عورة المرأة مع المرأة ما بين السرة والركبة،
لأن هذا هو الموضع الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النظر إليه، ففي صحيح
مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر
الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة"،
ولكن يجب أن نعرف أن النظر شيء وأن اللباس
شيء.
فأما النظر فقد علم حكمه من هذا الحديث أنه لا يجوز النظر للعورة.
وأما اللباس فلا يجوز للمرأة أن تلبس لباساً
لا يستر إلا العورة وهي ما بين السرة والركبة، ولا أظن أحداً يبيح للمرأة أن تخرج إلى
النساء كاشفة صدرها وبطنها فوق السرة وساقها
قال شيخ الإسلام ابن تيمية 22/146 مجموع
الفتاوى حين الكلام على قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كاسيات عاريات":
بأن تكتسي ما لا يسترها فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية، مثل من تكتسي الثوب الرقيق
الذي يصف بشرتها، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها مثل عجيزتها وساعدها ونحو
ذلك، وإنما كسوة المرأة ما يسترها ولا يبدي جسمها ولا حجم أعضائها لكونه كثيفاً واسعاً.أ.هـ.
وعلى هذا ففائدة الحديث أنه لو كانت المرأة
تعمل في بيتها، أو ترضع ولدها ونحو ذلك فظهر ثديها، أو شيء من ذراعها، أو عضدها أو
أعلى صدرها فلا بأس بذلك،
ولا يمكن أن يراد به أن تلبس عند النساء
لباساً يستر العورة فقط، وليست العلة في منع اللباس القصير هي التشبه، وإنما العلة
الفتنة ولهذا لو لبست ثوباً لا يلبسه إلا الكافرات كان حراماً وإن كان ساتراً.
إنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس،
ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات،لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد
من مسيرة كذا وكذا".
وفسر أهل العلم الكاسيات العاريات بأنهن
اللاتي يلبس ألبسه ضيقة، أو ألبسه خفيفة لا تستر ما تحتها، أو ألبسة قصيرة.
وقد ذكر شيخ الإسلام أن لباس النساء في
بيوتهن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ما بين كعب القدم وكف اليد كل هذا مستور وهن
في البيوت،
أما إذا خرجن إلى السوق فقد علم أن نساء
الصحابة كن يلبسن ثياباً ضافيات يسحبن على الأرض، ورخص لهن النبي صلى الله عليه وسلم
أن يرخينه إلى ذراع لا تزدن على ذلك.
وأما ما اشتبه على بعض النساء من قول النبي
صلى الله عليه وسلم:"لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا الرجل إلى عورة الرجل"،
وأن عورة المرأة بالنسبة للمرأة ما بين السرة والركبة من أنه يدل على تقصير المرأة
لباسها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لباس المرأة ما بين السرة والركبة حتى
يكون في ذلك حجة
ولما قال النبي عليه الصلاة والسلام:
"لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل" فهل كان الصحابة يلبسون إزراً من السرة إلى
الركبة، أو سراويل من السرة إلى الركبة؟!
وهل يعقل الآن أن امرأة تخرج إلى النساء ليس
عليها من اللباس إلا ما يستر ما بين السرة والركبة، هذا لا يقوله أحد،
ولم يكن هذا إلا عند نساء الكفار، فهذا
الذي فهمه بعض النساء من هذا الحديث لا صحة له، والحديث معناه ظاهر، لم يقل النبي صلى
الله عليه وسلم لباس المرأة ما بين السرة والركبة، فعلى النساء أن يتقين الله، وأن
يتحلين بالحياء الذي هو من خلق المرأة، والذي هو من الإيمان كما قال النبي صلى الله
عليه وسلم: "الحياء شعبة من الإيمان".
وكما تكون المرأة مضرب للمثل فيقال:
"أحيا من العذراء في خدرها"، ولم نعلم ولا عن نساء الجاهلية أنهن كن يسترن
ما بين السرة والركبة فقط لا عند النساء ولا عند الرجال، فهل يردن هؤلاء النساء أن
تكون نساء المسلمين أبشع صورة من نساء الجاهلية؟!!
أما اللباس فلباس المرأة مع المرأة المشروع
فيه أن يستر ما بين كف اليد إلى كعب الرجل هذا هو المشروع، ولكن لو احتاجت المرأة إلى
تشمير ثوبها لشغل أو نحوه فلها أن تشمر إلى الركبة،
وكذلك لو احتاجت أن تشمر الذراع إلى العضد
فإنها تفعل ذلك بقدر الحاجة فقط، وأما أن يكون هذا هو اللباس المعتاد الذي تلبسه فلا.
والحديث لا يدل عليه بأي حال من الأحوال، ولهذا وجه الخطاب إلى الناظرة لا إلى المنظورة،
وأما محارمهن في النظر فكنظر المرأة إلى
المرأة، بمعنى أنه يجوز للمرأة أن تكشف عند محارمها ما تكشفه عند النساء، تكشف الرأس
والرقبة والقدم والكف والذراع والساق وما أشبه ذلك، ولكن لا تجعل اللباس قصيراً.
قال تعالى:﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ
فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾[الأحزاب: 59]، وقال تعالى:( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا
عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾[الأعراف: 26].
وجه الدلالة من الآيتين:
إن الله - جل وعلا - جعل كون نساء المؤمنين يُعرفْنَ باللباس الفارق أمرًا
مقصودًا، فلِباس المرأة يُقصَد منه ما يلي:
• الاستِتار والاحتِشام.
• إظهار الفرْق بين النِّساء والرجال.
• إظهار الفَرْق بين المُسلِمات والكافرات.
• إظهار الفَرق بين العفيفات والعاهِرات.
إذا تقرَّر هذا فالملابس النسائية القصيرة
والشفافة والضيقة تَخلو مِن روح هذه المقاصد الشرعية.
4- قال تعالى: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الْأُولَى﴾[الأحزاب:33].
وجْه الدلالة من الآية:
إن الله - جل وعلا - نهى نساءنا عن تبرُّج
الجاهلية الأولى، فدلت الآية بمنطوقها على أنه يَحرُم على المؤمنات أن يلبسْنَ القصير
أو الشفاف أو الضيِّق؛ لأن المرأة فيها متبرِّجة شرعًا وعرفًا ولغةً، والآية عامة لم
تُفرِّق بين أن يكون التبرُّج عند قريب أو بعيد، فمَن حمَل الآية على البعيد دون القريب
فقد تأولها على غير تأويلها، والتخصيص يَحتاج إلى دليل ممَّن جاءنا بالإسلام والإيمان
والإحسان، ولا دليلَ هنا.
إذا تقرَّر هذا فإن من المخالفات ما تفعله
بعض الفتيات؛ حيث يلبسْنَ الثياب القصيرة التي تبلغ الركبتَين، وتلبس تحته السراويل
الطويلة الضيقة المحجِّمة لسوقهن وأقدامهنَّ؛ لأنَّ هذا وإن ستر لون البشرة إلا أنه
يُظهِر حجم الساق، وهذا يُنافي ملبوس المُحتشمات وعمل المسلمات قرنًا بعد قرن.
وثمَّة توجُّس أن تكون لبسة النساء لهذه
الملابس المحظورة من جنس الخُيلاء المنهي عنه؛ لأن جرَّ الثياب في حق الرجال من المخيلة،
فحَسرُ الثياب في حق النساء لا يُستبعد أن يكون من المخيلة التي لا يُحبها الله، وكثيرًا
ما يختال ضعيفات الإيمان ناقصات العقول بمثل هذه الملابس، ويُباهين به ليراه الناس،
نعوذ بالله من انتِكاس الفِطَر.
هل يجوز للنساء أن يلبسن البنطلون ؟ وإذا
كان الجواب لا فلماذا ؟.
الواجب على المسلمة أن تلبس من الثياب ما
يستر بدنها ، ويستر عورتها وذلك بلبس ما لا يصف البشرة كالشفاف ولا يصف حجم العورة
كالضيق . والبنطلون هو مما يصف جسم وعورة المرأة فلهذا لا يجوز للمرأة
وقال تعالى :
(وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا
ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ
أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي
إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ
أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ
لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ
مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[سورة النور 31] والله أعلم.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا
أنت أستغفرك وأتوب إليك
خدمة مجموعات رب زدني علما لنشر العلم الشرعي
الصحيح بسم الله الرحمن الرحيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق