السبت، 25 يونيو 2016

همسات قبل دخول العشر


همسات قبل دخول العشر 
(١)
لنستبشر جميعا ولنحمد الله عز وجل جميعا فهو الكريم الوهاب، من علينا بالنعم العظيمة.  من هذه النعم أن بلغنا هذه الليالي، فلا عذر للخلق في أن يظلموا أنفسهم فيها.  هذه الليالي التي ترتفع فيها الدرجات، يقوم فيها عباد الله وهم متأملون أن يكونوا من أهل ليلة القدر، التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه، كيف لها وهي خير من ألف شهر
إن إيمانك بلقاء الله وإيمانك أن الخلق يفزعون في ذاك اليوم وأن من جاء بالحسنة سيأمن من ذاك الفزع يجعلك تجتهد في تحري ليلة القدر، تجتهد في الأعمال الصالحة، تجتهد في الذكر والشكر والإحسان إلى الخلق، تجتهد في أن تجعل الليل محراب العبادة، 
 تطيل السجود بين يدي الله، 
 تسأله أن ينجيك من ذاك الفزع العظيم وأنت موقن بأنه سيقع، هذا الخطاب يُخاطب به من في قلبه قوة إيمان، لأن هذه الأخبار لابد أن تقع حقيقة!


همسات قبل دخول العشر
(٢)
 كن من المنكسرين الأذلاء! فالمنكسر الذليل يعلم أنه لا يقوى على طاعة أو عبادة إلا إذا أذن الله له، فعلى ذلك يكثر من دعاء: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. قبل أن تسلم من كل صلاة، اطلب من الله أن يعينك على الذكر والشكر وحسن العبادة
 هذه الأيام القادمة أيام لا تعوض ولا تتكرر، فيها فرصة عظيمة للتوبة والإنابة والندم والإقبال على الله عز وجل وطلب العون منه سبحانه وتعالى على هذا كله  {إياك نعبد وإياك نستعين}

 في هذه الأيام العظيمة تعتق الرقاب من النار ويتوب الله عز وجل على من تاب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَانْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ" ، معنى هذا أننا بين يدي فرصة عظيمة، ومن علم الفزع في يوم القيامة وخاف الخطر ووقع اليقين في قلبه؛ كان من الواجب أثر هذا كله أن يقبل على الله طالبا منه أن يقبل منه طاعاته وعباداته وأن يعينه على القيام والذكر والدعاء

ولا تتنافس في هذه الأيام مع الأحياء، ولا تلتفت إليهم ولا تسأل عنهم ولا تعتني بما اعتنوا، إنما عليك أن تكون جازما حازما في أمرك
 اعتنِ بنفسك وتفكر في قبرك الذي ستنفرد فيه عن كل الخلق.


همسات قبل دخول العشر 
(٣)
اعلم أن الحزم كل الحزم ألا يكسل الإنسان في آخر العمل، لأن كثيرا من النفوس، بل أكثرها، تبدأ الأعمال وهي في حالة من الحماسة والإقبال، فإذا أتى آخر العمل وجدت فيها ضعفا وتكاسلا.  وهذه طباع موجودة في النفوس
فالحزم الآن أن تحمل نفسك في كل عمل على أن تتمه على أحسن حال
 مثال: أنت الآن تستعد لصلاة الظهر، تصلي قبل صلاة الظهر أربع ركعات، تجد الأربع ركعات يسيرة عليك استعدادا للظهر، ثم تصلي الظهر، تأتي بعد ذلك ركعتي السنة بعد الظهر، كثير من الناس يحصل عندهم حالة من التكاسل ومن التباطؤ، لماذا؟ في الطباع النفسية يتكاسل الإنسان دائما لما يأتي العمل على آخره.  فكن حازما جازما على نفسك، وذكرها أن ما هي إلا أيام وينتهي هذا العقد الفريد ويرحل رمضان عنا وتذهب هذه النعمة، وسل نفسك كم تمتعت بها وانتفعت بها وكم جعلت لنفسك

 همسات قبل دخول العشر 
(٤)
اذكر دائما في هذه الأيام وفي غيرها: {من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون} 
الأمن من الفزع أمر لابد أن يكون أمام عينيك غاية وهدفا، إننا نفزع من أحلامنا فنبقى أياما وليالٍ متأثرين، إننا نفزع إن حبسنا في مصعد فنبقى شهورا نتذكر ما حصل لنا، لو حصل لنا حادث ونجانا الله نتفكر ماذا كان يمكن أن يحصل لأبنائنا! 
 فكيف بذاك اليوم العظيم الذي فيه الأهوال العظيمة الذي يجتمع فيه الخلق من أولهم لآخرهم وتكون النار قريبة من الخلق وتأتي الحسرة العظيمة لمن لم يستعد ولم يفكر في هذا الخوف.

 إن الأمن من الفزع غاية في حد ذاته غاية، الناس ليلا ونهارا يبذلون جهدهم في الدنيا من أجل ألا يفزعوا ومن أجل ألا يخافوا،  
 الناس لماذا يكرهون الحروب ويخافونها؟ لما فيها من الفزع، وليلا نهارا نطلب من الله عز وجل أن يؤمنا في ديارنا، فكيف بطلب الأمن في ذاك اليوم؟ 
 لو تحولت الحقائق التي أخبر بها القرآن إلى يقين في قلوبنا وشعرنا حقا أن هناك فزع لابد أن يورثنا هذا اليقين الاستعداد. وتأتي الأيام التي فيها الخير كله، فضل ونعمة وجب علينا فيها الشكر لله عز وجل، جاءت أيام الأعمال فيها مضاعفات إلى أن تلقى ليلة القدر فتتنعم بعبادة الله عز وجل كأنك عبدته ألف شهر، فمن كان مخلصا صادقا موفقا كيف بعبادة ألف شهر؟ كيف لا تنجيه من الفزع؟ 

  {من جاء بالحسنة}، هات الحسنة، هاتها وأنت صادق مخلص تتاجر مع الله لا تفكر في الخلق ولا تنافسهم، تمنع نفسك من الرياء، تفكر في ميزانك عند الله، تتوب وتستغفر، لأن من آمن واستغفر فقد جمع الخير كله.

 همسات قبل دخول العشر 
(٥)
لن يعيننا على الانتفاع من هذه الأيام وعلى الأمن من فزع ذاك اليوم ولا على الاستقامة في حياتنا كلها إلا الذل بين يدي الله، وسؤاله العون : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك!
 ومما يعين على ذلك تقليل الخلطة بالخلق، فإن من لم يستطع الاعتكاف بحيث ينقطع عن الخلق فما أحسن له أن يبذل جهوده أن يقطع نفسه عن الخلق ولو كان في بيته 
 فاترك عنك وسائل الاتصال التي شوشت الخلق، واترك عنك الشبكات الاجتماعية ومافيها من أخبار، واترك عنك السياسة والأحداث، واسأل الله عز وجل أن ينجي إخواننا في كل مكان وأن يفرج كروبهم ويكشف همومهم  
 واشتغل أنت بنفسك  
 واسأل الله عز وجل أن يزيدك يقينا. 

انتهى. من تفسير آيات من سورة النمل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق