الثلاثاء، 30 يونيو 2015

كيف تُصلح حالك؟


هلُمَ إلى الدخول على الله و مجاورته في دار السَّلام؛ بال نَصب و لا تعب و لا عناء، بل من أقرب الطُرُق و أسهلِها، و ذلك أنك في وقت بين وقتين، و هو في الحقيقة عمرُك، و هو وقتك الحاضرْ بين ما مضى و ما يُستقبل؛ فالذي مضى نُصلحه بالتوبة و النَّدم و الاستغفار، و ذلك شيء لا تعب عليك فيه و لا نصب و لا معاناة عمل شاق، إنما هو عمل القلب، و تَمْتَنِع فيما تستقبل من الذنوب، و امتناعك ترك و راحة، ليس هو عملاً بالجوارح يشًق عليك معاناتُه، و إنما هو عزم و نِية جازمة تريحُ بدنَّك و قلبك و سرَّك، فما مضى تصلحه بالتوبة و ما يستقبل تصلِحُهُ بالامتناع و العزم و النِّية.

* أهمية الوقت :
و ليس للجوارح في هذين نصب و لا تعب، و لكن الشأن في عمرك، و هو وقتك الذي بين الوقتين، فإنْ أضعتَه أضعتَ سعادتَك و نجاتك، و إنْ حفظتَه مع إصلاح الوقتين اللذين قبله و بعده بما ذُكر نجوت و فزت بالراحة و اللذة و النعيم.
و حِفظه أشق من إصلاح ما قِبله و ما بعده، فإن حِفظه أن تُلزم نفسك بما هو أولى بها و أنفع لها و أعظم تحصيلاً لسعادتها.

* الأيام زادُك:
و في هذا تفاوَتَ الناس أعظم تفاوت؛ فهي و الله أيامك الخالية التي تجمع فيها الزاد لمعادِك، إما إلى الجنة و إما إلى النار:
فإن اتخذت إليها سبيلاً إلى ربِّك؛ بلغْت السعادة العظمى و الفوز الأكبر في هذه المدة اليسيرة التي لا نسبة لها إلى الأبد.


و إنْ آثرْتَ الشهوات و الرَّاحات و اللهو و اللعب؛ انقضت عنك بسرعة، و أعقبتْكَ الألم العظيم الدائم، الذي مُقاساته و معاناته أشق و أصعب و أدوم من معاناة الصبر عن محارم الله، و الصبر على طاعته و مخالفتِه الهوى لأجلِهِ.

من كتاب فوائد الفوائد لابن القيم الجوزية رحمه الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق