(1)كيف نحبب أبناءنا للصلاة ؟
1- إن أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض، وإن كانوا يولدون
على الفطرة، إلا أن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم قال:« فأبَواه يُهوِّدانه وُينَصِّرانه
ويُمَجِّسانه... «
وإذا كان أبواه مؤمنَين، فإن البيئة المحيطة
، والمجتمع قادرين على أن يسلبوا الأبوين أو المربين السلطة والسيطرة على تربيته، لذا
فإننا نستطيع أن نقول أن المجتمع يمكن أن يهوِّده أو ينصِّره أو يمجِّسه إن لم يتخذ
الوالدان الإجراءات والاحتياطيات اللازمة قبل فوات الأوان!!!
وإذا أردنا أن نبدأ من البداية، فإن رأس
الأمر وذروة سنام الدين، وعماده هو الصلاة؛ فبها يقام الدين، وبدونها يُهدم والعياذ
بالله.
لماذا يجب علينا أن نسعى؟
أولاً: لأنه أمرٌ من الله تعالى، وطاعة
أوامره هي خلاصة إسلامنا، ولعل هذه الخلاصة هي: الاستسلام التام لأوامره، واجتناب
نواهيه سبحانه؛
ألم يقُل عز وجل { يا أيها الذين آمنوا
قُوا أنفسَكم وأهليكم ناراً وقودُها الناس والحجارة } ؟
ثم ألَم يقل جل شأنه:{ وَأْمُر أهلَك
بالصلاة واصْطَبر عليها ، لا نسألك رزقاً نحن نرزقُك }.
ثانياً: لأن الرسول صلى الله تعالى عليه
وسلم أمرنا بهذا أيضاً في حديث واضح وصريح ؛ يقول فيه ( مُروا أولادكم بالصلاة لسبع
سنين واضربوهم عليها لعشر ).
ثالثا: لتبرأ ذمم الآباء أمام الله عز وجل
ويخرجون من دائرة الإثم،فقد قال الإمام ابن تيمية رحمه الله:"من كان عنده صغير
مملوك أو يتيم،أو ولد،فلم يأمُره بالصلاة، فإنه يعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير،
ويُعَــزَّر الكبير على ذلك تعزيراً بليغا، لأنه عصى اللهَ ورسول".
رابعاً:لأن الصلاة هي الصِّلة بين العبد
وربه، وإذا كنا نخاف على أولادنا بعد مماتنا من الشرور والأمراض المختلفة؛ ونسعى لتأمين
حياتهم من شتى الجوانب، فكيف نأمن عليهم وهم غير موصولين بالله عز وجل؟! بل كيف تكون
راحة قلوبنا وقُرَّة
عيوننا إذا رأيناهم موصولين به تعالى ،
متكلين عليه ، معتزين به؟!
خامساً: وإذا كنا نشفق عليهم من مصائب الدنيا
، فكيف لا نشفق عليهم من نار جهنم؟!! أم كيف نتركهم ليكونوا-والعياذ بالله- من أهل
سَقَر التي لا تُبقي ولا تَذَر؟!!
(2)كيف نحبب أبناءنا للصلاة ؟
2 -
سادساً:لأن الصلاة نور، ولنستمع بقلوبنا
قبل آذاننا إلى قول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: (وجُعلت قرة عيني في الصلاة) وقوله: ( رأس الأمر الإسلام و عموده الصلاة ) وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم
القيامة من عمله .
سابعاً:لأن أولادنا أمانة وهبنا الله تعالى
إياها وكم نتمنى جميعا أن يكونوا صالحين، وأن يوفقهم الله تعالى في حياتهم دينياً، ودنيوياً .
ثامناً: لأن أولادنا هم الرعية التي استرعانا
الله تعالى، لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم:( كُلُّكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته
) ولأننا سوف نُسأل عنهم حين نقف بين يدي الله عز وجل.
تاسعاً: لأن الصلاة تُخرج أولادنا إذا شبّْوا
وكبروا عن دائرة الكفار و المنافقين، كما قال صلى الله عليه وسلم:( العهد الذي بيننا
وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)
كيف نتحمل مشقة هذا السعي؟
إن هذا الأمر ليس بالهين، لأنك تتعامل مع
نفس بشرية ، وليس مع عجينة -كما يقال- أو صلصال والمثل الإنجليزي يقول"إذا
استطعت أن تُجبر الفرس على أن يصل إلى النهر، فلن تستطيع أبداً أن ترغمه على أن يشرب!"
فالأمر فيه مشقة، ونصب، وتعب، بل هو
جهاد في الحقيقة.
أ- ولعل فيما يلي ما يعين على تحمل هذه
المشقة، ومواصلة ذلك الجهاد :
كلما بدأنا مبكِّرين، كان هذا الأمر أسهل.
ب- يعد الاهتمام جيداً بالطفل الأول استثماراً
لما بعد ذلك، لأن إخوته الصغار يعتبرونه قدوتهم ، وهو أقرب إليهم من الأبوين ، لذا
فإنهم يقلدونه تماماً كالببغاء !
ج- احتساب الأجر والثواب من الله تعالى، لقوله صلى الله عليه وسلم:( من دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه،
لا ينقص من أجورهم شيئا) .
د- لتكن نيتنا الرئيسية هي ابتغاء مرضاة
الله تعالى حيث قال:{ والذين جاهَدُوا فينا لَنَهْدِينَّهُم سُبُلَنا }؛فكلما فترت
العزائم عُدنا فاستبشرنا وابتهجنا لأننا في خير طريق .
ه- الصبر والمصابرة امتثالاً لأمر الله
تعالى،{ وأْمُر أهلك بالصلاة واصطبِر عليها، لا نسألُك رزقاً، نحن نرزقُك }؛ فلا
يكون شغلنا الشاغل هو توفير القوت والرزق، ولتكن الأولوية للدعوة إلى الصلاة ، وعبادة
الله عز وجل، فهو المدبر للأرزاقوهو{ الرزاق ذو القوة المتين}؛ ولنتذكر أن ابن آدم
لا يموت قبل أن يستوفي أجله ورزقه، ولتطمئن نفوسنا لأن الرزقيجري وراء ابن آدم - كالموت
تماماً-ولو هرب منه لطارده الرزق، بعكس ما نتصور!!
و- التضرع إلى الله جل وعلا بالدعاء:{ ربِّ اجعلني مقيمَ الصلاة ومِن ذُرِّيتي ربنا وتقبَّل دُعاء} والاستعانة به عز وجل
لأننا لن نبلغ الآمال بمجهودنا وسعينا ، بل بتوفيقه تعالى ؛ فلنلح في الدعاء ولا نيأس؛ فقد أمرنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قائلا:« ألِظّوا- أى أَلِحّوا- بيا
ذا الجلال والإكرام» والمقصود هو الإلحاح في الدعاء بهذا الاسم منأسماء الله الحسنى
؛ وإذا كان الدعاء بأسماء الله الحسنى سريع الإجابة ، فإن أسرعها في الإجابة يكون-
إن شاء الله تعالى- هو هذا الاسم: "ذو الجلال (أي العظمة) والإكرام ( أي الكرم
والعطاء ) ".
ز- عدم اليأس أبداً من رحمة الله، ولنتذكر
أن رحمته وفرجه يأتيان من حيث لا ندري، فإذا كان موسى عليه السلام قد استسقى لقومه، ناظراً إلى السماء الخالية من السحب، فإن الله تعالى قد قال له:{ اضرِبْ بِعَصاكَ
الحَجَر، فانفجرَت منْهُ اثنتا عشْرةَ عيناً }، وإذا كان زكريا قد أوتي الولد وهو طاعن
في السن وامرأته عاقر، وإذا كان الله تعالى قد أغاثمريم وهي مظلومة مقهورة لا حول لها
ولا قوة ، وجعل لها فرجا ومخرجا من أمرها بمعجزة نطق عيسى عليه السلام في المهد فليكن
لديك اليقين بأن الله عز وجل سوف يأْجُرك على جهادك وأنه بقدرته سوف يرسل لابنك من
يكون السبب في هدايته، أو يوقعه في ظرف أو موقف معين يكون السبب في قربه من الله عز
وجل ؛ فما عليك إلا الاجتهاد، ثم الثقة في الله تعالى وليس في مجهودك.
(3)كيف نحبب أبناءنا للصلاة ؟
لماذا الترغيب وليس الترهيب؟
لماذا الترغيب وليس الترهيب؟
لأن الله تعالى قال في كتابه الكريم:
{ اُدعُ إلى سبيل ربك بالحكمةِ والموعظةِ الحسَنة } .
لأن الرسول الكريم صلى الله تعالى عليه
وسلم قال: « إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا خلا منه شيء إلا شانه»
لأن الهدف الرئيس لنا هو أن نجعلهم يحبون
الصلاة،والترهيب لا تكون نتيجته إلا البغض ، فإذا أحبوا الصلاة تسرب حبها إلى عقولهم
وقلوبهم ، وجرى مع دماءهم، فلا يستطيعون الاستغناء عنها طوال حياتهم ؛ والعكس صحيح.
لأن الترغيب يحمل في طياته الرحمة، وقد
أوصانا رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم بذلك قائلاً « الراحمون يرحمهم الرحمن » وأيضاً «ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من في السماء »، فليكن شعارنا ونحن في طريقنا
للقيام بهذه المهمة هو الرحمة والرفق.
لأن الترهيب يخلق في نفوسهم الصغيرة خوفاً،وإذا خافوا منَّا، فلن يُصلُّوا إلا أمامنا وفي وجودنا ، وهذا يتنافى مع تعليمهم
تقوى الله تعالى وخشيته في السر والعلَن، ولن تكون نتيجة ذلك الخوف إلا العُقد النفسية
، ومن ثمَّ السير في طريق مسدود.
لأن الترهيب لا يجعلهم قادرين على تنفيذ
ما نطلبه منهم ، بل يجعلهم يبحثون عن طريقة لرد اعتبارهم، وتذكَّر أن المُحِب لمَن
يُحب مطيع . (4)
لأن المقصود هو استمرارهم في إقامة الصلاة
طوال حياتهم...وعلاقة قائمة على البغض و الخوف والنفور-الذين هم نتيجة الترهيب- لا
يُكتب لها الاستمرار بأي حال من الأحوال
(4)كيف نرغِّب أطفالنا في الصلاة؟
منذ البداية يجب أن يكون هناك اتفاق بين
الوالدين- أو مَن يقوم برعاية الطفل- على سياسة واضحة ومحددة وثابتة ، حتى لا يحدث
تشتت للطفل، وبالتالي ضياع كل الجهود المبذولة هباء ، فلا تكافئه الأم مثلاً على صلاته
فيعود الأب بهدية أكبر مما أعطته أمه ، ويعطيها له دون أن يفعل شيئاً يستحق عليه المكافأة
، فذلك يجعل المكافأة التي أخذها على الصلاة صغيرة في عينيه أو بلا قيمة؛ أو أن تقوم
الأم بمعاقبته على تقصيره ، فيأتي الأب ويسترضيه بشتى الوسائل خشية عليه.
وفي حالة مكافأته يجب أن تكون المكافأة
سريعة حتى يشعر الطفل بأن هناك نتيجة لأفعاله، لأن الطفل ينسى بسرعة ، فإذا أدى الصلوات
الخمس مثلاً في يوم ما ، تكونا لمكافأة بعد صلاة العشاء مباشرة
(5) كيف نحبب أبناءنا للصلاة ؟
أولاً: مرحلة الطفولة المبكرة(ما بين الثالثة
و الخامسة):
إن مرحلة الثالثة من العمر هي مرحلة بداية
استقلال الطفل وإحساسه بكيانه وذاتيته ، ولكنها في نفس الوقت مرحلة الرغبة في التقليد؛ فمن الخطأ أن نقول له إذا وقف بجوارنا ليقلدنا في الصلاة:" لا يا بني من حقك
أن تلعب الآن حتى تبلغ السابعة، فالصلاة ليست مفروضة عليك الآن "؛ فلندعه على
الفطرة يقلد كما يشاء، ويتصرف بتلقائية ليحقق استقلاليته عنا من خلال فعل ما يختاره
ويرغب فيه ، وبدون تدخلنا (اللهم إلا حين يدخل في مرحلة الخطر )... " فإذا وقف الطفل بجوار المصلي ثم لم يركع
أو يسجد ثم بدأ يصفق مثلاً ويلعب ، فلندعه ولا نعلق على ذلك ولنعلم جميعاً أنهم في
هذه المرحلة قد يمرون أمام المصلين، أو يجلسون أمامهم أو يعتلون ظهورهم، أو قد يبكون، وفي الحالة الأخيرة لا حرج علينا أن نحملهم في الصلاة في حالة الخوف عليهم أو إذا
لم يكن هناك بالبيت مثلاً من يهتم بهم، كما أننا لا يجب أن ننهرهم في هذه المرحلة
عما يحدث منهم من أخطاء بالنسبة للمصلى ..
وفي هذه المرحلة يمكن تحفيظ الطفل سور: الفاتحة، والإخلاص، والمعوذتين
6- كيف نحبب أبناءنا في الصلاة ؟
ثانياً:مرحلة الطفولة المتوسطة (ما بين الخامسة
والسابعة ):
في هذه المرحلة يمكن بالكلام البسيط اللطيف
الهادئ عن نعم الله تعالى وفضله وكرمه (المدعم بالعديد من الأمثلة)، وعن حب الله تعالى
لعباده، ورحمته ؛ يجعل الطفل من تلقاء نفسه يشتاق إلى إرضاء الله، ففي هذه المرحلة
يكون التركيز على كثرة الكلام عن الله تعالى وقدرته وأسمائه الحسنى وفضله
وفي المقابل ، ضرورة طاعته وجمال الطاعة ويسرها
وبساطتها وحلاوتها وأثرها على حياة الإنسان... وفي نفس الوقت لابد من أن يكون هناك
قدوة صالحة يراها الصغير أمام عينيه ، فمجرد رؤية الأب والأم والتزامهما بالصلاة خمس
مرات يومياً، دون ضجر، أو ملل يؤثِّر إيجابياً في نظرة الطفل لهذه الطاعة، فيحبها
لحب المحيطين به لها، ويلتزم بها كما يلتزم بأي عادة وسلوك يومي. ولكن حتى لا تتحول
الصلاة إلى عادة وتبقى في إطار العبادة، لابد من أن يصاحب ذلك شيء من تدريس العقيدة
،
ومن المناسب هنا سرد قصة الإسراء والمعراج، وفرض
الصلاة، أو سرد قصص الصحابة الكرام وتعلقهم بالصلاة ...
ومن المحاذير التي نركِّز عليها دوما الابتعاد عن
أسلوب المواعظ والنقد الشديد أو أسلوب الترهيب والتهديد، وغني عن القول أن الضرب في
هذه السن غير مباح، فلابد من التعزيز الإيجابي، بمعنى التشجيع له حتى تصبح الصلاة
جزءاً أساسياً من حياته.
ويراعى وجود الماء الدافئ في الشتاء، فقد
يهرب الصغير من الصلاة لهروبه من الماء البارد، هذا بشكل عام؛ وبالنسبة للبنات، فنحببهم
بأمور قد تبدو صغيرة تافهة ولكن لها أبعد الأثر، مثل حياكة طرحة صغيرة مزركشة ملونة
تشبه طرحة الأم في بيتها، وتوفير سجادة صغيرة خاصة بالطفلة ..
ويمكن إذا لاحظنا كسل الطفل أن نتركه يصلي ركعتين
مثلا حتى يشعر فيما بعد بحلاوة الصلاة ثم نعلمه عدد ركعات الظهر والعصر فيتمها من تلقاء
نفسه ، كما يمكن تشجيع الطفل الذي يتكاسل عن الوضوء بعمل طابور خاص بالوضوء يبدأ به
الولد الكسول ويكون هو القائد ويضم الطابور كل الأفراد الموجودين بالمنزل في هذا الوقت
.
قال ابن
مسعود رضي الله عنه: 'حافظوا على أبنائكم في الصلاة، ثم تعوَّدوا الخير؛ فإن الخير
بالعادة'، و'كان عروبة يأمر بنيه بالصيام إذا أطاقوه وبالصلاة إذا عقلوا'، ولا مانع
من إعطائهم الهدايا التشجيعية على أداء الصلاة؛ فقد روت عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنهم
كانوا يأخذون الصبيان من الكُتَّاب ليقوموا بهم في رمضان، ويرغبوهم في ذلك عن طريق
الأطعمة الشهية، وكان بعض السلف يعطون الأطفال الهدايا التشجيعية على أداء الصلاة
7- كيف نحبب أبناءنا في الصلاة
ويلاحظ أن تنفيذ سياسة التدريب على الصلاة
يكون بالتدريج ، فيبدأ الطفل بصلاة الصبح يومياً ثم الصبح والظهر، وهكذا حتى يتعود
بالتدريج إتمام الصلوات الخمس، وذلك في أي وقت، وعندما يتعود على ذلك يتم تدريبه
على صلاتها في أول الوقت، وبعد أن يتعود ذلك ندربه على السنن ، كلٌ حسب استطاعته وتجاوبه
ويمكن استخدام التحفيز لذلك، فنكافئه بشتى
أنواع المكافآت، وليس بالضرورة أن تكون المكافأة مالاً، بأن نعطيه مكافأة إذا صلى
الخمس فروض ولو قضاء ، ثم مكافأة على الفروض الخمس إذا صلاها في وقتها، ثم مكافأة
إذا صلى الفروض الخمس في أول الوقت.
ويجب أن نعلمه أن السعي إلى الصلاة سعي
إلى الجنة، ويمكن استجلاب الخير الموجود بداخله بأن نقول له: " أكاد أراك يا
حبيبي تطير بجناحين في الجنة" أو"أنا متيقنة من أن الله تعالى راض عنك و يحبك
كثيراً لما تبذله من جهد لأداء الصلاة "أو:"حلمت أنك تلعب مع الصبيان
في الجنة والرسول صلى الله عليه وسلم يلعب معكم بعد أن صليتم جماعة معه"...وهكذا
أما البنين، فتشجيعهم على مصاحبة والديهم
( أو من يقوم مقامهم من الثقات) إلى المسجد، يكون سبب سعادة لهم؛ أولاً لاصطحاب والديهم
، وثانياً للخروج من المنزل كثيراً، ويراعى البعد عن الأحذية ذات الأربطة التي تحتاج
إلى وقت ومجهود وصبر من
الصغير لربطها أو خلعها...
ويراعى في هذه المرحلة تعليم الطفل بعض
أحكام الطهارة البسيطة مثل أهمية التحرز من النجاسة كالبول وغيره، وكيفية الاستنجاء، وآداب قضاء الحاجة، وضرورة المحافظة على نظافة الجسم والملابس، مع شرح علاقة الطهارة
بالصلاة .
8 - كيف نحبب أبناءنا للصلاة ؟
ثالثاً:مرحلة الطفولة المتأخرة (ما بين
السابعة والعاشرة) :
في هذه المرحلة يلحظ بصورة عامة تغير سلوك
الأبناء تجاه الصلاة، وعدم التزامهم بها ، حتى وإن كانوا قد تعودوا عليها، فيلحظ
التكاسل والتهرب وإبداء التبرم، إنها ببساطة طبيعة المرحلة الجديدة: مرحلة التمرد
وصعوبة الانقياد، والانصياع وهنا لابد من التعامل بحنكة وحكمة معهم، فنبتعد عن السؤال
المباشر: هل صليت العصر؟
لأنهم سوف يميلون إلى الكذب وادعاء الصلاة للهروب منها، فيكون رد الفعل إما الصياح في وجهه لكذبه، أو إغفال الأمر، بالرغم من إدراك كذبه، والأولََى من هذا وذاك هو التذكير بالصلاة في صيغة تنبيه لا سؤال،
مثل العصر يا شباب: مرة، مرتين ثلاثة،وإن قال مثلاً أنه صلى في حجرته، فقل لقد استأثرت حجرتك بالبركة ، فتعال نصلي في
حجرتي لنباركها؛فالملائكة تهبط بالرحمة والبركة في أماكن الصلاة!! وتحسب تلك الصلاة
نافلة، ولنقل ذلك بتبسم وهدوء حتى لا يكذب مرة أخرى
إن لم يصلِّ الطفل يقف الأب أو الأم بجواره-للإحراج
-ويقول: " أنا في الانتظار لشيء ضروري لابد أن يحدث قبل فوات الأوان " (بطريقة
حازمة ولكن غير قاسية بعيدة عن التهديد ).
كما يجب تشجيعهم، ويكفي للبنات أن نقول
:"هيا سوف أصلي تعالى معي"، فالبنات يملن إلى صلاة الجماعة، لأنها أيسر
مجهوداً وفيها تشجيع، أما الذكور فيمكن تشجيعهم على الصلاة بالمسجد و هي بالنسبة للطفل
فرصة للترويح بعد طول المذاكرة، ولضمان نزوله يمكن ربط النزول بمهمة ثانية، مثل شراء
الخبز، أو السؤال عن الجار ...إلخ.
وفي كلا الحالتين: الطفل أو الطفلة، يجب
أن لا ننسى التشجيع والتعزيز والإشارة إلى أن التزامه بالصلاة من أفضل ما يعجبنا في
شخصياتهم، وأنها ميزة تطغى على باقي المشكلات والعيوب، وفي هذه السن يمكن أن يتعلم
الطفل أحكام الطهارة، وصفة النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الأدعية الخاصة بالصلاة،
ويمكن اعتبار يوم بلوغ الطفل السابعة حدث مهم في حياة الطفل، بل وإقامة احتفال خاص
بهذه المناسبة، يدعى إليه المقربون ويزين المنزل بزينة خاصة، إنها مرحلة بدء المواظبة
على الصلاة!!
ولاشك أن هذا يؤثر في نفس الطفل بالإيجاب، بل يمكن أيضاً الإعلان عن هذه المناسبة داخل البيت قبلها بفترة كشهرين مثلا، أو
شهر حتى يظل الطفل مترقباً لمجيء هذا الحدث الأكبر!!
9- كيف نحبب أبناءنا للصلاة ؟
في هذه المرحلة نبدأ بتعويده أداء الخمس
صلوات كل يوم، وإن فاتته إحداهن يقوم بقضائها، وحين يلتزم بتأديتهن جميعا على ميقاتها، نبدأ بتعليمه الصلاة فور سماع الأذان وعدم تأخيرها؛ وحين يتعود أداءها بعد الأذان
مباشرة، يجب تعليمه سنن الصلاة ونذكر له فضلها، وأنه مخيَّر بين أن يصليها الآن، أو حين يكبر
وفيما يلي بعض الأسباب المعينة للطفل في
هذه المرحلة على الالتزام بالصلاة:
يجب أن يرى الابن دائماً في الأب والأم
يقظة الحس نحو الصلاة، فمثلا إذا أراد الابن أن يستأذن للنوم قبل العشاء، فليسمع
من الوالد، وبدون تفكير أو تردد:"لم يبق على صلاة العشاء إلا قليلاً نصلي معا
ثم تنام بإذن الله؛ وإذا طلب الأولاد الخروج للنادي مثلاً ، أو زيارة أحد الأقارب، وقد اقترب وقت المغرب، فليسمعوا من الوالدين :"نصلي المغرب أولاً ثم نخرج"
؛ ومن وسائل إيقاظ الحس بالصلاة لدى الأولاد أن يسمعوا ارتباط المواعيد بالصلاة، فمثلاً:"سنقابل فلاناً في صلاة العصر" و"سيحضر فلان لزيارتنا بعد صلاة
المغرب"
إن الإسلام يحث على الرياضة التي تحمي البدن
وتقويه، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف، ولكن يجب ألا يأتي
حب أو ممارسة الرياضة على حساب تأدية الصلاة في وقتها، فهذا أمر مرفوض.
إذا حدث ومرض الصغير، فيجب أن نعوِّده
على أداء الصلاة قدر استطاعته ، حتى ينشأ ويعلم ويتعود أنه لا عذر له في ترك الصلاة، حتى لو كان مريضاً، وإذا كنت في سفر فيجب تعليمه رخصة القصر والجمع، ولفت نظره
إلى نعمة الله تعالى في الرخصة، وأن الإسلام تشريع مملوء بالرحمة
اغرس في طفلك الشجاعة في دعوة زملائه للصلاة، وعدم الشعور بالحرج من إنهاء مكالمة تليفونية أو حديث مع شخص، أو غير ذلك من أجل
أن يلحق بالصلاة جماعة بالمسجد، وأيضاً اغرس فيه ألا يسخر من زملائه الذين يهملون
أداء الصلاة، بل يدعوهم إلى هذا الخير، ويحمد الله الذي هداه لهذا.
يجب أن نتدرج في تعليم الأولاد النوافل
بعد ثباته على الفروض
و لنستخدم كل الوسائل المباحة شرعاً لنغرس
الصلاة في نفوسهم، ومن ذلك:
المسطرة المرسوم عليها كيفية الوضوء والصلاة
.
تعليمهم الحساب وجدول الضرب بربطهما بالصلاة، مثل:
رجل صلى ركعتين ، ثم صلى الظهر أربع ركعات ، فكم ركعة صلاها؟...وهكذا، وإذا كان كبيراً، فمن الأمثلة:" رجل بين بيته والمسجد 500 متر وهو يقطع في الخطوة الواحدة 40
سنتيمتر، فكم خطوة يخطوها حتى يصل إلى المسجد في الذهاب والعودة؟ وإذا علمت أن الله
تعالى يعطي عشر حسنات على كل خطوة، فكم حسنة يحصل عليها؟
أشرطة الفيديو والكاسيت التي تعلِّم الوضوء والصلاة
، وغير ذلك مما أباحه الله سبحانه
10- كيف نحبب أبناءنا للصلاة ؟
أما مسألة الضرب عند بلوغه العاشرة وهو
لا يصلي، فإننا لا نحتاج إليه إذا قمنا بأداء دورنا كما ينبغي منذ مرحلة الطفولة المبكرة
وبتعاون متكامل بين الوالدين، أو القائمين برعاية الطفل، فإنهم لن يحتاجوا إلى ضربه
في العاشرة، وإذ اضطروا إلى ذلك، فليكن ضرباً غير مبرِّح، وألا يكون في الأماكن غير
المباحة كالوجه؛ وألا نضربه أمام أحد، وألا نضربه وقت الغضب...وبشكل عام، فإن الضرب
( كما أمر به الرسول الكريم في هذه المرحلة) غرضه الإصلاح والعلاج ؛ وليس العقاب والإهانة
وخلق المشاكل،وإذا رأى المربِّي أن الضرب سوف يخلق مشكلة، أو سوف يؤدي إلى كره الصغير
للصلاة، فليتوقف عنه تماماً، وليحاول معه بالبرنامج المتدرج الذي سيلي ذكره...
ولنتذكر أن المواظبة على الصلاة -مثل أي
سلوك نود أن نكسبه لأطفالنا- ولكننا نتعامل مع الصلاة بحساسية نتيجة لبعدها الديني، مع أن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم حين وجهنا لتعليم أولادنا الصلاة راعى هذا
الموضوع وقال"علموا أولادكم الصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر"، فكلمة
علموهم تتحدث عن خطوات مخططة لفترة زمنية قدرها ثلاث سنوات، حتى يكتسب الطفل هذه العادة، ثم يبدأ الحساب عليها ويدخل العقاب كوسيلة من وسائل التربية في نظام اكتساب السلوك، فعامل الوقت مهم في اكتساب السلوك، ولا يجب أن نغفله حين نحاول أن نكسبهم أي سلوك
فمجرد التوجيه لا يكفي، والأمر يحتاج إلى
تخطيط وخطوات وزمن كاف للوصول إلى الهدف، كما أن الدافع إلى إكساب السلوك من الأمور
الهامة، وحتى يتكون ، فإنه يحتاج إلى بداية مبكرة وإلى تراكم القيم والمعاني التي
تصل إلى الطفل حتى يكون لديه الدافع النابع من داخله ، نحو اكتساب السلوك الذي نود
أن نكسبه إياه، أما إذا تأخَّر الوالدان في تعويده الصلاة إلى سن العاشرة، فإنهما
يحتاجان إلى وقت أطول مما لو بدءا مبكرين ، حيث أن طبيعة التكوين النفسي والعقلي لطفل
العاشرة يحتاج إلى مجهود أكبر مما يحتاجه طفل السابعة، من أجل اكتساب السلوك نفسه،
فالأمر في هذه الحالة يحتاج إلى صبر وهدوء وحكمة وليس عصبية وتوتر
11- كيف نحبب أبناءنا للصلاة ؟
مرحلة الطفولة المتأخرة: في هذه المرحلة
يحتاج الطفل منا أن نتفهم مشاعره ونشعر بمشاكله وهمومه، ونعينه على حلها، فلا يرى
منا أن كل اهتمامنا هو صلاته وليس الطفل نفسه، فهو يفكر كثيرا بالعالم حوله، وبالتغيرات
التي بدأ يسمع أنها ستحدث له بعد عام أو عامين، ويكون للعب أهميته الكبيرة لديه،
لذلك فهو يسهو عن الصلاة ويعاند لأنها أمر مفروض عليه و يسبب له ضغطاً نفسياً...فلا
يجب أن نصل بإلحاحنا عليه إلى أن يتوقع منا أن نسأله عن الصلاة كلما وقعت عليه أعيننا!!
ولنتذكر أنه لا يزال تحت سن التكليف ،
وأن الأمر بالصلاة في هذه السن للتدريب
فقط، وللاعتياد لا غير!! لذلك فإن سؤالنا عن مشكلة تحزنه، أو همٍّ، أو خوف يصيبه
سوف يقربنا إليه ويوثِّق علاقتنا به ، فتزداد ثقته في أننا سنده الأمين، وصدره الواسع
الدافىء ...فإذا ما ركن إلينا ضمنَّا فيما بعد استجابته التدريجية للصلاة ، والعبادات
الأخرى ، والحجاب.
رابعا:ً مرحلة المراهقة:
يتسم الأطفال في هذه المرحلة بالعند والرفض
، وصعوبة الانقياد ، والرغبة في إثبات الذات - حتى لو كان ذلك بالمخالفة لمجرد المخالفة-
وتضخم الكرامة العمياء، التي قد تدفع المراهق رغم إيمانه بفداحة ما يصنعه إلى الاستمرار
فيه، إذا حدث أن توقُّفه عن فعله سيشوبه شائبة، أو شبهة من أن يشار إلى أن قراره بالتوقف
عن الخطأ ليس نابعاً من ذاته، وإنما بتأثير أحد من قريب أو بعيد
.
ولنعلم أن أسلوب الدفع والضغط لن يجدي،
بل سيؤدي للرفض والبعد، وكما يقولون"لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد
له في الاتجاه" لذا يجب أن نتفهم الابن ونستمع إليه إلى أن يتم حديثه ونعامله
برفق قدر الإمكان
وفيما يلي برنامج متدرج، لأن أسلوب الحث
والدفع في التوجيه لن يؤدي إلا إلى الرفض، والبعد
هذا البرنامج قد يستغرق ثلاثة أشهر، وربما أقل أو أكثر،
حسب توفيق الله تعالى وقدره
12- كيف نحبب أبناءنا في الصلاة ؟
المرحلة الأولى:
وتستغرق ثلاثة أسابيع أو أكثر، ويجب فيها
التوقف عن الحديث في هذا الموضوع "الصلاة" تماماً، فلا نتحدث عنه من قريب
أو بعيد، ولو حتى بتلميح، مهما بعد. فالأمر يشبه إعطاء الأولاد الدواء الذي يصفه
لهم الطبيب، ولكننا نعطيه لهم رغم عدم درايتنا الكاملة بمكوناته وتأثيراته ، ولكننا
تعلمنا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن لكل داء دواء،فالطفل يصاب بالتمرد و العناد
في فترة المراهقة
كما يصاب بالبرد أغلبية الأطفال في الشتاء.
و تذكر أيها المربي أنك تربي ضميراً، وتعالج
موضوعاً إذا لم يُعالج في هذه المرحلة ، فالله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يعلم إلى
أين سينتهي، فلا مناص من الصبر، وحسن التوكل على الله تعالى وجميل الثقة به سبحانه.
ونعود مرة أخرى إلى العلاج، ألا وهو التوقف
لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع عن الخوض في موضوع الصلاة ، والهدف من التوقف هو أن ينسى
الابن أو الابنة رغبتنا في حثه على الصلاة ،
حتى يفصل بين الحديث في هذا الأمر وعلاقتنا
به أو بها ، لنصل بهذه العلاقة إلى مرحلة يشعر فيها بالراحة ، وكأنه ليس هناك أي موضوع
خلافي بيننا وبينه ، فيستعيد الثقة في علاقتنا به ، وأننا نحبه لشخصه، وأن الرفض هو
للفعال السيئة، وليس لشخصه.
فالتوتر الحاصل في علاقته بالوالدين بسبب
اختلافهما معه أحاطهما بسياج شائك يؤذيه كلما حاول الاقتراب منهما أو حاول الوالدان
الاقتراب منه بنصحه، حتى أصبح يحس بالأذى النفسي كلما حاول الكلام معكما، وما نريد
فعله في هذه المرحلة هو محاولة نزع هذا السياج الشائك الذي أصبح يفصل بينه وبين والديه
المرحلة الثانية:
هي مرحلة الفعل الصامت، وتستغرق من ثلاثة
أسابيع إلى شهر.
في هذه المرحلة لن توجه إليه أي نوع من
أنواع الكلام ، وإنما سنقوم بمجموعة من الفعال المقصودة، فمثلاً "تعمد وضع سجادة
الصلاة على كرسيه المفضل في غرفة المعيشة مثلاً ، أو تعمَّد وضع سجادة الصلاة على سريره
أو في أي مكان يفضله بالبيت، ثم يعود الأب لأخذها و هو يفكر بصوت مرتفع :" أين
سجادة الصلاة ؟
" أريد أن أصلي ، لقد دخل الوقت ،...
ويمكنك بين الفرض والآخر أن تسأله:"حبيبي، كم الساعة ؟هل أذَّن المؤذّن؟ كم بقى على الفرض؟ حبيبي هل تذكر أنني
صليت؟ آه لقد أصبحت أنسى هذه الأيام، إلا هذا الأمر .... واستمر على هذا المنوال لمدة
ثلاثة أسابيع أخرى أو أسبوعين حتى تشعر أن الولد قد ارتاح ، ونسى الضغط الذي كنت تمارسه
عليه؛ وساعتها يمكنك الدخول في المرحلة الثالثة...
13- كيف نحبب أبناءنا للصلاة ؟
استعن بالله تعالى دائما ، ولا تحزن وادع
دائما لابنك وابنتك ولا تدع عليهم أبدا ، وتذكر أن المرء قد يحتاج إلى وقت ، لكنه سينتهي
بسلام إن شاء الله ، فالأبناء
في هذه السن ينسون ويتغيرون بسرعة، خاصة
إذا تفهمنا طبيعة المرحلة التي يمرون بها وتعامَلنا معهم بمنتهى الهدوء، والتقبل وسعة
الصدر والحب.
كيف نكون قدوة صالحة لأولادنا؟
يمكن في هذا المجال الاستعانة بما يلي:
محاولة الوالدين يوم الجمعة أن يجلسا معا
للقيام بسنن الجمعة_بعد الاغتسال- بقراءة سورة الكهف، والإكثار من الاستغفار والصلاة
على الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم ، لينشأ الصغار وحولهم هذا الخير، فيشتركون فيه
فيما بعد.
حرص الوالدين على أن يحضر الأولاد معهما
صلاة العيدين ، فيتعلق أمر الصلاة بقلوبهم الصغيرة
الترديد أمامهم -من حين لآخر- أننا صلينا
صلاة الاستخارة، وسجدنا سجود الشكر ..وغير ذلك
أطفالنا والمساجد:
كما لا يمكننا أن نتخيل أن تنمو النبتة
بلا جذور ، كذلك لا يمكن أن نتوقع النمو العقلي والجسمي للطفل بلا حراك أو نشاط ، إذ
لا يمكنه أن يتعرف على الحياة وأسرارها، واكتشاف عالمه الذي يعيش في أحضانه، إلا
عن طريق التجول والسير في جوانبه وتفحص كل مادي ومعنوي يحتويه وحيث أن الله تعالى
قد خلق فينا حب الاستطلاع والميل إلى التحليل والتركيب كوسيلة لإدراك كنه هذا الكون، فإن هذه الميول تكون على أشُدَّها عند الطفل، لذلك فلا يجب أن نمنع الطفل من دخول
المسجد حرصاً على راحة المصلين، أو حفاظاً على استمرارية الهدوء في المسجد،
ولكننا أيضا يجب ألا نطلق لهم الحبل على
الغارب دون أن نوضح لهم آداب المسجد بطريقة مبسطة يفهمونها، فعن طريق التوضيح للهدف
من المسجد وقدسيته والفرق بينه وبين غيره من الأماكن الأخرى، يقتنع الطفل فيمتنع عن
إثارة الضوضاء في المسجد احتراماً له ، وليس خوفاً من العقاب...ويا حبذا لو هناك ساحة
واسعة مأمونة حول المسجد ليلعبوا فيها وقت صلاة والديهم بالمسجد، أولو تم إعطاؤهم
بعض الحلوى،
أو اللعب البسيط من وقت لآخر في المسجد، لعل ذلك يترك في نفوسهم الصغيرة انطباعا جميلا يقربهم إلى المسجد فيما بعد.
فديننا هو دين الوسطية ، كما أنه لم يرد
به نصوص تمنع اصطحاب الطفل إلى المسجد، بل على العكس ، فقد ورد الكثير من الأحاديث
التي يُستدل منها على جواز إدخال الصبيان(الأطفال) المساجد ، من ذلك ما رواه البخاري
عن أبي قتادة:( خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم و امامة بنت العاص على عاتقه ،
فصلى، فإذا ركع وضعها ، وإذا رفع رفعها ) كما روى البخاري عن أبي قتادة، عن النبي
صلى الله عليه وسلم:( إني لأقوم في الصلاة فأريد أن أطيل فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوَّز في صلاتي كراهية أن أشُق على أمه )،
وكذلك ما رواه البخاري عن عبد الله بن عباس
قال:( أقبلت راكباً على حمار أتان، وأنا يومئذٍ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى
الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت
الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم يُنكر ذلك علىّْ) .
14 - ما أهم معين في التربية ؟
خير معين بعد بذل الجهد:
لعل أفضل ما نفعله بعد بذل كل ما بوسعنا
من جهد وبالطريقة المناسبة لكل مرحلة عمرية ، هو التضرع إلى الله عز وجل بالدعاء ،
هل هناك أدعية من كتاب الله تعالى وسنة
الحبيب عليه الصلاة والسلام ؟
(رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبَّل
دعاء ).
" يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لأولادي
شأنهم كله ولا تكلهم إلى أنفسهم طرفة عين ، ولا أقل من ذلك".
"اللهم اهدهم لصالح الأعمال والأهواء والأخلاق
، فإنه لا يهدي لصالحها إلا أنت، واصرف عنهم سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت"
"اللهم إني أسالك لهم الهدى والتقى والعفاف
والغِنَى"
"اللهم اجعل الصلاة أحب إليهم من الماء البارد
على الظمأ، إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، يا نعم المولى ونعم النصير"
هل هناك تجارب لبعض الأمهات ؟
فيما يلي بعض من تجارب الأمهات التي نجحت
في ترغيب أطفالهن في الصلاة ، ولكل أم أن تختار ما يتناسب مع شخصية طفلها ، دون أضرار
جانبية.
1 قالت أم لولدين
لاحظت أن الابن الأصغر مستاءٌ كثيراً لأنه
الأصغر وكان يتمنى دائماً أن يكون هو الأكبر، فكنت كلما أردته أن يصلي قلت له:"هل صليت؟"
فيقول "لا"، فأقول" هل أنت
صغير، فيقول لا، فأقول:" إن الكبار فقط هم الذين يصلون"، فتكون النتيجة أن
يجري إلى الصلاة!
2 وأمٌ أخرى كانت تعطي لولدها ذو الست سنوات مال كلما صلى الخمس صلوات كاملة في
اليوم ، وكانوا يدخرون المبلغ حتى اشترى بها هدية كبيرة،
وظلت هكذا حتى اعتاد الصلاة ونسي المكافأة!!
ونذكر بضرورة تعليم الطفل أن أجر الله وثوابه على
كل صلاة خير له وأبقى من أي شيء آخر.
3 وأمٌ ثالثة قالت أن والد الطفل رجل أعمال ووقته
الذي يقضيه بالبيت محدود ، وكان لا يبذل أي جهد لترغيب ابنه في الصلاة ، ولكن الله
تعالى رزقهم بجار كان يكبر الولد قليلا وكان يأخذ الصبية من الجيران معه إلى أقرب مسجد
للبيت ، فكانوا يخرجون معا
عند كل صلاة ويلتقون فيمرحون ويضحكون في
طريقهم من وإلى المسجد حتى اعتاد ابنها الصلاة!!
4 وهناك أم تقول:" كنت أترك ابنتي تصلي بجواري ولا أنتقدها في أي شيء مخالف تفعله ،
سواء صلت بدون وضوء ، أم صلت الظهر ركعتين...حتى
كبرت قليلاًً و تعلمت الصلاة الصحيحة في المدرسة، فصارت تحرص على أدائها بالتزام
!!!
5 وتقول أم: أن ولدها قال لها أنه لا يريد أن يصلي
لأن الصلاة تضيع عليه وقت اللعب ، فطلبت منه أن يجريا تجربة عملية وقالت له أنت تصلي
صلاة الصبح وأنا أقوم بتشغيل ساعة الإيقاف الجديدة الخاصة بك (كان الولد فرح جداً بهذه
الساعة ، فتحمس لهذا الأمر) ، فبدأ يصلي وقامت الأم بحساب الوقت الذي استغرقه في هاتين
الركعتين ، فوجدا أنهما استغرقتا دقيقة وعدة ثوان!!، فقالت له لقد كنت تصلي ببطء ،
وأخذت منك صلاة الصبح هذا الوقت اليسير ، معنى ذلك أن الصلوات الخمس لا يأخذن من وقتك
إلا سبعة عشر دقيقة وعدة ثواني كل يوم ، أي حوالي ثلث ساعة فقط من الأربع وعشرين ساعة
كل يوم ، فما رأيك؟!!! فنظر الولد إليها متعجباً.
6 تقول أم :"ألحقت أولادي بدار لتحفيظ القرآن،
وكانت المعلمة بعد أن تحفِّظهم الجزء المقرر في كل حصة تقوم بحكاية قصة هادفة لهم ،
ثم تحدثهم عن فضائل الصلاة وترغِّبهم فيها وحين يأتي موعد الصلاة أثناء الحصة تقول
لهم :"هيا نصلي الظهر جماعة ، وليذهب للوضوء مَن يريد " ، حتى أقبل أولادي
على الصلاة بنفوس راضية والحمد لله!!!
هذا يعد آخر درس في تحبيب الأبناء للصلاة , والحمد
لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق