يقول ابن رجب رحمه الله:« وجعَل الله سبحانه
وتعالى لبعض الشُّهور فضلاً على بعض» كما قال تعالى:﴿ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ
الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾[التوبة: 36]، وقال
تعالى:﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾[البقرة: 197]، وقال تعالى:﴿شَهْرُ رَمَضَانَ
الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة185].
يعني الله عز و جل كما جعل بعض الأيام و الليالي،أفضل
من بعض، و جعل ليلة القدر خيرًا من ألف شهر، و أقسم بالعشر و هي عشر ذي الحجة على الصحيح
و ما في هذه المواسم الفاضلة موسم إلا و لله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعته و فيه
لطيفة من لطائف نفحاته يصيب بها من يعود بفضله و رحمته».
يقول ابن رجب رحمه الله:«فالسعيد من اغتنم
مواسم الشهور و الأيام و الساعات و اقترب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات.»
و في الطبراني من حديث محمد بن مسلمة مرفوعًا
في صحيح الجامع :«إن لله في أيام الدهر نفحات ، فتعرضوا لها ، فلعل أحدكم أن تصيبه
نفحتًا فلا يشقى بعدها أبدًا»
العاجز من تهاون بهذه الأيام و تهاون باستقبال
هذه الأيام ، المؤمن يفرح بمواسم الخير و يتكلم عنها، يستعد لها ، و الله عز و جل ينظر
إليك و أنت تستعدين لهذه المواسم، هذا دليل على اهتمامك ، على حبك لها.
و في مسند لإمام أحمد عن عقبة بن عامر عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال:«ليس من عمل اليوم إلا يختم عليه»
كيف يعني؟؟؟
يقول مجاهد رحمه الله:« مَا مِنْ يَوْمٍ
إِلا يَقُولُ : ابْنَ آدَمَ ، قَدْ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْيَوْمَ وَلَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ
بَعْدَ الْيَوْمِ ، فَانْظُرْ مَاذَا تَعْمَلُ فِيَّ ، فَإِذَا انْقَضَى طَوَاهُ ،
ثُمَّ يُخْتَمُ عَلَيْهِ ، فَلا يُفَكُّ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يَفِضُّ
ذَلِكَ الْخَاتَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَيَقُولُ الْيَوْمُ حِينَ يَنْقَضِيَ : الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي أَرَاحَنِي مِنَ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا ، وَلا لَيْلَةٌ تَدْخُلُ
عَلَى النَّاسِ إِلا قَالَتْ كَذَلِكَ»
و عن عمر بن ذر رحمه الله أنه كان يقول:«
اعْمَلُوا لأَنْفُسِكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ فِي هَذَا اللَّيْلِ وَسَوَادِهِ ، فَإِنَّ
الْمَغْبُونَ مَنْ غُبِنَ خَيْرَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَالْمَحْرُومَ مَنْ حُرِمَ
خَيْرُهُمَا ، إِنَّمَا جُعِلا سَبِيلا لِلْمُؤْمِنِينَ إِلَى طَاعَةِ رَبِّهِمْ ،
وَوَبَالا عَلَى الآخَرِينَ لِلْغَفْلَةِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَأَحْيُوا لِلَّهِ أَنْفُسَكُمْ
بِذِكْرِهِ ، فَإِنَّمَا تَحْيَا الْقُلُوبُ بِذِكْرِ اللَّهِ».
«وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا
يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ»[فصلت 35]
بعض الناس تجعل من مواسم الطاعات مرتعًا
لنيل الملذات بكل أنواعها و هو مرتع وخيم على صاحبه، إذا به يخرج من الشهر كما دخل
بل أفسد، و تزداد المسافة بينه و بين حقيقة قصد الآخرة و تتكاثف عليه غيوم الشهوات
التي تحول بينه و بين الوصول إلى ربه.
معلمتي أم المنتصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق