(اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة
المحيا والممات)
أدعية من القرآن20
{رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ
مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ}(47)
"قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي
به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين"
و" قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ
أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ
مِنَ الْخَاسِرِينَ"
فبالمغفرة والرحمة ينجو العبد من أن يكون
من الخاسرين.
ودل هذا, على أن نوحا, عليه السلام, لم
يكن عنده علم, بأن سؤاله لربه, في نجاة ابنه, محرم.
داخل في قوله "وَلَا تُخَاطِبْنِي
فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ" بل, تعارض عنده الأمران, وظن
دخوله في قوله: "وَأَهْلَكَ" .
وبعد هذا, تبين له أنه داخل في المنهي عن
الدعاء لهم, والمراجعة فيهم.
أدعية من القرآن21
{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي
مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا
وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}(يوسف:101)
لما أتم الله ليوسف ما أتم من التمكين في
الأرض والملك وأقر عينه بأبويه وإخوته وبعد العلم العظيم الذي أعطاه الله إياه فقال
مقرا بنعمة الله شاكرا لها داعيا بالثبات على الإسلام " رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي
مِنَ الْمُلْكِ " وذلك أنه كان على خزائن الأرض وتدبيرها ووزيرا كبيرا للملك
" وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ " أي من تأويل أحاديث الكتب
المنزلة وتأويل الرؤيا وغير ذلك من العلم " فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا " أي أدم علي
الإسلام وثبتني عليه حتى تتوفاني عليه, ولم يكن هذا دعاء باستعجال الموت, " وَأَلْحِقْنِي
بِالصَّالِحِينَ " من الأنبياء الأبرار والأصفياء الأخيار.
أدعية من القرآن 22
{رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ
وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء}(38)
رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي
وَمَا نُعْلِنُ " أي: أنت أعلم بنا منا. فنسألك من تدبيرك وتربيتك لنا, أن تيسر
لنا من الأمور التي نعلمها, والتي لا نعلمها, ما هو مقتضى علمك ورحمتك.
" وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ
فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ " ومن ذلك, هذا الدعاء الذي لم يقصد به الخليل إلا
الخير, وكثرة الشكر لله رب العالمين.
أدعية من القرآن23
" رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل
دعاء "
ثم دعا لنفسه ولذريته فقال: " رَبِّ
اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ رَبَّنَا
اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
" .
فاستجاب الله له في ذلك كله, إلا أن دعاءه
لأبيه, إنما كان عن موعدة وعده إياه, فلما تبين له أنه عدو لله, تبرأ منه.
ثم قال تعالى: " وَلَا تَحْسَبَنَّ
اللَّهَ غَافِلًا " إلى "
انتهى
أدعية من24 القرآن
{رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي
مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا} (80)
أي: اجعل مداخلي ومخارجي كلها, في طاعتك, وعلى مرضاتك,
وذلك لتضمنها الإخلاص, وموافقتها الأمر.
"وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا
نَصِيرًا" أي: حجة ظاهرة, وبرهانا قاطعا على جميع ما آتيه, وما أذره.
وهذا أعلى حالة, ينزلها الله العبد, أن
تكون أحواله كلها خيرا, ومقربة له إلى ربه, وأن يكون له - على كل حالة من أحواله -
دليل ظاهر, وذلك متضمن للعلم النافع, والعمل الصالح, للعلم بالمسائل والدلائل.
أدعية من القرآن25
َ{هَبْ لِي مِن
لَّدُنكَ وَلِيًّا} (5)
معنى الدعاء
" وَإِنِّي
خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي " أي: وإني خفت من يتولى على بني إسرائيل من
بعد موتي, أي: لا يقوموا بدينك حق القيام, ولا يدعوا عبادك إليك.
وظاهر هذا, أنه
لم ير فيهم أحدا, فيه لياقة للإمامة في الدين.
وهذا فيه شفقة
زكريا عليه السلام, ونصحه.
وأن طلبه للولد,
ليس كطلب غيره, قصده مجرد المصلحة الدنيوية, وإنما قصده, مصلحة الدين, والخوف من ضياعه,
ورأي غيره, غير صالح لذلك.
وكان بيته من
البيوت المشهورة في الدين, ومعدن الرسالة, ومظنة للخير.
فدعا الله أن
يرزقه ولدا, يقوم بالدين من بعده.
واشتكى أن امرأته
عاقر, أي ليست تلد أصلا, وأنه قد بلغ من الكبر عتيا, أي: عمرا يندر معه وجود الشهوة
والولد.
" فَهَبْ
لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا " وهذه الولاية, ولاية الدين, وميراث النبوة والعلم
والعمل.
أدعية من القرآن26
" قال رب اشرح لي
صدري "
" رَبِّ
اشْرَحْ لِي صَدْرِي " أي:
وسعه وأفسحه, لأتحمل الأذى
القولي والفعلي, ولا يتكدر قلبي بذلك, ولا يضيق صدري, فإن الصدر إذا ضاق, لم يصلح صاحبه
لهداية الخلق, ودعوتهم.
قال الله لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ
كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ " وعسى الخلق يقبلون
الحق مع اللين وسعة الصدر وانشراحه عليهم.
" ويسر لي أمري "
" وَيَسِّرْ
لِي أَمْرِي " أي: سهل علي أمر أسلكه وكل طريق أقصده في سبيلك, وهون علي ما أمامي
من الشدائد.
ومن تيسير الأمر,
أن ييسر للداعي, أن يأتي جميع الأمور من أبوابها, ويخاطب كل أحد بما يناسب له, ويدعوه
بأقرب الطرق الموصلة إلى قبول قوله.
" واحلل
عقدة من لساني "
" وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ
لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي " وكان في لسانه ثقل لا يكاد يفهم عنه الكلام, كما
قال المفسرون, وكما قال الله عنه أنه قال: " وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي
لِسَانًا " فسأل الله أن يحل منه عقدة, يفقهوا ما يقول فيحصل المقصود التام من
المخاطبة, والمراجعة, والبيان عن المعاني
أدعية من القرآن(28)
{فاستجبنا له فكشفنا ما
به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين}
أي: واذكر عبدنا ورسولنا,
أيوب, مثنيا معظما له, رافعا لقدره, حين ابتلاه, ببلاء شديد, فوجده صابرا راضيا
عنه. وذلك أن الشيطان سلط على جسده, ابتلاء من الله,
وامتحانا فنفخ في جسده,
فتقرح قروحا عظيمة ومكث مدة طويلة, واشتد به البلاء, ومات أهله, وذهب ماله, فنادى
ربه قائلا رب " أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ".
أدعية من القرآن(29)
وهذه البشارة، والوعد العظيم الذي لا يتخلف من اللَّه ربّ العالمين لكل مؤمن ومؤمنة إذا وقع في الشدائد والهموم ، فدعا ربه القدير بهذه الدعوة العظيمة بصدقٍ وإخلاصٍ أن ينجيه ويفرج عنه.
وجاءت هذه البشارة
كذلك عن سيد الأولين والآخرين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: (دَعْوَةُ ذِي
النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ:(لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ
الظَّالِمِينَ) فَإِنَّهُ
لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ
لَهُ) صححه
الألباني في صحيح الترمذي.
أدعية من القرآن (30)
﴿رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً﴾ دعا ربه دعاءً خفياً منيباً قائلاً: ربي لا تتركني
وحيداً بلا ولد ولا وارث.
﴿وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾: أي أنت خير من يبقى
بعد كل من يموت، فيه مدح له تعالى بالبقاء، وإشارة إلى فناء من سواه من الأحياء، وفي
ذلك استمطار لسحائب لطفه عز وجل توسّل إليه بما يناسب.....انتهى
معلمتي أم المنتصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق