

الأول:
الشرك في عبادة الله تعالى , قال الله تعالى:(إِنَّ
اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ
يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ)

هذه
النواقض أولها الشرك بالله عز وجل فمن أشرك بالله في أي نوع من أنواع العبادة فقد
انتقض إسلامه ودينه , كأن يدعوا غير الله أو يذبح لغير الله، ولهذا مثل المؤلف
قال: ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو للقبر، أو للرسول أو لملك من
الملائكة أو لغير ذلك , وكأن يدعو غير الله , يذبح لغير الله أو ينذر لغير الله ,
أو يركع لغير الله , أو يسجد لغير الله , أو يطوف بغير بيت الله تقربا بذلك الغير
, أو أي نوع من أنواع الشرك , فإذا أشرك في عبادة الله أحدا من المخلوقين فإنه
ينتقض إسلامه ودينه . هذا هو الناقض الأول نسأل الله السلامة والعافية .

الثاني : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم
ويسألهم الشفاعة , ويتوكل عليهم كفر إجماعا .


الثالث:
من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم , أو صحح مذهبهم كفر.
قال
الشارح ـ حفظه الله ـ : هذا الناقض معناه : أنه لا يعتقد كفر المشركين. فالمشركون
عام يشمل جميع أنواعه الكفار ؛ فكل كافر مشرك . فمن لم يكفر الكافر فهو كافر مثله
. من لم يكفر اليهود أو لم يكفر النصارى أو لم يكفر المجوس أو لم يكفر الوثنيين ,
أو لم يكفر المنافقين أو لم يكفر الشيوعيين فهو كافر , وكذلك من شك في كفرهم قال :
أنا ما أدري , اليهود يمكن أن يكونوا على حق , أو يمكن أنه يجوز للإنسان أن يتدين
باليهودية , أو بالنصرانية , أو بالإسلام كلها أديان سماوية . كما يوعوا بعض الناس
إلى التقارب بين الأديان الثلاث . من اعتقد هذا الاعتقاد فهو كافر ؛ لا بد أن
يعتقد أن اليهود كفار , وأنهم على دين باطل , وتتبرأ منهم ومن دينهم , وتبغضهم
وتعاديهم في الله . وكذلك النصارى لا بد أ، تعتقد كفرهم , وكذلك الوثنيون ,
والمجوس وجميع أنواع الكفرة . وكذلك أيضا يكفر لو شك في كفرهم كأن يقول : لا
أدري هل اليهود كفار أم ليسوا كفارا , يمكن ا، يكونوا على حق هذا يكفر . لا بد أن
يجزم , ويعتقد كفرهم جزماً . وكذلك إذا صحح مذهبهم قال : هم على دين صحيح أو على
دين حق فيكون كافراً مثلهم ؛ وذلك لأن من لم يكفر المشركين فإنه لم يكفر بالطاغوت
, وليس هناك توحيد إلا بأمرين : إيمان بالله وكفرٌ بالطاغوت فالذي لم يكفر
المشركين , واليهود والنصارى لم يكفر بالطاغوت
؛ فلا يصح له توحيد , ولا إيمان فلا بد منن أمرين في التوحيد كفر بالطاغوت ,
وإيمان بالله وهذ موجود في كلمة التوحيد لا إله إلا الله لا إله : هذا كفر
بالطاغوت , إلا الله : هذا إيمان بالله ؛ لأن لا إله إلا الله نفي لجميع أنواع
العبادة لغير الله . والكفر بالطاغوت هو إنكار عبادة غير الله ونفيها , والبراءة
منها , ومن أهلها , ومعاداتهم هذا معنى الكفر بالطاغوت , فال بد من عداوة المشركين
وبغضهم في الله , قال الله تعالى عن إبراهيم :{ قَدْ
كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ
قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ
اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ
وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}. فهذه هي الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله
مخلصاً له الدين وأن تتبرأ من عبادة من سوى الله وأن تنكرها وتبغضها وتبغض أهلها
وتعاديهم .

الرابع:
من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه وأن حكم غيره أحسن من
حكمه كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر.

وكذلك إذا اعتقد أن الحكم بالشريعة أحسن من
الحكم بالقوانين , لكن يجوز الحكم بالقوانين كأن يقول :
الإنسان مخير يجوز له أن يحم بالقوانين , ويجوز له أن يحكم بالشريعة , لكن الشريعة
أحسن فهذا يكفر بإجماع المسلمين فالإنسان ليس مخيرا , وهذا أنكر معلوما من الدين
بالضرورة فالحكم بالشريعة هذا أمر واجب على كل أحد وهذا يقول : إنه ليس
بواجب وأنه يجوز للإنسان أن يحكم بالقوانين فهذا يكفر ولو قال : إن أحكام الشريعة
أحسن . فعلى هذا :



وهناك
حالة رابعة إذا حكم بالقوانين أو بالقانون في مسألة من المسائل أو في قضية من
القضايا وهو يعتقد أن الحكم بالشريعة هو الواجب , وأنه لا يجوز الحكم بالقوانين ,
وأنه لا يجوز أن يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد،ظالم وأنه مستحق للعقوبة لكن
غلبته نفسه وهواه وشيطانه فحكم بغير ما أنزل الله , حكم بغير ما أنزل الله لشخص
حتى ينفع المحكوم له أو حتى يضر المحكوم عليه , فينفع المحكوم له ؛ لأنه صديق له
أو قريب له , أو جار له , أو يضر المحكوم عليه لأنه عدو له , وهو يعلم أن الحكم
يما أنزل الله واجب وأنه مرتكب للمعصية هذا يكفر كفرا أصغر ولا يخرج من الملة
. فيكون الحكم بغير ما أنزل الله أربع حالات , ثلاث حالات يكفر فيها كفرا
أكبر , والرابعة يكفر كفرا أصغر .

إذا
كان سن القوانين كلها , وأزال الشريعة كلها رأسا على عقب هذا بدل الدين , وهذا ذهب
جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر لأنه بدل دين الله , وهذا هو الذي أفتى به سماحة
الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ مفتي الديار السعودية سابقا قال : إن هذا بدل
الدين رأسا على عقب ليس في قضية من القضايا , إنما بدل الأحكام كلها فأزال الشريعة
كلها وأبدلها بالقوانين في كل صغيرة وكبيرة .
وذهب سماحة شيخنا الشيخ عبد
العزيز بن باز ـ
وفقه الله ـ إلى أنه أيضا ولو بدل الدين لا بد أن يعتقد أنه يجوز الحكم بالقوانين
حتى تقوم عليه الحجة . إذن هذه هي الحالة الخامسة وهي إذا بدل الدين . وهناك حالة
سادسة وهي أن الحاكم الشرعي إذا بذل وسعه , واستفرغ جهده في تعرف الحكم الشرعي لكن
أخطأ وحكم بغير ما أنزل الله خطأً فهذا ليس كافرا ولا عاصيا بل هو مجتهد له أجر
واحد لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا
اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران , وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر) فهذا
خطأه مغفور وله أجر على اجتهاده . وإذا بذل وسعه وأصاب الحق فله أجران أجر
الاجتهاد وأجر الإصابة .

الخامس :
من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم , ولو عمل به كفر.
قال الشارح ـ حفظه الله ـ : كأن يبغض الصلاة
فإنه يكفر ولو صلى , أو كرهها , يدل عليه قوله تعالى : (ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) فإذا
أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الواجبات أو من الثواب أو من
العقاب كأن كأن يبغض إقامة الحدود على
الزاني أو السارق أو كره ذلك فهذا يكفر ؛ لأنه أبغض وكره ما أنزل الله .

السادس :
من استهزأ بشي من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر , والدليل
قوله تعالى : (
قُلْ أَبِاللّهِ. وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ *لاَ
تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ. إِيمَانِكُمْ)


السابع :
السحر ومنه الصرف والعطف , فمن فعله أو رضي به كفر , والدليل قوله تعالى : وما
يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر.

هذا
السحر الذي صاحبه يتصل بالشياطين .
أما
السحر الذي لا يتصل صاحبه بالشياطين كأن يكون هناك ساحر لا يتصل بالشياطين لكن
يعطي الناس أدوية وتدخينات ويسقيهم أشياء تضرهم , ويأخذ أموال الناس بغير حق . هذا
إذا استحل كفر وإذا استحل أكل أموال الناس بالباطل , والإضرار بالناس كفر , إما
إذا لم يستحل فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب لأن صاحبه لا يتصل بالشياطين , لكن
السحر الذي يتصل صاحبه بالشياطين فقد كفر لأن الساحر لا ينفك عن الكفر .

الثامن :
مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى :( وَمَن
يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ).


التاسع من
اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر
الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر .

هذا
دليل على أنه نبي يوحى أليه ولا يمكن ، يقتل الغلام , ويخرق السفينة, ويبني
الجدار عن طريق الإلهام فلا يمكن أن يفعل هذا إلا بوحي. المقصود
أن من اعتقد أن أحدا يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر
الخروج عن شريعة موسى فهو كافر لوجود الفرق فشريعة محمد صلى الله عليه وسلم عامة
وشريعة موسى خاصة ببني إسرائيل وشريعة موسى يجوز لغير بني إسرائيل ويسعهم الخروج
عنها , وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم لا يسع أحدا الخروج عنها .

ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل
والجاد والخائف إلا المكره وكلها من أعظم ما يكون خطرا وأكثر ما يكون وقوعا فينبغي
للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه ,
وصلى الله على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الحالة الأولى :
إذا فعلها عامدا
الحالة الثانية :
إذا فعلها هازلا أي مازحا
الحالة الثالثة :
فعلها خائفا
الحالة الرابعة :
فعلها مكرها وقلبه مطمئن بالكفر في هذه الحالات الأربع يكفر.
الحالة
الخامسة :
فعلها مكرها وقلبه مطمئن بالإيمان هذا لا يكفر لقوله تعالى :(مَنْ
كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ
مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ
غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)
والله
أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أعدها محمد الحصين .
طبع مكتبة الرشد . الطبعة الثالثة . 1426هـ .
(الحجم
5 ميجا)
اضغط على هذا الرابط 



أو



ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق