*شهر الله المحرم*
شهر الله المحرّم شهر عظيم مبارك، وهو أول
شهور السنّة الهجرية وأحد الأشهر الحُرُم
قال الله فيها: {إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ
عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّيْنُ القَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا
فِيْهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}
والمحرم سمي بذلك لكونه شهراً محرماً وتأكيداً
لتحريمه.
وعن ابن عباس في قوله تعالى: {فَلا تَظْلِمُوا
فِيْهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} في كلهن ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراماً وعظّم حرماتهن
وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم.
إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً
من الظلم فيما سواها.
وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظّم من أمره ما
يشاء،كل معصية هي ظلم للنفس
إن الله اصطفى صفايا من خلقه:
اصطفى من
الملائكة رسلاً ومن الناس رسلاً، واصطفى من الكلام ذكره واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى
من الشهور رمضان والأشهر الحرم،
واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من
الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظم الله
فإنما تُعظّم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم
وأهل العقل فإنما تُعظّم الأمور بما عظمها الله به
عند أهل الفهم وأهل العقل
*فضل الإكثار من صيام النافلة في شهر محرّم:*
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصّيام بعد رمضان شهرُ الله المحرم»
قوله: "شهر الله" إضافة الشّهر
إلى الله إضافة تعظيم
ولكن قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم
لم يصم شهراً كاملاً قطّ غير رمضان، فيحمل هذا الحديث على الترغيب في الإكثار من الصّيام
في شهر محرم لا صومه كله
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قدم النبي
صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا
يوم صالح، هذا يوم نجَّى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحقُّ بموسى
منكم، فصامه وأمر بصيامه» (رواه البخاري)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم
عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله»
*أي يوم هو عاشوراء؟!*
قال النووي رحمه الله: عاشوراءُ وتاسوعاءُ
اسمانِ ممدودان، هذا هو المشهور في كتب اللغة. قال أصحابنا: عاشوراء هو اليوم العاشر
من المحرَّم، وتاسوعاء هو التّاسع منه..
*استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء:*
روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:
حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله،
إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان العام
المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع»
*حكم إفراد عاشوراء بالصيام:*
قال شيخ الإسلام: صيام يوم عاشوراء كفّارة
سنة ولا يكره إفراده بالصوم
يُصا م عاشوراء ولو كان يوم سبت أو جمعة
*صيام عاشوراء ماذا يكفّر؟*
قال الإمام النووي رحمه الله: يكفر كل الذنوب
الصغائر، وتقديره يغفر ذنوبه كلها إلا الكبائر.
صوم يوم عرفة كفّارة سنتين، ويوم عاشوراء
كفارة سنة، وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه… كل واحد من هذه
المذكورات صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفَّره، وإن لم يصادف صغيرة ولا
كبيرة كتبت به حسنات
وإن صادف كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغائر
رجونا أن تخفف من الكبائر.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وتكفير الطّهارة، والصّلاة، وصيام رمضان، وعرفة، وعاشوراء للصّغائر فقط
*عدم الاغترار بثواب الصيام:*
يغتر بعض المغرورين بالاعتماد على مثل صوم
يوم عاشوراء أو يوم عرفة، حتى يقول بعضهم: صوم يوم عاشوراء يكفّر ذنوب العام كلها،
ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر
قال ابن القيم: لم يدرِ هذا المغتر أن صوم
رمضان والصلوات الخمس أعظم وأجل من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء، وهي إنما تكفّر ما
بينهما إذا اجتنبت الكبائر
فرمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة لا
يقويان على تكفير الصغائر إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها، فيقوى مجموع الأمرين على
تكفير الصغائر. ومن المغرورين من يظن أن طاعاته أكثر من معاصيه
لأنه لا يحاسب نفسه على سيئاته، ولا يتفقد
ذنوبه، وإذا عمل طاعة حفظها واعتد بها، كالذي يستغفر الله بلسانه أو يسبح الله في اليوم
مائة مرّة، ثم يغتاب المسلمين ويمزق أعراضهم، ويتكلم بما لا يرضاه الله طول نهاره،
فهذا أبداً يتأمّل في فضائل التسبيحات والتهليلات ولا يلتفت إلى ما ورد من عقوبة المغتابين
والكذّابين والنمّامين
*بدع عاشوراء:*
سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمّا
يفعله النّاس في يوم عاشوراء من الكحل، والاغتسال، والحنَّاء والمُصافحةِ، وطبخ الحبوب وإظهار السرور، وغير ذلك..
هل لذلك أصلٌ أم لا؟
الجوابُ: الحمد لله رب العالمين، لم يرد
في شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولا استحبَّ ذلك
أحدٌ من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم
نسأل الله أن يجعلنا من أهل سنة نبيه الكريم،
وأن يحيينا على الإسلام ويميتنا على الإيمان، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى. ونسأله أن
يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يتقبل منا ويجعلنا من المتقينسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق