الأحد، 28 أكتوبر 2018

فقه الدعاء


فقه الدعاء ١

فقه قوة الدعاء

 1- وقال الله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} [الأنبياء: 87، 88].
 

2 - وقال الله تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)} [الأنبياء: 89، 90].

3 - وقال الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)} [الأنبياء: 83، 84].

4 - وقال الله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14)} [القمر: 9 - 14].
5 - وقال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } [غافر: 60].
6- وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي» متفق عليه

الدعاء: هو العبادة.
والله عزَّ وجلَّ هو الحي القيوم،
الملك الذي يملك كل شيء، الغني وما سواه فقير، يعطي ويمنع، ويكرم ويهين، ويحيي ويميت، ويعز ويذل.

وأعظم ما يسأل العبد ربه الهداية إلى الصراط المستقيم.

ولما كان سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم أجل المطالب، ونيله أشرف المواهب،
علّم الله عزَّ وجلَّ عباده كيفية سؤاله، وأمرهم أن يقدموا بين يديه حمده والثناء عليه،وتمجيده، ثم الإقرار بعبوديتهم وتوحيدهم له كما قال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)} [الفاتحة: 2 - 6].

فهاتان وسيلتان لحصول مطلوبهم لا يكاد يرد معهما الدعاء:
توسل إلى الرب بأسمائه وصفاته ..وتوسل إليه بعبوديته.

ثم جاء سؤال أهم المطالب وهو الهداية، فالداعي بذلك حقيق بالإجابة
كما قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [البقرة: 186].

والله تبارك وتعالى هو الملك العظيم الحي القيوم، الذي لا ينام ولا ينبغي أن ينام:
يجيب السائلين ..ويسمع الذاكرين ..ويغفر للمستغفرين ..ويتوب على التائبين .. وسع سمعه جميع المسموعات، ووسع بصره جميع المخلوقات
كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنَامُ وَلا يَنْبَغِي لَهُ أنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» أخرجه مسلم .


فقه الدعاء ٢

 فقه أنفع الدعاء 
أنفع الدعاء طلب العون على مرضاة الله 
كما قال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} [الفاتحة: 5].

عنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: «يَا مُعَاذُ وَاللهِ إِنِّي لأَُحِبُّكَ وَاللهِ إِنِّي لأَُحِبُّكَ فَقَالَ أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ وَأَوْصَى بِذَلِكَ مُعَاذٌ الصُّنَابِحِيَّ وَأَوْصَى بِهِ الصُّنَابِحِيُّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ» أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود .

الله سبحانه يسأله من في السموات ومن في الأرض، يسأله أولياؤه وأعداؤه، ويمد هؤلاء وهؤلاء، وأبغض خلقه عدوه إبليس، ومع هذا سأله حاجة وهي الإنظار إلى يوم القيامة فأعطاه إياها ومتعه بها، ولكن لما لم تكن عوناً على مرضاة الله وطاعته كانت زيادة له في شقوته وبعده عن الله.وهكذا كل من سأل ربه أمراً ولم يكن عوناً على طاعته كان مبعداً له عن مرضاته قاطعاً له عنه ولا بدَّ.

والعطاء والمنع ابتلاء من الله لعباده فلا يدل على الإكرام  ولا الإهانة.
وإذا أعطى الله عبده عطاءً بلا سؤال فليسأله أن يجعله عوناً له على طاعته ومرضاته، ولا يجعله قاطعاً عنه، ولا مبعداً عن مرضاته.

والله تبارك وتعالى خالق كل شيء، ومالك كل شيء، وبيده كل شيء.
وسع الخلق كلهم بخلقه وعلمه ورزقه، وفضله ورحمته وإحسانه
كما قال سبحانه: «يَا عِبَادِي! إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلا تَظَالَمُوا.
يا عِبَادِي! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أهْدِكُمْ.
يا عِبَادِي! كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلا مَنْ أطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أطْعِمْكُمْ.
يا عِبَادِي! كُلُّكُمْ عَارٍ إِلا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أكْسُكُمْ.
يَا عِبَادِي! إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأنَا أغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أغْفِرْ لَكُمْ.
يا عِبَادِي! إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي.
يا عِبَادِي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا، عَلَى أتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا.
يا عِبَادِي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا.
يا عِبَادِي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ  فَسَألُونِي، فَأعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْألَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أدْخِلَ الْبَحْرَ.
يا عِبَادِي! إِنَّمَا هِيَ أعْمَالُكُمْ أحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ» أخرجه مسلم.


فقه الدعاء ٣

 فقه تحريم الاعتداء في الدعاء 

قد أمر الله عباده أن يسألوه كل شيء من خيري الدنيا والآخرة، فهو الغني الذي خزائنه مملوءة بكل شيء، ولا ينقص عطاؤه مما في خزائنه مثقال ذرة: 
{سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: 68].

والاعتداء في الدعاء محرم لا يجوز كما قال سبحانه:
 {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [الأعراف: 55].

والاعتداء في الدعاء له صور:
كأن يسأل العبد ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات.
أو يسأل ما لا يليق به من منازل الأنبياء والمرسلين.
أو يسأل ما أخبر الله أنه لا يفعله لمنافاته الحكمة كأن يسأل ربه تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب، أو يسأله أن يجعله من المعصومين، أو يطلعه على الغيب، أو يهب له ولداً من غير نكاح، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله، ولا يحب سائله.

ومن الاعتداء رفع الصوت بالدعاء، وأن يعبد الله بما لم يشرعه، أو يثني عليه بما لم يثن به على نفسه ولا أذن فيه، أو يدعوه غير متضرع إليه.

ومن الاعتداء أن يدعو مع الله غيره، فهذا أعظم المعتدين عدواناً، فإن أعظم العدوان ◀️الظلم والشرك، وهو وضع العبادة في غير موضعها.

ومن دعا الله أجابه، وليس كل من أجاب الله دعاءه يكون راضياً عنه، ولا محباً له، ولا راضياً بفعله.

فالله سبحانه يجيب البر والفاجر، والمؤمن والكافر، والمطيع والعاصي.

وكثير من الناس يدعو دعاء يعتدي فيه، أو يشترط في دعائه، أو يكون مما لا يجوز أن يسأل، فيحصل له ذلك أو بعضه فيظن أن عمله صالح مرضي لله، ويكون بمنزلة من أملي له، وأمد بالمال والبنين، وهو يظن أن الله يسارع له في الخيرات كما قال سبحانه:
 {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (56)} [المؤمنون: 55، 56].

فلا يغتر العبد بما يعطى من الأموال والبنين وهو معرض عن ربه، منهمك في معاصيه،
 فذلك استدراج، به هلاكه وخسارته: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)} [الأنعام: 44].


فقه الدعاء ٤

فقه مكائد الشيطان وموانع الدعاء

الدعاء له حالتان:
 إما أن يكون عبادة يثاب عليه الداعي ◀️كسؤال الله الإعانة والمغفرة ونحوهما، 
أو يكون مسألة تقضى به حاجته، ويكون مضرة عليه، إما أن يعاقب بما يحصل له، 
أو تنقص به درجته، فيقضي حاجته، ◀️ويعاقبه على ما جرأ عليه من إضاعة حقوقه سبحانه، وتجاوز حدوده.

والشيطان له تلطف في الدعوة، فيدعو الناس إلى الدعاء ◀️عند قبور الصالحين، 
فيدعو العبد ربه عند القبر بحرقة وانكسار وذلة،فيجيب الله دعوته لما قام بقلبه، لا لأجل القبر.

فإنه لو دعا الله في الخمارة والحمام والسوق أجابه، فيظن الجاهل أن للقبر تأثيراً في إجابة تلك الدعوة، والله سبحانه يجيب دعوة المضطر ولو كان كافراً.

فالشيطان بلطف كيده يحسن الدعاء عند القبر، وأنه أرجح منه في بيته ومسجده وأوقات الأسحار، ثم ينقل الإنسان من الدعاء عنده إلى الدعاء به، والإقسام على الله به، وأن هذا أبلغ في تعظيمه واحترامه، وأنجح في قضاء حاجته.

ثم ينقله إلى أعلى من ذلك، وهو دعاء الميت نفسه من دون الله، ثم ينقله إلى درجة أعلى فيتخذه وثناً يعكف عليه، ويتخذ عليه السرج، ويوقد عليه القناديل، ويبنى عليه المسجد، ويعلق عليه الستور، ويعبده بالسجود له، والطواف به، وتقبيله أو استلامه، والحج إليه، والذبح عنده.
ثم ينقله إلى درجة أخرى أشد، وهي دعاء الناس إلى عبادة هذا الوثن من دون الله، 
واتخاذه عيداً ومنسكاً، وأن ذلك أنفع لهم في دنياهم وأخراهم، ثم ينقله إلى درجة أخرى، وهي محاربة ومعاداة من أنكر ذلك الشرك والكفر، وإثارة الناس والطغاة عليه.

ولشدة خطر الشيطان، وعظمة كيده ومكره، فقد حذر الله المؤمنين منه بقوله سبحانه: 
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [النور: 21].

وخطوات الشيطان يدخل فيها سائر المعاصي المتعلقة بالقلب واللسان والبدن، فليحذر العبد هذا العدو المبين الماكر.

ويمنع إجابة الدعاء أمور منها:
أكل الحرام .. الاعتداء في الدعاء .. غفلة القلب .. وضعف اليقين .. واللبس الحرام .. 
وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. والظلم.

فإذا دعونا دعاء الأنبياء، وكانت حياتنا حياة أعداء الأنبياء، أو جهدنا جهد أعداء الأنبياء، فأنى يُستجاب لنا أو يُقبل دعاؤنا؟.

وأفضل الدعاء وأعظمه وأحسنه◀️ طلب الهداية من الله، ولذلك شرع الله لنا تكرار طلبه في كل صلاة عدة مرات كما قال سبحانه: 
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } [الفاتحة: 6].

وأفضل الدعاء دعاء الأنبياء والرسل، وكله ليس فيه طلب لعرض من أعراض هذه الأرض، 
إنه دعاء يتجه إلى آفاق أعلى، تحركه مشاعر أصفى، لطلب العلم النافع، والعمل الصالح، والفوز بالجنة والرضوان.

إنه دعاء القلب الذي عرف الله وعرف ما عنده فأصبح يحتقر ما عداه كما قال إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: 
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)} [الشعراء: 83 - 89].
وفي مقام آخر: 
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)} [البقرة: 127، 128].


موسوعة فقه القلوب


 جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق