الأربعاء، 17 يونيو 2015

يا باغي الخير أقبل


يقول ابن رجب رحمه الله:« وجعَل الله سبحانه وتعالى لبعض الشُّهور فضلاً على بعض» كما قال تعالى:﴿ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾[التوبة: 36]، وقال تعالى:﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾[البقرة: 197]، وقال تعالى:﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة185].
 يعني الله عز و جل كما جعل بعض الأيام و الليالي،أفضل من بعض، و جعل ليلة القدر خيرًا من ألف شهر، و أقسم بالعشر و هي عشر ذي الحجة على الصحيح و ما في هذه المواسم الفاضلة موسم إلا و لله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعته و فيه لطيفة من لطائف نفحاته يصيب بها من يعود بفضله و رحمته».

يقول ابن رجب رحمه الله:«فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور و الأيام و الساعات و اقترب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات
و في الطبراني من حديث محمد بن مسلمة مرفوعًا في صحيح الجامع :«إن لله في أيام الدهر نفحات ، فتعرضوا لها ، فلعل أحدكم أن تصيبه نفحتًا فلا يشقى بعدها أبدًا»

العاجز من تهاون بهذه الأيام و تهاون باستقبال هذه الأيام ، المؤمن يفرح بمواسم الخير و يتكلم عنها، يستعد لها ، و الله عز و جل ينظر إليك و أنت تستعدين لهذه المواسم، هذا دليل على اهتمامك ، على حبك لها.
و في مسند لإمام أحمد عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:«ليس من عمل اليوم إلا يختم عليه»
كيف يعني؟؟؟
يقول مجاهد رحمه الله:« مَا مِنْ يَوْمٍ إِلا يَقُولُ : ابْنَ آدَمَ ، قَدْ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْيَوْمَ وَلَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ بَعْدَ الْيَوْمِ ، فَانْظُرْ مَاذَا تَعْمَلُ فِيَّ ، فَإِذَا انْقَضَى طَوَاهُ ، ثُمَّ يُخْتَمُ عَلَيْهِ ، فَلا يُفَكُّ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يَفِضُّ ذَلِكَ الْخَاتَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَيَقُولُ الْيَوْمُ حِينَ يَنْقَضِيَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرَاحَنِي مِنَ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا ، وَلا لَيْلَةٌ تَدْخُلُ عَلَى النَّاسِ إِلا قَالَتْ كَذَلِكَ»
و عن عمر بن ذر رحمه الله أنه كان يقول:« اعْمَلُوا لأَنْفُسِكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ فِي هَذَا اللَّيْلِ وَسَوَادِهِ ، فَإِنَّ الْمَغْبُونَ مَنْ غُبِنَ خَيْرَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَالْمَحْرُومَ مَنْ حُرِمَ خَيْرُهُمَا ، إِنَّمَا جُعِلا سَبِيلا لِلْمُؤْمِنِينَ إِلَى طَاعَةِ رَبِّهِمْ ، وَوَبَالا عَلَى الآخَرِينَ لِلْغَفْلَةِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَأَحْيُوا لِلَّهِ أَنْفُسَكُمْ بِذِكْرِهِ ، فَإِنَّمَا تَحْيَا الْقُلُوبُ بِذِكْرِ اللَّهِ».
«وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ»[فصلت 35]

بعض الناس تجعل من مواسم الطاعات مرتعًا لنيل الملذات بكل أنواعها و هو مرتع وخيم على صاحبه، إذا به يخرج من الشهر كما دخل بل أفسد، و تزداد المسافة بينه و بين حقيقة قصد الآخرة و تتكاثف عليه غيوم الشهوات التي تحول بينه و بين الوصول إلى ربه.

معلمتي أم المنتصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق