الخميس، 28 أبريل 2016

حكم السحر في الشريعة الإسلامية


حكم الساحر في الشريعة الإسلامية
الدرس الأول:
1- قال الإمام مالك - رحمه الله تعالى -:
الساحر الذي يعمل السحر، ولم يعمل ذلك له غيرُه، هو مِثْل الذي قال الله - تبارك وتعالى - في كتابه: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾ [البقرة: 102]، فأرى أن يُقتَل إذا عمل ذلك هو نفسه؛ اهـ[1].

2- قال ابن قدامة - رحمه الله تعالى -:
وحَدُّ الساحر القتل، رُوِيَ ذلك عن عمر، وعثمان بن عفان، وابن عمر، وحفصة، وجُندُب بن عبدالله، وجندب بن كعب، وقيس بن سعد، وعمر بن عبدالعزيز، وهو قول أبي حنيفة، ومالك.

3- قال القرطبي - رحمه الله تعالى -:
اختلف الفقهاء في حكم الساحر المسلم والذمي، فذهب مالك إلى أن المسلم إذا سحر بنفسه بكلام يكون كُفرًا، يُقتَل ولا يُسْتَتابُ، ولا تُقبَل توبته؛ لأنه أمر يستسِرُّ به؛ كالزنديق، والزاني، ولأن الله تعالى سمى السحر كفرًا بقوله: ﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾ [البقرة: 102].
وهو قول أحمد بن حنبل، وأبي ثور، وإسحاق، والشافعي[2]، وأبي حنيفة[3]؛ اهـ.
حكم السحر في الشريعة الإسلامية
الدرس الثاني:
4- وقال ابن المنذر - رحمه الله تعالى -:
إذا أقر الرجل بأنه سحَر بكلام يكون كُفرًا، وجب قتلُه إن لم يتب، وكذلك لو ثبتت به عليه بيِّنةٌ، ووصفَتِ البينةُ كلامًا يكون كُفرًا.
وإن كان الكلام الذي ذَكَر أنه سَحَر به ليس بكفرٍ، لم يجُزْ قتله، فإن كان أحدث في المسحور جنايةً تُوجِبُ القصاصَ، اقتُصَّ منه، إن كان عمد ذلك، وإن كان مما لا قصاص فيه، ففيه دية ذلك[4].

5- قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى -:
وقد استَدل بقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا ﴾ [البقرة: 103] مَن ذهب إلى تكفير الساحر، كما هو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل، وطائفة من السلف، وقيل: بل لا يكفر، ولكنْ حدُّه ضربُ عنقه؛ لما رواه الشافعي وأحمد قالا: أخبرنا سفيان - هو ابن عيينة - عن عمرو بن دينار أنه سمع بجلة بن عبدة يقول: كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أنِ اقتُلوا كل ساحر وساحرة، قال: فقتلْنا ثلاث سواحر.
قال: وقد أخرجه البخاري في صحيحه[5].
قال: وهكذا صح أن حفصة أم المؤمنين سحرتْها جارية لها، فأمرتْ بها فقُتِلت.
قال الإمام أحمد: صح عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الساحر[6].

6- قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -:
وعند مالك أن حكم الساحر حكم الزنديق، فلا تقبل توبته، ويُقتَل حدًّا، إذا ثبت عليه ذلك، وبه قال أحمد.

وقال الشافعي: لا يُقتَل إلا إن اعترف أنه قتَل بسحرِه فيُقتَل به؛ اهـ[7].

الخلاصة:
ويتضح مما مر أن جمهور العلماء يقولون بقتل الساحر إلا الشافعي رحمه الله، يقول: لا يُقتَل إلا إذا قتَل بسِحْره، فيُقتَل قِصاصًا.
حكم السحر في الشريعة الإسلامية
الدرس الثالث:
هل يجوز حل السحر بالسحر؟
1- قال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طب، أو يُؤخَذ عن امرأته - أيُحَلُّ عنه أو يُنشَر؟
قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع، فلم يُنْهَ عنه؛ اهـ[12].

2- قال القرطبي - رحمه الله تعالى -:
واختلفوا هل يُسأَلُ الساحرُ حَلَّ السحر عن المسحور؟
فأجازه سعيد بن المسيب، على ما ذكره البخاري، وإليه مال المُزَني، وقال الشعبي: لا بأس بالنُّشْرة العربية، وكرهه الحسن البصري؛ اهـ[13].
قلت: والنُّشْرة هي ضرب من العلاج يعالج به من يُظَن أن به سحرًا أو مسًّا من الجن.

3- قال ابن قدامة - رحمه الله تعالى -:
أما من يَحُلُّ السحر؛ فإن كان بشيء من القرآن، أو بشيء من الذكر والإقسام، أو الكلام الذي لا بأس به، فلا بأس به، وإن كان بشيء من السحر، فقد توقف أحمد بن حنبل عنه؛ اهـ[14].

4- قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -:
ويجاب عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((النُّشْرة من عمل الشيطان))[15] بأنه إشارة إلى أصلها، فمن قصد بها خيرًا، كان خيرًا، وإلا فهو شر.
حكم السحر في الشريعة الإسلامية
الدرس الرابع:
قال: ولكن يحتمل أن تكون النُّشْرة نوعين؛ اهـ[16].
قلت: وهذا هو الصواب؛ فإن النشرة نوعان:
الأول: النُّشْرة الجائزة، وهي حل السحر بالقرآن، والأدعية، والأذكار المشروعة.

الثاني: النُّشْرة المحرمة: وهي حل السحر بالسحر، من استعانةٍ بالشياطين، وتقرُّبٍ إليهم، واستغاثة بهم، وإرضائهم[17]، ولعل هذا النوع هو المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((النُّشْرة من عمل الشيطان))، وكيف يجوز هذا النوع من النُّشْرة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث عن الذهاب إلى السحرة والكهان، وبيَّن أن مَنْ صدَّقَهم فقد كفر بما أُنزِلَ على محمد - صلى الله عليه وسلم؟

5- قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -:
النُّشْرَة: حلُّ السحر عن المسحور، وهي نوعان:
أحدهما: حلٌّ بسحرٍ مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يُحمَل قولُ الحسن البصري، فيتقرَّب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور.
والثاني: النُّشْرة بالرقية، والتعوُّذات، والدعوات المباحة، فهذا جائز.
حكم السحر في الشريعة الإسلامية
الدرس الخامس:
هل يجوز تعلم السحر؟
1- قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -:
قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾ [البقرة: 102] فيه إشارة إلى أنَّ تعلُّمَ السحر كُفْر؛ 
اهـ[18].

2- قال ابن قدامة - رحمه الله تعالى -:
تعلُّم السحر وتعليمه حرام، لا نعلم فيه خلافًا بين أهل العلم. 
قال أصحابنا[19]: ويكفُر الساحر بتعلُّمه وفعله، سواء اعتقد تحريمه أو إباحته؛ اهـ[20].

3- قال أبو عبدالله الرازي:
العلم بالسحر ليس بقبيح ولا محظور، اتفق المحققون على ذلك؛ لأن العلم لذاته شريف، وأيضًا لعموم قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9]؛ ولأن السحر لو لم يكن يُعْلم، لما أمكن الفرق بينه وبين المعجزة، والعلم بكون المعجز معجزًا واجب، وما يتوقف الواجب عليه فهو واجب، فهذا يقتضي أن يكون تحصيل العلم بالسحر واجبًا، وما يكون واجبًا، فكيف يكون حرامًا وقبيحًا؟ اهـ[21].

4- قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى -:
وفي كلام الرازي نظر من وجوه:
أحدها: قوله: "العلم بالسحر ليس بقبيح"، إن عَنى به ليس بقبيح عقلاً، فمخالفوه من المعتزلة يمنعون هذا، وإن عَنى به ليس بقبيح شرعًا، ففي هذه الآية الكريمة ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ﴾ [البقرة: 102] تبشيع لتعلُّم السحر، وفي الصحيح: ((من أتى عرَّافًا أو كاهنًا، فقد كفر بما أنزل على محمد))[22]رواه الأربعة والبزار بأسانيد حسنة بلفظ: ((فصدَّقَه))، ورواه مسلم بلفظ: ((فصدَّقه، لم تُقبل له صلاة أربعين يومًا)). وفى السُّنن: ((من عقد عُقْدةً ونفث فيها، فقد سَحَر)).

وقوله: "ولا محظور، اتفق المحققون على ذلك"، كيف لا يكون محظورًا مع ما ذكرناه من الآية والحديث، واتفاق المحققين يقتضي أن يكون قد نصَّ على هذه المسألة أئمة العلماء، أو أكثرهم، وأين نصوصهم على ذلك؟ ثم إدخاله السحر في عموم قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9] فيه نظر؛ لأن هذه الآية إنما دلت على مدح العالِمين العلمَ الشرعي.

ولمَ قلتَ: إن هذا منه؟ ثم ترقيه إلى وجوب تعلمه بأنه لا يحصل العلم بالمعجزة إلا به - ضعيفٌ بل فاسد؛ لأن أعظم معجزات رسولنا عليه الصلاة والسلام هي القرآن العظيم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ثم إن العلم بأنه معجز لا يتوقف على علم السحر أصلاً.
ثم من المعلوم بالضرورة أن الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين وعامتهم كانوا يعلَمون المعجز ويُفرِّقون بينه وبين غيره، ولم يكونوا يَعلَمون السحر ولا تعلَّمُوه ولا عَلَّمُوه، والله أعلم؛ اهـ[23]تفسير ابن كثير 1/145..

5- قال أبو حيان في البحر المحيط:
وأما حكم تعلُّم السحر، فما كان منه يُعظَّم به غير الله من الكواكب والشياطين، وإضافة ما يُحدِثه الله إليها، فهو كفر إجماعًا، لا يحل تعلُّمه ولا العمل به، وكذا ما قُصِد بتعلُّمه سفْكُ الدماء، والتفريق بين الزوجين والأصدقاء.

وأما إذا كان لا يُعلَم منه شيء من ذلك؛ بل يحتمل، فالظاهر أنه لا يَحِل تعلمه، ولا العمل به.
وما كان من نوع التخييل، والدجل، والشعبذة، فلا ينبغي تعلُّمه؛ لأنه من باب الباطل، وإن قُصِد به اللهو واللعب، وتفريج الناس على خفة صنعته، فيُكْرَه؛ اهـ[24]نقلاً عن روائع البيان 1/85..
قلت: وهذا كلام حسن جَيِّد، وهو الذي ينبغي التعويل عليه في هذا الأمر.
http://www.alukah.net/sharia/0/69868/

حكم السحر في الشريعة الإسلامية
الدرس السادس
بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
برقم ( 23621 )
في حكم الذهاب إلى السحرة من أجل المعالجة 
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ، وبعد 
فقد ورد إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الكثير من الأسئلة والاستفسارات عن حكم السحر وعن إتيان السحرة ، فنقول : حرم الله السحر تعلمًا وتعليمًا وعملاً به ، وحيث تظافرت الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم السحر ، وكفر الساحر ، يقول الله سبحانه عن اليهود :  وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ  .(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 91)

فقد أخبر سبحانه وتعالى بكذب الشياطين فيما تلته على ملك سليمان - عليه السلام - ونفى عنه ما نسبوه إليه من السحر ، بنفي الكفر عنه ، مما يدل على كون السحر كفرًا ، وأكد كفر الشياطين ، وذكر صورة من ذلك ، وهي : (تعليم الناس السحر) ومما يؤكد كفر متعلم السحر قوله تعالى عن الملكين اللذين يعلمان الناس السحر ابتلاءً لمن جاء متعلمًا :  إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ  ، أي : لا تكفر بتعلم السحر .

ثم أخبر سبحانه أن تعلم السحر ضرر لا نفع فيه ، فقال:  وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ  ، وما لا نفع فيه وضرره محقق، لا يجوز تعلمه بحال. ثم يقول سبحانه:  وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ أي: لقد علم اليهود فيما عهد إليهم: أن الساحر لا خلاق له في الآخرة، قال ابن عباس: (ليس له نصيب) وقال الحسن: (ليس له دين)، فدلت الآية على تحريم السحر، وعلى كفر الساحر، وعلى ضرر السحرة على الخلق ، وقال سبحانه:  وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ، ففي هذه الآية الكريمة نفى الفلاح نفيًا عامًا عن الساحر في أي مكان كان، وهذا دليل على كفره.
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 92)


حكم السحر في الشريعة الإسلامية
الدرس السابع
بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
ومن السنة ما ورد في الصحيحين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا : يا رسول الله : وما هن ؟ قال: الشرك بالله، والسحر ،وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات .

 وهذا يدل على عظم جريمة السحر؛ لأنه قرنه بالشرك، وعده من السبع الموبقات، التي نهي عنها ؛ لكونها تهلك فاعلها في الدنيا بما يترتب عليها من الأضرار الحسية والمعنوية ، وتهلكه في الآخرة بما يناله بسببها من العذاب الأليم.

ومن السنة أيضًا حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -  . رواه أحمد ، والأربعة ، والحاكم ، وقال : صحيح على شرطهما،

وروى البزار ، وأبو يعلى بإسناد جيد ، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - موقوفًا :  من أتى عرافًا أو ساحرًا أو كاهنًا فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - 

ومنها حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له ، ومن أتى كاهنًا فصدقه بما قال فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -.

رواه البزار بإسناد جيد، وهناك أحاديث أخرى في النهي عن إتيان الكهان والعرافين ، وبيان آتيهم ومصدقهم ، وإلحاق ذلك بالسحر.
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 93)

حكم السحر في الشريعة الإسلامية
الدرس الثامن
بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
فهذه النصوص الصريحة من الكتاب والسنة ، تدل على كفر الساحر، مما يدل على أنه يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل، وذهب بعض العلماء إلى قتله بدون استتابة.

وروى الترمذي، عن جندب - رضي الله عنه - موقوفًا: حد الساحر ضربة بالسيف، وورد عن طائفة من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل السحرة، أو الأمر بذلك، ولم يوجد بينهم خلاف فيه 

حيث قد روي القتل في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لثلاث سواحر 
عندما كتب لجزء بن معاوية عم الأحنف بن قيس: (أن اقتلوا كل ساحر وساحرة) ،

 وروى الإمام مالك ، أن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قتلت جارية لها سحرتها، وقد كانت دبرتها فأمرت بها فقتلت . كما روى البخاري في (التاريخ الكبير) بسند صحيح، عن أبي عثمان: (كان عند الوليد رجل يلعب فذبح إنسانًا وأبان رأسه فعجبنا ، فأعاد رأسه ، فجاء جندب الأزدي فقتله) 

كما روي قتل السحرة عن غير هؤلاء من الصحابة، فروي عن عثمان بن عفان، وابن عمر، وأبي موسى، وقيس بن سعد - رضي الله عنهم -

 كما روي عن سبعة من التابعين ، منهم عمر بن عبد العزي ، وهذا الفعل من الصحابة - رضي الله عنهم - ، ثم من التابعين يعد إجماعًا منهم على ذلك 

 يقول الشيخ الشنقيطي: (فهذه الآثار التي لم يعلم أن أحدًا من الصحابة أنكرها ، مع اعتضادها بالحديث المرفوع المذكور ، هي حجة من قال بقتله مطلقًا ، والآثار المذكورة والحديث فيهما الدلالة على أنه يقتل ، ولو لم يبلغ به
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 94)
حكم السحر في الشريعة الإسلامية
الدرس التاسع
بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
سحره الكفر ؛ لأن الساحر الذي قتله جندب - رضي الله عنه - ، كان سحره من نوع الشعوذة ، والأخذ بالعيون ، حتى أنه يخيل إليهم أنه أبان رأس الرجل ، والواقع بخلاف ذلك.

وقول عمر : (اقتلوا كل ساحر) يدل على ذلك لصيغة العموم. (أضواء البيان ج4 ص 461) .
ولما كان السحر داء يؤثر فيمرض الأبدان، ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه، شرع أن يسعى في علاجه، والأخذ بالأسباب المباحة المؤدية إلى الشفاء ؛ لأن الله تعالى جعل لكل داء دواء كما ورد 

في (صحيح البخاري ) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء.

وفيما رواه مسلم ، عن جابر - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:  لكل داء دواء ، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله - عز وجل- . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

ويعالج السحر بالقرآن والأدعية المشروعة، والأدوية المباحة، وأما علاجه بالسحر فهذا حرام لا يجوز؛ لعموم النصوص الواردة في تحريم السحر ؛ لأنه من عمل الشيطان.

كما لا يجوز علاجه بسؤال الكهنة والعرافين والمشعوذين، واستعمال ما يقولون؛ لأنهم لا يؤمنون، لأنهم كذبة فجرة ،يدعون علم الغيب ويلبسون على الناس. وقد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم .

 وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه  سئل عن النشرة فقال :هي من عمل الشيطان. رواه الإمام أحمد، وأبو داود بسند جيد ، والنشرة هي: حل السحر عن المسحور ، والمراد
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 95)
حكم السحر في الشريعة الإسلامية
الدرس العاشر 
بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالنشرة الواردة في الحديث : النشرة التي يتعاطاها أهل الجاهلية وهي سؤال الساحر ليحل السحر بسحر مثله ، أما حله بالرقية والتعوذات الشرعية والأدوية المباحة فلا بأس بذلك، وكل ما ورد عن السلف في إجاز النشرة، فإنما يراد به النشرة المشروعة، وهي ما كان بالقرآن والأدعية المشروعة ، والأدوية المباحة.

ولا يصح القول بجواز حل السحر بسحر مثله بناء على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات؛ لأن من شرط هذه القاعدة أن يكون المحظور أقل من الضرورة، كما قرره علماء الأصول، وحيث إن السحر كفر وشرك، فهو أعظم ضررًا بدلالة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:  لا بأس بالرقى ما لم يكن فيها شرك. أخرجه مسلم، والسحر يمكن علاجه بالأسباب المشروعة ، فلا اضطرار لعلاجه بما هو كفر وشرك.

وبناء على ما سبق فإنه يحرم الذهاب إلى السحرة مطلقًا ولو بدعوى حل السحر، واللجنة إذ تنشر هذا لبيان وجه الحق في هذا الموضوع إبراءً للذمة ونصحًا للأمة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
تم بفضل الله و منته 
http://www.alifta.net/fatawa/fatawaDetails.aspx?languagename=ar&BookID=3&View=Page&PageNo=3&PageID=14716







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق