أعمال بها تحيا القلوب من أعظمها الانكسار
بين يدي الله في مكان لا يراك فيه أحد، هذا من أعظم ما يحي القلوب.
الإنسان حياته البرزخية صورة مثلى لحياته
في السرائر أو بتعبير أصح، حياة السرائر صورة للحياة البرزخية.
الإنسان إذا كان في السريرة يسجد و يدعو
الله جل و علا، أو يقوم في مكان لا يراه أحد، يذكر الله، يعظم الله في ظلمة غرفة
أو في سفر أو في أي مكان ، يعظم الله في السرائر و يخشاه و يخافه و يرى في نفسه وجل
و دمع هذا غالبا منعم في قبره.
أما الذي في السرائر مسرف على نفسه، فهذا
صورة لحياته في قبره.
إن الإنسان يبحث عن طرائق عديدة لأن تحي
قلبه من أعظمها :
عدم احتقار الناس
و أكثر من يتأمل الناس يجد فيهم حفظة، فقهاء،
منفقين، لكن و العياذ بالله يجد في نفسه علو على الغير، هذا العلو و قد لا يصرح به
و يقول التواضع و يذكر أمثالا و أشعارا فيه لكن الحياة اليومية في مخالطته الناس يظهر
منه.
في إنسان قد يركب سيارة توافق ثراه لكن
قلبه منكسر.
و في إنسان يمشي على قدميه و في قلبه من
الكبر و العلو ما الله جل و علا به عليم.
و من قدر له أن يكثر من السفر و الترحال
و مخالطة الناس سيرى أمورا عجبًا في أحوال الناس و الله لا تخطر له بال.
أنا كنت ذات يوم في فندق بالرياض، و في
الفندق أحد من الذين يحرسون فهو لابس بنطال و مصفف شعره و حليق اللحية
.
فتأخرت للنزول في صلاة الفجر في ذاك اليوم، فلما نزلت وجدت بعض من نزل من أهل الفندق قد سبقني للمصلى، فلله الحمد و أقاموا الصلاة
فقدموا هذا الرجل ، فو الله كان يقرأ قراءة صحيحة و يغالب البكاء ثم سلم.
فلولا أنك رأيت هذا بعينك لا تكاد تصدق.
فقد يكون ثمة عوائق حالت بينه و بين أن
يصلح مظهره و مازال باقيًا على إصلاح جوهره.
و ثمة أناس قد يعانون على إصلاح الظاهر
و لم يعانوا بعد على إصلاح الباطن.
و الله لما ذكر يوم القيامة قال:﴿ يَوْمَ
تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾، فالمَحَك عند الله جل و علا وحده سريرة الإنسان ، و لذلك الناس
تبالغ بمدح زيد أو عمر، فلان بكاي، فلان واعظ، فلان فقيه، و لا يعلمون شيء عن سريرته.
و قد يوجد إنسان لم يرى الناس يومًا دمعته
و هو إذا خلى بالله في ظلمات الليل أظهر لله الرقة و الانكسار و الخوف و الوجل والحياء
من الله في كل موطن.
فلا يمكن أن يستويان عند الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق