الاستقامة على شرع الله مطلب كل مسلم صادق
يريد رضا الله والجنة، ويخشى عذابه والنار
فإن استدامة الطاعة وامتداد زمانها نعيم
للصالحين، وقرة عين للمؤمنين، وتحقيق آمال المحسنين يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم(خير الناس من طال عمره وحسن عمله )رواه الترمذي.
إن الاستقامة على الطاعة والاستمرار على
امتثال الأوامر واجتناب النواهي هي صفات عباد الله المؤمنين و هما أيضا هما السبيل
الوحيدة للسعادة في الدنيا والآخرة
قال تعالى ( إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا
ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَـائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ
وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ )[فصلت:
30].
لقد أمر الله نبيه والمؤمنين بالاستقامة
وحثهم على ملازمتها، فقال سبحانه ( فَٱسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ
)[هود: 112].
أسباب الثبات على الدين
حاجة المسلم اليوم لأسباب الثبات على الدين
والتمسك به عظيمة جدًا، لانتشار الفتن، وقلة الناصر، وغربة الدين ، و من هذه الأسباب
أولًا: الإقبال على القرآن العظيم حفظًا
وتلاوة وعملًا
فهو حبل الله المتين، وصراطه المستقيم،
من تمسك به عصمه الله، ومن أعرض عنه ضل وغوى
قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا
لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ
فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ [الفرقان: 32].
كيف يكون القرآن مصدراً للتثبيت؟
- لأنه يزرع الإيمان ويزكي النفس بالصلة بالله.
- لأن تـلـك الآيات تـنـزل برداً وسلاماً على قـلـب
المؤمن الذي تعصف به رياح الفتنة، فيطمئن قلبه بذكر الله.
لأنه يزود المسلم بالتصورات والقيم الصحيحة
التي يستطيع من خلالها أن يقوّم الأوضاع من حوله، و الموازين التي تهيئ له الحكم على
الأمور،فلا يضطرب حكمه،ولا تتناقض أقواله.
- لأنه يرد على الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام
من الكفار والمنافقين.
ثانيًا: الإيمان بالله والعمل الصالح
قال تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ
اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27].
قال قتادة: أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير
والعمل الصالح، وفي الآخرة في القبر.
وقال سبحانه:{ولـَوْ أَنـَّهـُمْ فـَعـَلـُوا
مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وأَشَدَّ تَثْبِيتاً} [النساء: 166]،
أي على الحق".
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يداوم
على الأعمال الصالحة، وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل، وكان أصحابه إذا عملوا عملًا
أثبتوه.
ثالثًا: تدبر قصص الأنبياء ودراستها للتأسي
والعمل
والدليل على ذلك قوله تعالى:﴿ وَكُلًّا
نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ
فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [هود 120].
رابعاً: الدعاء
فاللجوء إلى الله والتضرع إليه بطلب الثبات
على دينه، وزيادة الاستقامة والصلاح مسلك المؤمنين
فإن من صفات عباد الله المؤمنين أنهم يتوجهون
إلى الله بالدعاء أن يثبتهم كما علمنا سبحانه أن نقول:﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا
بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ﴾ [آل عمران
فسؤال الله والضراعة إليه في طلب التثبيت
على الحق والاستقامة عليه من أعظم وسائل الثبات على دين الله ولاسيما في أوقات الإجابة،
كآخر الليل وبين الأذان والإقامة، وحال السجود ويوم الجمعة
خامساً: ذكر الله
قال جل شأنه ( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ
الْقُلُوبُ )
وقال - صلى الله عليه وسلم ( مثل الذي يذكر
ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت )
وقد أمر الله - تعالى - عباده بالإكثار
من ذكره فقال( يَا أَيُّهَا الَّذِين َآمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيرا
` وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ` هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ
لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً
)
وتأمل في هذا الاقتران في قوله - عز وجل
-:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا
اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45]، فجعله من أعظم ما يعين
على الثبات في الجهاد.
سادساً: الدعوة إلى الله - عز وجل-
وهي وظيفة الرسل وأتباعهم.
قال تعالى:﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو
إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا
أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[يوسف: 108].
سابعًا: الرفقة الصالحة
فمن وسائل الثبات صحبة الأخيار ولزومهم
والحذر من صحبة الأشرار
فمصاحبة العلماء والصالحين والدعاة والمؤمنين،
والجلوس معهم، من أكبر العون على الثبات، قال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ
عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾[الكهف: 28].
ثامناً: الثقة بنصر الله وأن المستقبل
للإسلام
روى البخاري في صحيحه من حديث خباب بن الأرت:
أنه شكا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يجده من التعذيب وطلب منه الدعاء، فقال
النبي - صلى الله عليه وسلم -:"والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء
إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون" صحيح البخاري
برقم (6943).
تاسعاً: الصبر
فإنه من أعظم أسباب الثبات على دين الله،
قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153].
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث
أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من يتصبر
يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرًا ولا أوسع من الصبر"
عاشرًا: التأمل في نعيم الجنة وعذاب النار،
وتذكر الموت
الحادي عشرً: الحرص على أن يسلك المسلم
طريقاً صحيحاً
والطريق الوحيد الصحيح الذي يجب على كل
مسلم سلوكه هو طريق أهل السنة والجماعة؛ طريق الطائفة المـنـصورة والفرقة الناجية،
ذو العقيدة الصافية والمنهج السليم واتباع السنة والدليل
ثم ترك المعاصي والذنوب صغيرها وكبيرها
ظاهرها وباطنها
فإن الذنوب من أسباب زيغ القلوب
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا
وفي الاخرة
اللهم ثبتنا على الخير والصلاح
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا
أنت أستغفرك وأتوب إليك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق