من المعلوم أن الله تعالى أنزل كتابه العظيم من أجل أن نتدبره ونعقله ونفهمه.
قال تعالى : ( كِتَابٌ
أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو
الْأَلْبَابِ)
من أجل ذلك سوف نستعين
بالله تعالى ونكتب سلسل
من أجل أن نتدبر
(1)
س/ ما أهم
وسيلة لتحقيق التدبر ؟
ج/ أهم وسيلة
: طهارة القلب وسلامته من أمراض الشهوات والشبهات.
كما قال عثمان رضي الله
عنه " لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام الله "
.
س/1 -ما معنى
التدبر ؟
ج/ تدبر
القرآن : هو تفهم معاني ألفاظه ، والتفكر فيما تدل عليه من الإشارات والتنبيهات ، ليتعظ القلب وتخشع
النفس وينشرح الصدر للعمل الصالح.
من أجل أن
نتدبر
(2)
س/هل فكرت في يوما من
اﻷيام في أهمية تدبر كتاب الله , وما الثمرة التيأجنيها من التدبر .
ج/ثمرة التدبر نلخصها في
النقاط التالية :
1- حصول بركة القرآن في
جميع حياتنا .
(وَبِرَحْمَتِهِ
فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)
2- شدة حاجة القلب إلى
التدبر .
فكلما تدبر العبد وفهم
معاني اﻵيات وسعى لتطبيقها في حياته , أصبح قلبه متعلقا بالله تعالى .
(اللَّهُ نَزَّلَ
أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا)
( مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ
ذِكْرِ اللَّهِ)
أي : ترق قلوبهم وتطمئن وتسكن .
من أجل أن
نتدبر
(3)
س/ ماذا قال ابن القيم ؟
ج/ قال فلا شيء أنفع للقلب
من قراءة القرآن بالتدبر , فإذا قرأه بتفكر حتى إذا مر بآية وهو محتاج إليها في
شفاء قلبه كررها ولو مئة مرة ولو ليلة ، فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة
بغير تدبر وتفهم , ﻷنه أنفع للقلب, وأدعى لحصول اﻹيمان وذوق حلاوة القرآن .
س/ هل هناك
حديث يؤكد حاجة القلب للقرآن ؟
ج/ الحديث
الذي حسنه ابن حجر وابن القيم . ما أصاب أحدا قط هم وﻻ حزن فقال :
اللهم إني عبدك , وابن
عبدك , وابن أمتك , ناصيتي بيدك , ماض في حكمك , عدل في قضاؤك , أسألك بكل اسم هو
لك , سميت به نفسك , أو أنزلته في كتابك , أو علمته
أحد من
خلقك , أو أستأثرت به في علم الغيب عندك , أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي.إﻻ أذهب الله همه وحزنه
وأبدله مكانه فرجا .قال : فقيل : يا رسول الله ! أﻻ نتعلمها ؟ فقال : بلى ,
ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها . يتبع....
من أجل أن نتدبر
(4)
س/ ماذا قال
مالك بن دينار عن كتاب الله ؟
ج/ قال مالك
ابن دينار:ما زرع القرآن في قلوبكم يا أهل القرآن؟ إن القرآن ربيع المؤمن
كما أن الغيث ربيع اﻷرض .
3- ثناء الله على من تدبر
القرآن وتأثر به .
قال تعالى (إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا
تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنْفِقُونَ * أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ
رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)
4- ذم من ترك تدبر القرآن
ولم يتأثر به . قال تعالى ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ
أَقْفَالُهَا)
وقال سبحانه ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ
مَهْجُورًا)
قال ابن كثير " وترك
تدبره من هجرانه " .
وقال ابن عمر رضي الله
عنه " قد رأيت رجاﻻ يؤتي أحدهم القرآن قبل اﻹيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى
خاتمته ﻻ يدري ما آمره ، وﻻ زاجره , وما ينبغي أن يقف عنده , ينثره نثر الدقل "
أَيْ يَرْمُونَ
بِكَلِمَاتِهِ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ وَتَأَمُّلٍ كَمَا يُرْمَى الدَّقَلُ
بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ رَدِيءُ التَّمْرِ فَإِنَّهُ لِرَدَاءَتِهِ لَا يُحْفَظُ
وَيُلْقَى مَنْثُورًا} .
من أجل أن
نتدبر
(5)
5- تحقيق النصح لكتاب الله قال ابن رجب : النصح
لكتاب الله : شدة حبه , و الوقوف عند تﻻوته , وتعظيم قدره , والرغبة في فهمه
, وشدة العناية في تدبره , لطلب معاني ما أحب موﻻه أن يفهمه عنه , ثم ينشر ما فهم
بين العباد ,ويتخلق بأخلاقه
س/ هناك أمور
شرعت من أجل تدبر القرآن ما هي ؟
من أجل أن نتدبر
(6)
س/ هل هناك
أمور شرع الله من أجل التدبر ؟
ج/ نعم هناك
أمور كثيرة منها :
1 – الترتيل والتغني
بالقراءة وكثرة الترديد للآيات .
2 – القراءة في صلاة الليل .
3 – سلامة التلاوة وإتقان
التجويد .
4 – الإستعاذة .
5 – الإنصات عند سماع
القرآن .
6- الجهر بالتلاوة .
7 – حسن الوقف والابتداء .
من أجل أن نتدبر
(7)
س/ هل هناك أمور متوقفة
على تدبر القرآن ؟
ج/ نعم , هناك بعض اﻷمور
المهمة منها :
1- عظم أجر التلاوة .
قال السيوطي:"
ثواب قراءة الترتيل أجل قدرا , والقراءة بدون معرفة معاني ألفاظه ليست قراءة"
2- حصول بركة القرآن
وانتفاع القلب به : قال تعالى "فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ
فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ
هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ"
ويقول ابن القيم :
" من سمع القرآن باﻻعتبارات الثﻻثة : إدراكا وفهما , وتدبرا , وإجابة
لن يعدم
إرشادا لحجة , وتبصرة لعبرة , وتذكرة لمعرفة , وفكرة في آية , ودﻻلة على رشد ,
وحياة لقلب , وغذاء ودواء وشفاء , وعصمة ونجاة , وكشف شبهة "
من أجل أن نتدبر
(8)
قال علي رضي الله عنه "ﻻ خير في عبادة ﻻ
علم فيها .وﻻ علم ﻻ فقه فيه,وﻻ قراءة ﻻتدبر فيها"
س/ أيهما
أفضل القراءة من المصحف أو من الحفظ ؟
ج/ اﻷفضل في
ذلك ما يحصل به الخشوع والتدبر ورقة القلب وزيادة اﻹيمان .
س/ أيهما
أكمل الجهر بالقراءة أو اﻹسرار فيها ؟
ج/ اﻷفضل ما يحصل به
الخشوع والتدبر وحضور القلب .
س/ هل هناك
صوراف تحول دون التدبر ؟
ج/ 1- أمراض
القلوب واﻹصرار على الذنوب .
قال
الزركشي رحمه الله :
" اعلم أنه ﻻ يحصل للناظر فهم معانيالوحي و ﻻ
يظهر له أسراره وفي قلبه بدعة أو كبر , أو هوى , أو حب الدنيا ,أو هو مصر على ذنب , أو
غير متحقق باﻹيمان"
من أجل أن
نتدبر
(9)
2 - انشغال القلب وشرود
الذهن : قال الحسن البصري : يا ابن آدم ! كيف يرق قلبك وإنما همتك في
آخر السورة ؟! .
3 - جعل الخشوع فقط في آيات
الوعيد .والغفلة عن التفكر في عظمة الله وقدرته .
4- قصر الهمة على كثرة
القراءة فقط . قال الشيخ ابن باز : وبعض السلف كان يستثني من ذلك أوقات الفضائل ,
وأنه ﻻ بأس أن يختم كل ليلة. ولكن ظاهر السنة أنه ﻻ فرق بين رمضان وغيره وأنه ﻻ ينبغي أن ﻻ
يتعجل وأن يطمئن في قراءته , وأن يرتل كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام
من أجل أن نتدبر
(10)
5 - الفهم الناقص لمعاني
اﻵيات .
6 - اﻻنشغال بالمبهمات : كالبحث عن اﻷعداد
واﻷسماء واﻷماكن ونحوها , من اﻷمور المبهمة . وقد هون الله من عدد أهل
الكهف فقال " قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ"
س/ هل هناك
درجات لتدبر القرآن ؟
ج/ الدرجة
اﻷولى : التفكر والنظر والاعتبار :
" كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ
الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ"
يقول الحسن البصري :
فالتفكر والتذكر بذور العلم , وسقيه مطارحته وتأمله ,ومذاكرته تلقيحه وفهمه . والتفكر يوقع صاحبه من
اﻹيمان على ما ﻻ يوقعه عليه العمل , فيفرق بين الوهم والحقيقة, إذا فكر العبد في عواقب اﻷمور
من أجل أن نتدبر
(11)
الدرجة الثانية : التأثر وخشوع القلب .
وهو ذلته وسكونه لله ,
فتبكي العين , و تتأثر الجوارح , وتذل النفس , وتخضع لربها . قال تعالى " اللَّهُ
نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ
جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ
إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ "
وكان عبد الله بن مسعود
يقرأ على نبينا عليه الصلاة والسلاة .فذرفت عيناه.وعن أسماء رضي الله عنها ، قالت : كان أصحاب النبي عليه الصﻻة
والسﻻم إذا قرئ عليم القرآن كما نعتهم الله تدمع أعينهم , وتقشعر جلودهم. ولما قدم
أهل اليمن وسمعوا القرآن جعلوا يبكون , فقال : أبو بكر رضي الله عنه " هكذا
كنا " وكان عمر رضي الله عنه يقول ﻷبي موسى اﻷشعري " يا أبا
موسى ! ذكرنا ربنا " فيقرأ وهم يسمعون ويبكون. الله أكبر هؤﻻء هم أصحاب محمد
عليه الصلاة و السلام
من أجل أن نتدبر
(12)
ما زلنا في درجات تدبر
القرآن .
الدرجة الثالثة : اﻻستجابة والخضوع .
يقول ابن مسعود :
" الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تﻻوته ".والذي نفسي بيده إن حق تلاوتة أن يحل حلاله ويحرم حرامه
,ويقرأه كما أنزله الله".
س/ وهل هناك دليل في السنة
يؤكد هذه الدرجة ؟
ج/ نعم , عن
النواس بن سمعان يقول : سمعت رسول الله يقول : " يؤتى يوم القيامة بالقرآن
وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن
صاحبهما ".وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : أخوف ما أخاف أن يقال لي
يوم القيامة : يا عويمر ! أعلمت أم جهلت ؟ فإن قلت : علمت ؛ ﻻ تبقى آية أو
زاجرة إﻻ أخذت بفريضتها :اﻵمرة هل ائتمرت؟
والزاجرة هل ازدجرت ؟
وأعوذ بالله من علم ﻻ ينفع , ونفس ﻻ تشبع , ودعاء ﻻ يسمع".
من أجل أن نتدبر
(13)
تابع الدرجة الثالثة : اﻻستجابة والخضوع .
عن أبي بن كعب : أن
رسول الله كان يقرئهم العشر فلا يجاوزونها إلى عشر
أخرى حتى
يتعلموا ما فيها من العمل , فيتعلمون القرآن والعمل جميعا . وعن أبي الدرداء قال : أخوف
ما أخاف أن يقال لي يوم القيامة : يا عويمر ! أعلمت أم جهلت ؟ فإن قلت : علمت ؛ ﻻ
تبقى آية آمرة أو زاجرة إﻻ أخذت بفريضتها : اﻵمرة هل ائتمرت ؟ س/ والزاجرة هل ازدجرت ؟
ج/ وأعوذ بالله من علم ﻻ
ينفع ، ونفس ﻻ تشبع ، و دعاء ﻻ يسمع . ويفيض اﻵجري في توضيح خضوع القلب لكلام الله ,
فيقول " يتصفح
القرآن ليؤدب به نفسه : متى أكون من المتقين ؟ متى أكون من الخاشعين ؟ متى أكون من
الصابرين ؟ متى أكون من الصادقين ؟ متى أجاهد نفسي على طاعة الله ؟ متى أستحي من
الله حق الحياء ؟ متى أنشغل بعيوبي عن الناس ؟
وقال ابن مفلح : طوبى
لمن انزوى إلى زاوية بيته , وانتصب لقراءة جزء في ركعتين ، بتدبر وتفكر , فيا لها
من لحظة ما أصفاها من كدر المخالطات, و أقذار الرياء .
من أجل أن نتدبر
(14)
الدرجة الرابعة من درجات التدبر .
استخراج - الحكم
واستنباط اﻷحكام
س/ هل هناك شروط للاستنباط
واستخراج اﻷحكام ؟
ج/ 1- إتقان
العلوم المؤهلة للاستنباط .
2- معرفة مواطن اﻻستنباط
والنظر في اﻵيات .
3- اﻻعتماد على الحجج الصحيحة . منها أسباب النزول وغيرها .
س/ هل هناك طريقا إلى
استنباط الحكم واستخراج اﻷحكام ؟
ج/ قال
الشاطبي : اﻻعتبار بالقرآن قلما يجيده إﻻ من كان من أهله عملا به - أي كثير العمل
بالقرآن، فلا يخرجون عند اﻻعتبار فيه عن حدوده , كما لم يخرجوا في العمل به
والتخلق بأخلاقه عن حدوده , بل تنفتح لهم أبواب الفهم فيه على توازي أحكامه .
س/ ماذا قال
ابن القيم الجوزية في هذه المسألة ؟
ج/ قال رحمه
الله " وأنت إذا تأملتها اﻵية حق التأمل , ودﻻلة اللفظ , وإشارته , وتنبيهه , وقياس
الشيء على نظيره , واعتبار بمشابهه , وربطها بين الظاهر والباطن , فهمت المعاني
كلها وبالله التوفيق "
س/ هل هناك
اسلوب مهم في اﻻستنباط ؟
ج/ من أهم اساليب اﻻستنباط
اعتبار القارئ بما هو أولى به وأحرى بحاله وما يناسبه.
مثال : قوله تعالى " مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ
الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً"
س/ ماذا نستفيد ؟
ج/ في هذه
اﻵية تشبيه لقوم مضوا, لكنه تحذير وتنبيه من الله لكل قارئ لكتاب الله .
تنبيه : أنه ﻻبد أن
يتعلم معانيه ويعلم ما فيه , لئﻻ يلحقه من الذم ما لحق هؤﻻء .
من أجل أن نتدبر
(15)
ما زلنا في الدرجة الرابعة من درجات التدبر .
وهي : استخراج الحكم
واستنباط اﻷحكام .
وكذلك في قوله ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ
اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ)
فإنها وإن
كانت خطاب للنبي ، فإن معنى الخطاب لغيره أحرى وأولى ، لذلك قال ابن كثير : فيها
تهييج للامة على اﻻستغفار. ومن ميادين اﻻستنباط معرفة موضوع السورة.كما قال ابن عباس عن
سورة النصر: إنها نعت للنبي عليه الصلاة والسلام نفسه.
س/ وماذا قال
ابن حجر العسقﻻني :
ج/ فيه جواز
تأويل القرآن بما يفهم من اﻹشارات . وإنما يتمكن من ذلك من رسخت قدمه في العلم .
س/ ما علاقة
القارئ بالقرآن ؟
ج/ من اﻷمور التي تحدد
علاقة القارئ بالقرآن بعد المعايشة وبعد اللغة ,وتوضيح ذلك بما يأتي :
1- بعد المعايشة :
وذلك أن اﻹنسان الذي يعيش مع القرآن ﻻ يحتاج إﻻ إلى إيضاحات قليلة وتفسير ألفاظ معدودة ويفهم مقاصد القرآن بيسر وسهول وهذا كحال الصحابة.
من أجل أن نتدبر
(16)
نحن في
المعايشة .
أما اﻹنسان البعيد عن
القرآن فإنه يحتاج إلى توضيح وتفصيل , وربما أشكلت عليه اﻷمور الواضحات .
ماذا قال ابن القيم في
قوله تعالى (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى
السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ
من الناس
من يكون حي القلب واعيه تام الفطرة, فإذا فكر وجال بفكره دله قلبه وعقله على صحة
القرآن وأنه حق , وشهد قلبه با أخبر القرآن , فكان ورود القرآن على قلبه نورا على
نور الفطرة .
س/ وما معنى ( نور على نور ) ؟
ج/ أي نور
الفطرة على نور الوحي ، وهذا صاحب القلب الحي الواعي , يجمع بين قلبه وبين معاني
القرآن فيجدها كأنها قد كتبت فيه .
من أجل أن نتدبر
(17)
وصلنا في
علاقة القارئ بالقرآن في - بعد اللغة
-
س/ ما معنى هذه الجملة ؟
ج/ معناها :
أن الذي يعرف اللغة العربية , وأساليب القرآن , ويتعامل بها كثيرا في كلامه
فإنه ﻻ يجد عناء في
معرفة دﻻئل ألفاظ القرآن , وإدراك المراد من اﻵيات
س/ما أهمية معرفة اللفة
العربية لتدبرالقرآن ؟
ج/ إن جزءا
كبيرا من معاني ألفاظ القرآن تعرف باللسان العربي .
س/ ماذا قال ابن عباس ؟
ج/ قال
" التفسير على أربعة أوجه :
1- وجه تعرفه العرب من
كلامها.
2- وتفسير ﻻ يعذر أحد
بجهالته .
3- وتفسير يعلمه العلماء .
4- وتفسير ﻻ يعلمه إﻻ الله .
خلاصة القول :
أن يقال: حينما ﻻ يجد
القارئ في القرآن وصفا أو معنى ﻻ يدركه,فيظن أنه سيجد فيالتفسير لفظا أدق أو
أكمل أو أشمل . بل ما يذكر تفسيرا للقرآن إنما هو توضيح وتقريب للمعنى .
من أجل أن نتدبر
(18)
س/ماهي سبل تدبر القرآن ؟
ج/ يقول
الزركشي : " من لم يكن له علم وفهم وتقوى وتدبر لم يدرك من لذة القرآن شيئا" .
1- معايشة معاني اﻵيات :
وهو من أعظم سبل تدبر
القرآن، ولذلك كان للصحابة أوفر حظ و أعظم نصيب من تدبر القرآن
لما شاهدوه من القرائن
واﻷحوال التي اختصة بها , فحصل لهم الفهم التام والعلم الصحيح، فلقد كانت اﻵيات تنزل في
أمور عايشوها في حياتهم .
س/ كيف يجد
العبد أنسا بالقرآن ؟
ج/ من خلصت
حياته وتعلق قلبه برب القرآن ، فسوف يجد أنسا ﻻ ينتهي .
قال عثمان رضي الله
عنهما : لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام ربنا , وإني أكره أن يمر علي يوم ﻻ أنظر في
المصحف .
س/ كيف تكون
المعايشة وتصور اﻵيات ؟
ج/ تصور
اﻵيات ومعايشتها حالة تمر
بالقارئ فيتصور اﻵيات
فينكشف الغم ويزيل الهم وينقلب القلب من عالم الدنيا والضيق واﻷلم إلى عالم أوسع
وتصورا أرحب .
س/ هل هناك
أمثلة ؟
ج/ سيرة
صحابة رسول الله مليئة لكن نكتفي بقصة عمربن الخطاب رضي الله عنه ,حيث يقول
عبدالله بن شداد " سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصفوف وهو يقرأ
(إِنَّمَا
أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ)
من أجل أن نتدبر
(19)
نحن في
سبل تدبر القرآن .
ثانيا : تصور حال الدعوة عند
نزول اﻵيات :
ومن لم يتمكن من العيش
مع معاني القرآن كلها وما فيها من جهاد و دعوة وبذل ونفقة وتضحية ومواجهة للباطل
فلا أقل
أن يتصور حال الدعوة عند نزول اﻵيات .فحينها سوف تتغير نظرته وتعامله مع تلك اﻷلفاظ ,
وسوف تصبح في ذهنه حية متحركة .وأيضا يتصور أثرها على رسول الله عليه الصلاة والسلام وعلى الصحابة .
س/ هل هناك
أثر للسورة على النفوس ؟
ج/ نعم , ﻻشك
أن للسورة أثر بالغا على النفوس .
ً فكم من سورة مكية
قصيرة كانت بردا وسﻻما على قلوب الصحابة وفتحا وهم يوجهون الجاهلية بظلمها وتهديدها ومكرها وكيدها . وقلوبهم تخفق فرحا وسرورا
مع كل كلمة .
س/ ماذا قال
ابن القيم ؟
ج/ قال : إذا
أردت اﻹنتفاع بالقرآن , فاجمع قلبك عند تﻻوته وسماعه , وألق سمعك
واحضر حضور من يخاطبه
به من تكلم به -سبحانه- منه إليه , فإنه خطاب منه لك علىلسان رسوله عليه الصلاة
والسلام.
من أجل أن نتدبر
(20)
نحن في النقطة الثانية
من سبل تدبر القرآن .وصلنا عند قول اﻹمام الشاطبي:
معرفة
أسباب النزول ﻻزمة لمن أراد علم القرآن .فكلما كان تصور اﻷحداث والحالة النفسية
للصحابة عند نزول اﻵيات قويا واضحا.كانت للآيات نفعا جليلا ، و يهديه إلى مفاهيم أكثر دقة.و أقرب إلى المراد .
س/ هل هناك
أمثلة ؟
ج/ نعم ، لك أن تتخيل
الصحابة وهم يخفضون أصواتهم في حذر شديد وهم يشعرون في نفس الوقت باﻻستعلاء وبعزة
اﻹيمان حين يرددونها وفيها تهكم برموز الجاهلية وبأحد أعيانها .
وكذلك حال الصحابة وهم
يقرؤون أمثال قوله تعالى "الَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا
تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ"
من أجل أن نتدبر
(21)
وصلنا للنقطة الثالثة ,
في سبل التدبر
3- الحث على
فهم كتاب الله .( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ )دلت اﻷية على وجوب التدبر في القرآن ليعرف معناه , وفيه دليل على اﻷمر بالنظر واﻻستدﻻل .
س/ ماذا قال
الطبري في هذه المسألة ؟
ج/ ( وَلَقَدْ
ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ
يَتَذَكَّرُونَ)
قال في حث
الله عباده على اﻻعتبار بما في آي القرآن من المواعظ والبينات ما يدل على أن عليهم
معرفة تأويله .
س/ ماذا قال
اﻵجري عن قارئ القرآن ؟
ج/ قال
: ﻻ يرضى لنفسه ان يؤدي ما فرض الله عليه بجهل , قد جعل العلم والفقه دليله إلى كل
خير, وإذا درس القرآن فبحضور وفهم وعقل , همته إيقاع الفهم لما ألزمه الله من
اتباع ما أمر واﻻنتهاء عما نهى , وليس همته متى أختم السورة .
س/ وماذا قال
شيخ اﻹسﻻم ابن تيمية في حديث " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " ؟
ج/ قال : يشمل تعليم حروفه ومعانيه جميعا , بل تعلم معانيه هو
المقصود اﻷول من تعلم حروفه , وذلك الذي يزيد اﻹيمان كما قال جندب بن عبد الله
وعبد الله بن عمر وغيرهما : تعلمنا اﻹيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانا ,
وأنتم تعلمتم القرآن ثم تعلمتم اﻹيمان . ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة .
من أجل أن نتدبر
(22)
نحن في النقطة الثالثة
من سبل تدبر القرآن .وأيضا النقطة الثانية :
2-فضل وشرف فهم كتاب الله
: ويظهر ذلك في حديث ابن عباس قال : ضمني رسول الله وقال
: "اللهم علمه الكتاب" .أخرجه
البخاري .
*قال ابن حجر : والمراد
بالتعلم ما هو أعم من حفظه . واﻷقرب في معنى الحكمة أن المراد بها الفهم في القرآن .
*وقال عمرو بن مرة :
" ما مررت بآية في كتاب الله ﻻ أعرفها إﻻ أحزنتني , ﻷني سمعت الله يقول" وَتِلْكَ
الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ"
*قال السيوطي : وقد أجمع العلماء أن التفسير من فروض الكفايات وأجل العلوم .
ماذا قال التابعي إياس
بن معاوية :مثل الذين يقرؤون القرآن وﻻ يعرفون التفسير كمثل قوم جاءهم
كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة ﻻ يدرون ما في الكتاب ,ومثل
الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب
من أجل أن نتدبر
(23)
ما زلنا
في النقطة الثانيه من سبل تدبر القرآن . وأيضا النقطة الثالثة :
حرص السلف
على تعلم كتاب الله وفهم معانيه . يقول ابن مسعود رضي الله عنه : والله الذي ﻻ إله
غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إﻻ أنا أعلم أين نزلت , وﻻ أنزلت آية من كتاب
الله إﻻ أنا أعلم فيمن نزلت . ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه اﻹبل لركبت إليه . وكان الرجل منا
إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن .
س/ وهل هناك
موقف آخر ؟
ج/ نعم
المواقف كثيرة فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه , عز عليه أن يتجاوز آية واحدة لم يفهمها وهو
يقرأ سورة البقرة , فعن ابن عباس قال : قال عمر بن الخطاب : قرأت الليلة آية
أسهرتني "أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ
وَأَعْنَابٍ"
س/ ما معناها
؟
من أجل أن نتدبر
(24)
س/ ما هي
النقطة الثانية من الطريق إلى فهم كتاب الله ؟
ج- 2- التطلع للفهم .
س/ فمن قصد
التدبر فمر عليه لفظ ﻻ يعلم معناه أو جملة ﻻ يدرك مقصودها أو آية ﻻ يعقلها ماذا
يفعل ؟
ج/ ﻻ يتجاوزها حتى يدرك
معناها ويفهم مدلولها .
س/ وكيف
الطريق لذلك ؟
ج/ إما بآية
تبينها , أو حديث يفسر معناها , أو بتأمل ونظره حيث غاب عنه المعنى في أول
قراءته أو بسؤال أهل العلم .أو باطﻻعه في كتب التفسير .
س/ ماذا قال
الشيخ السعدي ؟
ج/ قال : ﻻبد
من اﻹقبال على معاني اﻵيات , وبذل الجهد , وكثرة الدعاء وسؤاله تعالة الفهم
والتسديد .
من أجل أن نتدبر
(25)
النقطة
الثالثة من الطريق إلى فهم كتاب الله .
س/ ما هي
النقطة الثالثة ؟
ج/ النقطة
الثالثة : صدق الطلب .
ومعناه : اﻹقبال على
معاني القرآن وطلب الهدى والخير منه.من أعظم السبل لنيل المطلوب منه
س/ ماذا قال
شيخ اﻹسلام ابن تيمية ؟
ج/ قال " من تدبر
القرآن طالبا الهدى منه تبين له طريق الحق "
.
س/ وماذا قال القرطبي ؟
ج/ قال
" فإذا استمع العبد إلى كتاب الله وسنة نبيه , بنية صادقة على ما يحب الله
أفهمه كما يجب , وجعل له في قلبه نورا.
من
أجل أن نتدبر
(26)
النقطة
الرابعة في الطريق لفهم كتاب الله
4- ذم اﻹعراض عن فهم كتاب الله . قال تعالى "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ
عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا"
س/ هل ابن القيم عدد أنواع الهجر لكتاب الله عز وجل ؟
ج/ نعم , فقد عد النوع الرابع من أنواع الهجر : هجر تدبره وتفهمه,
ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
س/ هل هناك علاقه بين تذوق القرآن وفهمه ؟
ج/ نعم إن الجهل بمعانيه صارف عن تدبره وتذوق القلب لقراءته .
قال الطبري "إني ﻷعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله كيف
يلتذ بقراءته"
للإمام القرطبي وصايا لحامل القرآن منها : " وينبغي له أن
يتعلم أحكام القرآن , فيفهم عن الله مراده , وما فرض عليه , فينتفع بما يقرأ ,
ويعمل بما يتلو.
س/ فكيف يعمل بما ﻻ يفهم معناه ؟
ج/ وما أقبح أن يسأل عن فقه ما يتلوه وﻻ يدريه , فما مثل من هذا
حاله إﻻ كمثل الحمار يحمل أسفارا .
س/ وابن الجوزي يدلي بدلوه .فماذا قال ؟
ج/" كان الفقهاء في قديم الزمان هم أهل القرآن والحديث
,فما زال اﻷمر يتناقص حتى .قال المتأخرون : يكفينا أن نعرف آيات اﻷحكام من القرآن
, وأن نعتمد على الكتب المشهورة في الحديث. ثم استهانوا بهذا اﻷمر وصار أحدهم يحتج بآية ﻻ يعرف معناها .
وإنما
الفقه استخراج من الكتاب والسنة , فكيف يستخرج من شيء ﻻ يعرفه .
س/ ماذا قال سعيد بن جبير ؟
ج/ قال : " من قرأ القرآن ثم لم يفسره
كاﻷعمى أو اﻷعرابي - أي العامي الغير متعلم "
من
أجل أن نتدبر
(27)
بفضل الله وصلنا للنقطة الرابعة من سبل التدبر .
4- الوقوف عند اﻵيات :
وهو
قسمان
: وقوف لفظي , و وقوف معنوي , واﻷول
طريق للثاني ومقرب إليه .
القسم
اﻷول :
ترتيل القراءة ويكون بصحة اﻷداء , وتحسين التلاوة والتغني بها .
صفة الترتيل والحث عليه .
عن
قتادة أنه قال : سألت أنس رضي الله عنه عن قراءة النبي عليه الصلاة والسلام .
فقال : "كان يمد مدا , ثم قرأ : بسم الله الرحمن الرحيم : يمد بسم الله
ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم". رواه البخاري.
وعن
أم سلمة أنها قالت : كانت قراءته مفسرة حرفا حرفا .
وقال
ابن الجوزي : على تؤدة وترسل ليتدبروا معناه
س/ ما معنى قوله تعالى "وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً"
ج/ أي بتأني وتمهل وتبيين الحروف والحركات .
س/ وماذا قال الصحابي البراء عن قرأة النبي عليه الصلاة
والسلام ؟
ج/ قال البراء : " سمعت رسول الله قرأ في العشاء
بالتين والزيتون , فما سمعت أحدا أحسن صوتا منه " متفق عليه .
من
أجل أن نتدبر
(28)
س/ ماهي النقطة الثانية من ترتيل القراءة ؟
ج/ 2- التغني بالقرآن :
قال
رسول الله "
ليس منا من لم يتغن بالقرآن " متفق عليه .
ويقول
النووي: معنى
"لم يتغنى " لم يحسن صوته بالقرآن .
و
أجمع العلماء من سلف اﻷمة والتابعين ومن بعدهم على استحباب تحسين الصوت بالقرآن .
ويستحب طلب القراءة من حسن الصوت واﻹصغاء إليه للحديث الصحيح .
س/ ماذا قال أهل العلم عن التغني ؟
ج/ وقال رجل ﻻبن أبي مليكة :(يا أبا محمد ! أرايت الرجل إذا لم
يكن حسن الصوت؟)
قال
: يحسنه ما استطاع .
س/ ماذا حصل لعمر بن الخطاب عندما قرأ عقبة بن عامر ؟
ج/ كان عقبة بن عامر من أحسن الناس صوتا بالقرآن . فقال له عمر
رضي الله عنه : اعرض على سورة كذا، فعرض عليه ؛ فبكى عمر رضي الله عنه .قال : "ما كنت أظن أنها نزلت ".
وذلك
من شدة تأثرة وتلاوته الخاشعة .
من
أجل أن نتدبر
(29)
س/ ما هي النقطة الثالثة في ترتيل القراءة ؟
3/ج :الترسل بالقراءة والنهي عن العجلة :
ومن دﻻئل التأني في القراءة أن جبريل عليه الصلاة والسلام كان
يدارس رسول الله عليه الصلاة والسلام القرآن في كل ليلة من ليالي رمضان , وكان
يعرض القرآن عليه في كل عام مرة .
س/ هل هناك دليل آخر على التأني ؟
ج/ نعم , عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها , قالت :
كان رسول الله يقرأ بالسورة فيرتلها , حتى تكون أطول من أطول منها. رواه مسلم
س/ وهل هناك أثر لصحابة رسول الله على التأني ؟
ج/ نعم , قرأ علقمة - وكان حسن الصوت - فكأنه عجل بالقراءة , فقال
: عبدالله بن مسعود , عندما تعجل في قرأته ." فداك أبي وأمي , رتل فإنه زين القرآن "
من
أجل أن نتدبر
(30)
س/ أين وصلنا في ترتيل القراءة ؟
ج/ وصلنا
النقطة الرابعة : إنها نقطة مهمة وتختلف بحسب أحوال الناس .
4 : مدة
ختم القرآن .
س/ ما الدليل على مدة الختمة ؟
ج/ عن عبد الله بن عمرو قال : كنت أصوم الدهر
وأقرأ القرآن كل ليلة؛ فقال لي رسول الله : ألم أخبر أنك تصوم الدهر وتقرأ القرآن كل ليلة؟ فقلت : بلى يا نبي الله ! ولم أد
بذلك إﻻ الخير ، ثم أخبره عن الصيام ، ثم قال رسول الله:
"واقرأ القرآن في كل شهر، قلت : يا نبي الله ! إني أطيق أفضل من ذلك . قال : فاقرأه في كل عشرين . قال : قلت: يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك , فاقرأه في
كل عشر. قال: قلت :فإني أطيق أكثر من ذلك .قال: فاقرأه في كل سبع , وﻻ تزد على
ذلك " متفق عليه
س/ وهل تكلم أهل العلم في ذلك ؟
ج/ نعم ,عد النووي عادات السلف في ختم القرآن,فلما ذكر من كان
يختمه في سبع، قال:وهذا فعل اﻷكثرين من السلف
من أجل أن نتدبر
(31)
نبدأ
بالنقطة اﻷولى في الوقوف عند المعاني .
1: صفة الوقوف عند المعاني
والحث عليه :
من أبلغ شواهد ذلك ما
رواه حذيفة بن اليمان ؛حيث قال" صليت مع النبي عليه الصلاة والسلام ذات ليلة
فافتتح البقرة فقرأها
ثم افتتح النساء فقرأها
،🌼 ثم افتتح آل عمران فقرأها ،يقرأ
مترسلا،إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ،وإذا مر بسؤال سأل،وإذا مر بتعوذ تعوذ ،ثم ركع"
رواه مسلم .
س/ هل هناك
دليلا آخر على الوقوف على المعنى ؟
ج/ من أعظم
ما يوقظ حس المسلم إليه أهمية الوقوف على اﻵيات حديث أبي هريرة يقول : سمعت رسول
الله يقول " قال الله عز وجل : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما
سأل فإذا قال : الحمد لله رب العالمين؛قال الله :حمدني عبدي ، وإذا
قال : الرحمن الرحيم ، قال الله : أثنى علي عبدي ،وإذا قال : مالك يوم الدين
. قال الله : مجدني عبدي . وإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين . قال الله :
هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ......"
من أجل أن نتدبر
(32)
وصلنا
للنقطة الثانية في فهم المعاني .
قال ابن
أبي مليكة رحمه الله ( سافرت مع ابن عباس من مكة إلى المدينة ، فكان يقوم نصف الليل
فيقرأ حرفا حرفا ثم يبكي حتى تسمع له نشيجا )
س/ هل هناك موقف عن صحابة
الحبيب عليه الصلاة والسلام ؟
ج/ المواقف
عديدة
نكتفي بموقف
لعمر رضي الله عنه ؛ فحين قدم عيينة بن حصن على ابن أخيه الحر بن قيس , فاستأذن
الحر لعيينة للدخول على عمر فلما دخل عيينة قال : هي يا ابن الخطاب ، والله ما تعطينا
الجزل , وﻻ تحكم بيننا بالعدل , فغضب عمر حتى هم به , فقال الحر : يا أمير
المؤمنين ! إن الله تعالى يقول( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)وإن هذا من الجاهلين ,
والله ما جاوزها عمر حين تﻻها عليه , وكان وقافا عند كتاب الله أخرجه البخاري .
من أجل أن نتدبر
(33)
النقطة الثالثة في فهم
المعاني .
-3 تكرار اﻵية .
س/ هل هناك
أمثلة عن صحابة رسول الله ؟
ج/ عن أبي ذر رضي الله عنه
" قام النبي عليه الصلاة والسلام بآية حتى أصبح يرددها
واﻵية "تُعَذِّبْهُمْ
فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ"
س/ وهل هناك
وقائع عن سلفنا في تكرار اﻵية ؟
ج/ عن عبادة
بن حمزة قال : " دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ " فمن الله
علينا و وقانا عذاب السموم " فوقفت عندها , فجعلت تعيدها و تدعوا , فطال علي ذلك , فذهبت
إلى السوق فقضيت حاجتي , ثم رجعت , وهي تعيدها وتدعوا.
وكذلك سعيد بن جبير أنه
أحرم بنافلة - أي دخل في الصلاة - بعد صلاة العشاء فا ستفتح (إِذَا
السَّمَاء انفَطَرَتْ) فلم يزل فيها حتى نادى منادي السحر.وقال محمد بن كعب:ﻷن أقرأ"إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ" " القارعة "أرددها
, وأتفكر فيهما أحب من أن أبيت أهذ القرآن .
من أجل أن نتدبر
(34)
ما زلنا في نقطة تكرار
اﻵية .
س/ كيف سلفنا
يتأملون آية"وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا" ؟
ج/ ردد الحسن
البصري ليلة" وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا".حتى أصبح, فقيل له في ذلك ,
فقال : إن فيها معتبرا
, ما نرفع طرفا , و ﻻ نرده إﻻ وقع على نعمة , وما ﻻ نعلمه من نعم الله أكثر
س/ وماذا كان
حال الصحابة في التكرار ؟
ج/قام تميم الداري بقوله "أَمْ
حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ
آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ" حتى أصبح , وكذلك قام بهذا الربيع بن خثيم.
س/ وماذا قال
النووي رحمه الله :
ج/" وقد بات جماعة من السلف يتلو الواحد منهم اﻵية الواحدة ليلة كاملة أو معظمها
يتدبرها عند القراءة ".
نختم بقول ابن القيم
" هذه كانت عادة السلف يردد أحدهم اﻵية إلى الصبح ".
من أجل أن نتدبر
(35)
النفقطة الثالثة من الوقوف على معاني
اﻵيات :
س/ما الطريق إلى الوقوف
على المعاني ؟
ج/ يقول ابن قدامه : ينبغي
لتالي القرآن أن يعلم أنه المقصود بخطاب القرآن و وعيده ، وأن القصص لم يرد بها
السمر بل العبر،فحينئذ يتلو تلاوة عبد كاتبه سيده بمقصود ، وليعلم أن ما يقرؤه ليس
كلام بشر ، وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه .
وماذا قال
اﻹمام أحمد : يحسن القارئ صوته بالقرآن ويقرؤه بحزن وتدبر , وهو معنى قوله عليه
الصلاة والسلام "ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر
به "
متفق عليه .
س/ ومعنى أذن
: أي استمع .
ج/ إذا ما الهم اﻷعظم
للصالحين عند التلاوة ؟ كم مرة تأثرت بالقرآن ؟
ﻻ كم مرة
ختمت القرآن ..
من أجل أن نتدبر
(36)
وصلنا
للنقطة الخامسة في سبل تدبر القرآن .
5 - معرفة أساليب القرآن .
من لم
يعرف أساليب القرآن سيجد نفسه غريبا عن آيات القرآن وتراكيب جمله، ومن تدبر
القرآن وجد فيه من وجوه اﻹعجاز فنونا ظاهرة وخفيه من جهة اللفظ ومن جهة المعنى .
س/ ماذا قال القرطبي في
إعجاز القرآن ؟
ج/ قال وجوه إعجاز القرآن
عشرة :
1: النظم البديع .
2: اﻷسلوب المخالف لجميع أساليب العرب .
3: الجزالة التي ﻻ تصح من مخلوق بحال .
4 : التصرف في لسان العرب
على وجه ﻻ يستقل به عربي .
5: اﻹخبار عن اﻷمور التي
تقدمت وقت نزوله.
6: الوفاء بالوعد ؛ كوعده
بنصرة رسوله عليه الصلاة والسلام.
7: اﻹخبار عن المغيبات في
المستقبل التي ﻻ يطلع عليها إﻻ بالوحي .
8: ما تضمنه القرآن من
العلم الذي هو قوام جميع اﻷنام .
9: الحكم البالغة التي لم
تجر العادة بأن تصدر في كثرتها وشرفها من آدمي .
10: التناسب في جميع ما
تضمنه ظاهرا وباطنا من غير اختﻻف .
من أجل أن نتدبر
(37)
النقطة الثانية في معرفة أساليب القرآن .
2- من أساليب القرآن .
أ - ختم اﻵيات
بأسمائه وصفاته الحسنى .
ب - ضرب
اﻷمثال .
ج - التوكيد
بالتكرار والقسم .
د - الحوادث
والقصص والحوارات .
ذ - الحذف .
كما في قوله تعالى :" وَلَوْ
تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ"
هذا الحذف من أحسن
الكلام ؛ ﻷن المراد أنك لو رأيت ذلك لرأيت هوﻻ عظيما .
من أساليب
الحث : التذكير باﻵمر وعظمته ، و التذكير بالمأمور ومنزلته ، والتشويق للإجر
وكثرته .
من أجل أن نتدبر
(38)
ثمان خطوات من أجل
قراءة مؤثرة للقرآن الكريم .
1: أن يقصد القارئ من
قراءته التدبروالتكفر .
2 : تعظيم القرآن .
3 : اﻹستعاذة بالله من كيد
الشيطان .
4 : الحذر من الهجر .
5 : ترتيل القرآن والترسل
في القراءة .
6 : إطالة النظر في مقصود
اﻵيات , و وجوه تأثيرها على نفسه .
7 : تدارس القرآن .
8 : أن ينعم بتدبره ويفرح
به .
قال ابن القيم : ﻻ شيء أنفع للقلب
من قراءة القرآن بالتدبر , إذا قرأ بتفكر حتى إذا مر بآية وهو محتاج إليها في شفاء
قلبه كررها ولو مئة مرة ولو ليلة ، فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير
تدبر وتفهم ، و أنفع للقلب ، وأدعى إلى حصول اﻹيمان وذوق حلاوة القرآن .
من أجل أن نتدبر
(40)
س/ هل هناك صورا أخرى
للتدبر؟
ج/ النماذج والصور كثيرة ,
منها
2 - تذكر اﻵية عند مقتضاها: كما جاء في تذكر رسول
الله قوله تعالى" ثُمّ لَتُسْأَلُنّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النّعِيمِ"
فعن أبي هريرة رضي الله
عنه أنه قال : خرج النبي ذات ليلة فإذا أبي بكر وعمر , فقال : ما أخرجكم من بيوتكم
هذه الساعة ؟ قاﻻ : الجوع يا رسول الله ، قال : والذي نفسي بيده ﻷخرجني الذي
أخرجكما , قوما .......فقال عليه الصلاة والسلام : إياك والحلوب ، فذبح لهم ,
فأكلوا من الشاة , ومن ذلك العذق وشربوا وشبعوا ورووا. فقال : عليه الصلاة والسلام : "والذي نفسي بيده ، لتسألن
عن هذا النعيم يوم القيامة ....." رواه مسلم
لقد كان هذا آخر درس في
هذه السلسة .
والحمد لله الذي بنعمته
تتم الصالحات.
معلمتي أم محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق