الاثنين، 5 أكتوبر 2015

مفاتيح تربى بأحسن القصص"قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع الملك النمرود




المفتاح(30) " تربى بأحسن القصص "
سوف نستفتح قصة جديدة نربي بها أنفسنا .
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ )
ما اسم القصة ؟
قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع الملك النمرود 

 ماذا قال مجاهد ( من أهل التفسير ) في تفسيره لهذه الآية ؟
قال مجاهد: وملك الدنيا مشارقها ومغاربها أربعة: مؤمنان وكافران، فالمؤمنان: سليمان بن داود وذو القرنين. والكافران: نمرود بن كنعان وبختنصر. فالله أعلم.

 من هو النمرود بن كنعان ؟
النمرود ابن كنعان كان ملكاً لبابل وهي المنطقة التي بُعث فيها ابراهيم عليه الصلاة والسلام. ومعلوم أن ابراهيم عليه الصلاة والسلام ونوح وكل الأنبياء السابقين بُعثوا إلى أقوامهم فقط ابراهيم إلى قومه فقط، موسى إلى قومه فقط إلى بين إسرائيل، وعيسى إلى بني إسرائيل كانت دعوات محلية بحته حتى عيسى عليه السلام .

 ما الذي جعله يكفر ويدعي الالوهية ؟
حمله على هذا الطغيان والكفر الغليظ والمعاندة الشديدة إلا تجبره، وطول مدته في الملك; وذلك أنه يقال: إنه مكث أربعمائة سنة في ملكه; ولهذا قال:( أن آتاه الله الملك ) تفسير ابن كثير.

 ماهي دعوة جميع الرسل ؟
جميع الرسل يقولون لأقوامهم " أعبدوا الله ما لكم من إله غيره "
جميع الرسل تكون دعوتهم لتوحيد الله تعالى, من آدم إلى محمد كلهم دعوتهم أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت، لا إله إلا الله. فجاء ابراهيم عليه الصلاة والسلام إلى النمرود وهو يدعوه إلى الله سبحانه وتعالى فدخل معه في مجادلة
ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا لاقامة العدل والثواب والعقاب, والدلالة على توحيده وقدرته, وأجل مسمى تنتهي إليه وهو يوم القيامة؟ كان كثيرا من الناس بلقاء ربهم لجاحدون منكرون; جهلا منهم بأن معادهم إلى الله بعد فنائهم, وغفلة منهم عن الآخرة. تفسير الشيخ السعدي.

المفتاح(31) " تربى بأحسن القصص "
( ... إذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ ....)
 ما الاسلوب التي استخدمه إبراهيم عليه الصلاة والسلام في الدعوة ؟
استخدم الأدلة العقلية .
هل هناك أدلة من الكتاب على استخدام الأدلة العقلية ؟
قال عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَمُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97)

كيف عامل إبراهيم عليه الصلاة والسلام النمرود ؟
 النمرود الذي حاج إبراهيم عليه السلام رجل جبار و طاغية, و يجادل إبراهيم عليه السلام في أمر هو من المسلمات الفطرية و من البدهيات العقلية فلم يعرض عنه إبراهيم عليه السلام ليسفه ما يقول و لم يعرض عنه تعريضا بأنه مجنون وأنه من الأجدر ألا يناقشه كما قد يفعل بعض الدعاة مع من يجادلون و يدعون,
ولم يؤثر الصمت ليسلم من شره, بل أقبل عليه بقلب عطوف رحوم به خوفاً عليه من جريرة قوله يوم أن يلقى الله سبحانه, وغيور على الله سبحانه و تعالى بألا تُنتهك أحق حقوقه و هو التوحيد, بل إن المصلحة تقتضي ذلك; إذ أن هذا الطاغية هو سيد في قومه و رأس في رعيتة و في جداله أملٌ في صلاحه و في رده إلى صراط الله المستقيم, ورعيته كذلك

ما أول أهم صفة ذكرها إبراهيم عليه الصلاة والسلام للنمرود , عندما وصف ربنا ؟
عرف إبراهيم عليه السلام بمعبوده, وعرفه بأخص خصائصه سبحانه و تعالى , و هو الذي عليه مدار الجدل و هو الإقرار بوجود و بربوبية الله جل و علا ,
فكان اسلوبه عليه الصلاة والسلام جامعا مانعا في الدخول إلى المناظرة, و الإيقاع بالخصم من أول جولة; إذ أن هذه من مواطن نصر الله, فليس هناك مجال للتفاوض و الأخذ و الرد
فإبراهيم –عليه الصلاة و السلام كأنه يقول يا نمرود إن ربي هو الله الذي يحيي و يميت ,و هي خاصة به سبحانه فهلا أقلعت عما تقول و تراجعت ,

هل من شروط المناظرة إنزال الخصم منزلته ؟

اسلوبه خفي ولم يكون شديد في المواجهة مع النمرود حفظا لمقامه الدنيوي بين من يشهدون هذا اللقاء فلا يضطره إلى أن تأخذه العزة بالإثم, و هذا من آداب الحوار فينبغي لمن يحاور أن يعرف من يحاور و أن ينزله منزلته

المفتاح(32) " تربى بأحسن القصص "
 ما الآية التي سوف نتكلم عنها ؟
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ)
معنى قول النمرود أنه يحيي ويميت أنه إذا أتى بالرجلين و قد وجب قتلهما لأمر ما، فإذا أمر بقتل أحدهما، وعفا عن الآخر، فكأنه قد أحيا هذا وأمات الآخر. وهذا ليس بمعارضة لإبراهيم، بل هو كلام خارجي عن مقام المناظرة. ولما كان انقطاع مناظرة هذا الملك قد تخفى على كثير من الناس ممن حضره وغيرهم،
ماذا نقول عن جواب النمرود ؟
هذه مكابرة صريحة، وعناد ظاهر، يعلمه كل ذي عقل، ولذلك ترك إبراهيم الخوض معه في مكابرته، وجاءه بواقعة لا يحير معها جوبا، قال:»فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب« أي إذا كنت قادراً على الإحياء والإماتــــة، وهما من صفات الرب، فيلزم أن يكون بمقدورك التصرف في الكون، وأن تأتي بالشمــس من المغرب، عندئذ بهت الذي كفر، والله لا يهدي القوم الظالمين.

لماذا أنتقل إبراهيم عليه الصلاة والسلام , لحجة أخرى ؟
إن انتقال إبراهيم من دليل إلى آخر دون مناقشة لإجابة الملك الساذجة ليس عن هزيمة ؛ لأن حجته كانت قائمة، إذ إبراهيم وكل عاقل يعلم أن المراد حقيقة الإحياء والإماتة، أما ما فعله الملك فأمر يقدر عليه كل أحد ، حتى إبراهيم كان يمكن أن يقول له: إني أردت حقيقة الإحياء والإماتة،
 أما هذا فأنا أفعل مثله، ولكن إن قدرت على الإماتة والإحياء فأمت هذا الذي أطلقته من غير استخدام آلة وسبب، وأحي هذا الذي قتلته، فيظهر به بهت اللعين، إلا أن القوم لما كانوا أصحاب ظواهر، وكانوا لا يتأملون في حقائق المعاني خاف إبراهيم الاشتباه والالتباس عليهم، فضم إلى الحجة الأولى حجة ظاهرة، لا يكاد يقع فيها أدنى اشتباه.

وقفة :
وهذا الانتقال من أحسن ما يكون ، لأن المحاجج إذا تكلم بكلام يدق على سامعيه فهمه ، ولجأ الخصم إلى الخداع والتلبيس جاز له أن يتحول إلى كلام يدركه السامعون ، وأن يأتي بأوضح مما جاء به ، ليثبت ما يريد إثباته ، وهذا لأن الحجج مثل الأنوار ، وضم حجة إلى حجة كضم سراج إلى سراج ، وهذا لا يكون إلا دليلا على ضعف أحدهما أو بطلان أثره.
ماذا قال ابن عباس في تفسيره لهذه الآية ؟

قال ابن عباس: يقول: أترك من شئت و أقتل من شئت فان قيل لم انتقل إبراهيم إلى حجة اخرى، وعدل عن نصرة الأولى، فالجواب أن إبراهيم رأى من فساد معارضته أمرا على ضعف فهمه، فانه عراض اللفظ بمثله ونسي اختلاف الفعلين فانتقل إلى حجة أخرى قصدا لقطع المحاج لا عجزا عن نصرة الأولى.



المفتاح(33) " تربى بأحسن القصص "
قوله تعالى:( فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ )
ما أهم الشروط التي يجب توفرها في المناظر ؟
1- اختيار الوقت والمكان المناسب للحوار والمناظرة، .
2- تحديد موضوع المناظرة، فينبغي أن يكون موضوعا محددا تدور حوله المناظرة، فإذا أجيب عنه انتقل إلى غيره، حتى لا يتشتت الذهن مع موضوعات شتى،
3- توثيق المعلومات بالأدلة التي يحتج بها الطرفان (12) .
4- استماع حجة الخصم كاملة، وعدم العجلة بالجواب حتى يعلم ما عند القوم كله، ويتصور مرادهم، ووجه اعتراضهم بشكل متكامل، ثم يجيبهم بجواب يقطع حجتهم،
5- العلم بحال الخصم، وتوقع ردة فعله، ومحاولة الاستفادة من ذلك في إقامة الحجة عليه.
6- حسن الصياغة بالتزام اللسان العربي الفصيح، والإتيان بالكلام الطيب بعيدا عن الشتم والفظاظة في الرد.
مناظرات أئمة السلف 63

ماذا حدث لإبراهيم عليه الصلاة والسلام عندما عاد من النمرود ؟
وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم: أن النمرود كان عنده طعام، وكان الناس يفدون للميرة، فوفد إبراهيم في وفد للميرة ولم يكن اجتمع به إلا يومئذ، فكان بينهما هذه المناظرة، ولم يعط إبراهيم من الطعام كما أعطى الناس، بل خرج وليس معه شيء من الطعام.

فلما قرب من أهله عمد إلى كثيب من التراب فملأ منه عدليه وقال: اشغل أهلي إذا قدمت عليهم، فلما قدم: وضع رحاله وجاء فاتكأ فنام، فقامت امرأته سارة إلى العدلين فوجدتهما ملآنين طعاماً طيباً، فعملت منه طعاماً. فلما استيقظ إبراهيم وجد الذي قد أصلحوه؛ فقال: أنى لكم هذا؟ قالت: من الذي جئت به. فعرف أنه رِزْقٌ رَزقَهم الله عز وجل.

قال زيد بن أسلم: وبعث الله إلى ذلك الملك الجبّار ملكاً يأمره بالإيمان بالله فأبى عليه. ثم دعاه الثانية فأبى عليه. ثم دعاه الثالثة فأبى عليه. وقال: اجمع جموعك وأجمع جموعي.

 فجمع النمرود جيشه وجنوده، وقت طلوع الشمس فأرسل الله عليه ذباباً من البعوض، بحيث لم يروا عين الشمس وسلّطها الله عليهم، فأكلت لحومهم ودماءهم وتركتهم عظاماً باديةً، ودخلت واحدةٌ منها في منْخَر الملكِ فمكثت في منخره ، عذبه الله تعالى بها فكان يُضْرَبُ رأسُه بالمرازب في هذه المدة كلها حتى أهلكه الله عز وجل بها.
اضغط على الرابط 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق