الأحد، 29 نوفمبر 2015

كيف يوسوس الشيطان للانسان






إن من أوائل ما يتعلمه المرء المسلم منذ صغره قصار السور، و منها "سورة الناس" إذ يقول الحق تعالى فيها ( قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس. من شر الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور الناس. من الجنة و الناس )،

و يعلم كل مؤمن بالضرورة وجود الشيطان و أن له وساوس يوسوس بها إليه ليثنيه عن كل خير و يدنيه من كل شر، لكن ما هي ماهية تلك الوسوسة و كيف يوصلها الشيطان للإنسان و هل للشيطان قوة في جعل الإنسان يرتكب تلك الشرور التي يوصلها إليه.

إن الوسوسة تعرف بأنها حديث بلا نطق أي أنها فكر باطن داخل نفس الإنسان الواعية ، و نفس الإنسان هي روحه التي تسكن جسده.

 و النفس لها عالمان تعيش فيهما هما: العالم المادي الذي نعرفه فهي تسكن الجسد و تتواصل مع عالم المادة من خلال ذلك الجسد، و العالم الآخر الذي تعيش فيه هو العالم المغيب عنا، حيث تتواصل النفس معه عبر طرق مختلفة منها ما يبث فيها أفكار الخير مثل الإلهام و الرؤيا الصالحة، و ذلك يكون من ملك من الملائكة بإذن الله جل و علا، و منها ما يبث فيها أفكار الشر و منها وساوس الشيطان. فالشيطان لا يسكن العالم المادي المحسوس، و لا يؤثر فيه مباشرة، و إنما يسكن العالم الغيبي، و بالتالي يؤثر في النفس في ذلك العالم الغيبي بتلقينها أفكار السوء و الفحش و هذا هو كنه الوسوسه،

هكذا يوسوس لها الشيطان بكل أذى و فجور و معصية و كل ما لا يليق بذات الله سبحانه، و حيث أن للنفس عالمان كما أسلفنا و أن تلك الوسوسه تتم في العالم المغيب فإن الإنسان لا يفهم كنهها ولا يسمع صوت الشيطان و هو يوسوس له، حيث أنه يوسوس لنفسه في عالم لا يدركه عقله ، و لكن في العالم المادي المحسوس لدينا تبدأ النفس بتفريغ تلك الوساوس الشيطانية 

كحديث نفسي و وسوسة من النفس داخل كيان الإنسان الواعي فتبدأ نفسه تحدثه بتلك الشرور، و هو ما يشير إليه الحق تعالى ( إن النفس لأمارة بالسوء )، و هنا يشعر المرء أنه إنسان غير جيد حيث أنه يشعر بالنفاق إذ أنه يبدي أخلاقا جيدة، و بداخله تتصارع أفكار سيئة تحدثه نفسه بإتيانها، لكن الله و رسوله يطمئنان المرء بأن ذالك الحديث معفو عنه طالما كان حديثا و لم يهم المرء به، و أمرنا الله و رسوله بالإستعاذة من وسوسة الشيطان و وسوسة النفس حتى ترتاح نفوسنا و تصبح مطمئنة.

 إن الشيطان قد تعهد بإغواء بني آدم حقدا و حسدا منه عن طريق تلك الوسوسة و هو لا يملك مطلقا أي قوة أو نفوذ في إجبار أي كان من البشر على إتيان فاحشة أو إثم، و إنما فعله الوسوسة فقط ، فهنا ملاذنا ذكر الله دائما وأبدا حيث أنه بذكر الله تطمئن القلوب فتطمئن النفس؛ فتطرد ما قذف فيها الشيطان من الوساوس، نسأل الله لنا و لكم النفوس المطمئنة التي ترجع لربها راضية مرضية، يقول تعالى ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً
 فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) [الجزء: ٣٠ | الفجر (٨٩) | الآية: ٣٠]

اللهم اجعلنا من أهل الفردوس الأعلى  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق