مسائل مهمة في صيام عاشوراء
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
(١)
هل يصح
صيام يوم عاشوراء وحده؟ وما حكم من كان يفعل ذلك جهلاً منه؟
السؤال:
هل يصح صيام يوم عاشوراء وحده؟ وما حكم
من كان يفعل ذلك جهلاً منه؟
الجواب:
نعم يصح صيام عاشوراء وحده، ويثاب على ذلك؛
لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال في صوم عاشوراء: «أحتسب على الله أن يكفر
السنة التي قبله» لكن بعض العلماء كره أن يفرده -أي: أن يصوم العاشر وحده- ولا يصوم
يوماً قبله ولا بعده، قال: لأن آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
أنه قال: «خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده» وقال: «لئن بقيت إلى قابل
لأصومن التاسع» وعلى هذا فنقول للأخ: صم يوماً قبله أو يوماً بعده.
السائل: إذا كان عليه قضاء من رمضان هل
يصوم يوم عاشوراء؟
الشيخ: نعم. الذي عليه قضاء من رمضان يصوم
يوم عاشوراء ويصوم يوم عرفة ويصوم أيام البيض، لكن الأفضل أن يبدأ بالواجب.
مسائل مهمة في صيام عاشوراء
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
(2) إشكال في صوم عاشوراء والجواب عنه
سؤال:
أمر أشكل عليَّ وهو أن من الناس من يقول: إن يوم عاشوراء غير ثابت، فاليهود والنصارى يؤرخون بالتاريخ الميلادي، وتعلمون يا فضيلة الشيخ أن هناك فرقاً بين التاريخين عشرة أيام، فعلى تفكيرهم وقولهم هذا لا بد من تأخير عاشوراء في كل سنة عشرة أيام.
أمر أشكل عليَّ وهو أن من الناس من يقول: إن يوم عاشوراء غير ثابت، فاليهود والنصارى يؤرخون بالتاريخ الميلادي، وتعلمون يا فضيلة الشيخ أن هناك فرقاً بين التاريخين عشرة أيام، فعلى تفكيرهم وقولهم هذا لا بد من تأخير عاشوراء في كل سنة عشرة أيام.
نرجو التفصيل في كلا الحالين.
الجواب:
إن كان جنون فهذا جنون، هل نحن مطالبون
إلا بعاشر من محرم؟ مطالبون بعاشر محرم، كيف الاختلاف؟ يعني: هذه السنة نصوم عشرة،
والسنة الثانية عشرين، والثالثة ثلاثين، والرابعة عاشر من صفر، وهلم جراَ هل هناك أحد
يقول هذا؟! أقول: إن عاشوراء معلوم، ما فيه إشاكلٌ، لكن الإشكال: هل هلَّ هلال محرم
في ثلاثين من ذي الحجة أو في ليلة واحد وثلاثين؟ هذا الذي يقع الإشكال فيه، فماذا نعمل
إذا شككنا أن هلال محرم ليلة الثلاثين من ذي الحجة فيكون شهر ذي الحجة ناقصاً، أو نقول:
هلَّ في الحادي والثلاثين فيكون تاماً؟ الطريق بين -والحمد لله-: إن رأيناه ليلة الثلاثين
اعتبرنا ذا الحجة ناقصاً، وإن لم نره فالواجب إكمال ذي الحجة ثلاثين، ولذلك الآن هذه
السنة التقويم جعل ذا الحجة تسعاً وعشرين، وأدخل المحرم في الأربعاء، فعلى هذا التقدير
يكون الخميس هو التاسع والجمعة هي العاشر، لكن حسب الرؤية وحسب الشرع لم يدخل شهر محرم
إلا في الخميس، فيكون التاسع يوم الجمعة والعاشر يوم السبت.
مسائل مهمة في صيام عاشوراء
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
(3) حكم إفراد يوم عاشوراء بالصيام دون شفعه بآخر
" الأفضل أن الإنسان يصوم التاسع والعاشر
من شهر الله المحرم، هذا هو الأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عاشوراء
فقال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) لكنه قال: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن
التاسع) أي: مع العاشر، وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خالفوا اليهود، صوموا
يوماً قبله أو يوماً بعده) وفي رواية: (يوماً قبله ويوماً بعده) لكن لا شك أن المخالفة
تكون إذا صام الإنسان يوماً قبله أو يوماً بعده.
فالأفضل أن يصوم قبله يوماً أو بعده يوماً،
وإن صام التاسع مع العاشر فهو أفضل من صوم الحادي عشر مع العاشر، وإن صام الأيام الثلاثة؛
التاسع والعاشر والحادي عشر حصل له أجر صيام ثلاثة أيام من الشهر؛ لأن الإنسان إذا
صام ثلاثة أيام من كل شهر كان كصيام الدهر، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم،
وإن كان الأفضل في صيام الثلاثة أيام أن تكون الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر،
لكن يجوز أن يُصام في غير هذه الأيام الثلاثة، فقد قالت عائشة: (كان النبي صلى الله
عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره)
، وإن اقتصر على صوم اليوم العاشر فقط حصل له الأجر، لكن ينقص أجره عمن صام اليوم التاسع
معه أو الحادي عشر،
وقد قال بعض العلماء: إن صيام عاشوراء على ثلاثة مراتب:
المرتبة
الأولى: أن يصوم التاسع والعاشر والحادي عشر.
والمرتبة الثانية: أن يصوم التاسع والعاشر.
والمرتبة الثالثة: أن يصوم العاشر والحادي
عشر.
وأما من اقتصر على العاشر فلا حرج عليه؛
لعموم الأدلة الدالة على فضيلة صوم اليوم العاشر، ولكن يبقى النظر فيما يحصل من الناس
من الذبذبة في اليوم العاشر متى يكون؟ نقول: العبرة بأحد أمرين: إما رؤية هلال محرم،
أو إكمال شهر ذي الحجة ثلاثين يوماً، فإذا لم يُر هلال شهر المحرم فإنه يتمم شهر ذي
الحجة ثلاثين يوماً ومنازل القمر ليس بها عبرة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
(صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) ، وهذا ينطبق
على جميع الشهور، إذا لم يُر الشهر الداخل فإننا نكمل الشهر الذي قبله ثلاثين يوماً
وبهذا نطمئن
مسائل مهمة في صيام عاشوراء
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
(4) حكم من صام عاشوراء أو عرفة وعليه قضاء
السؤال
فضيلة الشيخ! ما رأيك فيمن كان عليه صيام
قضاء فأدركه يوم عرفة أو يوم عاشوراء وأراد أن يصومه ويؤخر القضاء؟
الجواب
نرى أنه لا بأس أن يصوم الإنسان يوم عرفة
أو يوم عاشوراء وعليه قضاء؛ لأن وقت القضاء موسع إلى أن يبقى من شعبان بمقدار ما عليه
من الصوم، لكننا نختار أن يبدأ بالقضاء ويصوم يوم عرفة بنية القضاء، وربما إذا صامه
بنية القضاء يحصل له الأجران: أجر صوم يوم عرفة وأجر القضاء، وأما صيام الست من شوال
فلا ينال ثوابها إلا إذا أتم صيام رمضان، وذلك لأن الست تابعة لرمضان؛ لقول النبي صلى
الله عليه وعلى آله وسلم: ( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر
).
مسائل مهمة في صيام عاشوراء
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
(5) حكم إفراد يوم عاشوراء بالصيام
مراتب صوم عاشوراء
قال الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله
:
صيام عاشوراء له أربع مراتب
:
المرتبة الأولى :
أن نصوم التاسع والعاشر والحادي عشر
:
وهذا أعلى المراتب لما رواه أحمد في المسند
: «صوموا يوماً قبله ويوماً بعده خالفوا اليهود»
ولأن الإنسان إذا صام الثلاثة أيام حصل
على فضيلة صيام ثلاثة أيام من الشهر
المرتبة الثانية :
التاسع والعاشر :
لقول النبي ﷺ : «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع» لما
قيل له : إن اليهود كانوا يصومون اليوم العاشر ، وكان يحب مخالفة اليهود بل
مخالفة كل كافر
المرتبة الثالثة :
العاشر مع الحادي عشر
المرتبة الرابعة :
العاشر وحده :
فمن العلماء من قال : إنه مباح
ومنهم من قال : إنه يكره
فمن قال إنه مباح استدل بعموم قول النبي
عليه الصلاة والسلام حين سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال :
«أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلها» ، ولم
يذكر التاسع
ومن قال إنه يكره قال : إن النبي ﷺ قال :*«خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله
أو يوماً بعده» ، وفي لفظ آخر : «صوموا يوماً بعده ويوماً قبله» وهذا يقتضي وجوب إضافة
يوم إليه من أجل المخالفة، أو على الأقل : كراهة إفراده
والقول بالكراهة لإفراده قوي
ولهذا نرى أن الإنسان يخرج من هذا بأن يصوم
التاسع قبله أو الحادي عشر
مسائل مهمة في صيام عاشوراء
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
(6) كانت حائضا يوم عاشوراء فهل تقضي صومه؟
السؤال:
فضيلة الشيخ! امرأة نوت صيام يوم
عاشوراء وجاءتها العادة هل تقضي هذا اليوم أم لا؟
الجواب:
لا تقضيه؛ لأن هذا صوم مخصص
بيوم معين إن أدركتَه فافعلْه وإلا فلا شيء عليك؛ لكن أرجو أن يكتب لها الأجر إن شاء
الله تعالى ما دامت قد نوت وعزمت، ولكن حال بينها وبين الصيام عذر شرعي.
مسائل مهمة في صيام عاشوراء
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
(7) لم يتذكر يوم عاشوراء إلا في أثناء النهار فهل له
صومه مع أنه قد أكل وشرب ؟
السؤال:
بارك الله فيكم هذا السائل يقول
فضيلة الشيخ شخص لم يتذكر يوم عاشوراء إلا أثناء النهار فهل يصح إمساكه بقية يومه مع
العلم بأنه أكل أول النهار أرجو بهذا إفادة؟
الجواب
الشيخ: لو أمسك بقية يومه فإنه لا يصح صومه
وذلك لأنه أكل في أول النهار وصوم النقل إنما يصح من أثناء النهار فيمن لم يتناول مفطرا
في أول النهار أما من تناول مفطرا في أول النهار إنه لا يصح منه نية الصوم بالإمساك
بقية النهار وعلى هذا فلا ينفعه إمساكه مادام قد أكل أو شرب أو أتى مفطرا في أول النهار.
مسائل مهمة في صيام عاشوراء
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
(8 ) من سافر يوم عاشوراء فأفطر وكان قد نوى أن يصوم
من قبل السفر فهل يحصل الأجر؟
من سافر يوم عاشوراء فأفطر وكان قد نوى
أن يصوم من قبل السفر
السؤال: شخص في نيته صيام يوم عاشوراء لكن
طرأ له سفر في هذا اليوم ورجع بعد ذلك، فهل يكتب له صيام هذا اليوم أم لا؟ مع العلم
أنه ينوي كذلك صيام يوم قبله أو يوم بعده؟ وهل العبرة -يا فضيلة الشيخ- الرؤية الشرعية
أم التقويم؟
الشيخ: هو إذا كان قد نوى أن يصوم يوم عاشوراء
ولكنه طرأ عليه سفر نقول: صم وأنت مسافر ما المانع؟ فإذا كان يقول: لا أستطيع أن أصوم
وأنا مسافر، قلنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مرض أو سافر كتب له ما كان
يعمل صحيحاً مقيماً) ونرجو الله تبارك وتعالى أن يكتب له الأجر.
وأما سؤالك: هل العبرة بالتقويم أو العبرة
بالطريق الشرعي؟ فالعبرة بالطريق الشرعي في العبادات حتى لو أن التقويم -مثلاً- على
أن اليوم هو التاسع؛ لكنه ما رؤي ليلة الثلاثين من ذي الحجة يعني: ما رؤي الهلال فلا
عبرة بالتقويم، ولهذا نقول: هذه السنة عاشوراء هو يوم السبت وتاسوعاء هو يوم الجمعة.
وإنني أقول لكم: أنه قد روي عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه نهى عن صوم يوم السبت إلا فيما افترض علينا، قال: (فإن لم يجد أحدكم
إلا عود عنبه أو لحاء شجر فليمضغه) وهذا الحديث اختلف العلماء رحمهم الله في ثبوته
وفي معناه:
فمن العلماء من قال: إنه لا يثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم، يعني: النهي عن صوم يوم السبت، وممن قال بذلك: الإمام مالك رحمه
الله، قال: هذا حديث كذب، فكذبه مالك .
ومن العلماء من قال: إنه لا يصل إلى درجة
الكذب لكنه ضعيف لشذوذه، ووجه الشذوذ أن هناك أحاديث كثيرة تدل على صيام يوم السبت،
منها: أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال لإحدى نسائه وهي جويرية وكانت قد صامت يوم
الجمعة قال لها: (أصمت أمسِ؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري).
ومنها: أن قوماً تنازعوا في صيام يوم السبت
فأرسلوا إلى أم سلمة رضي الله عنها يسألونها، فقالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم
يكثر من صوم يوم السبت والأحد).
الحديث الأول أخرجه البخاري وغيره، والثاني
في السنن ، فيكون الحديث الذي فيه النهي في مقابلة هذه الأحاديث المثبتة لصوم يوم السبت
يكون شاذاً والشاذ من أقسام الضعيف لا يعمل به.
ومن العلماء من قال: إنه يمكن الجمع بينهما
فيقال: من قصد صيام يوم السبت لأنه يوم السبت؛ فهذا منهي عنه، ووجه النهي: أن يوم السبت
هو يوم عيد اليهود، ويوم العيد في العادة يكون يوم ترك للعمل؛ لأن الأعياد لا يعمل
فيها، والصائم في الغالب يحتاج إلى الراحة وترك العمل، فيكون في هذا نوع مشابهة لليهود،
لكن هذا التعليل في الحقيقة عليل لأنه يرد عليه يوم الأحد فإنه عيد للنصارى ومع ذلك
لم ينه عن صومه.
والإمام أحمد رحمه الله ضعف هذا الحديث،
حيث ذكر أن يحيى بن سعيد كان يتقيه وكان يأبى أن يحدث به، وكون الإمام أحمد ذكر هذا
عن يحيى بن سعيد يدل على أن الحديث ضعيف عنده.
فالآن عندنا طرق:
1/ حكم مالك عليه بأنه كذب.
2/ الحكم عليه بأنه شاذ وضعيف.
3/ ذكره أبو داود وهو أنه منسوخ، لكن هذا الثالث يتوقف
فيه الإنسان؛ لأنه ليس هناك دليل على النسخ، والنسخ يحتاج علم بالتاريخ.
وأقرب ما يقال في ذلك: إن إفراده بالصوم
مكروه، يعني: أن تصوم يوم السبت لأنه يوم السبت هذا مكروه، أما إذا صادف أنه يوم عاشوراء
أو يوم عرفة أو صادف عادة لك بحيث تكون ممن يصوم يوماً ويدع يوماً ووافق يوم السبت
يوم صومك، فلا بأس فيه، أو صادف يوم السبت أيام البيض، أو أيام الست من شوال، أو قرنت
معه غيره كالجمعة أو الأحد، فكل هذا لا بأس به.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق