الجمعة، 4 سبتمبر 2015

هل هناك فرق بين الكفر والشرك.

 
الجواب :

الحمد لله. الكفر معناه في الأصل الجحود والستر فكل من جحد الرب وأنكر ذاته أو أفعاله أو أسماءه وصفاته أو أنكر الرسالة أو أنكر أصلا من أصول الإيمان فهو كافر كالملحدين وأهل الكتاب. 
قال تعالى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا).
وقال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا). وإذا أطلق هذا الاصطلاح في الكتاب انصرف إلى أهل الكتاب غالبا. والكفر أنواع منه تكذيب واستكبار وشك ونفاق وغيره وكل هذه الأنواع تعود إلى معنى التكذيب والإنكار.

وأما الشرك فمعناه في الأصل التسوية بين الخالق والمخلوق في شيء من خصائص الله كالألوهية والأسماء والصفات فكل من شرك بين المخلوق والخالق في فعل أو صفة ما تليق إلا بالله وصرف إلى مخلوق نوعا من أنواع العبادة فهو مشرك.
قال تعالى:(تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ).
قال تعالى:(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ).
وقال تعالى:(وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آَبَاؤُنَا).
وفي السنة قال النبي صلى الله عليه وسلم مفسرا للشرك:(أن تجعل لله ندا وهو خلقك). وإذا أطلق هذا الاصطلاح انصرف لمشركي قريش وغيرهم من غير أهل الكتاب غالبا.
وقد يجتمع الكفر والشرك في شخص أو طائفة من وجه عام أو خاص كحال أهل الكتاب فقد جمعوا بين الكفر بجحودهم برسالة محمد والشرك بعبادة عيسى. وكل مشرك كافر وليس كل كافر مشرك فالكفر أعم من الشرك وبينهما نوع من التداخل.

إذا أطلق أحدهما دخل في معناه الآخر. 
قال تعالى:(وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ).
وقال تعالى:(ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ). وإذا اقترنا دل كل واحد منهما على معنى خاص.
قال تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا). فإذا افترقا اجتمعا وإذا اجتمعا افترقا. 
ولا فرق بينهما في الأحكام والآثار المترتبة عليهما من البراءة والهجران والمناكحة والولاية وغير ذلك من الأحكام.
إلا أن الله عز وجل خص أهل الكتاب اليهود والنصارى بشيء من الأحكام دون غيرهم من الكفار في إباحة طعامهم ونسائهم ورد السلام وغير ذلك لما معهم من أصل الكتاب وإن كان محرفا فهم أخف درجة وأدنى منزلة في الكفر من غيرهم ولذلك خفف الشارع في أحكامهم والتعامل معهم.
والحاصل أن معنى الكفر في مدلوله الخاص يدل على معنى تكذيب ما يجب الإيمان به بالله ومقتضياته.
والشرك يدل على العبادة والتقرب لغير الله والمشرك في الحقيقة كافر لأنه أنكر شيئا من حق الله وعبادته وصرفها لغيره. والكافر قد يكون مشركا أيضا وقد لا يكون مشركا كالملحد الذي ينكر وجود الرب ولا يعبد شيئا.


وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في (شرح صحيح مسلم):
 الشرك والكفر قد يطلقان بمعنى واحد وقد يفرق بينهما فيخص الشرك بعبدة الأوثان وغيرها من المخلوقات مع اعترافهم بالله تعالى ككفار قريش، فيكون الكفر أعم من الشرك انتهى.
والله أعلم.

هل هناك فرق بين الشرك والكفر ؟
الذي يظهر لي : نعم .
والادلة على التفريق كثيرة ؛ منها :
الدليل الأول :
قول الله تبارك وتعالى: " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين "
حيث عطف بالواو، والأصل أن العطف يقتضي المغايرة .
الدليل الثاني :
قول ابن عمر رضي الله عنهما إذا سئل عن نكاح النصرانية واليهودية :
" إن الله حرم المشركات على المؤمنين ؛ ولا أعلم من الإشراك شيئاً أكبر من أن تقول المرأة
(ربها عيسى )، وهو عبد من عباد الله " ( البخاري 5285 ) .
حيث لو لم يكن عنده رضي الله عنه التفريق بينهما لما احتاج للاستدلال على أنها مشركة مع اعتقاده أنها كافرة .
الدليل الثالث:
أن بين الكفر والشرك - في اللغة - فرقاً ؛
فالشرك فيه معنى التسوية والمشاركة ، والكفر في معنى الحجد والتغطية .
ثانياً :
ما الفرق بينهما ؟
الذي يظهر لي أن كل مشرك كافر من غير عكس .
وذلك أنه لا يكون مشركاً إلا وقد كفر بالنصوص الآمرة بالشرك ، بينما يتصور أن يكون كافراً فقط من دون أن يشرك مع الله أحداً .


إذا يمكن أن نقول أن الكفر بمعناه العام جنس يشمل كل من خرج عن الإيمان الصحيح والشرك نوع داخل فيه.
قال في تهذيب اللغة: (وروى عن عبد الملك أنه كتب إلى سعيد بن جبير يسأله عن الكفر، فقال: الكفر على وجوه، فكفر هو شرك يتخذ مع الله إلها آخر، وكفر بكتاب الله ورسوله، وكفر بادعاء ولد لله، وكفر مدعي الإسلام، وهو أن يعمل أعمالا بغير ما أنزل الله: يسعى في الأرض فسادا ويقتل نفساً محرمة بغير حقٍّ، ثم نحو ذلك من الأعمال).
والكفر كفران أكبر وهو كفر التكذيب وأصغر وهو كفر النعمة.
وكذلك الشرك شركان أكبر وهو صرف العبادة لغير الله وأصغر وهو ما وصف بالشرك ولم يصل إلى حد الأكبر أو ما كان ذريعة ووسيلة للأكبر.
وجميع ذلك ورد في نصوص الكتاب والسنة وأجمع عليه أهل السنة والجماعة. 

والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق