فقه التقوى ١
فقه التقوى من أهم أخلاق الحاج والمعتمر
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ
خَبِيرٌ (13)} [الحجرات: 13].
وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ
يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ
عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ
لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} [الطلاق: 2، 3]
تقوى الله تبارك وتعالى
أكرم
ما أسررنا،
وأزين ما أظهرنا،
وأفضل ما ادخرنا،
وأحسن ما لبسنا.
والخاسر من أبدى للناس صالح عمله، وبارز
بالقبيح من يستوي عنده السر والعلانية.
وتقوى الله عزَّ وجلَّ:
أن تفعل ما أمرك الله به رجاء ثوابه،
وأن تترك ما نهاك عنه خوفاً من عقابه.
وحق تقاته:
أن لا يترك المسلم شيئاً مما أمر الله به
إلا فعله،
وأن يجتنب كل ما نهى الله عنه.
فيطيع ربه ولا يعصيه
..
ويذكره ولا ينساه ..
ويشكره ولا يكفره ..
ويؤمن به ويتوكل عليه.
وقد أمر الله عباده المؤمنين بالتقوى؛
لأنهم هم الذين يعرفون ما يستحقه سبحانه
من التعظيم والإجلال والتوقير،
وكمال المحبة والطاعة والذل للرب سبحانه
فقال:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} [آل عمران:
102].
ولكن أحداً لا يستطيع أن يقوم بكمال التقوى،
فمن رحمة الله أنه لا يكلف نفساً إلا وسعها،
فإذا فعل الإنسان ما يستطيع مما أمر الله
ورسوله به،
وترك ما نهى الله ورسوله عنه،فقد اتقى الله
حق تقاته كما قال سبحانه:
{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا
وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)} [التغابن: 16].
وقال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ
فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ (7)} [الحشر: 7].
والتقوى تقوم على أصول عظيمة،
ولها دلائل وشواهد من الإيمان بالله وملائكته
وكتبه ورسله واليوم الآخر،
والأعمال الصالحة التي هي آثار الإيمان
وبرهانه ونوره،
والأخلاق الحسنة التي هي جمال الإنسان،
فمن اتصف بهذه الصفات فهو من الأبرار الصادقين
المتقين كما قال سبحانه:
{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ
قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ
ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ
وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ
إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ
أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)}[البقرة: 177].
يتبع بإذن الله......
فقه التقوى٢
فقه أقسام التقوى
والتقوى:
هي التحلية بعد التخلية،
والتزين بعد التطهر بفعل الطاعات بعد التخلي
عن السيئات.
والتحلية فعل الحسنات إما بالقلب، أو القالب،
أو المال.
فرأس الأعمال القلبيةالإيمان،
والجامعة للأعمال البدنية هي
الصلاة
التي هي عماد الدين،
وقطب الأعمال المالية هي
الزكاة
والصدقات كما قال سبحانه:
{الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى
لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)} [البقرة: 1 - 3].
وتقوى الله عزَّ وجلَّ هي
أن لا يفقدك الله حيث أمرك،
ولا يجدك حيث نهاك،
وأن تعمل بطاعة الله، على نور من الله،
ترجو ثواب الله،
وأن تترك معصية الله، على نور من الله،
تخاف عقاب الله.
والتقوى قسمان:
1تقوى القلوب
2 وتقوى
الجوارح.
فقه التقوى3
والأصل تقوى القلوب،
وتقوى الجوارح
من لوازم
تقوى القلوب، وهي ثمرة تقوى القلوب، فالتقوى في الحقيقة في القلب كما قال سبحانه:
{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا
مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)} [الحج: 32].
وتقوى الجوارح لا قيمة لها ولا وزن بدون
تقوى القلوب.
والله سبحانه أمر عباده أن يقوموا بشرائع
الإسلام على ظواهرهم، وحقائق الإيمان على بواطنهم، ولا يقبل واحد منهما إلا بصاحبه
وقرينه، والإسلام علانية، والإيمان في القلب.
وكل إسلام ظاهر لا يقوم على حقيقة الإيمان
الباطنة فليس بنافع حتى يكون معه إيمان باطن.
وكل حقيقة باطنة لا يقوم صاحبها بشرائع
الإسلام الظاهرة لا تنفع ولو كانت ما كانت.
فلو تمزق القلب
بالمحبة لله،
والخوف منه،
والتعظيم له،
ولم يتعبد بالأمر وظاهر الشرع لم ينجه ذلك
من النار.
كما أنه لو قام بظواهر الإسلام، وليس في
باطنه حقيقة الإيمان، لم ينجه ذلك من النار: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ
عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)} [الكهف: 110].
فقه التقوى ٤
فقه ملازمة السنن من كمال التقوى
ٍ تقوى الله توجب للعبد محبة الله له،
وحسن الخلق يدعو الناس إلى محبته،
والتقصير في فعل الطاعات، أو فعل السيئات،
يمحوه اتباع ذلك بفعل الحسنات.
والعبد إنما يقطع منازل السير إلى الله
بقلبه وهمته لا ببدنه،
وأقرب الوسائل إلى الله ملازمة السنة، والوقوف
معها في الظاهر والباطن،
ودوام الافتقار إلى الله، والتضرع إليه،
وإرادة وجهه وحده بالنيات والأقوال والأعمال.
ومن أعظم الظلم والجهل أن تطلب التعظيم
والتوقير لك من الناس وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره وإجلاله وتقواه.
ومن السفاهة والجهل أن توقر المخلوق وتجله
أن يراك، في حال لا توقر الله أن يراك عليها، وهذا من أعظم الجهل،
فمن لم يعرف الله لم يوقره كما قال سبحانه:
{مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}
[نوح: 13].
ولا بدَّ لكل إنسان من أمرين:
أحدهما: طاعة الله ورسوله، بفعل المأمور
وترك المحظور.
الثاني: الصبر على ما يصيبه من القضاء المقدور.
فالأول هو التقوى،
والثاني هو الصبر،
وقد جمعهما الله في قوله:
{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ
لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90].
وقد خلق الله في كل نفس ثلاث قوى:
قوة البذل والإعطاء
..
وقوة الكف والامتناع
..
وقوة الإدراك والفهم.
فمن وفقه الله للإيمان وهداه استعملها فيما
يحب الله، ويسره لكل يسرى في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه:
{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ
بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} [الليل: 5 - 7].
ومن خذله ولم يرد له الهداية استعملها فيما
يبغض الله، فنال بسبب ذلك العقوبة كما قال سبحانه:
{وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ
بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} [الليل: 8 - 10].
وأبواب البركات تفتح مع كمال الإيمان، وكمال
التقوى كما قال سبحانه:
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا
لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا
فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96].
والبركات الإلهية لا يحصيها إلا الله
..
ومنها البركة في العمر
..
والبركة في الرزق ..
والبركة في الوقت ..
والبركة في الأهل والأولاد
..
والبركة في الأموال
..
والبركة في الأعمال.
ومنها قضاء الحاجات بدون الأسباب:
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا
(2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3].
ومنها حصول الأموال بدون جهد،
وحصول الأشياء بدون تعب،
وحصول الأرزاق مباشرة من الرب، كما قال
الله عن مريم:
{وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا
زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا
قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
} [آل عمران: 37].
والآن أغلقت أبواب البركات، وحرم منها أكثر
المسلمين،
بسبب ضعف الإيمان، ونقص التقوى.
نسينا الله فنزع منا كل شيء، والذي لم ينزع
ذهبت بركته.
نزع منا حب كلام الله،
وحب كلام رسوله،
وحب عبادة الله،
وحب طاعته،
وحب أوليائه،
وحب أوامره،
وحب دينه.
فارتفعت الخيرات والبركات؛ لكثرة المعاصي
والمخالفات.
فقه التقوى ٥
فقه زينة المؤمن الظاهرة والباطنة
التقوى باعتبار ما يتقيه الإنسان ثلاثة
أقسام:
فتارة تضاف إلى الله؛ لأنه أعظم من يتقى
ويُخاف ويُرجى كما قال سبحانه:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 102].
وتارة تضاف إلى مكان عقوبة الله كالنار
كما قال سبحانه:
{وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ
لِلْكَافِرِينَ } [آل عمران: 131].
وتارة تضاف إلى زمان عقاب الله كيوم القيامة
كما قال سبحانه: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى
اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [البقرة:
281].
ومعية الله ونصرته تكون معنا في الأحوال
الآتية:
الأولى: حين تأتي فينا الصفات التي يحبها
الله من الإيمان، والتقوى، والإحسان ونحوها كما قال سبحانه:
{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا
وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } [النحل: 128].
الثانية: حين نمتثل أوامر الله ونطيعه كما
قال سبحانه:
{وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي
إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي
مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي
وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ
سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [المائدة:
12].
الثالثة: حين نقوم بالدعوة إلى الله، ونضحي
بما نملك من أجل إعلاء كلمة الله، ونشر دينه كما قال الله لموسى وهارون حين ذهبا لدعوة
فرعون إلى الله:
{قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ
وَأَرَى} [طه: 46].
والله سبحانه أنزل للبشر لباسين:
لباساً ظاهراً يواري العورة ويسترها.
ولباساً باطناً من التقوى يجمل العبد ويستره،
فإذا زال عنه هذا اللباس انكشفت عورته الباطنة كما تنكشف عورته الظاهرة بنزع ما يسترها.
واللباس وستر العورة زينة للإنسان، وستر
لعوراته الجسدية،
كما أن التقوى لباس، وستر لعوراته النفسية
كما قال سبحانه:
{يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا
يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ
اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 26].
والفطرة السليمة تنفر من انكشاف سوآتها
الجسدية والنفسية، وتحرص على سترها ومواراتها.
والذين يحاولون تعرية الجسم من اللباس،
وتعرية النفس من التقوى، ومن الحياء من الله، ومن الناس،
والذين يطلقون ألسنتهم وأقلامهم لتأصيل
هذه المحاولة، هم الذين يريدون سلب الإنسان خصائص فطرته
..
ونزع زينته الداخلية والخارجية .. والتي
صار بها إنساناً ..وهم الذين يريدون إسلام الإنسان لعدوه الشيطان
.. ليتولى كشف سوأته.
إن العري فطرة حيوانية، ولا يميل الإنسان
إليه إلا وهو يرتكس إلى مرتبة أدنى من رتبة الإنسان،
وإن رؤية العري جمالاً هو
كرؤية
الكفر فلاحاً،
وذلك انتكاس في الذوق، والعقل البشري قطعاً،
والعري النفسي من الحياء والتقوى، وهو ما
تجتهد فيه أقلام وأفلام أهل الباطل ◀️هو النكسة والردة إلى الجاهلية.
والتزود في السفر شأن العقلاء، فإن فيه
الاستغناء عن المخلوقين،
والكف عن سؤالهم أموالهم،
وفي الإكثار منه نفعٌ وإعانة للمسافرين،
وزيادة قربة لرب العالمين هذا في سفر الدنيا.
وأهل الإيمان والتقوى هم الفائزون بالسعادة
في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه:
{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ
(63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ
لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)} [يونس: 62 - 64].
فقه التقوى ٦
فقه ما أعده الله لأهل تقواه
أهل الإيمان والتقوى هم الفائزون بالسعادة
في الدنيا والآخرة.
ماذا أعد الله للمتقين في الآخرة؟
وماذا ينتظرهم من النعيم المقيم؟
فلنسأل القرآن لنعلم ماذا أعد الله لعباده
المتقين:
{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى
الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ} [الرعد: 35].
وقال سبحانه {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ
مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ
وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
[آل عمران: 15].
وقال سبحانه: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا
رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)} [الزمر: 20].
وقال سبحانه: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا
رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا
وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ
(73)} [الزمر: 73].
وقال سبحانه: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي
وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ
لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ
مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ
كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ
(15)} [محمد: 15].
وقال سبحانه: {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ
لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ
فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ
الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَذَا
لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54)} [ص: 49 - 54].
فسبحان الله!
ماذا أعد الله من النعيم للمتقين؟
وماذا هيأ لهم من الكرامات والبشائر؟
والحبور والسرور؟
وألوان الطعام والشراب وفاخر الدور؟ والغرف
والقصور؟
وأما في الدنيا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون:
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا
(2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3].
وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ
لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ
يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)} [الطلاق:
4، 5].
وماذا على المسلم إذا علم ما أعد الله لأهل
التقوى من جزيل الأجر والثواب؟
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 102].
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ
آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا
(69) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(70) ...} [الأحزاب: 69 - 71].
وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } [التوبة: 119].
وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [الحشر: 18].
والله حكيم عليم خلق كل شيء بحكمة، وخلق
كل شيء لمقصد وحكمة،
فخلق سبحانه الشمس للإنارة
..
وخلق الماء للشرب ..
وخلق النبات والحيوان لخدمة الإنسان
..
وخلق الإنس والجن للعبادة.والإنسان صنع السيارة للنقل .. والقلم للكتابة
.. وهكذا.
وكل شيء يؤدي وظيفته والمقصد منه، فهو محترم
مكرم محبوب، غال عند أهله،
فإذا ترك المقصد، أو تعطل عن العمل، ذهبت
قيمته، وزهد فيه أهله.
وكذلك الإنسان خلقه الله لعبادته، وأمره
بالإيمان والتقوى،
فإذا ترك المقصد منه وهو العبادة، صار لا
قيمة له في الدنيا والآخرة،
وهو محاسب على ترك المقصد الانفرادي وهو
العبادة، وترك المقصد الاجتماعي وهو الدعوة إلى الله، وإلى دينه.
وعمل هذه الأمة عمل الأنبياء، ووظيفتها
وظيفة الأنبياء، إيمان وتقوى، وعبادة، ودعوة، تعلم وتعليم، وجهاد وصبر:
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ
وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [فصلت: 33].
موسوعة فقه القلوب فقه زاد الحاج والمعتمر
انتهت دروس التقوى نفعنا الله و إياكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق