الاثنين، 15 يونيو 2015

رمضان بين اعتناء السلف وتفريط بعض الخلف

رمضان بين اعتناء السلف وتفريط بعض الخلف"1" 
عجبا للبون الشاسع ما بين استقبال السلف لرمضان، وما بين استقباله من طرف بعض الخلف.
السؤال الأول: حالة السَّلف في شهر رمضان.
حالة السَّلف -كما هو مدون في الكتب المروِّية بأسانيد الثِّقات عنهم- أنَّهم كانوا يسألون الله -عزَّ وجلَّ- أنْ يُبلِّغهم رمضان قبل أن يدخل، يسألون الله أنْ يبلِّغهم شهر رمضان؛ لما يعلمون فيه من الخير العظيم والنَّفع العميم؛ ثمَّ إذا دخل رمضان يسألون الله أنْ يُعينهم على العمل الصَّالح فيه؛ ثمَّ إذا انتهى رمضان يسألون الله أن يتقبَّله منهم، كما قال الله -جل وعلا-:﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾. [المؤمنون: 60-61].
وكانوا يجتهدون في العمل ثم يُصيبهم الهمّ بعد العمل؛ هل يقبل أو لا يقبل؟! وذلك لِعلمهم بعظمة الله -عزَّ وجلَّ-، وعلمهم بأنْ الله لا يقبل إلا ما كان خالصًا لوجهه وصوابًا على سنة رسوله من الأعمال؛ فكانوا لا يزكُّون أنفسهم، ويَخشَوْن من أنْ تبطُلَ أعمالهم؛ فهم لها أنْ تقبل أشدّ منهم تعبًا في أدائها؛ لأنَّ الله -جلَّ وعلا- يقول:﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾.[المائدة: 27].
وكانوا يتفرَّغون في هذا الشَّهر -كما أسلفنا- للعبادة، ويتقلَّلون من أعمال الدنيا، وكانوا يوفِّرون الوقت للجلوس في بيوت الله -عزَّ وجلَّ-، ويقولون نحفظ صومنا ولا نغتاب أحدًا، ويُحضِرون المصاحف، ويتدارسون كتاب الله -عزَّ وجلَّ-.
كانوا يحفظون أوقاتهم من الضَّياع، ما كانوا يُهمِلون أو يُفرِّطون -كما عليه حال الكثير اليوم-؛ بل كانوا يحفظون أوقاته؛ الليل في القيام، والنهار بالصِّيام، وتلاوة القرآن، وذكر الله وأعمال الخير، ما كانوا يفرِّطون في دقيقة منه، أو في لحظة منه إلا ويقدِّمون فيها عملاً صالحًا.
http://doraralolama3.blogspot.com/2011/07/blog-post_26.html 
قال ابن رجب - رحمه الله -:"كيف لا يُبشَّر المؤمن بفتح أبواب الجنان، كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران، كيف لا يبشر العاقل بوقت يُغَلُّ فيه الشيطان، من أين يشبه هذا الزمانَ زمان؟".
فانظر إلى حال السلف في استقبالهم لرمضان، كيف كانوا يفرحون بقدومه، ويبتهجون بحلوله؟
قال مُعَلَّى بن الفضل: "كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم"


عناية السلف وتفريط بعض الخلف في رمضان " 2"
أليس رمضان - إذا - نعمة جليلة تستوجب الشكر؟
قال النووي - رحمه الله -:"اعلم أنه يستحب لمن تجددت له نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة، أن يسجد شكرا لله تعالى، وأن يحمد الله تعالى، أو يُثني عليه بما هو أهله" الأذكار.
كان لهم رمضان مدرسة لتعويد النفس على صيام النوافل الإضافية، لأنهم سمعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا" متفق عليه. 
وكان لهم رمضان مدرسة لتعويد النفس على القيام، لما يجلبه من نور في الوجه، وحب يلقى في قلوب العباد. 
قال سعيد بن المسيب - رحمه الله -:"إن الرجل ليصلي بالليل، فيجعل الله في وجه نورا يحبه عليه كل مسلم، فيراه من لم يره قط فيقول: إني لأحبُ هذا الرجل" .
وقيل للحسن البصري - رحمه الله -:"ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها؟ فقال: لأنهم خلوا بالرحمن، فألبسهم من نوره". 
كانوا يعتبرون رمضان مدرسة للقرآن، تلاوة، واستماعا، وفهما، وتدبرا، وعملا.
فقد كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع الأعمال، وأقبل على قراءة القرآن.
وكان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة.
وكان رمضان لهم مدرسة لإذابة الشح من النفوس، والمسارعة إلى الجود والعطاء. عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال:"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن. فلرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود بالخير من الريح المرسلة" متفق عليه. وعند أحمد زاد:"لا يُسأل عن شيء إلا أعطاه".
قال الإمام الذهبي:"وبلغنا أن حماد بن أبي سليمان كان ذا دنيا متسعة، وأنه كان يُفطِّر في شهر رمضان خمس مائة إنسان، وأنه كان يعطيهم بعد العيد لكل واحد مائة درهم".

رابط الموضوع:
 http://www.alukah.net/sharia/0/44211/#ixzz3d1f7bl9O

رابط الموضوع:
 http://www.alukah.net/sharia/0/44211/#ixzz3d1eq7yFX

عناية السلف وتفريط بعض الخلف "3"
كيف كان سلفنا يطعمون في رمضان ؟
- إطعام الطعام:
قال الله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان:8-12]. فقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام، ويقدمونه على كثير من العبادات. سواء كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح، فلا يشترط في المطعم الفقر. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وصِلُوا الأَرْحَامَ، وصَلُّوا باللَّيْلِ والنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ))؛ رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني. وقد قال بعض السلف: لأن أدعو عشرة من أصحابين، فأطعمهم طعاماً يشتهونه، أحب إلى من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل.
- وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره، وهو صائم منهم عبدالله ابن عمر - رضي الله عنهما -، وداود الطائي، ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين، وربما علم أن أهله قد ردوهم عنه فلم يفطر في تلك الليلة. 
- وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام، وهو صائم ويجلس بخدمهم ويروّحهم، منهم: الحسن، وابن المبارك.
قال أبو السوار العدوي:" كان رجال من بني عَدِيّ يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع الناس وأكل الناس معه". 
- وعبادة إطعام الطعام، ينشأ عنها عبادات كثيرة منها: التودد والتحبب إلى إخوانك الذين أطعمتهم فيكون ذلك سببًا في دخول الجنة:((لَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَنْ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا)). كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين، واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك.
رابط الموضوع:
 http://www.alukah.net/spotlight/0/1111/#ixzz3d7n5b7vX

عناية السلف وتفريط بعض الخلف 4
كيف كان حالهم في تفطير الصائم ؟
ب - تفطير الصائمين:
قال - صلى الله عليه وسلم -:((مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْل أَجْرِهِ، غَيْر أَنَّه لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيءٌ))؛ أخرجه أحمد والنسائي وصححه الألباني. وفي حديث سلمان:((مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ مَغْفِرَة لذُنُوبِهِ وعتق رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيءٌ))، قالوا: يا رسول الله، ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((يُعْطِي اللهُ هَذَا الثَّوَابَ لِمَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى مَذْقَةِ لَبَن، أو تَمْرَة، أو شَرْبَة مَاء، ومَنْ سَقَى صَائِمًا سَقَاهُ اللهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لا يَظْمَأُ بَعْدَهَا، حَتَّى يَدْخُلَ الجَنَّةَ))

5 - الاجتهاد في قراءة القرآن:
هناك امران مهمان لحال السلف الصالح أثناء التلاوة, ما هما ؟
أ - كثرة قراءة القرآن.
ب - البكاء عند قراءته أو سماعه خشوعًا، واخباتًا لله تبارك وتعالى.
كثرة قراءة القرآن: شهر رمضان هو شهر القرآن، فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته، وقد كان من حال السلف العناية بكتاب الله، فكان جبريل يدارس النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن في رمضان، وكان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يختم القرآن كل يوم مرة، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرؤون القرآن في الصلاة وفي غيرها، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرؤها في غير الصلاة، وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان الزُّهْرِيّ إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة، وأقبل على قراءة القرآن. وقال ابن رجب: إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المُداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة؛ كشهر رمضان والأماكن المفضلة؛ كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن؛ اغتنامًا لفضيلة الزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم؛ كما سبق.

معلمتي أم محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق