عشر ذي الحجة (1)
وما أدراك ماعشر ذي الحجة ؟!
الله الحكيم الكريم الرب الرحيم
علم ضعفك؛ فرغبك وحدد لك : أياما معلومات،
قليلة في العدد، عظيمة في الأثر
!
وهبها لك؛ فاستح من رد هبته ، لاتجعلها كبقية الأيام، فما جعلها الله
كبقية الأيام !
اجعلها أياما مميزة في قلبك ، مميزة في
حياتك .
إن مجرد تعظيمها قربة إلى الله، ولو قضيت
الوقت الأكبر منها في حبس نفسك على تعظيمها لكان في ذلك خيرا كثيرا
.
كلنا مسافرون، ومحطتنا الأخيرة عند رب العالمين، ومثل هذه المواسم تختصر الكثير الكثير من وعورة
الطريق؛ فبادر وتلق هبات الله بالشوق والترحيب والتعظيم ؛ فهي أهل للتعظيم
كيف لا وقد أقسم بها العظيم بترك التعريف
؛ فقال عز من قائل : { والفجر} • { وليال عشر } ؛ تعظيما لها ، وتنبيها منه لعباده
على شرفها وفضلها
وأخبرنا رسوله الكريم أن العمل الصالح فيها
أحب إليه من كل الأعمال؛ فقال
صلى الله عليه وسلم
:
"مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ
فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ"
.
وانظر إلى كلمة (أحب)
:
كل أحد يتطلع لمعرفة مايحب محبوبه ؛ أفلست
تشتاق لمعرفة محاب الله ومبادرة لقياها ؟!
هاهو من تحب قد شرفك وأخبرك بما يحب- وكفى
بهذا الإخبار (كرما) منه سبحانه- أفستعرض عن إكرامه بعد هذا ؟!
عشر ذي الحجة (2)
يامن تتشوف إلى اختصار الزمن الذي يسبق حياة قلبك
لاتنظر لأعمال العشر على أنها تكاليف ؛ بل انظر إليها كما نظر موسى عليه السلام حين سابق الزمن وقال :
{ وعجلت إليك ربي لترضى} ! .
اعجل إليه ....ليرضى !
ما أطيب الدنيا لمن فاز فوزا عظيما؛ فجعل ( الرضى ) هو علة أفعاله وهو غاية أفعاله ؛
بل ما أطيب الدنيا والآخرة لذاك الموفق !
قد حاز سعادة الدارين !
{لمثل هذا فليتنافس المتنافسون } !
● عشر ذي الحجة !
أيام معلومات :
قد شهد لها نبينا صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وأعظم بها من شهادة !
فهي وقت مناسك الحج :
* ففيها الإحرام ،ودخول مكة، والطواف والسعي والرمي وسائر الأعمال .
* - وفيها يوم عرفة !
وماأدراك مايوم عرفة ، وماعشية عرفة ؟!
ينزل فيه رب الملبين ، الذين هرعوا إليه من كل فج عميق؛يلبون نداء نبيه :
{وأذن في الناس بالحج يأتوك }!!
وهاقد أتوه ،وهو يعلم لم أتوه !
مايريد هؤلاء ؟!
ينزل إليهم - نزولا يليق بجلاله- يباهي بهم ملائكته :
"انظروا إلى عبادي شعثا غبرا أتوني من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي، أشهدكم أني قد غفرت لهم" !
ينسبهم إليه !
ياقلوب الصالحين لأجل هذا تقطعي، لا لأجل غيره !!
ولابأس بحسرتكم ياأهل الديار ؛فهي حسرة يكرمها الكريم ويحبها !
*- وفيها يوم النحر !
وماأدراك عن غفلة الناس عن يوم النحر ، وعن فضله العظيم ؟!
جاء في صحيح ابن حبان وغيره مرفوعاً:
"أفضل الأيام عند الله يوم النحر ويوم القر "
ويوم القر هو: الذي يلي يوم النحر .
كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" يوم النحر هو يوم الحج الأكبر" ،
وفيه من الأعمال ما لا يعمل في غيره كالوقوف بالمزدلفة، ورمي جمرة العقبة وحدها، والنحر والحلق وطواف الإفاضة.....
فلاتغفل عن احتساب كل عمل فيه ، حتى لو كان من قبيل المباحات
واحذر أشد الحذر من الغفلة عن تعظيمه
هو ضيف عزيز لن يعود إلا من قابل ؛ فبالغ في إكرامه !
عشر ذي الحجة (3)
أيام معلومات :
قد اجتمعت فيها أمهات العبادات؛ كما قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في الفتح: "والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره".
فلا تبخل على نفسك بالعمل الصالح فيها ، وقدم الأهم فالأهم ، ولتكن عينك ورأس عنايتك بالفرائض؛ فإن أحب مايتقرب به إلى الله ماافترضه على عباده ، وماجعلها فروضا إلا لتأكد أهميتها.
وإليك أهم ماتعتني به من الأعمال :
الصلاة :
اعتن بحضور وخشوع قلبك في الفرائض منها ،والنوافل، محتسبا مضاعفة الأجور على تعظيمك لها في أيام العشر ، راجيا أن يكون هذا سببا لاستمرار تعظيمها في سائر الأيام .
الحج لمن استطاع إليه سبيلا :
روى البخاري ومسلم أيضاً عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" !
وعنهما أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم:
" العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" .
الصيام :
لاتبخل على نفسك بصيام هذه الأيام، وآكدها صيام يوم عرفة لغير الحاج ، واحذر أن تحول وقت الصيام إلى نوم؛ فتخسر الذكر، وتخسراحتساب كل ثانية في تعظيم الأيام التي عظمها الله .
الإنفاق :
انظر - وكرر النظر- في قوله تعالى :
{مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } (11) الحديد
يستقرضك الكريم !
فلا تبخل على نفسك بشرف إقراضه !
ولاتنس أن الإنفاق لايقتصر على المال ؛ بل إن من أعظم مايريد الله منك هو
حسن الخلق :
تصدق على الناس بالكلمة الطيبة، وطلاقة الوجه - خصوصا أهل بيتك وخاصتك وأرحامك - واصبر على أذاهم في هذه الأيام الفاضلة، وابذل لهم من واسع خلقك !
روى أبو داود، وأحمد، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم". صححه الألباني.
ونحوه حديث عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن المسلم المسدَّد، ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله -عز وجل-؛ لكرم ضريبته وحسن خلقه" رواه أحمد، وصححه الألباني.
وضريبته: أي طبيعته وسجيته.
أما الأضحية؛ فلاتسل عن عظيم فضلها بعد أن قرن الله تعالى بين النحر و الصلاة ؛
فقال عز وجل :
{ فصل لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} الكوثر .
وبعد أن قال تعالى فيها :
{ لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (28) الحج .
عشر ذي الحجة (4)
وفيها عبادة من أجل العبادات :
هي عبادة (الذكر) عموما ، بأنواعه ومراتبه
- وأعلى مراتبه: ماتحرك به القلب؛ فتداعى له اللسان .
ولايحظى بهذا الشرف أي كان ؛ بل عليك أن تدفع مهره ، وليس أقل من مهجة القلب مهره !
إن الودود حين خلقك؛ أراد أن يكون له أغلى مافيك،
وكل سعادة الحياة لك إن لبيت،
وكل ضنك الحياة إن بغيره تعلقت !
- ثم يليه ذكر القلب دون اللسان ،
- ثم ذكر اللسان دون القلب .
أما إن تعلقت عيناك بشرف أعلى مراتب الذكر -كشأن عالي الهمة -؛ فعليك باغتنام هذه العشر ؛ فهي مدرسة الذكر :
إن أحسنت فيها خرجت بفائدة العمر :
خرجت تعلم كيف يصبح لسانك رطبا من ذكر الله !
خرجت تعلم كيف تجد لذة وحلاوة الذكر .
إليك أهم مايعينك على لذة وحلاوة الذكر :
1- أشغل قلبك بالتفكر في نعم الله عليك وعطاياه وآلائه
وقد كان الصالحون يتذاكرون نعم الله مذاكرة؛ لعظم أثر هذا على القلب؛ فإن الذي يحاول ذلك سترى عيناه أن نعم الله أينما تلفت تغمره؛ فلا يملك إلا أن ينطق لسانه : (الحمدلله )!
وهنا سيكون لحمده طعم مختلف أشد الاختلاف عمن يقول : (الحمدلله) بلسانه دون أن يشعر لبه بفيض الحب العذب ، وفوران دموعه؛ التي لابد أن تعلو لتطفئ لهيب التقصير !
أيها الذاكرون
شتان بين هذا الحمد وذاك !
...وفي كل خير ..!
وإن زدت فقرنت ذاك بتذكر ذنوبك، وجرائمك، وعوراتك ؛ فلا بد أن ينطق لسانك ب : (أستغفر الله العظيم ) !
كثيرون كثيرون هم المستغفرون لكن
من ذاق طعم الاستغفار بعد تذكر الذنب وحرقة الذنب ؟!!
اجلس لتذكر الذنوب كما تجلس للمهم من شأنك ؛ فإن هذا من مهمات شأنك !
ستذوق بعدها طعوم كلمات سيد الاستغفار متمايزة متغايرة؛ تتداعى لكل جملة فيه صور من المعاني ( الجليلة ، الرقيقة )، ولن يجتمع هذان الوصفان في غير مقام أوبتك إلى مولاك !
ستعرف بعدها معنى أن لك ( ربا ) تعصيه؛ ثم لا تجد غيره يزيل مرارة المعصية، وذلها عن كاهلك !
تعصيه ..ثم لاتجد غيره تفيء إليه !!!
تعصيه ..وحين تفيء إليه تجد فيئا لايشوبه مر الفيء إلى البشر !
....تجد مأوى..بكل مايتداعى إلى ذاكرتك من صور سكن وأمن (المأوى)!
كل الفطر تبحث عن (مأوى) ، وماعرف طعم (المأوى) إلا المستغفر الذي سبق استغفاره تذكر لذنوبه !
وما عرف طعم (المأوى) إلا الذي جلس وتأمل :
كيف كان ربه ينظر إليه حينها ويرخي عليه ستره !
ياأيها المستغفرون، شتان بين هذا الاستغفار وذاك !
وفي كلٍّ خير.
عشر ذي الحجة (5)
ومما يعينك على لذة وحلاوة الذكر:
2- تدبّر كلام الله إليك.
يامن تشتهي أن يكلمك فلان وعلان، مهما بلغوا من الشأن
قل لنفسك :
إنّ ربي (ملك الملوك) له كلام يكلمني به أنا !
قل لنفسك :
ليس هنا العجب ؛ بل العجب أن الخلق مشغولون عني معرضون ؛ وربي ملك الملوك يدعوني أن أكلمه ، ثم يثيبني على ذلك !!
ويحب مني أن أخلص له فكري بترك استعراض كلام البشر في ذهني؛ لأتفرغ للاشتغال بكلامه:
تكرارا ، وفهما ، وتدبرا، وطلبا لهداه ، وذكراه، وشفائه :
لعل آية منه تثور هذا القلب عن خموده ؛ بل لعل آية منه تنهض به ؛ فلا يقعد بعدها أبدا ! .
هذا بالإضافة إلى أن قراءة القرآن بنفسها ذكر ؛ فتحظى بهذا بشرف مواطأة القلب للسان في ذكر الرب العظيم !
ومما يعينك على لذة وحلاوة الذكر:
3- الاستعاذة من وساوس الشيطان
كيف ينشط الشيطان في مواسم الخيرات؟
يأتيك أثناء التفكر بنعم الله؛ فيذكرك بالذي تسبب بهذه النعم ؛ فيشغلك به عن المنعم الحق
وإنها لصخرة صلبة ترجعك للخلف خطوات، لو كنت تعلم !
إذا وضعت يدك على هذا التفكير بالمخلوق ؛ فسارع بطرده قبل أن يستحكم في فؤادك ، وقل - معيدا له إلى حجمه الذي يناسبه- :
هو سبب سخره الله !
هو رزق ساقه الله !
واعلم أن الشياطين في أيام العشر ليست مصفدة كأيام رمضان ؛ فاستعن ، وأكثر من الاستعاذة لتخنس عنك ،
واعلم أن للإنسان طبيعة عجيبة خاصة به، وهي أنه لايستطيع الانفكاك أبدا عن التفكير ؛ فإن لم تعتبرها غنيمة تشغلها بالتفكر بالنعم والذنوب ، وتدبر كتاب الله، وتفهم أسمائه وصفاته ؛ فترقى بها في سلم الدرجات؛ فلاشك ستغبن بهذه الميزة ؛ بل وستردى بها ؛ لأنك إن لم تنشغل بالحق فسيشغلك الباطل، لافكاك عن أحدهما !
أزل -لأجل هذا- عن قلبك غشاوات التعلق بالخلق؛ وأشغله بالتفكر في عظمة الخالق ،وآلاء الخالق ، وآيات الخالق .
أشغله بالاستعاذة من كل الملهيات، وخواطر السوء، ووساوس الشيطان .
أشغل لسانك بالتهليل والتحميد والتكبير ؛ فقد
روى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( ما من أيام أعظم ولا احب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد )
عشر ذي الحجة (6)
والأخير
و من أخص أنواع الذكر فيها :
التكبير ،
وما أدراك ماالتكبير ؟!
أيها المهموم !
أيها المحزون!
أيها الراغب!
أيها العبد بكل تقلباتك:
من يحتاج أن يعلم أن الله أكبر غيرك ؟!
لو علمت كيف تصنع الله أكبر !
الله أكبر :
هي الغوث الرطب لجدب قلبك! وما أشد جدب قلبك !
الله أكبر:
هي السقيا العذبة التي إن مرت على القلب قبل اللسان؛ غسلته من رانه وأدرانه ؛ثم تربعت على طهارة المكان !
الله أكبر :
لو أعطيت فرصة لفكرك ليسأل وأنت تجيب :
الله أكبر من ماذا ؟
الله أكبر من همومك!
الله أكبر من رغباتك!
الله أكبر من مخاوفك!
الله أكبر من ذنوبك!
الله أكبر من طاعاتك!
الله أكبر من الذي تحت يده مصلحتك، وقد خبأت تحت ظله رجاءك !
الله أكبر؛ لو أراد لك أمرا لأتاك يسعى إليك سعيا !
الله أكبر من أن يتركك على غيره عالة !
الله أكبر من أن يجعل لقلبك قبلة سواه؛ وأنت خلقه !
الله أكبر :
لأجلك مواسم الخيرات جعلت !
ولأجلك الأجور ضوعفت!
الله أكبر :
إن غفلت عن حاجاتك فما غفل عنها الذي خلقك !
وفقنا الله وإياك لأن نريه حاجتنا إلى هباته وماعنده من الخير.
ومما يعينك على لذة وحلاوة الذكر:
2- تدبّر كلام الله إليك.
يامن تشتهي أن يكلمك فلان وعلان، مهما بلغوا من الشأن
قل لنفسك :
إنّ ربي (ملك الملوك) له كلام يكلمني به أنا !
قل لنفسك :
ليس هنا العجب ؛ بل العجب أن الخلق مشغولون عني معرضون ؛ وربي ملك الملوك يدعوني أن أكلمه ، ثم يثيبني على ذلك !!
ويحب مني أن أخلص له فكري بترك استعراض كلام البشر في ذهني؛ لأتفرغ للاشتغال بكلامه:
تكرارا ، وفهما ، وتدبرا، وطلبا لهداه ، وذكراه، وشفائه :
لعل آية منه تثور هذا القلب عن خموده ؛ بل لعل آية منه تنهض به ؛ فلا يقعد بعدها أبدا ! .
هذا بالإضافة إلى أن قراءة القرآن بنفسها ذكر ؛ فتحظى بهذا بشرف مواطأة القلب للسان في ذكر الرب العظيم !
ومما يعينك على لذة وحلاوة الذكر:
3- الاستعاذة من وساوس الشيطان
كيف ينشط الشيطان في مواسم الخيرات؟
يأتيك أثناء التفكر بنعم الله؛ فيذكرك بالذي تسبب بهذه النعم ؛ فيشغلك به عن المنعم الحق
وإنها لصخرة صلبة ترجعك للخلف خطوات، لو كنت تعلم !
إذا وضعت يدك على هذا التفكير بالمخلوق ؛ فسارع بطرده قبل أن يستحكم في فؤادك ، وقل - معيدا له إلى حجمه الذي يناسبه- :
هو سبب سخره الله !
هو رزق ساقه الله !
واعلم أن الشياطين في أيام العشر ليست مصفدة كأيام رمضان ؛ فاستعن ، وأكثر من الاستعاذة لتخنس عنك ،
واعلم أن للإنسان طبيعة عجيبة خاصة به، وهي أنه لايستطيع الانفكاك أبدا عن التفكير ؛ فإن لم تعتبرها غنيمة تشغلها بالتفكر بالنعم والذنوب ، وتدبر كتاب الله، وتفهم أسمائه وصفاته ؛ فترقى بها في سلم الدرجات؛ فلاشك ستغبن بهذه الميزة ؛ بل وستردى بها ؛ لأنك إن لم تنشغل بالحق فسيشغلك الباطل، لافكاك عن أحدهما !
أزل -لأجل هذا- عن قلبك غشاوات التعلق بالخلق؛ وأشغله بالتفكر في عظمة الخالق ،وآلاء الخالق ، وآيات الخالق .
أشغله بالاستعاذة من كل الملهيات، وخواطر السوء، ووساوس الشيطان .
أشغل لسانك بالتهليل والتحميد والتكبير ؛ فقد
روى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( ما من أيام أعظم ولا احب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد )
عشر ذي الحجة (6)
والأخير
و من أخص أنواع الذكر فيها :
التكبير ،
وما أدراك ماالتكبير ؟!
أيها المهموم !
أيها المحزون!
أيها الراغب!
أيها العبد بكل تقلباتك:
من يحتاج أن يعلم أن الله أكبر غيرك ؟!
لو علمت كيف تصنع الله أكبر !
الله أكبر :
هي الغوث الرطب لجدب قلبك! وما أشد جدب قلبك !
الله أكبر:
هي السقيا العذبة التي إن مرت على القلب قبل اللسان؛ غسلته من رانه وأدرانه ؛ثم تربعت على طهارة المكان !
الله أكبر :
لو أعطيت فرصة لفكرك ليسأل وأنت تجيب :
الله أكبر من ماذا ؟
الله أكبر من همومك!
الله أكبر من رغباتك!
الله أكبر من مخاوفك!
الله أكبر من ذنوبك!
الله أكبر من طاعاتك!
الله أكبر من الذي تحت يده مصلحتك، وقد خبأت تحت ظله رجاءك !
الله أكبر؛ لو أراد لك أمرا لأتاك يسعى إليك سعيا !
الله أكبر من أن يتركك على غيره عالة !
الله أكبر من أن يجعل لقلبك قبلة سواه؛ وأنت خلقه !
الله أكبر :
لأجلك مواسم الخيرات جعلت !
ولأجلك الأجور ضوعفت!
الله أكبر :
إن غفلت عن حاجاتك فما غفل عنها الذي خلقك !
وفقنا الله وإياك لأن نريه حاجتنا إلى هباته وماعنده من الخير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق