نجد في القرآن ريحاً، ورياحاً .. فما هو
الفرق بينهما؟
الريح قد تكون رحمةً،
كما في قوله تعالى:( هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي
الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ
وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ
اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ
الشَّاكِرِينَ )[يونس:22]،وقد تكون عذاباً، كما في الآية:( وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) [الذاريات:41].
أما الرياح فلا تكون إلا خيراً ورحمةً
.
ويدل لذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه
قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :«الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ
اللَّهِ، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا
تَسُبُّوهَا وَسَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا وَاسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا»
ابو
داوود وابن ماجة .
أحكام مهمة تتعلق بالريح:
هناك بعض الأحكام المهمة التي تتعلق بالرياح،
لابد للمسلم من أن يكون على إلمام بها ..
أولاً :
إذا عصفت الريح سُنّ للمسلم أن يقول ما
حدثت به عَائِشَةُ رضي الله عنها:
كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَصَفَتْ
الرِّيحُ قَالَ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ
مَا أُرْسِلَتْ بِهِ. وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا
أُرْسِلَتْ بِهِ»رواه مسلم .
وعَنْ سَلَمَةَ بن الأَكْوَعِ رضي الله
عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اشْتَدَّتِ الرِّيحُ قَالَ:«اللَّهُمَّ
لَقَحًا لا عَقِيمًا" "رواه البخاري في الادب المفرد والطبراني في الكبير
لقحاً: بها ماء ، العقيم: بعكسها
.
وإذا تعددت أذكار النبي صلى الله عليه وسلم
في الموضع الواحد فليس من السنة في شيء أن يجمع الإنسان بينها في آنٍ واحد، وإنما يقول
هذا تارة، وذاك تارة أخرى .
أما حديث: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا
وَلا تَجْعَلْهَا رِيحًا» فقد خرَّجه الطبراني في المعجم الكبير، وهو ضعيف جداً كما
أبان علماؤنا رحمهم الله
ثانياً :
لا يجوز سب الريح؛ لحديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ
رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ»
رواه الترمذي.
ثالثاً :
كان نبينا صلى الله عليه وسلم إذا لاحت
الريح في الأفق يُعرف ذلك في وجهه ..
فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها:"كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ عُرِفَ ذَلِكَ
فِي وَجْهِهِ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ وَذَهَبَ عَنْهُ
ذَلِكَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ:« إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا
سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي»رواه مسلم .
ولعلّ ذلك قبل أن ينزل الله تعالى قوله
:( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ
وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال: 33] .
وفي رواية لمسلم عنها:
كَانَ النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِي السَّمَاءِ (السحابة التي يخال فيها
المطر) أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَدَخَلَ وَخَرَجَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَإِذَا أَمْطَرَتْ
السَّمَاءُ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم:«مَا أَدْرِي لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمٌ :(فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا
مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ...)»
رابعاً :
فهل يجوز التخلف عن صلاة الجماعة بسبب الريح
الشديدة؟
الجواب : إذا اشتدت وعجَز الإنسان عن إتيان
المسجد فلا واجب مع العجز .
قال تعالى:( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)[التغابن:16 ،وقال :( لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَ) [البقرة:286]
،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ
مَا اسْتَطَعْتُمْ» البخاري.
خامساً :
إذا أراد المؤذن أن يرفع النداء وكانت الريح
عاصفة فالسنة أن يجعل بدلاً عن الحيعلتين
قوله:(صلوا في بيوتكم)؛ فعن ابْنِ عُمَر
رضي الله عنهما قَالَ :"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنَادِي مُنَادِيهِ
فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ، أَوْ اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ ذَاتِ الرِّيحِ: صَلُّوا
فِي رِحَالكم"ابن ماجة
سادساً:
وإذا اجتمع الناس في المسجد فاشتدت الريح
فلهم أن يجمعوا بين الصلاتين، المغرب والعشاء، أو الظهر والعصر؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الظُّهْرِ
وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالعشاء، بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ
خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ".
فقيل لِابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ:"كَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ"رواه مسلم.
ففي الحديث دليل على الجمع إذا كان الحرج والعذر.
فقيل لِابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ:"كَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ"رواه مسلم.
ففي الحديث دليل على الجمع إذا كان الحرج والعذر.
[٩/٩ ٧:٤٢ ص] نجية تقرب لهدى بافقير: قال ابن حجر في ترجمة الحافظ ابن سند:
"ونسي غالب محفوظاته حتى القرآن ويقال إن
ذلك كان عقوبة له ، لكثرة وقيعته في الناس"
[الدرر الكامنة 24/6]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق