الاثنين، 17 أغسطس 2015

مفاتيح " تربى بأحسن القصص "قصة أصحاب السبت و " قصة طالوت وجالوت"



المفتاح (19) " تربى بأحسن القصص" 
ما هي القصة التي سوف نترى بها ؟
قصة أصحاب السبت
قال سبحانه وتعالى:(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ) [البقرة:65، 66]
هل نضع فائدة جانبية لهذه القصة ؟
فائدة الحلال كثير والحرام قليل. فالله تعالى أباح لهم الصيد ستة أيام, ومنعهم من الصيد يوم واحدا فقط .
ما أهم الفوائد المستنبطة من القصة ؟
1 - هذه القصة توبيخ لبني إسرائيل في عهد النبي صلي الله عليه وسلم لأنهم يفعلون مثل ما فعل أولئك من التحايل علي أمر الله وعدم الالتزام بشرعه , وهذا الفعل موجود في كل زمان ومكان .
ما حكم التحايل على أمر الله ؟
يحرم التحايل على حدود الله كما يحرم انتهاك حدود الله، والتحايل أعظم، فإن بني إسرائيل لما فعلوا الحرام لم يقع عليهم المسخ، وإنما العقوبات الحسية والمعنوية، كما قال سبحانه: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا [160]} [النساء: 160].

ولما وقع منهم التحايل على صيد السمك يوم السبت مسخهم الجبار جل جلاله قردة وخنازير، كما قال سبحانه في عقوبة احتيالهم على ما حرم الله:{فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ [166]} [الأعراف: 166].


يقول عليه الصلاة والسلام:«قاتَلَ الله اليَهودَ؛ حُرِّمتْ عليهم الشحومُ فجملُوهَا فَباعُوها» متفق عليه.
قال الإمام الخطابيّ رحمه الله:«وفي هذا الحديثِ بيان بطلان كلِّ حيلة يُحتال بها للتوصّل بها إلى المحرّم، وأنّه لا يتغير حكمه بتغيّر هيئته وتبديل اسمه» انتهى كلامه رحمه الله.
قال سفيان : جملوها ، يعني أذابوها .
 المفتاح (20)" تربى بأحسن القصص " 
(وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)
هل القصة تحذر من السكوت على المنكر ؟
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في أناس يجلسون في المسجد على مصاحفهم يقرءون ويبكون، ولكنهم إذا رأوا المعروف لم يأمروا به، وإذا رأوا المنكر لم ينهوا عنه،
قال: "إنهم من العمي البكم".
ويشهد لهذا ما جاء عن بعض السلف: أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق.
إلى كم قسم أنقسم أهل القرية ؟
انقسم أهل القرية إلى فريقين:

الفريق الأول: هم الصالحون الدعاة، قاموا بواجبهم في الدعوة إلى الله، وأنكروا على المتحايلين على أوامر الله، وصيدهم يوم السبت.
الفريق الثاني: هم الساكتون، سكتوا عن عدوان المعتدين، وتوجهوا باللوم والإنكار على الصالحين الدعاة، بحجة أنه لا فائدة، من نصح ووعظ قوم هالكين معذبين.

(وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا) عندها أجاب المصلحون بأن هدفهم من الإنكار، هو العذر أمام الله عز وجل، وأداء الواجب، سواءً استجاب الأخر أم لم يستجب، ثم لعل القوم المعتدين يتقون، وتؤثر فيهم النصيحة (قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).
المفتاح(21) " تربى بأحسن القصص "
21- ما هي قصتنا في لهذا اليوم ؟
طالوت وجالوت
وسوف نذكر القصة كاملة ثم نستنبط كيف نتربى بمعانيها .
الآيات:(ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين)(246)
القصة كاملة :
أ- تشير لقصة وقعت لبني إسرائيل في حياتهم في الأرض المقدسة، كانوا مهزومين أمام أعدائهم، وقد سلب أعداؤهم منهم التابوت الذي فيه سكينة من الله وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون، وقد شعر القوم بالذل و الهزيمة، فأرادوا أن يغيروا واقعهم الذليل وأن يبدلوا ذلهم عزة، وهزيمتهم نصراً، وعلموا أن السبيل الوحيد لذلك هو الجهاد في سبيل الله.
ب- وكانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما مات نبي خلفه نبي، ولا شك أن شدة الذل والاستضعاف يولد في النهاية التحدي، وإرادة التغلب والإنقاذ من هذه الورطة التي يعيش فيها المستضعفون، وهذا النبي الذي لا نعلم اسمه كان معهم في فترة الاستضعاف، وليس من المهم معرفة اسمه ولذلك أبهم في الكتاب العزيز
ج- كان النبي يعلم طبيعتهم المائعة، وهمتهم الرخوة، وأنهم لو أمروا بالقتال فسوف يرتدون عنه، ويقعدون،
هم طمأنوا نبيهم أنهم سوف يقاتلون ولا يتخلفون، وإنما فقط الذي يمنعهم من عدم الجهاد هو عدم وجود ملك، فلو وجد ملك سيسارعون للقتال،
جاء الوحي من الله تعالى بأن الملك الذي عينه الله لقيادتهم في الجهاد هو طالوت، وأنه هو الذي سيقودهم إلى النصر والعزة وتحرير أرضهم من المغتصبين، لكن هؤلاء القوم لم يتخلصوا من حب الدنيا أبداً، ولذلك في أول اختبار بمجرد أن أعلمهم باسم الملك الذي سيقودهم قالوا: أنى يكون له الملك علينا؟ اعتراض أولي وفوري، اعتراض على اسم القائد، لماذا فلان؟ بدلاً من أن يسلموا لأمر الله .
المفتاح (22) " تربى بأحسن القصص "
22- ماذا نستنبط من الفوائد ؟
قال تعالى "إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا"
لابد من تصحيح النية بأن تكون خالصة لله، وإلاَّ فمن أوائل من تسعر بهم النار رجل قاتل حتّى قُتل، يُؤتى به يوم القيامة، ويعرفه الله نعمه فيعرفها ويُسئل ما عملت فيها فيقول: يا رب، قاتلت في سبيلك حتَّى قُتلت، فيُقال له: كذبت، ولكن ليقال عنك أنك شهيد، وقد قيل .
كيف تحقق الإخلاص لله في عملك ؟
1- محاسبة نفسك، فتنظر في باعث العمل قبل إتيانه، وقد قيل لنافع بن جبير: ألا تشهد الجنازة؟ قال: كما أنت حتى أنوي، قال: ففكّر هنيّة ثم قال: امضِ.
2- تربية نفسك، فيكون بينك وبين ربك أسرار، من صلاة وصيام وصدقة وإحسان وذكر وعلم ونحو ذلك، وكلما كثرت أعمالك الصالحة كان أدعى للإخلاص.
3- أن تعلم أنّ كل خير فيك، فهو فضل الله وإحسانه ومنّته عليك،
4- مطالعة عيوبك وآفاتك وتقصيرك في طاعة الله تبارك وتعالى، وما يقوي أقوالك وأعمالك من حظ نفسك ونصيب الشيطان،
5- تفكّر في عواقب الرياء الدنيوية، وأن الدنيا فانية زائلة ليست باقية , فإذا رأيت نفسك تطلب الدنيا، فاعلم أن الدنيا سوف تهرب منك، ولو بعد حين،
6- صاحب من تراه مخلصاً، فالمخلص لا يعدمك من إخلاصه شيء، بل سيكون له تأثير كبير محمود بإذن الله تبارك وتعالى.
7- احرص على إخفاء العبادة وإسرارها، فهو أحرى ألا يخالطها الرياء، وفيها تربية لنفسك على التواضع والخمول المحمود

8- استشعر عظمة الله تعالى_، فهو الذي ينفع ويضر وحده، فوجب إفراده بالعبادة، تعرّف على أسمائه وصفاته جل وعلا_، واعلم أنه سميع بصير، يراك ويسمعك، يعلم ما تخفي وما تعلن،


المفتاح (23) " تربى بأحسن القصص " .
قال تعالى:﴿ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا )
ماذا نأخذ من هذه الآية ؟
النبيُّ يُحذِّر مِن فورة الحماس: لم يتسرَّع النبيُّ في إجابة قومه إلى القتال؛ لأن مَعرفته بهم
 وهم شَعبٌ غليظ ناكث للعهود والمواثيق – جعلته يحذّرهم مِن العواطف الفائرة.
﴿ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ﴾؟ لكنّهم أبدوا استِمساكًا بقرار الحرب، وساقوا حُجَجًا تُظهر العزيمة وتدحض التردُّد:﴿ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ﴾ [البقرة: 246].
رابط الموضوع

علو الهمة متى يكون ممدوح و متى يكون مذموم ؟
أ- علو الهمة يكون ممدوح إذا كان في طاعة الله, قال تعالى:( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) الأنبياء/ 90 .
 ب - علو الهمة يكون مذموم في المسابقة لمعصية الله,(ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ( 83 ) فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا ( 84 ) )
ما أهم الأسباب لرفع الهمة لطاعة الله ؟
1- العلم والبصيرة :
فالعلم يصعد بالهمة ، ويرفع طالبه عن حضيض التقليد ويصفّي النية  والعلم يورث صاحبه الفقه بمراتب الأعمال ، فيتّقي فضول المباحات التي تشغله عن التعبد ، كفضول الأكل والنوم والكلام .
2- إرادة الآخرة وجعل الهموم هماً واحداً:
قال تعالى:( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ) ،
3- كثرة ذكر الموت : لأنه يدفع إلى العمل للآخرة والتجافي عن دار الغرور ، ومحاسبة

النفس وتجديد التوبة، وإيقاظ العزم على الاستقامة ،
4- المبادرة والمداومة في كل الظروف:
قال تعالى:( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) فكبير الهمة يبادر ويبادئ في أقسى الظروف حمايةً لهمته من أن تهدم. 
5- الدعاء: 
لأنه سنة الأنبياء وجالب كل خير .
6- التحول عن البيئة المثبطة:
إن للبيئة المحيطة بالإنسان أثراً جسيماً لا يخفى ، فإذا كانت البيئة مثبطة داعية إلى الكسل والخمول وإيثار الدون ، فإن على المرء هجرها إلى حيث تعلو همته،

7- صحبة أولى الهمم العالية:
ومطالعة أخبارهم، فالطيور على أشكالها تقع وكل قرين بالمقارن يقتدي، وإن العبد ليستمد من لحظ الصالحين قبل لفظهم، لأن رؤيتهم تذكر بالله عز وجل، وكان الإمام أحمد(إذا بلغه عن شخص صلاح أو زهد أو قيام بحق أو اتباع أمر، سأل عنه وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة، وأحب أن يعرف أحواله )
 المفتاح (24)" تربى بأحسن القصص
ما الفوائد من الآية
 أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ [البقرة:247].
1 – ما موقف المؤمن من أمر الله تعالى ونهيه و قدره ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :لابد لكل مؤمن في سائر أحواله من ثلاثة أشياء‏:‏ 
أمر يمتثله‏.‏ ونهي يجتنبه‏. وقدر يرضي به‏.‏ 
فأقل حالة لا يخلو المؤمن فيها من أحد هذه الأشياء الثلاثة، فينبغي له أن يلزم بها قلبه، ويحدث بها نفسه، ويأخذ بها الجوارح في كل أحواله‏.‏ 
ومطابق لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏‏إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ‏}‏‏[‏يوسف‏:‏ 90‏]‏، ولقوله تعالى‏:‏{‏‏وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا‏}‏‏‏[‏آل عمران‏:‏ 120‏]‏
ولقوله تعالى‏:‏{‏‏وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ‏}‏‏[‏آل عمران‏:‏ 186‏]‏؛ 
فإن ‏[‏التقوى‏]‏ تتضمن‏:‏ فعل المأمور، وترك المحظور، 
و‏[‏الصبر‏]‏ يتضمن‏:‏ الصبر على المقدور‏.‏
فالثلاثة ترجع إلى هذين الأصلين، والثلاثة في الحقيقة ترجع إلى امتثال الأمر، وهو طاعة اللّه ورسوله‏.
فحقيقة الأمر أن كل عبد فإنه محتاج في كل وقت إلى طاعة اللّه ورسوله، وهو‏:‏
أن يفعل في ذلك الوقت ما أمر به في ذلك الوقت وطاعة اللّه ورسوله هي‏:‏
عبادة اللّه التي خلق لها الجن والإنس، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ‏}‏‏ ‏[‏الذاريات‏:‏ 56‏]‏،
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏}‏‏ ‏[‏الحجر‏:‏ 99‏]‏،
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏}‏‏[‏البقرة‏:‏ 21‏]. مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء العاشر. باختصار .
ما معنى الإسلام ؟ 
الإسلام في اللغة: الانقياد والإذعان، يقال: أسلم لله: إذا انقاد وأذعن وأطاع له, وهذا المعنى كان معروفاً عند العرب قبل ظهور الإسلام ذاته,
فالتسليم لله: هو الانقياد والإذعان لله بامتثال أمره واجتناب نهيه من جميع الجهات، يعني إذعان القلب وانقياده بالاعتقاد والقصد، وإذعان اللسان وانقياده بالإقرار، وإذعان الجوارح وانقيادها بالعمل.
فالتسليم إذاً هو روح الإسلام، بل هو الإسلام نفسه، يقول الله -سبحانه وتعالى- عن إبراهيم -عليه السلام-:(إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [البقرة:131].
المفتاح (25) " تربى بأحسن القصص "
هل هناك اختبار آخر لهؤلاء القوم ؟
 لقد خرج طالوت بقومه للقتال واختباره لهم : 
ولما جاءت الآية سلم القوم مكرهين ووافقوا على تملك طالوت، وتسلم الملك والسلطان، وعبأ قومه للقتال وجهزهم لمحاربة الأعداء، ولما خرج بهم للمعركة الفاصلة أراد أن يختبر حماستهم وطاعتهم،
ما هو الاختبار ؟
لأنه لا بد قبل المعركة من اختبارات للتأكد من حماسة الجند واستعداداتهم للمواجهة، لا بد من اختبارات صغيرة قبل الاختبار الكبير، فلما فصل بهم وغادر البنيان والعمران قال: إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ [البقرة:249] فعندما تمرون عليه لا تشربوا منه، فمن خالف أمري فليذهب عني وليس من جيشي ولا يتبعني؛ لأنه ليس جندياً يستحق أن يكون في هذا الجيش، لكن الذي لم يشرب والتزم الأمر وأطاع فإنه يبقى معي ويقاتل.
كيف خفف عنهم في اختبارهم ؟
أراد أن يجعل فرجة وفسحة في الأمر لأن في القوم عطشى قال: إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ [البقرة:249] يبل بها فمه ويطفئ عطشه، ولما وصلوا النهر عصوا طالوت وشربوا منه إلا قليلاً منهم التزموا الأمر وأطاعوه.

ما حكم قول " اللهم إني لا اسألك رد القضاء ولكن اسألك اللطف فيه"؟
سئل الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى

عن هذه العبارة كما في " نور على الدرب " ش. (290)
كثير من الناس يقولون: ( اللهم إننا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه )ما الحكم في ذلك جزاكم الله خيرا؟
الجواب:لا نرى الدعاء هذا ، بل نرى أنه محرم، وأنه أعظم من قول الرسول عليه الصلاة والسلام:
( لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت)(1)، وذلك لأن الدعاء مما يرد الله به القضاء ،
كما جاء في الحديث:( لا يرد القضاء إلا الدعاء)(2).
والله عز وجل يقضي الشيء، ثم يجعل له موانع فيكون قاضيا بالشيء، وقاضيا بأن هذا الرجل يدعو فيرد القضاء، والذي يرد القضاء هو الله عز وجل،
فمثلا الإنسان المريض، هل يقول اللهم إني لا أسألك الشفاء ولكني أسألك أن تهون المرض؟!! لا، بل يقول: اللهم إنانسألك الشفاء فيجزم بطلب المحبوب إليه دون أن يقول: يا رب أبق ما أكره لكن الطف بي فيه، خطأ، هل الله عز وجل إلا أكرم الأكرمين وأجود الأجودين ، وهو القادر على أن يرد عنك ما كان أراده أوّلا بسبب دعائك، فلهذا نحن نرى أن هذه العبارة محرمة، وأن الواجب أن يقول: اللهم إني أسألك أن تعافيني، أن تشفيني، أن ترد علي غائبي وما أشبه ذلك]. 

 المفتاح(26)" تربى بأحسن القصص "
قوله تعالى: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً [البقرة:250]
 ماذا نستفيد من هذه الآية ؟
 طلبوا من الله أن يفرغ عليهم الصبر أي: يغمرهم به من فوقهم؛ فتستقر قلوبهم ولا تقلق، وأن يثبت أقدامهم من الأسفل، أفرغ علينا صبراً من فوقنا، يعني: أنزله علينا كثيراً عامراً كما يفرغ الإنسان الإناء كله:"أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا"[البقرة:250] فسألوا الله تثبيت الظاهر والباطن، فإذاً إذا جاء الصبر من فوق، وثبات الأقدام من الأسفل جاء النصر.
 لماذا أمرنا ربنا بخفض الصوت في الدعاء ؟
1- أنه أعظم إيمانا لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع الدعاء الخفي.
2- أنه أعظم في الأدب والتعظيم لأن الملوك لا ترفع الأصوات عندهم , ولله المثل الأعلى فإذا كان يسمع الدعاء الخفي فلا يليق بالأدب بين يديه إلا خفض الصوت به.
3- أنه أبلغ في التضرع والخشوع الذي هو روح الدعاء ولبه فينكسر لسانه فلا يطاوعه بالنطق وقلبه يسأل طالبا مبتهلا ولسانه لشدة ذلته ساكتا وهذه الحال لا تأتى مع رفع الصوت بالدعاء أصلا.
4- أنه أبلغ في الإخلاص.
5- أنه أبلغ في جمع القلب على الذلة في الدعاء
6- أنه دال على قرب صاحبه للقريب لا مسألة نداء البعيد للبعيد ولهذا أثنى الله على عبده زكريا بقوله عز وجل:" إذ نادى ربه نداء خفيا " فلما استحضر القلب قرب الله عز وجل وأنه أقرب إليه من كل قريب أخفى دعاءه ما أمكنه وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى المعنى بعينه بقوله  في الحديث الصحيح لما رفع الصحابة أصواتهم بالتكبير وهم معه في السفر فقال:  "أربعواعلى أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا أنكم تدعون سميعا قريبا أقرب إلى أحدكم من عنق , وقوله تعالى:" ادعوا ربكم تضرعا وخفية " فيه الإرشاد والإعلام بهذا القرب.
7- أنه ادعى إلى دوام الطلب والسؤال فإن اللسان لا يمل والجوارح لا تتعب بخلاف ما إذا رفع صوته فإنه قد يمل اللسان وتضعف قواه
8-أن إخفاء الدعاء أبعد له من القواطع والمشوشات ، فإن الداعي إذا أخفى دعاءه لم يدر به أحد فلا يحصل على هذا تشويش ولا غيره
9- أن الدعاء هو ذكر للمدعو سبحانه وتعالى متضمن للطلب والثناء عليه بأوصافه وأسمائه فهوذكر وزيادة كما أن الذكر سمى دعاء لتضمنه للطلب
 قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أفضل الدعاء الحمد"
المصدر: مجموع الفتاوى 15/ 16-18
 المفتاح(27) " تربى بأحسن القصص " .
قوله تعالى:   فَهَزَمُوهُمْ  بِإِذْنِ اللَّهِ  [البقرة:251]
 ما معناها ؟
يعني: ليس بقوتهم ولا بعددهم، وإنما بإذن الله فهو الذي شجع القليلين وخذل الكثيرين
كيف نتربى بهذه الآية ؟
عند وجود الفئة المؤمنة الصابرة تنقلب موازين القوى:
ففي قصة طالوت، كانت نهاية جالوت الكافر المعاند على يد داود، وكان غلامًا صغير السن، وقد قتله بالمقلاع، وفي غزوة بدر كانت نهاية أبي جهل رأس الكفر والعناد وهلاكُه على يد غلامين صغيرين؛ روى ابن هشام في السيرة: "قال معاذ بن عمرو بن الجموح: سمعت القوم - وأبو جهل في مثل الحرجة؛ (الشجر الملتف) - وهم يقولون: أبو الحكم لا يُخْلَصُ إليه، فلما سمعتُها جعلْتُه من شأني، فصمدت نحوه، فلما أمكنني حملْتُ عليه، فضربته ضربة أطَنَّتْ قدَمَه (أطارتها) بنصف ساقه، فو الله ما شَبَّهْتُها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مِرْضَخَةِ النَّوى حين يُضْرَب بها، قال: وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي، فتعلقَتْ بجلدة من جَنْبي، وأجهضني (غلبني) القتالُ عنه، فلقد قاتلت عامَّة يومي، وإني لأسحبها خلفي، فلما آذتَني وضعتُ عليها قدمي، ثم تمطَّيْتُ بها عليها حتى طرحْتُها.

رابط الموضوع:

 بماذا كان يوصي أبو بكر من حوله ؟
يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه : (إنّكم لن تنتصِروا على عدوِّكم إلا بعدَ تقرّبكم من الله وبُعدِهم عنه، فإذا تساويتم ـ أي: في المعاصي ـ كانت الغلبَة لأكثرِكم عدّةً وعتادًا) انتهى كلامه رحمه الله.

اضطرار الإنسان إلى ربه في تثبيت قدمه على طاعة الله؛ لقوله تعالى: وثبت أقدامنا.
المفتاح(28) " تربى بأحسن القصص "
 قوله تعالى:تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ  [البقرة:252]
تلك: إشارة إلى ما سبق ذكره في الآيات من إماتة الألوف منهم ثم إحياؤهم، وتمليك طالوت ، وإتيان التابوت، وانهزام جالوت وقتل داود له، وتملك داود، هذه آيات الله، أخبار غيب أخبرنا بها الله عز وجل:نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ  [البقرة:252] ليس بالباطل:   وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ  [البقرة:252 ].
 ما أثر هذه الآيات على النبي عليه الصلاة والسلام ؟
هذه الآيات تنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها تسلية له، ومواجهة لأعدائه من الكفار والمنافقين، فكأنه يقول له: هذه آياتنا وهكذا نصرنا أولياءنا فاصبر يا محمد -صلى الله عليه وسلم- وإنك لمن المرسلين المنصورين بإذننا.
نستنبط عبادة قلبية جليلة , ما هي ؟
التفكر من العبادات القلبية الجليلة ( وهو من أفضل أعمال القلب وأنفعها له )   .

كما أن التفكر أصل الطاعات ومبدؤها ، قال ابن القيم - رحمه الله -:
( فأصل كل طاعة إنما هي الفكر ، وكذلك أصل كل معصية إنما يحدث من جانب الفكرة ، فإن الشيطان يصادف أرض القلب خالية فارغة ، فيبذر فيها حب الأفكار الردية ، فيتولد منها الإرادات والعزم
  
فيتولد منها العمل ، فإذا صادف أرض القلب مشغولة ببذر الأفكار النافعة فيما خلق له وفيما أمر به وفيما هيء له وأعد له من النعيم المقيم أو العذاب الأليم لم يجد لبذره موضعا )   والتفكر أيضا يكشف الفرق بين الوهم والخيال ، المانع لأكثر النفوس من انتهاز الفرص بعد إمكانها ، وبين السبب المانع حقيقة ، فيشتغل به دون الأول ، فما قطع العبد عن كماله وفلاحه وسعادته العاجلة والآجلة قاطع أعظم من الوهم الغالب على النفس والخيال الذي هو مركبها ، بل بحرها الذي لا تنفك سابحة فيه ، وإنما يقطع هذا العارض بفكرة صحيحة ، وعزم صادق ، يميز به بين الوهم والحقيقة   .

ولذلك فالتفكر سبيل المرء إلى العمل ، وإدراك حقائق الأشياء ، بل إن حياة المرء وسعادته تبع لأفكاره ، قال السعدي - رحمه الله - : ( واعلم أن حياتك تبع لأفكارك ، فإن كانت أفكارا فيما يعود عليك نفعه في دين أو دنيا ، فحياتك طيبة سعيدة وإلا فالأمر بالعكس )   ولذلك فإن إعمال الفكر فيما ينفع ويقرب إلى الله من أهم المطالب الدينية .


المفتاح(29) " تربى بأحسن القصص "
 ماذا نستفيد من قوله تعالى : (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز )؟
ماذا قال الحافظ القرطبي في تفسره ؟
فيه عدة مسائل :
الأولى: الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا بأن يقولوا ربنا الله ؛ أي أخرجوا بتوحيدهم ، أخرجهم أهل الأوثان , هذا الموقف يحدث قديما وحديثا .
الثانية: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض أي لولا ما شرعه الله تعالى للأنبياء والمؤمنين من قتال الأعداء لاستولى أهل الشرك وعطلوا ما بنته أرباب الديانات من مواضع العبادات ، ولكنه دفع بأن أوجب القتال ليتفرغ أهل الدين للعبادة. فالجهاد أمر متقدم في الأمم ، وبه صلحت الشرائع ،
( لهدمت ) من هدمت البناء أي نقضته فانهدم . قال ابن عطية: هذا أصوب ما قيل في تأويل الآية . وروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: ولولا دفع الله بأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - الكفار عن التابعين فمن بعدهم .. وقالت فرقة: ولولا دفع الله ظلم الظلمة بعدل الولاة. وقال أبو الدرداء: لولا أن الله - عز وجل - يدفع بمن في المساجد عمن ليس في المساجد ، وبمن يغزو عمن لا يغزو ، لأتاهم العذاب. 
الثالثة: لا ينبغي للمسلمين أن يدخلوا أماكن العبادة غير المساجد , ولا يصلوا فيها.
 وينقض ما وجد في بلاد الحرب من البيع والكنائس. وإنما لم ينقض ما في بلاد الإسلام لأهل الذمة ؛ لأنها جرت مجرى بيوتهم وأموالهم التي عاهدوا عليها في الصيانة . ولا يجوز أن يمكنوا من الزيادة لأن في ذلك إظهار أسباب الكفر .
وجائز أن ينقض المسجد ليعاد بنيانه ؛ وقد فعل ذلك عثمان - رضي الله عنه - بمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - . 
الرابعة:
فإن قيل: لم قدمت مساجد أهل الذمة ومصلياتهم على مساجد المسلمين ؟
قيل: لأنها أقدم بناء. وقيل لقربها من الهدم وقرب المساجد من الذكر ؛
الخامسة: قوله تعالى: ولينصرن الله من ينصره أي من ينصر دينه ونبيه. إن الله لقوي أي قادر. قال الخطابي: القوي يكون بمعنى القادر، ومن قوي على شيء فقد قدر عليه.
( عزيز ) أي جليل شريف ؛ قال الزجاج. وقيل الممتنع الذي لا يرام . 
قوله تعالى: الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور

وقال عكرمة: هم أهل الصلوات الخمس. وقال الحسن وأبو العالية: هم هذه الأمة إذا فتح الله عليهم أقاموا الصلاة. وقال ابن أبي نجيح: يعني الولاة. وقال الضحاك: هو شرط شرطه الله- عز وجل- على من آتاه الملك؛ تفسير القرطبي بتصرف .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق