للأسئلة و الأجوبة على كتاب التوحيد
23- باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان
س: اذكر
مقصود المؤلف بهذا الباب؟
جـ: مقصوده
التحذير من الشرك والتخويف منه وأنه أمر واقع في هذه الأمة لا محالة والرد على من
زعم أن من قال لا إله إلا الله وتسمى بالإسلام أنه يبقى على إسلامه ولو فعل ما ينافيه
من الاستغاثة بأهل القبور ودعائهم ونحو ذلك.
س: ما
الأوثان؟
جـ: جمع وثن
وهو كل ما قصد بنوع من أنواع العبادة من دون الله لا فرق بين الأشجار والأحجار
والأبنية والقبور وغيرها فمن دعا غير الله وعبده فقد اتخذه وثنًا وخرج بذلك عن دين
الإسلام.
قال تعالى:"أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ
وَالطَّاغُوتِ".سورة النساء آية(51)
س: اذكر سبب
نزول هذه الآية. ومن المخاطب فيها، وما المراد بالذين أوتوا نصيبًا من الكتاب؟ وما
الجبت والطاغوت، اذكر مناسبة الآية للباب؟
جـ: سبب نزول
هذه الآية: ما روى ابن أبي حاتم عن عكرمة قال جاء حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف «اليهوديين» إلى أهل
مكة فقالوا لهما أنتم أهل الكتاب وأهل العلم فأخبرونا عنا وعن محمد فقالا أنتم خير
وأهدى سبيلاً. والمعنى أنهم يفضلون الكفار على المؤمنين لجهلهم وقلة دينهم وكفرهم
بكتاب الله الذي بأيديهم. والمخاطب في هذه الآية الرسول محمد صلى الله عليه و سلم والمراد بالذين أوتوا
نصيبًا من الكتاب في هذه الآية هم اليهود. والجبت: كلمة تقع على الصنم والكاهن
والساحر ونحو ذلك. والطاغوت ما عبد من دون الله ورضي بذلك.ومناسبة الآية للباب: أنه إذا
كان في أهل الكتاب من يؤمن بالجبت والطاغوت فالرسول صلى الله عليه و سلم قد أخبر أن
أمته ستفعل مثل ذلك.قال تعالى: "قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ
لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ
وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ" سورة المائدة آية(60)
س: اشرح هذه
الآية وبين وجه الدلالة منها؟
جـ: يقول الله
تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه و سلم قل لهؤلاء اليهود هل أخبركم بشر جزاء عند
الله يوم القيامة مما تظنونه بنا وهم أنتم أيها المتصفون بهذه الصفات المفسرة
بقوله "مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ" أي أبعده من رحمته "وَغَضِبَ عَلَيْهِ" أي غضبًا لا يرضى بعده أبدًا وجعل منهم القردة والخنازير "وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ" أي جعل منهم من عبد
الطاغوت أي أطاع الشيطان فيما سول له. ووجه الدلالة من الآية: أنه إذا كان في اليهود من عبد الطاغوت فكذلك يكون في
هذه الأمة لأنه أخبر صلى الله عليه و سلم أن هذه الأمة ستتبع طريق من قبلهم. قال تعالى:"قَالَ الَّذِينَ
غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا" سورة الكهف آية(21)
س: اشرح هذه
الآية وبين وجه الدلالة منها؟
جـ: أي قال
أصحاب الكلمة والنفوذ في زمن أصحاب الكهف قالوا نتخذ على أصحاب الكهف مسجدًا
ليعرفوا فيقصدهم الناس ويتبركون بهم وهذا على جهة الذم لهم بدليل قوله صلى
الله عليه و سلم:«لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما فعلوا.ووجه الدلالة من الأية:
أنه إذا كان أهل الكتاب يتخذون المساجد على القبور فكذلك يكون في هذه الأمة بدليل
قوله صلى الله عليه و سلم: «لتتبعن سنن من كان قبلكم» متفق عليه.عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه
قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن» أخرجاه أي البخاري ومسلم.
س: اشرح هذا
الحديث وما معنى سنن، وما هي القذة، وما معنى قوله فمن؟
جـ: يخبر
الرسول صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث أن هذه الأمة ستسلك طريق من
قبلهم في كل ما فعلوه كما تشبه ريشة السهم الأخرى، والسنن: بفتح السين الطرق،
والقذة: ريشة السهم.
أراد النبي صلى الله عليه و سلم أن هذه الأمة لا تترك
شيئًا مما فعله اليهود والنصارى إلا فعلته وقد وقع كما أخبر وهو علم من أعلام
النبوة. ومعنى قوله «فمن» أي فمن هم غير أولئك.
ولمسلم عن ثوبان رضي
الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:«إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي ستبلغ ملكها ما زوى
لي منها...» الحديث.
س: ما معنى
قوله صلى الله عليه و سلم: إن الله زى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها... إلخ؟.
جـ: المعنى جمع لي الأرض حتى أبصرت ما تملكه أمتي من أقصى المشارق
والمغارب منها.
س: هل وقع ما
أخبر به الرسول صلى الله عليه و سلم من انتشار ملك أمته في المشارق والمغارب؟
جـ: نعم وذلك
أن ملك أمته اتسع إلى أن بلغ طنجة وأسبانيا غربًا كما اتسع شرقًا حتى وصل إلى
الهند والصين.
س: ما
المقصود بالكنزين في قوله صلى الله عليه و سلم:«وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض» ومتى وجد ذلك؟
جـ: المقصود
بهما كنز كسرى ملك الفرس وهو الأبيض لأن الغالب عندهم الفضة والجوهر، وكنز قيصر
ملك الروم وهو الحمر لأن الغالب عندهم الذهب.
وقد وجد ذلك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد سيقت إليه الكنوز بعد ما
فتح المسلمون بلادهما.
س: ما المراد
بالسنة: بفتح السين في قوله صلى الله عليه و سلم:وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة؟
جـ: المراد
بالسنة هنا الجدب والقحط الذي يكون به الهلاك العام.
س: ما معنى
قوله «وأن لا يسلط عليهم عدوًا من سواء أنفسهم فيستبيح بيضتهم».
جـ: المعنى
وأني سألت ربي لأمتي أن لا يسلط عليهم عدوًا من غيرهم من الكفار فيستولي عليهم.
س: وهل أعطاه
الله ذلك؟ وما معنى بيضتهم، وما أقطار الأرض في قوله «ولو اجتمع عليهم من
بأقطارها»؟
جـ: نعم أخبر صلى الله عليه و سلم أن الله لا يسلط العدو على كافة
المسلمين حتى يستولي على جميع ما حازوه من البلاد والأرض وهو معنى بيضتهم وقيل
بيضتهم معظمهم وجماعتهم وإن قلوا ولو اجتمع عليهم من بأقطار الأرض وهي جوانبها.
س: ما معنى
قوله حتى يهلك بعضهم بعضًا ويسبي بعضهم بعضًا وهل حصل هذا؟
جـ: المعنى أن
الله لا يسلط الكفار على معظم المسلمين وجماعتهم ما داموا متمسكين بدينهم ومجتمعين
عليه. أما إذا حصل التفرق والاختلاف فيما بينهم والقتل والسبي من بعضهم لبعض فقد
يسلط الكفار عليهم.وقد حصل هذا فسلط بعضهم على بعض كما هو الواقع بسبب اختلافهم وتفرقهم في الدين
فانشغلوا بذلك عن جهاد العدو، فسلط عليهم.
س: ما معنى
قوله صلى الله عليه و سلم عن ربه «إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد»؟
جـ: يعني إذا
حكمت حكمًا مبرمًا نافذًا وقدرت قدرًا فإنه لا يرد بشيء ولا يقدر أحد على رده كما
قال صلى الله عليه و سلم:«ولا راد لما قضيت».
س: ما
المقصود بالأئمة المضلين الذين خافهم الرسول على أمته؟
جـ: المقصود
بهم -والله أعلم- الأمراء والعلماء الظلمة والعباد الجهلة الذين يقتدي بهم الناس
فيحكمون فيهم بغير علم فيضلونهم كما قال تعالى:"وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا
السَّبِيلَا" سورة الأحزاب آية(67)
س: ما معنى
قوله صلى الله عليه و سلم:«وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة» وهل وقع ومتى؟
جـ: المعنى
إذا تقاتلت هذه الأمة فإنه سيستمر القتال فيها إلى يوم القيامة وقد يكون بحق كقتال
المسلمين الكفار وقد يكون بباطل كقتال المسلمين بعضهم لبعض.وقد حصل هذا من مقتل
أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه واستمر على ذلك وكذلك يكون إلى يوم
القيامة ولكن قد يكثر تارة ويقل أخرى ويكون في جهة دون أخرى.
س:ما معنى قوله صلى الله
عليه و سلم:«ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين»؟
جـ: الحي واحد
الأحياء وهي القبائل كما في الرواية الأخرى «حتى يلحق قبائل من أمتي
بالمشركين» والمعنى أنهم يكونون معهم ويرتدون عن الإسلام ويلحقون بأهل
الشرك.
س: اذكر
الشاهد من حديث ثوبان للباب؟ وما معنى فئام؟
جـ: الشاهد
منه قوله «ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي
الأوثان» والفئام الجماعات الكثيرة وفي الرواية الأخرى «وحتى تعبد
قبائل من أمتي الأوثان».
س: ما معنى
خاتم النبيين في قوله صلى الله عليه و سلم:«وأنا خاتم النبيين»؟
جـ: أي آخرهم
الذين ختموا به فلا نبي بعده.
س: ما الذي
يؤخذ من قوله صلى الله عليه و سلم: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله
تبارك وتعالى»
س:وما الطائفة وما المقصود
بأمر الله؟
جـ: يؤخذ منه بشارة
عظيمة أن الحق لا يزول بالكلية بل لا تزال عليه طائفة متمسكة به وهم العاملون
بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم ،والطائفة الجماعة من الناس.
والمقصود بأمر الله ما روي من قبض المؤمنين بريح طيبة ووقوع علامات الساعة
العظام ثم لا يبقى إلا شرار الناس فعليهم تقوم الساعة والله أعلم.
24- باب ما جاء في السحر
أي
من الوعيد فيه والتحذير منه
س: ما وجه إدخال باب السحر في كتاب التوحيد؟
جـ: لأن كثيرًا من أقسامه لا يتأتى إلا بالشرك المنافي للتوحيد.
س: كيف دخل السحر في الشرك؟
جـ: دخل فيه من جهتين:
1- من جهة ما فيه من استخدام الشياطين ومن التعلق بهم.
2- ومن جهة ما فيه من ادعاء علم الغيب الذي استأثر الله
بعلمه.
س: عرف السحر لغة وشرعًا؟
جـ: السحر لغة عبارة عما خفى ولطف سببه.
شرعًا:
عزائم ورقى وعقد وأعمال تؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء
وزوجه.
س: اذكر حكم السحر وحد الساحر مع ذكر الدليل؟
جـ: السحر محرم لأنه كفر بالله مناف للإيمان والتوحيد قال
تعالى:"وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا
إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ"(سورة
البقرة آية 102)
وحد
الساحر القتل والدليل على ذلك:
1- ما روي عن جندب مرفوعًا حد الساحر ضربه بالسيف. رواه
الترمذي موقوفًا.
2- ما روي عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى عماله أن اقتلوا
كل ساحر وساحرة. رواه البخاري في صحيحه.
ما
صح عن حفصة أم المؤمنين أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت(رواه ملك في الموطأ) فصح قتل الساحر عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وهم عمر
وابنته حفصة وجندب. قال تعالى:"وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي
الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ"(سورة
البقرة آية 102)
س: بين مرجع الضمير في عَلِمُوا واشْتَرَاهُ وما هو الخلاق؟
جـ: مرجع الضمير في عَلِمُوا إلى اليهود وفي اشْتَرَاهُ إلى السحر أي اختاره واستبدله بكتاب الله. والخلاق:
النصيب. يقول تعالى ولقد علم اليهود الذين استبدلوا بالسحر عن
متابعة الرسول صلى الله عليه و سلم أن الساحر لا نصيب له في الآخرة.
وتفيد الآية تحريم السحر ووعيد الساحر. قال تعالى: "يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ"(سورة النساء آية 51)
س: ما المراد بالجبت والطاغوت؟
جـ: تقدم معناهما في الباب الذي قبل هذا وقال عمر بن الخطاب الجبت:
السحر، والطاغوت: الشيطان. وقال جابر: الطواغيت كهان كان ينزل عليهم الشيطان في
كل حي واحد.
س: ما معنى قول جابر هذا وما الحي؟
جـ: أراد أن الكهان من الطواغيت تنزل عليهم الشياطين
فيخاطبونهم ويخبرونهم بما يسترقون من السمع. وقوله «في كل حي واحد» الحي واحد الأحياء وهي القبائل
أي في كل قبيلة كاهن يتحاكمون إليه. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:«اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال: الشرك
بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم،
والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» متفق عليه.
س: ما معنى اجتنبوا وما الموبقات ولماذا سميت بهذا الاسم؟
جـ: اجتنبوا ابتعدوا والموبقات المهلكات وسميت موبقات لأنها تهلك
فاعلها في الدينا بما يترتب عليها من العقوبات وفي الآخرة من العذاب.
س: عرف الشرك بالله ولماذا بدأ به واذكر الشاهد من الحديث للباب؟
جـ: الشرك بالله نوعان:
1- شرك أكبر وهو صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله
كالدعاء والخوف والذبح والنذر.
2- وشرك أصغر وهو كل وسيلة تؤدي إلى الشرك الأكبر من
الإرادات والأقوال والأفعال التي لم تبلغ رتبة العبادة كالرياء والحلف بغير الله.
وبدأ بالشرك لأنه أعظم الذنوب. والشاهد من الحديث للباب قوله «والسحر» وتقدم تعريفه وحكمه.
س: ما المقصود بقتل النفس التي حرم الله. وما الحق الذي يبيح قتل
النفس؟
جـ: المقصود بالنفس التي حرم الله قتلها: هي نفس المسلم المعصوم
والمعاهد. والحق الذي يبيح قتل النفس هو أن تعمل ما يوجب قتلها مثل الشرك والردة
بعد الإسلام والنفس بالنفس «القصاص» والزنا بعد الإحصان «الزواج».
س: عرف الربا وما المقصود بأكله؟
جـ: الربا لغة الزيادة، وشرعًا زيادة في أشياء مخصوصة. والمقصود
بأكله تناوله على أي وجه كان.
س: ما المراد بأكل مال اليتيم ولماذا عبر بالأكل؟
جـ: المراد بأكل مال اليتيم التعدي فيه ظلمًا وعبر بالأكل لأنه أعم
وجوه الانتفاع واليتيم الذي مات أبوه وهو صغير لم يبلغ.
س: ما معنى التولي يوم الزحف، ومتى يكون كبيرة؟
جـ: معنى التولي يوم الزحف الإدبار والفرار عن الكفار وقت
التحام القتال وإنما يكون كبيرة إذا فر إلى غير فئة أو غير متحرف لقتال كما في
الآية الكريمة "وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا
لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ
وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ."(سورة الأنفال آية16)
س: ما المقصود بالمحصنات الغافلات المؤمنات، وما معنى قذفهن وعن
أي شيء احترز بقوله المؤمنات؟
جـ: المحصنات بفتح الصاد النساء المحفوظات من الزنا وبكسرها
الحافظات فروجهن منه وهن الحرائر العفيفات. ومعنى قذفهن رميهن بزنا أو لواط وهن الغافلات عن
الفواحش وعن ما رمين به البريئات من ذلك المؤمنات بالله تعالى. واحترز
بالمؤمنات عن الكافرات فإن قذفهن ليس من الكبائر.
س: اذكر ما يستفاد من هذا الباب؟
جـ: يستفاد منه:
1- تحريم السحر والوعيد الشديد عليه وأنه من الكبائر.
2- وعيد الساحر وأنه يكفر ويقتل.
3- الوعيد الشديد على الشرك بأنواعه فإنه أكبر الكبائر.
4- تحريم قتل النفس وأنه من الكبائر وبيان الحق الذي
يبيح قتلها.
5- تحريم أكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي عن الكفار
وقت القتال وقذف المحصنات وأنها من الكبائر. والله سبحانه وتعالى أعلم.
25- باب بيان شيء من أنواع السحر
س: ما صلة هذا الباب بالذي قبله؟
جـ: هي أنه لما ذكر المؤلف حكم السحر ذكر شيئًا من أنواعه.
روى
أحمد أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:«إن العيافة والطرق والطيرة
من الجبت».
س: اشرح الكلمات المذكورة في الحديث؟
جـ: العيافة: زجر الطير وتنفيرها وإرسالها، والتفاؤل بأسمائها
وأصواتها وممرها.
والطرق: الخط يخط في الأرض، وقيل هو الضرب بالحصى.
والطيرة: هي التشاؤم بمرئي أو مسموع.
والجبت: تقدم تعريفه وهو السحر، وقيل رنة الشيطان أي صوته كما قال
الحسن.
عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد
ما زاد» رواه أبو داود وإسناده صحيح.
س: ما معنى اقتبس، وما الشعبة، وما معنى قوله زاد ما زاد؟
جـ: معنى اقتبس أخذ وحصل وتعلم، شعبة من النجوم طائفة وجزء من علم
النجوم، ومعنى قوله زاد ما زاد أي كل ما زاد من تعلم النجوم زاد الإثم الحاصل
بزيادة الاقتباس من شعبه.
س: ما حكم تعلم علم النجوم؟
جـ: هو على قسمين جائز ومحرم:
فالجائز ما يدرك بطريق المشاهدة كالاستدلال بالشمس والقمر
والنجوم على أوقات الصلاة وجهة القبلة ونحو ذلك.
والمحرم ما يدعيه أهل التنجيم من معرفة الحوادث التي لم تقع كمجيء الأمطار،
ووقت هبوب الرياح، وتغير الأسعار وغير ذلك مما استأثر الله بعلمه ولا يعلمه أحد
غيره. وللنسائي من حديث أبي هريرة «من
عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئًا وكل إليه».
س: ما المقصود بالعقدة وما النفث وما الذي يؤخذ من قوله «ومن سحر فقد أشرك» وما معنى قوله «من تعلق شيئًا وكل إليه»؟
جـ: العقدة جمعها عقد وهي ما يعقده الساحر، وبيان ذلك أن السحرة
إذا أرادوا السحر عقدوا الخيوط ونفقوا فيها على كل عقدة حتى ينعقد ما يريدون من
السحر، والنفث هو النفخ مع ريق وهو دون التفل. ويؤخذ من قوله «ومن
سحر فقد أشرك» أن الساحر مشرك ومعنى قوله «من
تعلق شيئًا وكل إليه» أي من تعلق قلبه بشيء بحيث يعتمد عليه ويرجوه وكله الله إلى
ذلك الشيء. وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:«ألا هل أنبئكم ما العضه هي
النميمة القالة بين الناس» رواه مسلم.
س: ما معنى ألا هل أنبئكم وما المقصود بالعضه وما النميمة وبين
حكمها وما وجه ذكرها في أنواع السحر وما معنى القالة بين الناس؟
جـ: ألا أداة تنبيه وهل أداة استفهام وأنبئكم: أخبركم، والعضه في
الأصل: البهت والمراد بها هنا النميمة وهي نقل الكلام
بين الناس على جهة الإفساد بينهم وهي من الكبائر. ووجه ذكرها في أنواع السحر أن النمام يقصد الأذى
بكلامه وعمله على وجه المكر والحيلة فأشبهت السحر لمشاركتها له في التفريق بين
الناس.
والقالة بين الناس هي كثرة القول وإيقاع الخصومة بين الناس بما يحكى لبعضهم عن بعض.
عن
ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:«إن من البيان لسحرا» متفق عليه.
س: ما البيان واذكر أنواعه؟ ولماذا شبه بالسحر؟
جـ: البيان اجتماع الفصاحة وذكاء القلب مع اللسان وإنما شبه بالسحر
لشدة عمله في سامعه وسرعة قبول القلب له.
والبيان
على نوعين مذموم وممدوح:
فالمذموم هو الذي يجعل الحق في صورة الباطل والباطل في صورة الحق، يستميل صاحبه
قلوب الجهال حى يقبلوا الباطل وينكروا الحق وهذا هو المقصود في الحديث.
والممدوح هو الذي يوضح الحق ويقرره ويبطل الباطل ويبينه.
س: اذكر ما يستفاد من هذا الباب؟
جـ: يستفاد منه:
1- تحريم تعلم علم النجوم لمن يدعي به معرفة علم الغيب
وأن ذلك من السحر.
2- أن الساحر مشرك لأنه لا يتأتى السحر إلا بالشرك.
3- أن عقد الخيوط والنفث فيها من السحر.
4- أن النميمة من السحر.
5- أن بعض الفصاحة من السحر. والله سبحانه وتعالى أعلم.
26- باب ما جاء في الكهان ونحوهم
س: ما مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟
جـ: هي أن الكهانة لا تخلو من الشرك المنافي للتوحيد.
س: كيف دخلت الكهانة في الشرك؟
جـ: دخلت فيه من جهتين:
1- من
جهة دعوى مشاركة الله في علم الغيب الذي اختص به.
2- ومن
جهة التقرب إلى غير الله كاستخدام الشياطين والاستعانة بهم.
روى
مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه و سلم عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال:«من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين
يومًا».
وعن
أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:«من أتى كاهنًا فصدقه بما
يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم» رواه
أبو داود. وللأربعة والحاكم وقال صحيح على شرطهما عن أبي هريرة«من
أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد».
س: ما المراد بالمنزل على محمد صلى الله عليه و سلم ؟
جـ: الكتاب والسنة.
س: ما هو الجمع بين قوله صلى الله عليه و سلم من أتى
عرافًا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يومًا وبين قوله فقد كفر بما
أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم ثم اذكر ما يستفاد من الأحاديث
السابقة؟
جـ: الجمع بينهما أن الوعيد على عدم قبول الصلاة محمول على مجرد
مجيء العراف وسؤاله لأن في بعض روايات الصحيح لم يذكر فيها لفظ «فصدقه» والوعيد بالكفر محمول على مجيئه وتصديقه.
ما
يستفاد من الأحاديث:
1- كفر
الكاهن والعراف ونحوهما لأنهم يدعون علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه.
2- تحريم
إتيان الكهان ونحوهم وسؤالهم وتصديقهم والوعيد الشديد على ذلك.
3- كفر
من يأتيهم ويصدقهم.
4- أنه
لا يجتمع تصديق الكاهن مع الإيمان بالقرآن.
وعن
عمران بن حصين مرفوعًا «ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر
له ومن أتى كاهنًا فصدقه بما يقول كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم» رواه
البزار بسند جيد.
س: وضح معاني الكلمات المذكورة في الحديث؟
جـ: قوله صلى الله عليه و سلم ليس منا وعيد شديد يدل على أن هذه الأمور من الكبائر.«من تطير» فعل الطيرة «أو تطير له» أمر من يتطير وقبل قول المتطير وتابعه،«أو
تكهن» فعل الكهانة،«أو تكهن له» أتى الكاهن وسأله
فصدقه،«سحر» عمل السحر،«سحر له» قبل قول الساحر وصدقه
وتابعه فكل من تلقى هذه الأمور عمن فعلها فقد برئ منه رسول الله صلى الله عليه و
سلم.
س: اذكر الفرق بين العراف والكاهن والمنجم والرمال؟
جـ: هذه الأسماء لمن ادعى معرفة شيء من علم الغيب لكن طرقهم مختلفة.
فالعراف: هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق
ومكان الضالة ونحو ذلك وقيل هو الكاهن والكاهن: هو الذي يأخذ عن مسترق السمع ويخبر
عن المغيبات في المستقبل وقيل هو الذي يخبر عما في الضمير.
والمنجم: هو الذي يستدل بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية.
والرمال: هو الذي يدعي معرفة المغيبات بطريق الضرب بالحصى والخط في
الرمل.
وقال
شيخ الإسلام ابن تيمية: العراف اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في
معرفة الأمور بهذه الطرق. قال ابن عباس في قوم يكتبون أبا جاد وينظرون في
النجوم: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق. رواه الطبراني وإسناده ضعيف.
س: ما المقصود بتعلم أبا جاد وما حكم تعليمه وما هو الخلاق، وما
معنى قول ابن عباس هذا؟
جـ: المقصود به معرفة حساب الجمل فيقطعون حروف
أبجد هوز، حطي، كلمن... إلخ فيجعلون الألف عن واحد والباء عن اثنين، والجيم عن
ثلاثة والدال عن أربعة إلى نهاية الحرف العاشر ثم يبدؤن بالكاف من «كلمن» فيجعلونها عن عشرين واللام عن ثلاثين وهكذا إلى أن تتم حروف هذه الكلمات. وتعلمها على نوعين حرام وجائز،
فالحرام لمن يدعي بتعلمها معرفة علم الغيب. والجائز لمن يتعلمها للهجاء وحساب
الجمل. والخلاق: النصيب. ويقول ابن عباس ما أعلم أو ما
أظن أن من يكتب هذه الحروف ويتعلمها وينظر في النجوم ويعتقد أن لها تأثيرًا في
الكون ما أظن أن له عند الله نصيبًا في الآخرة. والله سبحانه وتعالى أعلم.
27- باب
ما جاء في النشرة
س: اذكر مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟
جـ: هي أن بعض أنواع النشرة من السحر وهو لا يحصل غالبًا إلا
بالشرك المنافي للتوحيد.
س: عرف النشرة لغة وشرعًا، ولماذا سميت بهذا الاسم؟
جـ: النشرة لغة: الكشف والإزالة. وشرعًا: حل السحر عن المسحور بنوع
من العلاج والرقية، سميت نشرة لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء أي يكشف ويزال.
س: اذكر ما قيل في النشرة وكيف تجمع بين هذه الأقوال وبين أنواع
النشرة وحكم كل نوع؟
جـ:
1-عن
جابر رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن النشرة فقال: هي من عمل
الشيطان» رواه أحمد بسند جيد وأبو داود.
وقال
سئل أحمد عنها فقال ابن مسعود يكره هذا كله. أي يكره النشرة التي هي من عمل
الشيطان.
2- سعيد
بن المسيب يقول لا بأس بها إنما يريدون بها الإصلاح. رواه البخاري عن قتادة.
3- وروي
عن الحسن البصري أنه قال لا يحل السحر إلا ساحر(ذكره ابن الجوزي في جامع المسانيد)
والجمع بين هذه الأقوال أن النشرة «حل
السحر عن المسحور» نوعان:
1- حل
بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان وعليه يحمل قول الحسن
وهذا النوع محرم.
2- النشرة
بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة فمثل هذا جائز وعليه يحمل قول سعيد
بن المسيب. وفي البخاري عن قتادة قلت لابن المسيب رجل به طب أو يؤخذ
عن امرأته أيحل عنه أو ينشر قال لا بأس به إنما يريدون به الإصلاح فأما ما ينفع
فلم ينه عنه. أهـ.
س: ما المقصود بالطب هنا وما معنى يؤخذ عن امرأته وما المراد
بقوله «أيحل عنه أو ينشر» فقال لا بأس به إنما يريدون به الإصلاح؟
جـ: المقصود بالطب هنا السحر. ومعنى يؤخذ عن امرأته يحبس عنها فلا
يصل إلى جماعها. والمراد بقوله أيحل عنه أي ينقض عنه السحر. أو ينشر أي يكشف ويزال
عنه.
فقال:
لا باس به يعني النشرة أن لا بأس بها لأنهم يريدون بها الإصلاح وهو إزالة السحر
ولم ينه عما يراد به الإصلاح وهذا محمول على النشرة الخالية من السحر كما تقدم
والله أعلم.
28- «باب
ما جاء في التطير»
أي
من النهي عنه والوعيد فيه
س: اذكر مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟
جـ: هي أن الطيرة من الشرك المنافي للتوحيد أو لكماله الواجب لما
فيها من تعلق القلب بغير الله.
س: عرف التطير واذكر حكمه؟
جـ: التطير هو التشاؤم بمرئي أو مسموع من الطيور ونحوها وحكمه
التحريم
لأنه
من الشرك. قال تعالى:"أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ"(سورة
الأعراف آية 131) وقال تعالى:"قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ" (سورة يس آية19)
س: اشرح هاتين الآيتين وبين مناسبتها للباب؟
جـ: أخبر الله تعالى في الآية الأولى أن آل فرعون كانوا إذا
أصابتهم الحسنة وهي الخصب والسعة والرخاء "قَالُوا لَنَا هَذِهِ" أي نحن الحقيقيون والجديرون ونحن أهلها"وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ" أي بلاء وقحط تطيروا بموسى ومن معه فيقولون هذا بسبب
موسى وأصحابه فقال تعالى"أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ" أي ما قضى عليهم وقدر لهم"عِنْدَ اللَّهِ" أي بحكمه وقضائه بسبب كفرهم وتكذيبهم لآيات الله
ورسله"وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" لا يفهمون ولو فهموا وعقلوا لعلموا أنه ليس فيما جاء
به موسى عليه السلام إلا الخير والبركة والسعادة والفلاح لمن آمن به واتبعه. قوله
تعالى:"قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ" المعنى والله أعلم حظكم وما نالكم من شر معكم بسبب أفعالكم وكفركم
ليس من أجلنا ولا بسببنا. ومناسبة الآيتين للباب: أنهما دلتا على أن التطير من
أعمال الكفار وقد ذمهم الله به ومقتهم عليه.عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال:«لا عدوى ولا طيرة ولا هامة
ولا صفر» أخرجاه زاد مسلم «ولا نوء ولا غول».
س: بين معاني الكلمات المذكورة في الحديث؟ وبين الشاهد منه للباب؟
جـ: ينفي الرسول صلى الله عليه و سلم ما كان عليه أهل الجاهلية
وما كانوا يعتقدونه من أن هذه الأشياء تؤثر بنفسها من غير إرادة الله.
العدوى: انتقال المرض من المريض إلى الصحيح وكانت العرب في الجاهلية
تعتقد أن المرض يعدي بطبعه من غير تقدير الله تعالى.
الطيرة: سبق تعريفها وهي الشاهد من الحديث للباب.
الهامة: طير من طيور الليل تسمى البومة كانوا يعتقدون أنها إذا وقعت
على بيت أحدهم تخبره بموته أو موت أحد من أهل داره فجاء الحديث بنفي ذلك وإبطاله.
صفر: قيل هو شهر صفر كان أهل الجاهلية يتشاءمون به وقيل «صفر» دواب تخرج في البطن تهيج عند الجوع وربما قتلت يعتقدون أنها
أعدى من الجرب فأبطل النبي صلى الله عليه و سلم ذلك.
النوء: موضع سقوط الكوكب وقيل هو الكوكب «النجم» كانوا ينسبون إليه نزول المطر.
الغول: واحد الغيلان وهو جنس من الشياطين كانوا يعتقدون أنها تتعرض
لهم في الطريق فتضلهم عنه وتهلكهم فنفى النبي صلى الله عليه و سلم ذلك بمعنى
أنها لا تستطيع أن تضل أحدًا مع ذكر الله تعالى والتوكل عليه. عن
أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم«لا
عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل. قالوا وما الفأل؟ قال الكلمة الطيبة» متفق عليه.
ولأبي
داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر قال ذكرت الطيرة عند رسول الله فقال أحسنها الفأل ولا ترد مسلمًا فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل اللهم لا
يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك.
س: كم أنواع الطيرة وما هي؟ وما الفأل وما الفرق بينه
وبين الطيرة؟
جـ: الطيرة نوعان:
أحدهما: الفأل وهو الكلمة الطيبة أي الكلام الحسن يسمعه الإنسان فيسره
ويقوى رجاؤه وثقته بالله تعالى وهو محمود لأنه حسن ظن بالله.
ومثاله: أن يكون الإنسان مريضًا فيسمع رجلاً يقول يا سالم أو يكون
فاقدًا ضالة فيسمع آخر يقول يا واجد فيقع في قلبه أنه يبرأ من مرضه ويجد ضالته.
النوع
الثاني: الطيرة المحرمة وهي ما يحمل الإنسان على المضي فيما أراده أو
يمنعه من المضي فيه وهي مذمومة لأن فيها اعتمادًا على غير الله وسوء ظن به.
والفرق
بين الفأل والطيرة: أن الفأل يستعمل فيما يسر ويسوء والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء.
س: ما معنى قوله صلى الله عليه و سلم:«اللهم
لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك» وما المراد بالحسنات والسيئات هنا؟ وما الذي يستفاد
من هذا الدعاء؟
جـ: المعنى لا تأتي الطيرة بالحسنات ولا تدفع المكروهات
بل أنت وحدك لا شريك لك الذي تأتي بالحسنات وتدفع السيئات. والمراد بالحسنات هنا
النعم والسيئات المصائب.ومعنى لا حول ولا قوة إلا بك: الحول التحول والانتقال
أي لا تحول من حال إلى حال ولا قوة على ذلك إلا بالله وحده لا شريك له.
ويستفاد
من هذا الدعاء:
1- التبري
من الحول والقوة والمشيئة بدون حول الله وقوته ومشيئته.
2- نفي
تعلق القلب بغير الله في جلب نفع أو دفع ضر.
عن
ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا «الطيرة
شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل» رواه أبو داود
والترمذي وصححه وجعل آخره من قول ابن مسعود.
س: ما الذي يؤخذ من هذا الحديث ولماذا صارت الطيرة من الشرك وما
نوع هذا الشرك وما معنى قول ابن مسعود وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل؟
جـ: يؤخذ منه تحريم الطيرة وأنها من الشرك، لما فيها من التعلق على
غير الله. والمراد بالشرك هنا الشرك الخفي. ومعنى قول ابن مسعود: وما منا إلا؛ أي إلا وقد وقع في قلبه شيء
من الطيرة، ولكن لما توكلنا على الله واعتمدنا عليه أذهبه الله عنا بتوكلنا
واعتمادنا
عليه وحده. ولأحمد من حديث ابن عمر «من
ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك قالوا فما كفارة ذلك قال أن تقول اللهم لا خير إلا
خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك» وله من حديث الفضل بن عباس رضي الله عنه إنما الطيرة ما أمضاك
أوردك.
س: ما معنى هذا الحديث وما الذي يتضمن؟
جـ: معناه لا يجلب الخير ولا يدفع الشر غيرك ولا معبود سواك ويتضمن
الاعتماد على الله وحده والإعراض عما سواه وأن الطيرة لا تضر من كرهها ومضى في
طريقه.وقوله:«إنما الطيرة ما أمضاك
أوردك» هذا بيان الطيرة المنهي عنها أنها ما يحمل الإنسان على المضي
فيما أراد أو يمنعه من المضي فيه كما تقدم....والله سبحانه وتعالى أعلم.
29- باب
ما جاء في التنجيم
س: ما مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟
جـ: هي أن بعض أنواع التنجيم من الشرك المنافي للتوحيد.
س: اذكر أنواع التنجيم مع التعريف لكل نوع وبيان حكمه؟
جـ: التنجيم نوعان:
الأول: يسمى علم التأثير وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث
الأرضية وهذا النوع محرم لأنه من الشرك المنافي للتوحيد لما فيه من ادعاء علم
الغيب وتعلق القلب بغير الله تعالى.
والنوع
الثاني: علم التسيير وهو الاستدلال بالشمس والقمر والنجوم على القبلة
والأوقات والجهات وهذا النوع جائز كما تقدم.
س:
ما الحكمة في خلق النجوم مع ذكر الدليل وما حكم من زعم فيها غير ما خلقت له؟
جـ:
خلق الله النجوم لثلاث خصال:
1- زينة
للسماء كما قال تعالى:"وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا
بِمَصَابِيحَ"(سورة الملك آية 5)
2- ورجومًا
للشياطين قال تعالى:"وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ"(سورة الملك آية
5)
3- وعلامات
يهتدى بها: أي دلالات على الجهات يهتدي بها الناس في ذلك كما قال تعالى: "وَعَلَامَاتٍ
وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ"(سورة
النحل آية 16) ومن زعم فيها غير ذلك فقد أخطأ طريق الحق وأضاع نصيبه من كل خير وتكلف
ما لا علم له به.
س: ما حكم تعلم منازل القمر؟
جـ: فيه خلاف بين العلماء فرخص فيه الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن
راهويه، ولم يرخص فيه الإمام أبو قتادة وابن عيينة. وهذا الخلاف راجع إلى ما تقدم
في أقسام التنجيم فمن رخص فيه قصد علم التسيير الجائز ومن لم يرخص فيه قصد علم
التأثير المحرم.وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم: «ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر ومصدق بالسحر وقاطع
رحم» رواه أحمد وابن حبان في صحيحه.
س: اشرح هذا الحديث وبين مناسبته لهذا الباب؟
جـ: هذا الحديث من نصوص الوعيد التي كره العلماء تأويلها وقالوا
أمروها كما جاءت وهذا الوعيد يرجع إلى مشيئة الله تعالى فإن عذبهم فباستحقاقهم ذلك
وإن غفر لهم فبفضله وعفوه ورحمته، فقد توعد الرسول صلى الله عليه و سلم هؤلاء
الثلاثة بعدم دخول الجنة:
1- مدمن
خمر وهم المداوم على شربها ومات ولم يتب.
2- وقاطع
الرحم وهو الذي لا يصل أقاربه أو يسيء إليهم بالأقوال والأفعال.
ومصدق
بالسحر وهو الذي يعتقد أن للسحر مفعولاً وتأثيرًا من دون الله ومنه التنجيم لحديث
«من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر» وهذا وجه مناسبة الحديث للباب.
والله
سبحانه وتعالى أعلم.
30- باب
ما جاء في الاستسقاء
بالأنواء
أي من الوعيد
س: ما مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟
جـ: هي أن نسبة مجيء المطر إلى الأنواء واعتقاد أن لها تاثيرًا في
إنزال المطر شرك ينافي التوحيد.
س: ما هو الاستسقاء وما المراد به هنا وما هي الأنواء ولم سميت
بهذا الاسم؟
جـ: الاستسقاء طلب السقيا. والمراد هنا نسبة السقيا ومجيء المطر
إلى الأنواء. والأنواء جمع نوء وهو موضع سقوط الكوكب، وقيل أنه الكوكب وهو النجم
وكانت العرب في الجاهلية تزعم أنه مع طلوع نجم وغروب آخر يكون مطر ينسبونه إليها
وهي منازل القمر. وإنما سمي نوءًا لأنه إذا سقط الغارب منها في المغرب
ناء الطالع بالمشرق بمعنى نهض وطلع.
قال
تعالى:"وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ" سورة
الواقعة آية 82)
س: اشرح هذه الآية وبين مناسبتها لهذا الباب؟
جـ: يقول الله تعالى إنكم يا معشر المشركين حينما ينشر الله عليكم
رحمته فينزل المطر الذي بسببه ينبت الزرع ويدر الضرع فتحيا العباد والبلاد المجدبة
إنكم تنسبون هذه النعم إلى الأنواء وإنكم حقًا لكاذبون. ومناسبة الآية للباب:
أن من نسب نعمة من النعم إلى غير الله وهو المطر
في
هذا الموضع إنه مشرك كافر. عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:«أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الفخر بالأحساب
والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة» وقال «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال
من قطران ودرع من جرب» رواه مسلم.
س: اشرح هذا الحديث مع بيان معاني الكلمات المذكورة فيه؟
وما المراد بالجاهلية هنا ولم سميت بهذا الاسم واذكر الشاهد من الحديث للباب؟
جـ: أخبر النبي صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث أن بعض أمر الجاهلية
لا يتركه الناس كلهم ذمًا لمن لم يتركه وهذا يقتضي أن كل ما كان من أمر الجاهلية
وفعلهم فهو مذموم في دين الإسلام. والمراد بالجاهلية هنا ما قبل مبعث النبيصلى
الله عليه و سلم سموا بذلك لكثرة جهلهم. وكل ما يخالف ما جاء به الرسول فصلى الله
عليه و سلم هوجاهلية.
معاني
الكلمات:
1- الفخر
بالأحساب: والمراد به التعاظم والتطاول والتكبر على الناس بالمال والشرف والجاه.
2- الطعن
في الأنساب: وهو الوقوع فيها بالعيب والتنقص والقدح.
3- الاستسقاء
بالنجوم: وهو نسبة مجيء المطر إلى النوء وهو سقوط النجم، وهذا هو الشاهد من الحديث
للباب.
4- النياحة
على الميت: وهي رفع الصوت بالندب جزعًا على الميت وهي من الكبائر لشدة الوعيد
والعقوبة عليها.
س: اشرح قوله صلى الله عليه و سلم:«النائحة
إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم
القيامة
وعليها سربال من قطران ودرع من جرب» مع بيان معاني
الكلمات الآتية: تقام، سربال، س: قطران، درع، واذكر ما يستفاد منه؟
جـ: معاني الكلمات: تقام: توقف، سربال: واحد السرابيل، وهي الثياب
والقمص، القطران: هو النحاس المذاب، والدرع: هو القميص.
معنى
الحديث: يخبر الرسول صلى الله عليه و سلم بشدة عذاب النائحة وأنها إذا ماتت
من غير توبة توقف يوم القيامة وقد ألبست ثوبًا من نحاس يعني أنهن يلطخن بالنحاس
المذاب فيكون لهن كالقمص حتى يكون اشتعال النار في أجسادهن أعظم ورائحتهن أنتن
وألمهن بسبب الجرب أشد فيسلط على أعضائها الجرب والحكة بحيث يغطى بدنها تغطية الدرع
له لأنها كانت تجرح بكلماتها المحرقة قلوب ذوي المصيبات. ويستفاد
من هذا الحديث: تحريم النياحة والحث على التوبة وأنَّها تكفر الذنوب وإن عظمت. عن
زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: «صلى
لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء
كانت من الليل فلما انصرف أقبل علي الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله
ورسوله أعلم قال: قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله
ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي
مؤمن بالكوكب» متفق عليه.
س: بين معاني الكلمات الآتية: صلى لنا، الحديبية، إثر سماء،
انصرف، وما معنى الاستفهام في قوله هل تدرون، وما المقصود بالإضافة في قوله من
عبادي؟ وما الذي يؤخذ من قولهم الله ورسوله أعلم، وما هو الكوكب، اذكر ما يستفاد
من هذا الحديث وبين مناسبته للباب؟
جـ: صلى لنا: أي بنا، الحديبية: موقع قريب من مكة، إثر سماء: عقب
مطر، انصرف: التفت من صلاته إلى المأمومين، والاستفهام للتنبيه، والإضافة لعموم
المسلم والكافر، ويؤخذ من قولهم الله ورسوله أعلم: حسن الأدب وأنه ينبغي لمن سئل
عما لا يعلم أن يقول الله أعلم، والكوكب: النجم.
ويستفاد
من هذا الحديث:
1- أنه
لا يجوز لأحد أن يضيف أفعال الله إلى غيره.
2- أن
نعم الله لا يجوز أن تضاف إلا إليه وحده.
3- إثبات
صفة الفضل والرحمة لله تعالى.
ومناسبة
الحديث للباب: أنه دل على نسبة مجيء المطر إلى الأنواء كفر بالله.
س: اذكر سبب نزول قوله تعالى:"فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ" (الآيات75-82الواقعة)، ثم اشرح الآية وبين المناسبة بين المقسم
به والمقسم عليه، ولماذا خصصت مواقع النجوم بالقسم بها؟
جـ: سبب نزول الآيات ما روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: مطر
الناس على عهد النبي صلى الله عليه و سلم فقال النبي صلى الله عليه و
سلم: أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر قالوا هذه رحمة الله
وقال بعضهم لقد صدق نوء كذا فأنزل الله هذه الآيات "فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ" إلى
قوله"وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ"( 75-82 من سورة الواقعة)
شرح
الآية: أقسم الله تعالى بمواقع النجوم وهي مساقط كواكب السماء ومغاربها وله أن
يقسم بما شاء من خلقه على ما يشاء والمقسم عليه القرآن الكريم. والمناسبة
بين المقسم به والمقسم عليه أن النجوم جعلها الله يهتدى بها في ظلمات البر والبحر
وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الغي والجهل. وخصت مواقع النجوم بالقسم بها لما في غروبها من زوال
أثرها والدلالة على مؤثر دائم لا يتغير وهو الله تعالى.
س: اذكر حكم نسبة السقيا ومجيء المطر إلى الأنواء؟
جـ: هو على نوعين
أحدهما: أن يعتقد أن للنوء تأثيرًا في إنزال المطر فهذا كفر لأنه أشرك
في الربوبية والمشرك كافر.
الثاني: أن ينسب إنزال المطر إلى النجم مع اعتقاد أن الله هو الفاعل
لذلك لكن أجرى الله العادة بنزول المطر عند سقوط ذلك النجم فهو من الشرك الأصغر
لأنه نسب نعمة الله إلى غيره. والله سبحانه وتعالى أعلم.
31- باب قول الله تعالى:
"وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ
اللَّهِ"
س: اشرح هذه
الآية وبين مناسبتها لكتاب التوحيد؟
جـ: أخبر الله
تعالى أن من أحب من دون الله شيئًا كما يحب الله فهو ممن اتخذ من دون الله أندادًا
أي أمثالاً ونظراء وأشباهًا يساوونهم بالله في المحبة والتعظيم. ومناسبة
الآية لكتاب التوحيد: أن من أحب أحدًا كما يحب الله فقد أشرك الشرك الأكبر المنافي
للتوحيد. قال تعالى:"قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ
وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا
وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ
فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ" (سورة التوبة
آية24)
س: بين معاني
الكلمات الآتية: عشيرتكم، اقترفتموها، تجارة، كسادها، ومساكن ترضونها، فتربصوا، ثم
اشرح الآية وبين مناسبتها لهذا الباب؟
جـ: عشيرتكم:
أقرباؤكم الأدنون، اقترفتموها: اكتسبتموها، تجارة: أمتعة اشتريتموها للتجارة
والربح، كسادها: بوارها وعدم رواجها، مساكن ترضونها: منازل تعجبكم للإقامة بها،
فتربصوا: انتظروا ماذا يحل بكم من العقاب.
شرح الآية: يأمر الله
رسوله أن يثبت المؤمنين ويقوي عزائمهم علىالانتهاء عما نهوا عنه من موالاة الآباء
والإخوان الذين استحبوا الكفر على الإيمان ويزهدهم فيهم ويقطع علائقهم عن زخارف
الدنيا على وجه التوبيخ والترهيب.
ومناسبة الآية للباب:
أن فيها وعيد شديد على من كانت الثمانية أحب إليه من دينه.
عن أنس أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال:«لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين»أخرجاه أي البخاري
ومسلم.
س: اشرح هذا
الحديث وما الذي تقتضي محبة الرسول صلى الله عليه و سلم؟ وما مناسبته للباب؟
جـ: أخبر صلى الله عليه و سلم أن الإنسان لا يكون
آتيًا بالإيمان الواجب حتى يقدم محبة الرسول صلى الله عليه و سلم على محبة نفسه وأقرب الناس إليه وأن من
استكمل الإيمان علم أن حق النبي أكبر عليه من حق أبيه وابنه والناس أجمعين، ففيه وجوب تقديم محبته صلى الله عليه و سلم على النفس والأهل
والمال. وتقتضي محبته صلى الله عليه و سلم طاعته ومتابعته والعمل بسنته.
ومناسبة هذا الحديث
للباب: أن محبة الرسول صلى الله عليه و سلم واجبة تابعة لمحبة الله لازمة لها تزيد
بزيادتها وتنقص بنقصها. عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم «ثلاث من كن فيه وجد بهن
حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا
لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار» وفي رواية «لا يجد أحد
حلاوة الإيمان حتى... إلى آخره» متفق عليه.
س: وضح معاني
الكلمات الآتية: ثلاثٌ، كنَّ فيه، حلاوة الإيمان، واشرح هذا الحديث وما الذي
تستوجب محبة الله؟
جـ: ثلاث: أي
ثلاث خصال، كن فيه: أي وجدت فيه تامة، حلاوة الإيمان: استلذاذ الطاعات وتحمل
المشقات في رضا الله ورسوله.
يخبر الرسول صلى الله عليه و سلم أن من اتصف بهذه الصفات
نال اللذة والبهجة والسرور والفرح وهي أن تكون محبة الله ورسوله مقدمة على محبة
الأولاد والأموال والأزواج وغيرها وأن تكون محبة الإنسان لغيره من الناس خالصة لله
وأن يكره ضد الإيمان كما يكره الإلقاء في النار.
وتقتضي محبة الله فعل
طاعته وترك مخالفته والعمل بكتابه وسنة رسوله ومحبة ما يحبه ومن يحبه كمحبة
أنبيائه ورسله والصالحين من عباده.
عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال:«من أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله فإنما تنال
ولاية الله بذلك ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك. وقد
صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك لا يجدي على أهله شيئًا» رواه ابن
جرير. وقال ابن عباس في قوله "وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ" قال المودة.
س: وضح معاني
الكلمات المذكورة في الحديث؟
جـ: أحب في
الله: أي أحب أهل الإيمان بالله وطاعته من أجل ذلك. أبغض في
الله: أي أبغض من كفر بالله وأشرك به وخرج عن طاعته لأجل ما فعلوا مما يسخط الله.
والى في الله: نصر
أوليائه وأهل طاعته وأيدهم.
عادى في الله: حارب أهل
معصيته وجاهد أعداءه. ولاية الله: توليه لعبده ومحبته ونصرته له.
ولن يجد أحد طعم
الإيمان: أي لا يحصل له ذوق الإيمان ولذته وسروره. حتى يكون
كذلك: أي حتى يحب في الله ويبغض في الله ويعادي في الله ويوالي في الله.
مؤاخاة الناس: تآخيهم
ومحبتهم وموالاتهم على شئون الدنيا.
لا يجدي على أهله شيئًا: أي لا
تنفعهم محبتهم لأجل الدنيا بل تضرهم.
س: ما معنى قوله تعالى "وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ
الأَسْبَابُ؟"(سورة البقرة آية 166)
جـ: المعنى أن
المشركين مع الله في المحبة في الدنيا انقطعت عنهم هذه المحبة في الآخرة ولم تغن
عنهم شيئًا وتبرأ بعضهم من بعض فينقطع يوم القيامة كل سبب ووسيلة كانت لغير الله.
س: اذكر
أنواع المحبة مع التعريف لكل نوع؟
جـ: المحبة
أربعة أنواع:
1- محبة الله وهي أصل
الإيمان والتوحيد.
2- المحبة في الله وهي
محبة أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين ومحبة ما يحبه الله من الأعمال والأزمنة
والأمكنة وغيرها وهذه تابعة لمحبة الله ومكملة لها.
3- محبة مع الله وهي محبة
المشركين لآلهتهم وأندادهم من شجر وحجر وبشر وملك وغيرها وهي أصل الشرك وأساسه.
4- محبة طبيعية وهي ثلاثة
أقسام:
«أ» محبة
إجلال وإعظام كمحبة الوالد.
«ب» محبة شفقة
ورحمة كمحبة الولد.
«جـ» محبة
مشاكلة واستحسان كمحبة سائر الناس. وكذلك محبة الطعام والشراب واللباس والنكاح ونحوها وهذه إذا
كانت مباحة وأعانت على طاعة الله فهي عبادة وإن توسل بها إلى محرم فهي محرمة وإلا
بقيت من أقسام المباحات.
س: ما هي
الأسباب الجالبة لمحبة الله لعبده ومحبة العبد لربه؟
جـ: عشرة:
1- قراءة القرآن بالتدبر
والتفهم لمعانيه وما أريد به.
2- التقرب إلى الله
بالنوافل بعد الفرائض.
3- دوام ذكر الله على كل
حال باللسان والقلب والعمل.
4- إيثار محابه على محابك
عند غلبات الهوى.
5- مطالعة القلب لأسمائه
وصفاته ومشاهدتها.
6- مشاهدة بره وإحسانه
ونعمه الظاهرة والباطنة.
7- انكسار القلب بين يديه.
8- الخلوة به وقت النزول
الإلهي آخر الليل.
9- مجالسة المحبين
الصادقين والتقاط أطايب ثمرات كلامهم.
10-مباعدة كل سبب يحول بين
القلب وبين الله عز وجل.
فمن هذه الأسباب العشرة
وصل المحبون إلى منازل المحبة ودخلوا على الحبيب. «مدارج السالكين لابن القيم جزء
3 ص 17» والله سبحانه وتعالى أعلم.
32- باب قول الله تعالى:
"إِنَّمَا
ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ
فَلاَ تَخَافُوهُمْ
وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"
س: من هو المخاطب في هذه الآية وما المقصود بالشيطان؟ وما المراد بأوليائه؟
اشرح هذه الآية وبين مناسبتها لكتاب التوحيد؟
جـ: المخاطب في هذه الآية المؤمنون، والمقصود بالشيطان إبليس. والمراد
بأوليائه حزبه وجنده وأعوانه.
شرح الآية: يخبر الله
تعالى أن الشيطان يخوف المؤمنين بأوليائه ويعظمهم في صدورهم ونهى الله المؤمنين أن
يخافوا غيره وأمرهم أن يقصروا خوفهم على الله فلا يخافون أحدًا سواه إن كانوا
مؤمنين لأن الإيمان يقتضي أن يؤثروا خوف الله على خوف الناس.
ومناسبة هذه الآية
لكتاب التوحيد: أنها دلت على وجوب إفراد الله بالخوف لأنه عبادة فصرفه لغير الله
شرك ينافي التوحيد.
س: عرف الخوف واذكر أنواعه مع بيان حكمه؟
جـ: الخوف هو الفزع والوجل وتوقع العقوبة وهو أربعة أنواع:
1- خوف الله تألهًا
وتعبدًا له وتقربًا إليه وهو من أعظم واجبات الإيمان.
2- خوف السر وهو أن يخاف الإنسان من غير الله من وثن أو طاغوت أو ميت أو غائب أن
يصيبه بما يكره وهذا شرك أكبر ينافي التوحيد.
3- أن يترك الإنسان ما يجب
عليه خوفًا من بعض الناس فهذا محرم وهو نوع من الشرك بالله المنافي لكمال التوحيد.
4- الخوف الطبيعي وهو
الخوف من عدو أو سبع ونحو ذلك مما يخشى ضرره فهذا جائز ولا يذم فاعله. قال تعالى:"إِنَّمَا يَعْمُرُ
مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ
وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ"(سورة التوبة آية 18)
س: اشرح هذه الآية مع بيان المقصود بالخشية وعمارة المساجد ثم بين مناسبة
هذه الآية للباب؟
جـ: يقول تعالى إنما يليق بعمارة مساجد الله من صدق بالله وصدق بالبعث
والجزاء فآمن بقلبه وعمل بجوارحه فأقام الصلاة وداوم عليها مستوفيًا لشروطها
وأركانها وواجباتها وسننها، وأخرج الزكاة الواجبة من ماله وأعطاها لمستحقيها وأفرد
الله بالخشية والخوف ولم يخش أحدًا سواه.
والمراد بالخشية: خشية
التعظيم والعبادة والطاعة.
والمقصود بعمارة
المساجد: ما يعم عمارتها الحسية بالبناء والترميم وعمارتها المعنوية بدوام العبادة
فيها بالصلاة والذكر.
ومناسبة الآية للباب:
أنها دلت على أن المؤمنين الموصوفين بهذه الصفات أفردوا الله بالخوف والخشية دون
سواه.
قال تعالى:"وَمِنَ النَّاسِ مَن
يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ
كَعَذَابِ اللَّهِ"(سورة العنكبوت آية 10)
س: اشرح هذه الآية وبين مناسبتها للباب؟
جـ: يقول الله تعالى مخبرًا عن صفات قوم من المكذبين الذين يدعون الإيمان
بألسنتهم ولم يثبت في قلوبهم أنهم إذا أوذوا في الله أي من أجله وفي سبيله بأن
عذبهم المشركون على الإيمان به كما حصل في أول الإسلام جعلوا فتنة الناس وهي أذاهم
في الدنيا منزلة عذاب الله في الآخرة فجزعوا من ذلك ولم يصبروا.
ومناسبة الآية للباب:
أن الله ذم فيها من خاف الناس وجعل عقوبتهم مثل عقوبة الله فارتد عنه دينه بسبب
خوفهم وأذيتهم. عن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعًا«إن من ضعف اليقين أن
ترضي الناس بسخط الله وأن تحمدهم على رزق الله وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله، إن
رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كاره» رواه أبو نعيم في الحلية والبيهقي.
س: وضح معاني الكلمات المذكورة في الحديث وبين مناسبته لهذا
الباب؟
جـ: ضعف اليقين: الضعف ضد القوة، واليقين كمال الإيمان.
ترضي الناس بسخط الله:
تؤثر رضاهم على رضا الله وتتقرب إليهم بما يسخط الله.
تحمدهم على رزق الله:
أي تثني عليهم بما أوصل إليك من أيديهم بأن تضيفه إليهم وهذا لا ينافي شكرهم
بمكافأتهم والدعاء لهم.
وأن تذمهم على ما لم
يؤتك الله: أي إذا طلبت منهم شيئًا فمنعوك ذممتهم عليه لأن الله لم يقدر لك ما
طلبته على أيديهم.
فمن علم أن الله هو
المنفرد بالعطاء والمنع وأنه هو الذي يرزق العبد من حيث لا يحتسب لم يمدح مخلوقًا
على رزق ولم يذمه على منع بل يفوض أمره إلى الله ويعتمد عليه ولهذا قال صلى الله
عليه و سلم:«إن رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كاره» أي إذا قدر لك رزقًا أتاك ولو اجتهد الخلق في منعه، وإذا لم يقدر لم
يحصل ولو اجتهدوا في إيصاله إليك.
ومناسبة الحديث للباب:
أن فيه ذم لمن خاف الناس وقدم رضاهم على رضى الله.
عن عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:«من التمس رضا الله
بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله
عليه وأسخط عليه الناس» رواه ابن حبان في صحيحه.
س: ما معنى التمس واذكر ما يستفاد من هذا الحديث وبين مناسبته للباب؟
جـ: معنى التمس: طلب، ويستفاد من هذا الحديث:
1- أن من اتقى الله كفاه
مؤنة الناس.
2- الحث على تقديم رضا
الله على رضا الناس والتحذير من ضده.
3- أن من أرضى الناس بسخط
الله لم يغنوا عنه من الله شيئًا.
4- إثبات صفتي الرضاء
والسخط لله تعالى كما يليق بجلاله وعظمته.
ومناسبة الحديث للباب:
أن فيه وعيد لمن خاف الناس فآثر رضاهم على رضا الله. والله سبحانه وتعالى أعلم.
34- باب قول الله تعالى:
"أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ
مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ"
س: اذكر معنى هذه الآية وبين مناسبتها لكتاب
التوحيد؟
جـ: معنى الآية أن الله تبارك وتعالى لما
ذكر أهل القرى المكذبين للرسل بين أن الذي حملهم على ذلك هو الأمن من مكر الله وعدم
الخوف منه وأخبر أنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون وهم الهالكون.
ومناسبة الآية لكتاب التوحيد: أن الأمن
من مكر الله من أعظم الذنوب وأنه ينافي كمال التوحيد.
س: ما هو مكر الله؟
جـ: مكر الله قال ابن كثير: بأسه ونقمته
وقدرته عليهم وأخذه إياهم في حال سهوهم وغفلتهم، وقال ابن جرير هو استدراج الله إياهم
بما أنعم به عليهم(انظر تفسير ابن كثير جزء 2 ص234 وتفسير
ابن جرير جزء 12 ص579 طبعة المعارف)
س: اذكر مقصود المؤلف بهذا الباب؟
جـ: مقصوده التنبيه على وجوب الجمع بين
الخوف والرجاء.
قال تعالى:"ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون" سورة الحجر آية (56)
س: ما هو القنوط وما مناسبة الآية للباب
ولماذا ذكر المؤلف هذه الآية
مع التي قبلها ومن هم الضالون؟
جـ: القنوط: استبعاد الفرج واليأس منه.
ومناسبة الآية للباب: أن القنوط من رحمة
الله ذنب عظيم ينافي كمال التوحيد، كما أن الأمن من مكر الله كذلك. وذكر المؤلف هذه الآية مع التي قبلها تنبيهًا
على أنه لا يجوز لمن خاف الله أن يقنط من رحمته بل يكون خائفًا راجيًا، يخاف ذنوبه
ويعمل بطاعة الله ويرجو رحمته.
والضالون: هم المخطئون طريق الصواب أو الكافرون. عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن الكبائر فقال:«الشرك بالله واليأس
من روح الله والأمن من مكر الله» رواه البزار وابن أبي حاتم. وعن ابن مسعود قال«أكبر الكبائر الإشراك
بالله والأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله» رواه عبد الرازق(ورواه
ابن جرير بأسانيد صحاح عن ابن مسعود رضي الله عنه).
س: عرف الكبائر وهل هي منحصرة في هذه الثلاث
أم لا وضح ما تقول؟
جـ: الكبائر جمع كبيرة وهي كل معصية فيها
حد في الدنيا كالقتل والزنا والسرقة وشرب الخمر، أو وعيد في الآخرة من عذاب أو غضب
أو لعنة أو نفي إيمان أو بريء منه الرسول صلى الله عليه و سلم أو قال ليس منا من فعل كذا وكذا.. وهي غير
منحصرة في هذه الثلاث بل هي كثيرة وهذه الثلاث من أكبرها كما في حديث ابن مسعود.
س: بين معاني الكلمات الآتية: الشرك بالله،
اليأس من روح الله، الأمن من مكر الله، القنوط من رحمة الله، ولماذا ذكر المؤلف هذا
الحديث المتضمن لهذه الأشياء في كتاب التوحيد؟
جـ: الشرك بالله: هو أكبر الكبائر وهو أن
يجعل لله شريكًا في ربوبيته أو عبادته يدعوه أو يرجوه أو يخافه أو يحبه كما يحب الله
أو يصرف له نوعًا من أنواع العبادة وهو هضم للربوبية وتنقص للإلهية وسوء ظن برب العالمين. اليأس من روح الله: قطع الرجاء من رحمته.
الأمن من مكر الله: عدم الخوف من استدراجه
للعبد وسلبه ما أعطاه من الإيمان.
القنوط من رحمة الله: شدة اليأس من رحمته
وتقدم معناه، وذكر المؤلف هذا الحديث المتضمن لهذه الأشياء في كتاب التوحيد تحذيرًا
منها لأن منها ما ينافي التوحيد كالشرك بالله ومنها ما ينافي كماله كبقيتها.
35- باب من الإيمان
بالله الصبر على أقدار الله
س: ما مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟
جـ: هي أن عدم الصبر على أقدار الله وتسخطها
ينافي الوحيد والإيمان.
س: عرف الصبر لغة وشرعًا واذكر أقسامه وبين
حكمه ومنزلته من الإيمان؟
جـ: الصبر في اللغة: الحبس والمنع، وفي
الشرح حبس النفس عن الجزع وحبس اللسان عن التشكي والتسخط وحبس الجوارح عن لطم الخدود
وشق الجيوب ونحوهما عند المصيبة، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد والصبر ثلاثة
أنواع:
1- صبر على ما أمر الله به.
2- وصبر عما نهى الله عنه.
3- وصبر على ما قدره الله من المصائب.
وحكمه الوجوب.
س: قال تعالى: "وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ" سورة
التغابن آية (11)اشرح هذه الآية واذكر ما يستفاد منها وبين مناسبتها للباب.
جـ: أي من أصابته مصيبة فعلم أنها بقدر
الله فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله هدى الله قلبه وعوضه عما فاته من الدنيا وعما
أصابه هدى في قلبه ويقينًا صادقًا فعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن
ليصيبه.ويستفاد من هذه الآية: أن الصبر على المصيبة
سبب لهداية القلوب وطمأنينتها وأنها من ثواب الصابرين.ومناسبة الآية للباب: أنها بينت ثواب الصبر
والتحلي به والحث عليه. في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:«اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن
في النسب والنياحة على الميت».
س: ما معنى الطعن في النسب وما هي النياحة
وضح درجة الكفر المذكور في الحديث، ثم اشرح الحديث وبين مناسبته للباب؟
جـ: الطعن في النسب عيبة والقدح فيه ومن
ذلك أن يقال هذا ليس ابن فلان مع ثبوت نسبه وآل فلان ليس نسبهم جيدًا ونحو ذلك. والنياحة
على الميت رفع الصوت بالبكاء وتعداد فضائل الميت. ودرجة الكفر المذكور في الحديث صغرى
لأنه والله أعلم من الكفر الذي لا ينقل عن الملة. فقد أخبر الرسول صلى الله عليه و سلم أن هاتين الخصلتين الطعن في النسب والنياحة
على الميت كفر لأنهما من أعمال الكفار في الجاهلية. ومناسبة الحديث للباب: أنه دل على تحريم
النياحة لما فيها من التسخط على القدر المنافي للصبر.عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا«ليس
منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية» متفق عليه.
س: اشرح هذا الحديث وبين مناسبته لهذا الباب،
وما هي دعوى الجاهلية؟
جـ: هذا الحديث من نصوص الوعيد التي كره
العلماء تأويلها ليكون أوقع في النفس وأبلغ في الزجر فقد برئ رسول الله صلى الله عليه و سلم ممن فعل هذه الأشياء وهو يدل على أن عمل
هذه الأشياء عند المصيبة من الكبائر.
وضرب الخدود: لطمها جزعًا على الميت وخص
الخد بذلك لكونه الغالب وإلا فضرب بقية البدن مثله، والجيوب: جمع جيب هو ما يدخل فيه
الرأس من الثوب، وشقها تمزيقها جزعًا على الميت وهو من عادة أهل الجاهلية. ودعوى الجاهلية هي ندب الميت والدعاء بالويل
والثبور وكذلك الدعاء إلى القبائل والعصبية للأنساب ومثله التعصب للمذاهب والطوائف
والمشايخ.
ومناسبة الحديث للباب:أنه أفاد تحريم هذه
الأشياء وأنها تنافي الصبر والإيمان الواجب.
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:«إذا أراد الله بعبده الخير عجل له
العقوبة في الدنيا وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة»
رواه الترمذي وحسنه والحاكم.
س: اشرح هذا الحديث وبين مناسبته للباب
وما معنى أمسك عنه، يوافي به؟
جـ: يخبر الرسول صلى الله عليه و سلم أن علامة إرادة الله بعبده الخير أن يصب
عليه البلاء والمصائب فمرة في نفسه وأخرى في أهله وأولاده وتارة في ماله لما حصل منه
من الذنوب فيخرج من الدنيا وليس عليه ذنب فيلقى الله وما عليه خطيئة يجازى بها يوم
القيامة. وأن علامة إرادة الله بعبده الشر أن لا يجازيه بذنبه في الدنيا حتى يجيء في
الآخرة وافر الذنوب فيستوفي ما يستحقه من العقاب. ومعنى أمسك عنه: أخر عقوبته ومعنى
يوافي به: يجيء بذنبه يوم القيامة.
ومناسبة الحديث للباب: أنه دل على أن المصائب
التي يبتلى بها الإنسان مكفرات لذنوبه إذا صبر واحتسب. قال صلى الله عليه و سلم:«إن عظم الجزاء منع عظم البلاء وإن الله
تعالى إذا أحب قومًا ابتلاهم فمن رضي فله الرضاء ومن سخط فله
السخط» حسنه الترمذي.
س: اشرح الحديث وبين مناسبته للباب؟
جـ: أخبر الرسول صلى الله عليه و سلم أن من كان ابتلاؤه أشد فجزاؤه أعظم وأن
علامة حب الله لعباده أن يبتليهم بالمصائب لتكفر عنهم ذنوبهم وسيئاتهم ويزيد في حسناتهم
ويعظم لهم الأجر والثواب فمن رضي عن الله بما قدره عليه وقضاه فله الرضاء من الله،
ومن سخط أقدار الله سخط الله عليه. والرضاء والسخط من الله صفتان من صفاته
يجب الإيمان بهما وإثباتهما لله على ما يليق بجلاله وعظمته كسائر صفاته والرضاء من
الإنسان هو أن يسلم أمره لله ويحسن الظن به ويرغب في ثوابه. والسخط هو الكراهية للشيء
وعدم الرضا به.
ومناسبة الحديث للباب: أن فيه وعيد لمن
سخط أقدار الله ولم يصبر على البلاء.
س: اذكر ما يستفاد من هذا الباب؟
جـ: يستفاد منه:
1- وجوب الصبر وأنه من الإيمان.
2- فضل الصابرين وكثرة ثوابهم.
3- تحريم الطعن في النسب والنياحة على الميت.
4- شدة الوعيد على من ضرب الخدود وشق الجيوب
ودعا بدعوى الجاهلية عند المصيبة.
5- تحريم السخط وثواب الرضا بالبلاء.
س: عرف الرياء وما الفرق بينه وبين السمعة وما علاقة هذا الباب بكتاب التوحيد؟
36- باب ما جاء في الرياء
أي من النهي عنه والتحذير منه
س: عرف الرياء وما الفرق بينه وبين السمعة وما علاقة هذا الباب بكتاب التوحيد؟
جـ: الرياء مشتق من الرؤية وهو ترك الإخلاص في العمل بملاحظة غير الله فيه، وقيل هو فعل الخير لإرادة الغير، والمراد به إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمد صاحبها.
والفرق بين الرياء والسمعة، أن الرياء لما يرى من العمل كالصلاة، والسمعة لما يسمع من القول كالقراءة وأنواع الذكر.
وعلاقة هذا الباب بكتاب التوحيد: أن الرياء شرك أصغر مناف لكمال التوحيد.
قال تعالى:"قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا"سورة الكهف آية (110).
س: اشرح هذه الآية واذكر سبب نزولها وبين مناسبتها للباب وما الذي يستفاد منها؟
جـ: يقول تعالى مخاطبًا لرسوله صلى الله عليه و سلم قل لهؤلاء المشركين المكذبين برسالتك إنما أنا بشر مثلكم ليس لي من الربوبية ولا من الإلهية شيء بل ذلك كله لله وحده لا شريك له أوحاه إلي وإنما أخبركم إلهكم الذي أدعوكم إلى عبادته إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه ورؤيته يوم القيامة وجزاءه الصالح فليعمل عملاً صالحًا وهو ما كان موافقًا لسنة رسول الله ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا أي لا يرائي بعمله أحدًا.
سبب نزولها: ما روى ابن أبي حاتم بسنده عن طاوس قال: قال رجل يا رسول الله إني أقف الموقف أريد به وجه الله وأحب أن يرى موطني فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئًا حتى نزلت هذه الآية.
ومناسبتها للباب: أن السعادة والخير والفلاح في لقاء الله تبارك وتعالى وأن لقاء الله يحصل بالعمل الصالح الخالص من الرياء والسمعة.
ويستفاد منها: أن العمل الصالح مردود إذا دخله شيء من الشرك
والرياء. عن أبي هريرة مرفوعًا «قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» رواه مسلم.
س: ما معنى هذا الحديث واذكر مناسبته لهذا الباب؟
جـ: معناه أنا غني عن المشاركة وغيرها فمن عمل شيئًا لي ولغيري لم أقبله بل أتركه لذلك الغير.
ومناسبته للباب: أن عمل المرائي باطل لا ثواب له فيه بل يأثم به.
وعن أبي سعيد مرفوعًا «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال قالوا بلى. قال الشرك الخفي يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل» رواه أحمد.
س: اذكر معنى هذا الحديث وما نوع هذا الشرك المذكور فيه، ولماذا سماه خفيًا، اذكر ما يستفاد من هذا الحديث؟
جـ: معناه إني أخاف عليكم من الرياء أكثر مما أخاف عليكم من فتنة المسيح الدجال. وسمي هذا العمل شركًا خفيًّا لأنه عمل قلب لا يعلمه إلا الله، ولأن صاحبه يظهر أن عمله لله وقد قصد به غيره أو أشرك فيه بتزيين صلاته لأجله وهذا شرك أصغر كما قال صلى الله عليه و سلم:«أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه فقال الرياء» رواه الإمام أحمد والطبراني والبيهقي.
ويستفاد من هذا الحديث: شفقة النبي صلى الله عليه و سلم على أمته ونصحه لهم وخوفه عليهم من الرياء المحبط للعمل. والله سبحانه وتعالى أعلم.
37- باب من الشرك إرادة الإنسان بعلمه الدنيا
س: ما مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟
جـ: هي أن العمل لأجل الدنيا شرك ينافي كمال التوحيد الواجب ويحبط الأعمال.
قال تعالى:"مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ". سورة هود آية (15، 16).
س: اشرح هاتين الآيتين وبين مناسبتهما للباب؟
جـ: يقول تعالى من كان يقصد بعمله الحياة الدنيا أي ثوابها وزينتها ومتاعها نوف لهم ثواب أعمالهم بالصحة والسرور في المال والأهل والولد وهم فيها لا ينقصون، هذا في الدنيا. أما في الآخرة فليس لهم جزاء إلا النار وقد أحبط الله أعمالهم التي عملوها في الدنيا وأبطلها فلا ثواب لهم فيها.
ومناسبة الآيتين للباب: أن فيهما وعيد لمن قصد بعمله الدنيا بإحباط عمله
ودخول النار. في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم«تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه، مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع» رواه البخاري.
س: بين معاني الكلمات الآتية: تعس، الخميصة، الخميلة، انتكس، شيك، انتقش، طوبى، أشعث، الحراسة، الساقة، ثم اشرح الحديث شرحًا إجماليًا وبين مناسبته للباب؟
جـ: تعس: سقط والمراد هنا هلك، الخميصة: كساء له أعلام، الخميلة، ثياب لها خمل كالقطيفة، انتكس: انكب على رأسه وهو دعاء عليه بالخيبة، شيك: أصابته شوكة، فلا انتقش: فلا يقدر على إخراجها بالمناقيش. طوبى: اسم الجنة أو شجرة فيها يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها كما في الحديث، أشعث: قائم شعره، وذلك لأنه مشغول بالجهاد عن إصلاحه، الحراسة: حماية الجيش عن هجوم العدو، الساقة: مؤخرة الجيش.
المعنى الإجمالي: يدعو رسول الله صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث على طلاب الدنيا وعبَّادها فيقول لقد خاب وخسر عبد الدنيا ولقد شقي وهلك عبد الدرهم والخميصة والخميلة حيث أراد بعمله غير الله فجعل مع الله شركاء في المحبة والعبودية وأن من كان هذه حاله فقد استحق أن يدعى عليه بما يسوؤه في العواقب ومن كان هذا شأنه فلابد أن يجد أثر هذه الدعوات في الدنيا والآخرة، فطالب الدنيا لا نال المطلوب ولا خلص من المكروه وصفه رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله:«إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط» فرضاه لغير الله
وسخطه لغير الله.
وأما من أراد بعمله وجه الله فهذا هو السعيد الذي أعد الله له الجنة كما
قال صلى الله عليه و سلم:«طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله» أي في جهاد المشركين ففيه الحث على العمل بما يحصل به خير الدنيا والآخرة.
ومناسبة الحديث للباب: أن العمل الصالح إذا كان القصد منه طلب الدنيا فهو شرك ينافي التوحيد.
س: ما معنى قوله في الحديث إن استأذن لم يؤذن له؟
جـ: المعنى أنه إذا استأذن على الأمراء ونحوهم لم يأذنوا له لأنه لا جاه له عندهم ولا منزلة لكونه ليس ممن يطلب هذه الأمور وإنما يطلب ما عند الله ولا يقصد بعمله سواه.
س: وضح معنى قوله وإن شفع لم يشفع؟
جـ: المعنى لو ألجأته الحال إلى أن يشفع عند الأمراء ونحوهم في أمر يحبه الله ورسوله لم تقبل شفاعته عندهم.
س: اذكر ما يستفاد من هذا الباب؟
جـ: يستفاد منه:
1- تحريم إرادة الإنسان الدنيا بعمل الآخرة.
2- وعيد من قصد الدنيا بعمل الآخرة بإحباط عمله ودخول النار.
3- الحث على إخلاص العمل لله.
4- ترك حب الرئاسة والشهرة.
5- فضل الخمول والتواضع. والله سبحانه وتعالى أعلم.
38- باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله
أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابًا من دون الله
س: ما مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟
جـ: هي أن طاعة الرؤساء في تحريم الحلال وتحليل الحرام شرك أكبر ينافي
التوحيد. قال ابن عباس:«يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم وتقولون قال أبو بكر وعمر» رواه الإمام أحمد في المسند جزء 1 ص337.
س: ما معنى يوشك؟ وما مقصود ابن عباس بهذا القول؟
جـ: معنى يوشك يقرب ويدنو ويسرع ومقصود ابن عباس الرد على من قال إن أبا بكر وعمر لا يريان التمتع بالعمرة إلى الحج وأن إفراد الحج أفضل وابن عباس يرى أن التمتع واجب بدليل أن الرسول صلى الله عليه و سلم أمر به وليس لأحد أن يعارض قول الرسول صلى الله عليه و سلم لرأي أحد. وقال الإمام أحمد«عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان والله يقول "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك» رواه عنه الفضل بن زياد وأبو طالب.
س: ما نوع عجب الإمام أحمد، اشرح قوله تعالى:"فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ"الآية وما وجه استدلال الإمام أحمد بها؟
جـ: عجب الإمام أحمد بمعنى الإنكار على أولئك الذين يعرفون إسناد الحديث وأنه صحيح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم لا مجال للكذب والطعن فيه ويتركونه ويأخذون برأي بعض الناس كسفيان الثوري.
ومعنى الآية: فليخشى من خالف شريعة الرسول صلى الله عليه و سلم وأمره أن تصيبهم فتنة في قلوبهم من كفر أو شرك أو نفاق أو بدعة أو يصيبهم عذاب أليم في الدنيا بقتل أو حد أو حبس ونحو ذلك بسبب خلافهم أمر الرسول صلى الله عليه و سلم، أو يصيبهم عذاب أليم في الآخرة.
ووجه استدلال أحمد بهذه الآية: أن رد قول الرسول صلى الله عليه و سلم أو بعضه سبب لزيغ القلب الذي يكون به المرء كافرًا وذلك هو الهلاك في الدنيا
والآخرة. عن عدي بن حاتم أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ هذه الآية:"اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ" فقلت له إنا لسنا نعبدهم. قال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه. فقلت: بلى قال فتلك عبادتهم» رواه أحمد والترمذي وحسنه.
س: اشرح قوله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ من هم الأحبار والرهبان؟ اذكر مناسبة الحديث للباب؟
جـ: يخبر الله تعالى أن هؤلاء المشركين اتخذوا علماءهم وعبادهم معبودين من دون الله حيث أطاعوهم في معصية الله بتحريم الحلال وتحليل الحرام، والأحبار هم العلماء، والرهبان هم العباد.
ومناسبة الحديث للباب: أنه أفاد أن طاعة الأحبار والرهبان في معصية الله عبادة لهم من دون الله ومن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله.
س: اذكر ما يستفاد من هذا الباب؟
جـ: يستفاد منه:
1- تحريم طاعة الرؤساء في معصية الله.
2- أن طاعة العلماء والأمراء في تحليل الحرام وتحريم الحلال عبادة لهم من دون الله.
3- لا تجوز معارضة قول الرسول صلى الله عليه و سلم لرأي أحد.
4- الوعيد الشديد على من خالف أمر الرسول صلى الله عليه و سلم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
39- باب قول الله تعالى:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا
أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا
إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ
أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيدًا
س: اشرح
هذه الآية ثم بين سبب نزولها وما الذي يستفاد منه؟
جـ: يقول
تعالى منكرًا على من يدعي الإيمان بما أنزل على رسوله محمد صلى الله عليه و سلم وعلى الأنبياء الأقدمين
وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله من
الطواغيت، وبين تعالى في هذه الآية أن التحاكم إلى الطاغوت مما يأمر به الشيطان
ويزينه لمن أطاعه وأنه مما أضلَّ به الشيطان من أضله وأكده بالمصدر ووصفه بالبعد
فدل على أن ذلك من أعظم الضلال وأبعده عن الهدى.
وسبب نزول الآية: ما قاله الشعبي: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة
فقال اليهودي نتحاكم إلى محمد لأنه عرف أنه لا يأخذ الرشوة«وهي ما يعطيه أحد
الخصمين للقاضي ليحكم له» وقال
المنافق نتحاكم إلى اليهود لعلمه أنهم يأخذون الرشوة. فاتفقا أن يأتيا كاهنًا في
جهينة فيتحاكما إليه فنزلت. وقيل نزلت في رجلين اختصما، فقال أحدهما نترافع إلى
النبي صلى الله عليه و سلم وقال الآخر إلى كعب بن الأشرف «اليهودي» ثم
ترافعا إلى عمر فذكر له أحدهما القصة فقال للذي لم يرض برسول الله صلى الله عليه و سلم أكذلك قال نعم فضربه
بالسيف فقتله.«ذكره الواحدي في أسباب النزول ص92». والآية
أعم من ذلك فإنَّها ذامة لكل من عدل عن الكتاب والسنة وتحاكم إلى ما سواهما من
الباطل وهو المراد بالطاغوت.
«وانظر
تفسير ابن كثير جزء «1» ص519 لهذه الآية»
ويستفاد من قصة سبب
النزول:
1- أن من
دعي إلى تحكيم الكتاب والسنة فأبى أنه من المنافقين.
2- أن من
أظهر الكفر والنفاق يقتل.
3- أن من
يحكم بغير ما أنزل الله فإنما يحكم بالطاغوت.
4- تحريم
أخذ الرشوة على الحكم.
5- أن
المنافق يكون أشد كراهة لحكم الله ورسوله من اليهود والنصارى وأنه أشد عداوة منهم
لأهل الإيمان. قال
تعالى:"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا
تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ."سورة البقرة آية (11).
س: اشرح
هذه الآية وما الذي تفيده وبين مناسبتها للباب؟
جـ: يقول
الله تعالى إذا قيل للمنافقين لا تفسدوا في الأرض يعني لا تعصوا في الأرض لأن من
عصى الله في الأرض أو أمر بمعصية الله فقد أفسد في الأرض لأن صلاح الأرض والسماء
إنما هو بطاعة الله ورسوله. "قَالُوا
إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ" أي نريد أن نداري الفريقين من المؤمنين والكافرين ونصطلح مع هؤلاء
وهؤلاء.
وتفيد الآية: عدم الاغترار بأقوال أهل الأهواء وإن زخرفوها والتحذير من الاغترار بالرأي ما لم يقم على صحته دليل من كتاب أو سنة.
ومناسبة الآية للباب: أن التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله من أعمال المنافقين ومن
الإفساد في الأرض ومن الحكم بالطاغوت. قال تعالى: "وَلَا
تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا"سورة الأعراف آية (56)
س: اشرح
هذه الآية وبين علاقتها بالباب؟
جـ: يقول
الله تعالى لا تفسدوا في الأرض بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة الله بعد إصلاح الله
لها ببعث الرسل وإنزال الشريعة.
ومناسبة الآية للباب: أن التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله من أعظم ما يفسد في الأرض
وأنه لا صلاح لها إلا بتحكيم الكتاب والسنة وهو سبيل المؤمنين.
قال تعالى:"أَفَحُكْمَ
الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ
يُوقِنُونَ" سورة
المائدة آية (50).
س: اشرح
هذه الآية وما الذي تفيده وبين مناسبتها للباب؟
جـ: ينكر
الله تعالى على من خرج عن حكم الله المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر وعدل إلى
ما سواه من الآراء والأهواء والبدع والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من
شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الجهالات والضلالات.
وتفيد الآية: التحذير من حكم الجاهلية واختياره على حكم الله ورسوله.
ومناسبة الآية للباب: أن من عدل عن الكتاب والسنة وفضل حكم الجاهلية عليها فقد حكم
بالطاغوت.عن عبد
الله بن عمرو رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: لا يؤمن أحدكم حتى
يكون هواه تبعًا لما جئت به» قال النووي حديث صحيح رويناه في كتاب
الحجة بإسناد صحيح.
س: اشرح
هذا الحديث وبين مناسبته للباب وما هو الهوى؟
جـ: يخبر
الرسول صلى الله
عليه و سلم أن الإنسان لا يكون مؤمنًا كامل الإيمان الواجب حتى تكون محبته
تابعة لما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم من الأوامر والنواهي
وغيرها فيحب ما أمر به ويعمل به ويكره ما نهى عنه ويجتنبه. والهوى: ما تهواه
النفس وتحبه وتميل إليه.
ومناسبة الحديث للباب: أنه أبان الفرق بين أهل الإيمان وأهل النفاق والمعاصي في أقوالهم
وأفعالهم وإرادتهم. والله سبحانه وتعالى
أعلم.
40- باب من جحد شيئًا من الأسماء والصفات
س: ما
مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟
جـ: هي أن
من جحد شيئًا من أسماء الله وصفاته فقد أتى بما يناقض التوحيد وينافيه وذلك من شعب
الكفر. قال
تعالى:"وَهُمْ
يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ"سورة الرعد آية (30)
س: اذكر
سبب نزول هذه الآية وما حكم من جحد شيئًا من أسماء الله وصفاته؟
جـ: سبب
نزولها أن مشركي قريش جحدوا اسم الرحمن عنادًا وأنكروه فنزلت. فالرحمن: اسم من
أسماء الله تعالى دل هذا الاسم على أن الرحمة صفته سبحانه وهي من صفات الكمال يجب
الإيمان بها وإثباتها لله تعالى كما يليق بجلاله وعظمته كسائر أسمائه وصفاته فمن
جحد شيئًا منها فهو كافر. وفي صحيح البخاري«قال علي رضي الله عنه حدثوا الناس بما
يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله».
س: ما سبب
هذا القول وضح ذلك؟
جـ: سببه
والله أعلم ما حدث في خلافته من كثرة إقبال الناس على أهل الحكايات والقصص وأهل
الوعظ فيأتون في قصصهم بأحاديث لا تعرف فربما استنكرها بعض الناس وردوها وقد يكون
لبعضها أصل ومعنى صحيح فتقع بعض المفاسد بسبب ذلك فأرشدهم أمير المؤمنين رضي الله
عنه إلى أنهم لا يحدثون عامة الناس إلا بما هو معروف، ينفع الناس في أصل دينهم
وأحكامه من بيان الحلال من الحرام الذي كلفوا به دون ما يشغل عن ذلك مما قد يؤدي
إلى رد الحق وعدم قبوله فيفضي بهم إلى التكذيبوروى عبد الرازق عن معمر عن ابن طاوس
عن أبيه عن ابن عباس أنه رأى رجلاً انتفض لما سمع حديثًا عن النبي صلى الله عليه و سلم في الصفات استنكارًا لذلك
فقال ما فرق هؤلاء، يجدون رقة عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه.
س: بين
معاني الكلمات الآتية: انتفض، ما فرق هؤلاء يجدون رقة، ما مقصود ابن عباس بهذا
القول؟
جـ: انتفض:
من الانتفاض أي تحرك واضطرب من هول ما سمع، ما فرق هؤلاء: الفرق الخوف أي ما خوف
هؤلاء من آيات الصفات واستنكارهم لها، أي ليس خوفهم بشيء لإيمانهم ببعض الحديث
وكفرهم ببعضه فالاستفهام إنكاري. يجدون رقة: أي لينًا وقبولا للمحكم وهو الواضح
الذي لا غموض فيه ويهلكون عند متشابهه: أي ما يشتبه عليهم فهمه ومعرفته فينكرونه.
يشير ابن عباس إلى قوم
ممن يحضر مجلسه من عامة الناس فإذا سمعوا شيئًا من محكم القرآن ومعناه حصل معهم
الخوف وإذا سمعوا شيئًا من أحاديث الصفات انتفضوا كالمنكرين لها فلم يحصل منهم
الإيمان الواجب الذي أوجبه الله على عباده المؤمنين.
س: اذكر ما
يستفاد من هذا الباب؟
جـ: يستفاد
منه:
1- عدم
إيمان من جحد شيئًا من أسماء الله وصفاته.
2- ترك
التحديث بما لا يفهمه السامع لأنه يفضي إلى تكذيب الله ورسوله الذي هو الهلاك.
3- وجوب
الإيمان بأسماء الله وصفاته. والله سبحانه وتعالى
أعلم.
41- باب قول الله تعالى:
يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ
الْكَافِرُونَ
س: اشرح
هذه الآية وبين مناسبتها لكتاب التوحيد؟
جـ: يذم
الله سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره ويشرك به كقول الرجل هذا مالي ورثته عن
آبائي، وكقولهم لولا فلان لم يكن كذا، وقولهم هذا بشفاعة آلهتنا، وقولهم كانت
الريح طيبة والملاح حاذقًا، ونحو ذلك مما هو جار على ألسنة كثير من الناس.
ومناسبة الآية لكتاب التوحيد: أن إضافة نعم الله إلى غيره بالقلب واللسان كفر ينافي التوحيد.
وأما إضافتها إلى غير
الله باللسان مع اعتقاد أنها من عند الله فهو ينافي كمال التوحيد لأن الواجب أن
تضاف النعم إلى مسديها وهو الله وحده وبذلك يتم التوحيد.
س: ما
المقصود بقولهم كانت الريح طيبة والملاح حاذقًا، ومن هو الملاح؟
جـ: الملاح:
هو قائد السفينة والمعنى أن الله إذا أجرى السفينة وسلمها نسبوا ذلك إلى الريح
وصاحب السفينة ونسوا ربهم.
س: ما
المراد بالنعمة المذكورة في الآية؟
جـ: المراد
بها ما أنعم الله به من النعم المعنوية كالإسلام والقرآن وبعثة محمد صلى الله عليه و سلم والنعم المادية كالصحة
والمال وغيرها.
س: ما
حقيقة هذا الإنكار المذكور في الآية؟
جـ: حقيقته
جحد النعم المعنوية والإعراض عنها وعدم اتباعها ونسبة النعم المادية إلى غير الله.
س: ما سبب
اختلاف عبارات المفسرين في معنى الآية؟
جـ: سببه
شمول الآية لكل ذلك ولغيره مما هو في معناه.
والله سبحانه وتعالى
أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
42- باب قول الله تعالى:
فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَس
س: اشرح
هذه الآية وما الأنداد وما معنى جعل الند لله؟
جـ: يقول
الله تعالى لا تشركوا بالله شيئًا من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر وأنتم تعلمون
أنه لا يرزقكم غيره وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول من توحيد الله هو الحق
الذي لا شك فيه.
قال ابن عباس: الأنداد
هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل.
والأنداد جمع ند: وهو
المثل والنظير والشبيه. ومعنى جعل الند لله صرف أنواع العبادة أو شيء منها لغير
الله.
س: ما
الغرض من هذا الباب؟
جـ: الغرض
منه النهي عن الشرك الأصغر كالحلف بغير الله والتشريك بين الله وبين خلقه في
الألفاظ كلولا الله وفلان وهذا بالله وبك وكإضافة الأشياء لغير الله كلولا الحارس
لأتانا السارق ولولا الدواء الفلاني لهلكت ونحو ذلك فكل هذا وما في معناه ينافي
كمال التوحيد.
لأن الواو تقتضي
مساواة المعطوف للمعطوف عليه والواجب أن تضاف الأمور كلها إلى الله ابتداء ويؤتى
بعد ذلك بمرتبة السبب فيقال لولا الله ثم كذا ليعلم أن الأسباب مربوطة بقضاء الله
وقدره. عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه«أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: من حلف
بغير
الله فقد كفر أو أشرك» رواه
الترمذي وحسنه وصححه الحاكم.
س: ما معنى "أو" وما نوع
هذا الشرك وضح ذلك؟ وما الذي يفيده الحديث؟
جـ: "أو" يحتمل
أنها شك من الراوي ويحتمل أنها عاطفة بمعنى الواو فيكون قد كفر وأشرك فإن اعتقد أن
للمحلوف به من العظمة مثل ما لله فهو شرك أكبر وإن لم يعتقد ذلك فهو شرك أصغر
ويفيد تحريم الحلف بغير الله وأنه شرك.
وقال ابن مسعود لأن
أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا.
س: لماذا
اختار ابن مسعود الحلف بالله كاذبًا على الحلف بغيره صادقًا[رواه الطبراني
وابن جرير وغيرهما قال المنذري ورواته رواة الصحيح] مع أن الحلف بالله كاذبًا كبيرة
من الكبائر؟
جـ: اختار
ذلك لأن الحلف بغير الله شرك والشرك أكبر الكبائر وإن كان أصغر.
وعن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:«لا
تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان» رواه
أبو داود بسند صحيح.
وجاء عن إبراهيم النخعي «أنه يكره أن يقول أعوذ بالله وبك ويجوز أن يقول بالله ثم بك.
قال ويقول لولا الله ثم فلان ولا تقولوا لولا الله وفلان» رواه عبد الرازق وابن أبي الدنيا.
س: علل
لذلك مع التوضيح وما حكم الاستعاذة بغير الله؟
جـ: تعليل
ذلك أن المعطوف بالواو في اللغة العربية لمطلق الجمع فلا تقتضي ترتيبًا ولا
تعقبيًا وتسوية المخلوق بالخالق شرك. بخلاف المعطوف بثم فإن المعطوف بها يكون
متأخرًا عن المعطوف عليه بمهلة فلا محذور فيه لكونه صار تابعًا.والاستعاذة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك أكبر،
وإن كانت فيما يقدر عليه المخلوق فهذا جائز ما لم يكن لفظه موهمًا التشريك بين
الله وغيره. وهذا إنما هو في الحي الحاضر الذي له قدرة وسبب في الشيء وأما
في حق الأموات الذين لا إحساس لهم بمن يدعوهم ولا قدرة لهم على نفع ولا ضر فلا
يجوز التعلق عليهم بشيء ما بوجه من الوجوه. والله سبحانه وتعالى أعلم.
معلمتي أم المنتصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق