ذو القعدة ؛ أول الأشهر الحُرُم المتتالية
.. مقتطفات لشيخنا العلامة ابن عثيمين – رحمه الله - عن مسائل في الأشهر الحُرُم
.
مقتطف(1)
ونحن نستقبل شهر ذو القعدة ؛ أحد الأشهر
الحرم التي نصَّ الله عليها في كتابه العزيز؛ فقال تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ
عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾ [ التوبة: 36
].
هذه الأربعة الحُرُم
بيَّنها النبي صلى الله عليه و سلم بأنها ثلاثة متوالية، وواحد منفرد؛ أمَّا الثلاثة
المتوالية:
فإنها: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وأما المنفرد فهو رجب
كانت هذه الأشهر الثلاثة حُرُمًا؛ لأن الناس
يقصدون فيها بيت الله - عزَّ وجلَّ - :
*فذو القعدة والمحرم للسفر إلى البيت
.
*وذو الحجة لأداء مشاعر الحج
.
ولهذا كانت حُرُمًا يحرُمُ القتال فيها وتخص بعناية في تجنب ظلم النفس؛ ولهذا قال:﴿فَلَا تَظْلِمُوا
فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36].
مقتطف(2)
سئل الشيخ العثيمين – رحمه الله
–
هل العبادة في الأشهر الحرم الأجر فيها
مضاعف عن بقية الشهور الأخرى؟
فكان جوابه :
قال الله تبارك وتعالى : ﴿ إِنَّ عِدَّةَ
الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا
تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36].
قال أهل العلم: الضمير في قوله: ﴿ فَلَا
تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ يعود على الأشهر الحرم.
فإذا كان قد نُهي عن ظلم النفس بخصوص هذه
الأشهر؛ دلَّ ذلك على أن العمل الصالح فيهنَّ أفضل.
ومن العبارات المشهورة عند العلماء؛ قولهم:
"تضاعف الحسنة في كل زمان ومكان فاضل".
فأرجو أن تكون الطاعة في الأشهر الحرم مضاعفة؛
كما أن المعصية في الأشهر الحرم أشد وأعظم.
مقتطف(3)
وسئل الشيخ العثيمين – رحمه الله
–
هل ارتكاب المعاصي في الأشهر الحرم ذنبها
أعظم؟
فكان جوابه :
هذا ينبني على قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَظْلِمُوا
فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾.
هل الضمير فيهن يعود على الأشهر الحرم أو
يعود على الاثنى عشر شهرًا؟
وفيها خلاف؛ لـكن لاشك أن الذنوب في الأشهر
الحُرُم أعظم؛ لأنَّ الضمير سواء قلنا عائد على الجميع أو عليهنَّ يدلُّ على تأكيد
النهي عن الظلم في هذه الأشهر الأربعة .
وللعلماء قاعدة في هذه المسألة يقولون:
"تضاعف الحسنات والسيئات في كلِّ زمان ومكان فاضل". { انتهى كلام الشيخ
}
مقتطف(4)
اتماماً للفائدة :
انقل لكم ما قاله ابن كثير – رحمه الله
– وكذا قول القرطبي في التفسير :
قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسيره
:
(فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)
أي في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكد، وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في
البلد الحرام تضاعف، لقوله تعالى:(وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ
مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحج:25] .
وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام
.
وقال القرطبي – رحمه الله
– :
- لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب
- لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة
صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة
- فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء، كما يضاعف
الثواب بالعمل الصالح .
- فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد
الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام
.
- ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام
ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال .
وقد أشار الله إلى هذا بقوله: (يَا نِسَاءَ
النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ
ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) [الأحزاب:30]
.....والله أعلم ،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق