هذه بعض الوصايا الهامة
:
1- «وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ
إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا» سورة الإسراء
هنا تبرز عظيم حاجة الإنسان إلى تثبيت الله
عز و جل و أن الله لولا أن يثبته لتهاوت قواه و انهار قلبه أمام الشبهات و الفتن، فالقلوب
ضعيفة و الفتن و الشبهات خطافة إذا لم يعصم الله عز و جل للعبد فإنه يوشك أن يهلك،
و لذلك كانت أكثر أيمان الرسول عليه الصلاة و السلام «لا و مصرف القلوب»
«وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ
لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ۚ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ
ۖ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ» (199) سورة الأنعام
«وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ
كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ» و يقول:
و هنا ينبغي أن يخاف الإنسان على نفسه مهما
ظهر منك من الصلاح، مهما عرفت من نفسك من الاستقامةـ مهما كنت عليه من خير احذر، فالقلوب
بيد الله يصرفها كيف يشاء ،
و التصريف ليس خط عشواء و لا أمر يكون دون
الأسباب، بل هو بالأسباب و مقدمات« فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ»
لذلك يحذر المؤمن أن ينتكس قلبه أو يرتكس أو ينخلع من الهدى أو ينحرف عن الصراط المستقيم،
فإنه إذا كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم و هو الممدود بالوحي من السماء ، يخاف ذلك و يكون أكثر دعائه في سجوده «اللهم مقلب
القلوب ثبت قلبي على دينك»،
فكيف بغيره.
ماذا كان حال سلفنا ؟
سفيان الثوري قضى ليلتا و هو منكس رأسه
فقال له أحد من حضره:
يا أبا سعيد الذنوب تخاف ؟؟؟
فرفع نبتتًا من الأرض و قال: إن
ذنوبي عندي أهون من هذا و لكني أخشى أن أسلب الإيمان.
الله أكبر تلك قلوب حية، ففطنة ، فكانت
على حذر و وجل كما قال الله تعالى:« أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ
اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ» هؤلاء عرفوا أنهم بالله و لله و على الله،
و انه لولا الله ما اهتدوا و لا ثبتوا على الحق، فكانت قلوبهم معلقة بالله في طلب التثبيت
و الهداية
لذلك كل من ظن أن الهداية التي هو عليها
من جهده و من كده و من عمله ، فإنه سيخذل ، إنما ينتصر و يثبت و يفوز من كان بالله
و لله.
من درر ابن القيم رحمه الله
و الله ما أخشى الذنوب، فإنها لعلى سبيل العفو و الغفران.. لكنما أخشى انسلاخ القلب من
.. تحكيم هذا الوحي والقرآن
إن الله جرت سنته أن يعفو و يصفح و يتجاوز،
حتى و لم يتب الإنسان فإن الذنوب التي يحق لله إن شاء عفا عنها و إن شاء غفرها، فكيف
بمن تاب إلى الله و صدق في الإقبال عليه و قال استغفر الله العظيم و أتوب إليه صادقًا،
مخلصًا، منيبًا، أواهًا، لا شك أن الله تعالى يغفر لهـ فهو يفرح بتوبة التائبين و التوبة
تهدم ما كان قبلها.
لكنما الإشكال، كل الإشكال في أن يطبع على
القلب و أن تصيبه شؤم معاصيه فينقلب بعد الهداية، ينقلب موتُا بعد الحياة
.
الهداية حياة يقول الله جل و علا:« أَوَمَنْ
كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ» بهذا النور المبين و القرآن العظيم،كيف إذا سلب النور و ذهب عنه ما يبصر به و يرى مواقع الهدى، لا شك أنه في بلاء عظيم و شر
عظيم كما قال له أصحابه يدعونه إلى الهدى، حيران لا يدري أين يذهب، هو بين من يدعوه
و ينزعه إلى الشر و بين من يدعوه و ينزعه إلى الخير.
و مالك نفسه إلى الشر فهو حائر
هذه القلوب لما بعدت عن الله أصابها ما
أصابها، لذلك من أوجب ما يكون على الإنسان و أهم ما ينبغي للمؤمن الذي يريد نجاة الآخرة
و فوز الدنيا أن يلاحظ قلبه و أن يعتني به و أن يكون شديد الحرص على سلامته« ألا إن
في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله
».
المقام الخطير:
هذا المقام عظيم و خطير و لو تكلم الإنسان
فيه ما تكلم فهو بحاجة إلى مزيد تنبيه، لاسيما مع هذا الانفتاح الكبير على الناس في
الشهوات و الشبهات و الدواعي التي تدعوا الناس إلى الخروج عن الصراط المستقيم.
لاشك أن يحتاج الإنسان إلى قلب رقيق أواه،
إلى كثرة استغفار و توبة، إلى الشعور بالخطر حتى يكون يقظًا ، إن لم يستيقظ فسيهلك
و الله سيهلك.
عدم الإغترار:
و لا يغتر الإنسان بحاله، كم من إنسان كان
على هداية و صلاح فانقلب قلبه و تحولت حاله و أصرف على نفسه بألوان من المعاصي و الخطايا
و أتبع ذلك بصور من الشهوات حتى أصبح من أعداء الله و رسوله و كان يومًا من الأيام
يدعو إلى الله على بصيرة.
لاشك أن القلوب ضعيفة و الله تعالى يقول
لرسوله:« وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً».
فإذا كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
محتاجًا إلى ثبات قلبه و يفزع إلى ربه في طلب ذلك فكلنا بحاجة إلى ذلك.
اللهم اربط على قلوبنا،
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا
و في الآخرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق