السبت، 26 ديسمبر 2015

العلم و الإيمان




 أفضل ما اكتسبته النفوس العلم الراسخ ينال به العبد الرفعة في الدنيا و الآخرة.
هو العلم و الإيمان

 و لهذا قارن الله بينهما في قوله:
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ الْبَعْثِ﴾
﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ .
و هؤلاء هم خلاصة المسلمين و المؤمنين و هم المؤهلون للمراتب العالية.
 كثيرا من الناس يغلطون في حقيقة مسمى العلم و الإيمان اللذان بهم السعادة و الرفعة من الفرق الضالة ، حتى أن كل طائفة تظن أن ما معها من العلم و الإيمان هو الذي ينال به السعادة.
نسأل الله السلامة و العافية.
 بل أكثرهم ليس معهم إيمان ينجي و لا علم يرفع، بل قد سدوا على نفوسهم طرق العلم و الإيمان اللذان جاء بهما النبي و دعا إليهما الأمة و كان عليهما هو و أصحابة من بعده و من تبعهم بإحسان.
 كل طائفة من هذه الطوائف الكثيرة التي نراها الآن تعتقد أن العلم الحقيقي هو العلم الذي معها ﴿ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾.
 أكثر ما عند هؤلاء كلام و أراء و أصبح العلم وراء الكلام كما قال حماد بن زيد:«قلت لأيوب: العلم اليوم أكثر أو في السابق أكثر فقال: الكلام اليوم أكثر و العلم فيما تقدم أكثر»
قال بن القيم:«أساس كل خير أن تعلم أن ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن فتيقن حينئذ أن الحسنات من نعمه سبحانه و تعالى» فنحن نشكر الله تعالى أن من علينا بنعمة العلم النافع و من علينا بأننا نسأله سبحانه بأن نكون من الفرقة الناجية، نسأله أن نكون من أهل السنة و الجماعة ، فهذه من أكبر النعم التي أنعمها الله عز و جل علينا .
نشكره سبحانه و تعالى و نتضرع إليه أن لا يقطعها عنا.
و ليعلم العبد أن السيئات من خذلان الله تعالى و عقوبته، فيبتهل إليه أن يحول بينه و بين هذه المعاصي.
الله عز و جل من نعمه علينا أنه لم يكلنا في فعل الحسنات و ترك السيئات إلى أنفسنا ، و قد أجمع كثير من السلف على أن كل خير أصله بتوفيق الله عز و جل للعبد، و كل شر أصله خذلانه لعبده و أجمعوا أيضا أن التوفيق لا ألا يكلك الله إلى نفسك، و أن الخذلان هو أن يخلي بينك و بين نفسك.
فإذا كان كل خير فأصله التوفيق و هو بيد الله عز و جل لا بيدي غيره.
مفتاح هذا الخير الدعاء و الافتقار و صدق اللجوء إلى الله عز و جل و الرغبة و الرهبة إليه سبحانه و تعالى.
فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له، و متى أضله الله عز و جل عن هذا المفتاح بقي باب الخير مغلق دونه.
يقول أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه:«إني لا أحمل هم الإجابة و لكني أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه».
و على قدر العبد و همته و مراده و رغبته في ذلك يكون توفيقه سبحانه و تعالى و إعانته .
المعونة من الله تنزل على العباد على قدر الهمم و الثبات و الرغبة فيما عند الله و الخوف من الله عز و جل و الخذلان ينزل على حسب ذلك.
و ما أوتي من أوتي مهما يصيب الإنسان من بلاء أو كدر أو هم أو غم إلا من قِبل إضاعة الشكر و إهمال الافتقار و الدعاء و لا فاز من فاز بمشيئة الله و عونه إلا بقيامه بالشكر.
فإذا وجد الله عز و جل ذلك القيام بالشكر و صدق الافتقار و الدعاء و ملاك ذلك الصبر فَإِنَّهُ من الْإِيمَان بِمَنْزِلَة الرَّأْس من الْجَسَد فَإِذا قطع الرَّأْس فَلَا بَقَاء للجسد مَا ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة الْقلب والبعد عَن الله .
نسأل الله السلامة و العافية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق