(من تـدبر القــرآن طالبــاً الهدى منه, تبيـن له
طريق الـحق)
–ابن تيمية-
ألا ترون رحمكم الله إلى مولاكم الكريم،
كيف يحثُّ خلقه على أن يتدبروا كلامه، ومن تدبَّر كلامه: عرف الربّ عز وجل، وعرف عظيم
سلطانه وقدرته، وعرف عظيم تفضله على المؤمنين، وعرف ما عليه من فرض عبادته، فألزم نفسه
الواجب، فحذر ممَّا حذَّره مولاه الكريم، ورغب فيما رغَّبه فيه، ومن كانت هذه صفته
عند تلاوته للقرآن وعند استماعه من غيره، كان القرآن له شفاء، فاستغنى بلا مال، وعزَّ
بلا عشيرة، وأنس بما يستوحش منه غيره، وكان همُّه عند تلاوة السورة إذا افتتحها: متى
أتعظ بما أتلوه؟ ولم يكن مراده: متى أختم السورة؟ وإنَّما مراده: متى أعقل من الله
الخطاب؟ متى أزدجر؟ متى أعتبر؟ لأنَّ تلاوته للقرآن عبادة، والعبادة لا تكون بغفلة،
والله الموفق لذلك!
الإمام الآجري في "أخلاق حملة القرآن"
10
ﻻ تترك القرآن(2)
فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر
والتفكر؛ فإنه هو الذي يورث المحبة والشوق، والخوف والرجاء، والإنابة والتوكل، والرضى
والتفويض، والشكر والصبر، وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله، وكذلك يزجر عن
الصفات والأفعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه، فلو علم الناس ما في قراءة القرآن
بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها، فإذا قرأ بالتفكر حتى مر بآية وهو محتاج إليها
في شفاء قلبه، كررها ولو مائة مرة، ولو ليلة؛ فقراءة آية بتفكر وتفهّم، خير من قراءة
ختمة بغير تدبّر وتفهم، وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن...
ابن قيم الجوزية في "مفتاح دار السعادة"
واعلم أن قوة الدين وكمال الإيمان واليقين
لا يحصلان إلا بكثرة قراءة القرآن واستماعه، مع التدبر بنية الاهتداء به والعمل به
والعمل بأمره ونهيه، فالإيمان الإذعاني الصحيح يزداد ويقوى وينمي ويترتب عليه آثاره
من الأعمال الصالحة وترك المعاصي والفساد بقدر تدبر القرآن، وينقص ويضعف على هذه النسبة
من ترك تدبره.
وما آمن أكثر العرب إلا بسماعه وفهمه، ولا
فتحوا الأقطار ومصّروا الأمصار واتسع عمرانهم وعظُم سلطانهم إلا بتأثير هدايته، وما
كان الجاحدون المعاندون من زعماء مكة يجاهدون النبي صلى الله عليه وسلم ويصدونه عن
تبليغ دعوة ربه إلا بمنعه من قراءة القرآن على الناس {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا
القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون} وما ضَعُفَ الإسلام منذ القرون الوسطى حتى زال أكثر
ملكه إلا بهجر: تدبر القرآن، وتلاوته، والعمل به.
مختار تفسير المنار 3/170
ﻻ تترك القرآن(3)
ومن أعظم ما يتقرّب به العبد إلى الله تعالى
من النوافل: كثرة تلاوة القرآن، وسماعه بتفكّر وتدبّر وتفهّم، قال خباب بن الأرت لرجل:
"تقرّب إلى الله ما استطعت، واعلم أنّك لن تتقرب إليه بشيء هو أحبُّ إليه من كلامه"
ابن رجب في "جامع العلوم والحكم"
كان الحسن البصري يردد قائلاً: والله يا
بن آدم لئن قرأت القرآن، ثم آمنت به؛ ليطولن في الدنيا حزنك، وليشتدن في الدنيا خوفك،
وليكثرن في الدنيا بكاؤك.
حلية الأولياء 2/133
ﻻ تترك القرآن(4)
قال الحسن البصري ..
"تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء : في الصلاة
وفي الذكر وقراءة القرآن،
فإن وجدتم وإلا فاعلموا أن الباب مغلق"
" البكاء عند قراءة القرآن صفة العارفين وشعار
عبادالله الصالحين
والطريق في تحصيله أن يتأمل مايقرأه من
التهديد والوعيد والعهود ثم يفكر في تقصيره فيها ، فإن لم يحضره حزن وبكاء
فليبك على فقد ذلك ؛ فإنه من المصائب
. "
[ النووي ]
ﻻ تترك القرآن(5)
خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يَعسُ المدينة ذات ليلة، فمرَّ بدارِ رجل من المسلمين، فوافقه قائماً يصلي، فوقف يسمع قراءته، فقرأ: {والطور} ، -حتى بلغ- : {إن عذاب ربك لواقع} ، قال "قسمٌ ورب الكعبة حق" فنزل عن حماره فاستند إلى حائط، فمكثَ مليّاً، ثم رجع إلى منزله، فمرض شهراً يعوده الناس، لا يدرون ما مرضه !
ابن قدامة في "الرقة والبكاء" ص166
خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يَعسُ المدينة ذات ليلة، فمرَّ بدارِ رجل من المسلمين، فوافقه قائماً يصلي، فوقف يسمع قراءته، فقرأ: {والطور} ، -حتى بلغ- : {إن عذاب ربك لواقع} ، قال "قسمٌ ورب الكعبة حق" فنزل عن حماره فاستند إلى حائط، فمكثَ مليّاً، ثم رجع إلى منزله، فمرض شهراً يعوده الناس، لا يدرون ما مرضه !
ابن قدامة في "الرقة والبكاء" ص166
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق