الجمعة، 13 مايو 2016

سلسلة القواعد الحسان في أسرار الطاعة والاستعداد لرمضان




سلسلة القواعد الحسان في أسرار الطاعة والاستعداد لرمضان 1
اللهم بلغنا رمضان                                   
إعلم رحمك الله ..أنه منذ صح عزمك في طريقك إلى الله واستقامت، سريرتك ونيتك في سلوك منهج أهل الحق، وتلمس مواطن النجاة والإبتعاد عن مواطن الهلكة ..

ومنذ أن أفلت شمس معصيتك، وهجرت طريق الشيطان واستنار لك ما يجب عليك تجاه مولاك 
وجب عليك أن تشمر سواعد الجدِ، وأن تثبت لله سبحانه صحة النية والعزم..فإن دعاوى المحبة كثيرة، وزعم الذين يحسبون أنه ببضع كلمات يصبحون بعدها في ديوان المحبين والمخلصين لله .. فمثل هذا المسلك لا يسري مع الله سبحانه وتعالى..

مثلما قال بعض السلف:
أن الله نافذ بصير، يعلم حقائق الأمور ولا تنطلي عليه حيل المخادعين..والخداع من شيم المنافقين .."يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلًا"فهذة من أعظم الآيات التي تنكد على الصالحين طاعاتهم وعباداتهم .. فإن الذي يطيع الله بغير رغبة أكيدة ونية وعزم حقيقي فإنه معدود من المخادعين لله عز وجل ..أي من المنافقين والعياذ بالله.."يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ"

فإذا قاموا إلى الصلاة يتظاهرون أنهم يصلون .. يتظاهرون أنهم في الطاعة ..ولكن واقع الأمر أنهم لا يتحمسون للطاعة، ولا يقومون بها كما يريد الله عز وجل ..

لذلك السائر إلي الله عز وجل إذا أراد أن يصح سيره إلى الله، لابد له من:
علم موفق صحيح ..وعمل صالح مبرور، محثوث بعزم وتوفيق من الله ..حتى يستقيم له السير ويستطيع الوصول الي الله عز وجل..

فإن سبيل الله عز وجل كما قال السلف:
ليس بالمشي على الأقدام ..إنما سيرك الى الله عز وجل: 
بالقلوبوالمراد بالطاعات التي يحضر فيها القلب ..

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-:
"إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم"
  
فكيف نجاور بين العمل وبين القلب؟!
لأن العمل مهم .. ولا يمكن للإنسان أن يكون صالح القلب بدون عمل ..

وقال شيخ الإسلام:
"ثم القلب هو الأصل، فإذا كان فيه معرفة وإرادة سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، لا يمكن أن يتخلف البدن عما يريده القلب" ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت، فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب))
  
ليس كما يدعي البعض فيقول :
أنا أشعر بأن الله يحبني وأن الله يتولاني .. ثم تفتش عن  عبادته وطاعاته تجد رصيده صفرا
فمثل هذا مغرور في زعم محبته، وغرهُ الشيطان" وَغَرَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ "
و الغرور هنا الشيطان ..

فالذي يريد أن يثبت دعوى المحبة لله تعالى، وأن يصحح عزيمة القلب والسير الى الله:
لابد ان يتجاور عمله قلبه  فيصحح العمل على وصف الشرع ..ويصحح القلب على وصف النية السليمة التي يقبلها الله تبارك وتعالى..

لان القلب هو محل نظر الإله، وإذا استقام هذا الأمر في كل الطاعات .. فإنه يتأكد في المواسم التي يصير فيها جود الله وبره ويشمل ويعم كل الخلائق ..في هذه المواسم التي لابد أن تتضاعف فيها الهمم والطاقات والاعمال، حتى يثبت الإنسان لربه أنه قاصد ربه قصدا صحيحا أكيدا..


 سلسلة القواعد الحسان في أسرار الطاعة والاستعداد لرمضان2
أعلم رحمك الله ..
أن مقتضى أن يبث الله في أيام دهرهِ أوقات ومواسم للطاعة .. 🏻 أن الله ندب الخلق إلى تشهير عزائمهم في هذة الأوقات وفي هذة المواسم ..ومقتضى إدبارهم في هذة المواسم 🏻 دليل أن هذا المبلد زاهدٌ فيما عند الله عز وجل ..

لأنه حينما تأتي المواسم مثل رمضان أو غيره من المواسم وتجد من نفسك كسلا وفتورا ..
 فإعلم ..أن مقام الله عز وجل في قلبك بخس .. وأنك لا تعظمه ولا توقره ..

 وإبن القيم له كلام في كتاب مفتاح السعادة : 
 وهذه الأقوال ترجع إلى معنى واحد. وهو أنهم لو عظموا الله وعرفوا حق عظمته وحدوه وأطاعوه وشكروه فطاعته سبحانه واجتناب معاصيه والحياء منه بحسب وقاره في القلب.

فمن آثار توقير الله عز وجل ، أن يجد الانسان في نفسه همة وعزيمة إلى الطاعة ورغبة في فعلها، وفي مواسم الطاعة خاصة .. ودائما ما يمثل العلماء هذه المواسم بملوك الدنيا ..
فلكل ملك له موسم يعفو به عن المخطئين ، ويغدق عليهم بالنعم ..

 فإذا قيل أن ملكا في اليوم الفلاني سيقف على شرفته وينثر الدنانير من شرفته، لو قيل للناس ذلك:
ماذا يفعل الفقراء المحتاجين الذين يحتاجون الى كل مال وكل درهم وكل دينار ينفقون منه ، ماذا يفعلون ؟! 
بالطبع سينتهزوا هذا اليوم ويترصدون له ..

فكيف بمواسم الطاعة التي بث الله عز وجل بين عباده علما أنه يغدق عليهم من البر وجزيل الثواب وعظيم الهبات مالا يغدق في غيرها من الايام ؟!

فمقتضى اقبالك على الله وحبك فيما عنده ورغبتك فيما بيده سبحانه من الجزاء والنعيم، أن تسعى وأن يكون في قلبك الرغبة والحرص على إستغلال هذه المواسم كبيرا ..

ومن أعظم المواسم التي نثبت لأنفسنا قبل أن نثبت لربنا أننا نحبه سبحانه ، وأننا نسعى أن نقدم له القربان الذي يرضا به عنا..موسم رمضان 
              
 سلسلة القواعد الحسان في أسرار الطاعة والاستعداد لرمضان3
 إذاً..
🏻معرفة فضل المواسم والتفاعل مع هذه الفضائل ، وتدارك الأوقات والأزمنة التي تقبل على المرء ليحصل له ما ينشدة من ربه ، حتى يصل إلى مرتبة اليقين فيما عند الله تبارك وتعالى ، هي مهمة السائر إلى ربه في الشهر المعظم ..

 والإستمرار في الطاعة مع عدم حصول الثمرة وحضور القلب ، والإستمرار فيها والمجاهدة والتعرض لرحمة الله وإثبات أنك لا تطيع إلا لأنك  تريد طاعة الله عز وجل ..

🏻كل هذا يساعد المسلم على نيل ثواب وثمرة فضل هذا الموسم ، وتلك الطاعات ، وهي فرصته من هذة المواسم وتلك النفحات..

 فعن الحسن كان يقول:
”يا ابن آدم اليوم ضيفك، والضيف مرتحل، يحمدك أو يذمُّك، وكذلك ليلتك“.

وقال:
”ما من يوم أخرجه الله إلى أهل الدنيا إلا ينادي:
ابن آدم اغتنمني، لعله لا يوم لك بعدي،
ولا ليلةٍ إلا تنادي: 
ابن آدم اغتنمني لعله لا ليلة لك بعدي“.

 إذا ..
المهمة معرفة فضل الشهر العظيم ومنة الله فيه ، وفرصة العبد منه..

 ما معنى فرصة العبد منه ؟!
🏻 لا تدرك هذة القضية إلا بشقين ..
◀️ أن تدرك عظم ذنوبك ، وخطورة موقفك يوم العرض أمام الله عز وجل 
◀️ أن هذة المواسم ، مواسم لمغفرة الذنوب السالفة عامة وللنجاة..

إذا حسبنا منذ بلوغنا حتى اليوم كم ذنب اقترفناه،  وكم معصية عصينا الله بها ؟!
 كثير !!
 هل ضمنت أن الله عز وجل غفرها لي ؟!
 لا لم أضمن !!
 وهذه الطاعات التي فعلتها سابقا نفسها غير مضمونة في القبول ..

🏻 إذا يقينا عندي معاصي ، ويقينا لابد لي من التخلص منها للنجاة !! 
 إذا فرصة العبد بأن يدرك أن هذه المعاصي التي سلفت منه أو انصرفت منه في أيام غفلته وفتوره وبعده عن الله عز وجل ، لا يمكن أن تُتَدارك إلا بتحصيل المغفرة في هذة المواسم لأن لا يوجد مغفرة عامة إلا في هذة المواسم ..

 قال صلى الله عليه وسلم :
" من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "
" من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "

إذا شهر رمضان ، فرصة عظيمة للإنسان أن يمحوا الفضائح والقبائح والعيوب العظيمة التي فعلها في الظلمات وفي النهار ، في السر وفي الجهر ، هذة الذنوب كلها تحتاج إلى تداركها وإلى مغفرتها وإلى تجاوز الله عنها ..

🏻 فعليك أن تجد وتجتهد وتثابر في هذا الموسم رجاء :
 أن يغفر الله لك .." وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ "


 سلسلة القواعد الحسان في أسرار الطاعة والاستعداد لرمضان4
إذاً ..
ماهي علامة صدق الدعوة ، وعلامة صدق ما يدعيه الإنسان ، مع إنه فعلا يريد الإستعداد لشهر رمضان؟!
 ومن أجل هذا البيان نقول أن تعلم مثل هذة القضايا مهم لأمور

1-أن المسلم يسعى دائماً إلى الترقي في مقامات العبودية 
 أدنى مقام مقام الإسلام، ثم الإيمان ، ثم الإحسان
 أولسنا كلنا يسعى إلى تحصيل مقام الإحسان

ماهو مقام الإحسان ؟!
أن تعبد الله كأنك تراه

وفي حقيقة الحال ليس هذا تعريف الإحسان !!
انما هو تعريف لثمرة الإحسان ..

 ماهو تعريف الإحسان إذا ؟!
الإحسان هو: الإتقان
 قال تعالى : { وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} أي : المتقنين لأعمالهم ولطاعاتهم ..
فإذا أتقن الإنسان طاعته، وصل بهذه الطاعة للثمرة..فيستشعر بأنه كأنه يرى الله في طاعته ، يعبد الله كأنه يراه ..

فهل تعتقد أن إنسان لا يتقن طاعته، ولا يحسن أدائها ممكن أن يصل إلى هذة الدرجة ؟! 
لا لن يصل اذاً يسبق هذا المقام قيامه بمقتضى الإحسان وهو إتقان العمل ..

 هناك بعض الإخوه يقول : مقام الإحسان مقام الإحسان ليس بمهم ، أو قد يقول ليست مشكلة مقام الإحسان !!
من أعظم الحجب والحرمان ، أن تعبد الله وأنت منبوذ ومقطوع عن الله سبحانه وتعالى
من أعظم الحجب والحرمان، أن ترفع يديك في الدعاء وأنت لا تشعر أن الله يسمعك
من أعظم الحجب والحرمان، أن تصلي وأن لا تشعر أن الله قَبِلَ صلاتك
مقام الإحسان يُشعرك ، أن الله عز وجل يتقبل طاعاتك.
مقام الإحسان أن تستشعر ، وأن يعطيك الله من الأمارات والعلامات التي تدلك على قبول العمل
لان مقام الاحسان ثمرة يعطيها الله للإنسانإذا نتدارس ما يجب أن نستعد به لشهر رمضان هو من مقتضيات سعينا لتحصيل مقام الإحسان

يتبع بإذن الله 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق