الثلاثاء، 25 أكتوبر 2016

فقه أسباب حفظ الخواطر


 
 الاستقامة مبنية على شيئين:
أحدهما
 حراسة الخواطر وحفظها،
 والحذر من إهمالها،
 والاسترسال معها.

الثاني 
صدق التأهب للقاء الله عزَّ وجل َّ.

فأصل الفساد كله يجيء من قبل الخواطر️ 
لأنها هي بذر الشيطان، والنفس في أرض القلب.

فإذا تمكن بذرها في القلب تعهدها الشيطان بالسقي مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات .
 ثم يسقيها بسقيه حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال المهلكة. 
ولا ريب أن دفع الخواطر أيسر من دفع الإرادات والعزائم، فالخواطر كالشرارة يسهل إطفاؤها،
والإرادات والعزائم كالنار المشتعلة.



        


 ولحفظ الخواطر أسباب عدة: 
أحدهما 
العلم الجازم باطلاع الرب سبحانه عليك، ونظره إلى قلبك، وعلمه بتفاصيل خواطرك .

الثاني
حياؤك منه.

الثالث
إجلالك له أن يرى مثل تلك الخواطر في بيته الذي خلق لمعرفته ومحبته وعبادته.

الرابع 
خوفك منه أن تسقط من عينه بتلك الخواطر.

الخامس 
إيثارك له أن تساكن قلبك غير محبته.

السادس
خشيتك أن يستعير شرر تلك الخواطر فتأكل ما في القلب من الإيمان ومحبة الله.

السابع
أن يعلم العبد أن تلك الخواطر بمنزلة الحب الذي يلقى للطائر ليصاد به.

الثامن 
أن يعلم العبد أن تلك الخواطر الرديئة لا تجتمع هي وخواطر الإيمان .. ودواعي المحبة في قلب المؤمن لأنها ضدها من كل وجه.

التاسع
أن يعلم أن تلك الخواطر بحر من بحور الخيال لا ساحل له،
فإذا دخل القلب في غمراته غرق فيه، وتاه في ظلماته.

العاشر 
أن تلك الخواطر الرديئة هي وادي الحمقى، وأماني الجاهلين، فلا تثمر لصاحبها إلا الندامة والخزي، أما الخواطر الإيمانية فهي أصل الخير كله، فإذا بذر في القلب بذر الإيمان، والخشية، والمحبة، والإنابة، أثمرت كل فعل جميل، وملأت قلبه من الخيرات، واستعملت جوارحه في الطاعات.

 وحفظ الخواطر نافع لصاحبه بشرطين
أحدها 
أن لا يترك به واجباً ولا سنة.

الثاني
 أن لا يجعل مجرد حفظها هو المقصود، بل لا يتم ذلك إلا بأن يجعل موضعها خواطر الإيمان والمحبة والإنابة والتوكل والخشية، فيفرغ قلبه من تلك الخواطر الرديئة، ويعمره بأضدادها، 
وإلا فمتى عمل على تفريغه منها معاً كان خاسراً، فلا بدَّ من الانتباه لهذا.

أما صدق التأهب للقاء الله فهو من أنفع ما للعبد، وأبلغه في حصول استقامته.
فإن من استعد للقاء الله انقطع قلبه عن الدنيا وما فيها وعن مطالبها، وخمدت من نفسه نيران الشهوات، وأخبت قلبه إلى الله، وعكفت همته على الله وعلى محبته، وعلى إيثار مرضاته.

واستحدث همة أخرى وعلوماً أخر، وولد ولادة أخرى تكون نسبة قلبه فيها إلى الدار الآخرة كنسبة جسمه إلى هذه الدار بعد أن كان في بطن أمه.فيولد قلبه ولادة حقيقية كما ولد جسمه حقيقة.

فخروج قلبه عن نفسه بارزاً إلى الدار الآخرة، كخروج جسمه عن بطن أمه بارزاً إلى هذه الدار.

وأكثر الناس لم يولدوا هذه الولادة ولا تصوروها، فضلاً عن أن يصدقوا بها، لم يكن لهم إليها
 همة ولا عزيمة، وإلا كما كان بطن أمه حجاباً لجسمه عن هذه الدار،  فهكذا نفسه وهواه حجاب لقلبه عن الدار الآخرة.

وإذا كشف حجاب الغفلة عن القلب صدق بذلك وعلم أنه لم يولد قلبه بعد.

موسوعة فقه القلوب 

 جامعة الفقه الإسلاميه فى ضوء الكتاب والسنه  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق