الأحد، 30 أكتوبر 2016

فقه أسماء الله الحسنى



فقه الحسن في اسم الله البصــــير  
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [ غافر/٥٦]

الله جل جلاله هو السميع البصير الذي أحاط سمعه وبصره وعلمه بكل أحد ، ولا يحيط به أحد ، ولا يدركه أحد :
{ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الأنعام/١٠٣].

هو البصير الحق الذي يبصر كل شيء وإن دق وصغر، البصير الذي يبصر ويعلم جميع المخلوقات والمبصرات , والخفيات والنيات.

وهو سبحانه البصير الذي يبصر جميع ما في السموات وما في الأرض ,
وما عليهن وما بينهن , من صغير وكبير , وساكن ومتحرك , وناطق وصامت , وشاهد وغائب :
{ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [الحجرات/ ١٨].

ويبصر سبحانه ما تحت الأرضين السبع كما يبصر ما فوق السموات السبع :
{ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه/١١٤].







ويرى سبحانه ما في جوف البحار المظلمة من المخلوقات والذرات كما يرى عرشه الذي هو مستو عليه
{ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ } [ الملك / ١٩ ]  .

وهو البصير الذي يبصر دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، ويرى مجاري القوت في أعضائها، ويرى جريان الدم في عروقها، ويرى تفاصيل خلق الذرة الصغيرة , كما يرى العرش العظيم

{عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [ سبأ / ٣ ]  .

فسبحان الملك الحق المبين الذي يسمع ويرى كل ذرة في ملكه العظيم، الذي له الأسماء الحسنى  والصفات العلى
وليس له شبيه ولا مثيل في ذاته وأسمائه وصفاته :
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }  [الشورى/ ١١ ]  .

فسبحان البصير العليم بكل شيء ,البصير الذي يعلم المقاصد والنيات ويعلم سر الأقوال والأعمال
ويعلم الأسرار والخفيات ويعلم ما في القلوب من الإرادات والنيات ,ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور :
{ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [ الملك/١٣-١٤].

هو البصير الذي وسع بصره جميع المخلوقات في العالم العلوي والعالم السفلي.

البصير الذي يرى كل ذرة , وكل نية , وكل حرف , وكل رقم , وكل خاطرة , وكل خافية , وكل ظاهر , وكل باطن
{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ } [ الملك/١٩]. 

وإذا عرفت هذا فاعلم رحمك الله أنه لما عسر على أبصار الخلق أن تدرك قرص الشمس في رابعة النهار،لامتناعها بشعاع ضيائها عن إدراك قرصها ،و هي خلق من خلقه سبحانه لا يدركها البصر،
فكيف يدرك البصير الصغير ببصره الضعيف البصير الكبير سبحانه :
{ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } 
كتاب التوحيد فقه أسماء الله الحسنى
جامعة الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة




 فقه العبد الحكمة من كمال صفات الرب سبحانه 
وكما لا تدركه الأبصار سبحانه كذلك لا تدرك كنهه البصائر، ولا تحيط بشيء من علمه إلا بما شاء 
{ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } [ البقرة / ٢٥٥ ]  .

واعلم بأن كلام الله مسموع بالآذان ، مفهوم بالأفهام ، يُسْمعه من يشاء من عباده
 كما قال سبحانه :{ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } [النساء/١٦٤].

وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺِ: « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ وَلَا حِجَابٌ يَحْجُبُهُ » متفق عليه.

لكن لا يدرك البشر كيفية كلام الرب سبحانه، وإنما يدركون أمره ونهيه تعالى أن يتكلم بكلامه أحد , أو يعرف كيفية كلامه أحد , أو يدركه بصر , أو يحيط به شيء  :
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }[ الشورى/١١] .

ومن آمن بربه في الدنيا وعبده كأنه يراه ، وسمع كلامه بواسطة كتابه الذي أنزله , وعمل بما فيه فإنه يراه  سبحانه في الآخرة عياناً ، ويسمع كلامه دون واسطة :
{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القيامة/٢٢–٢٣].
فسبحان الإله الحق المبين الذي خلق الأشياء كلها، ودبرها أحسن تدبير.

خلق سبحانه الخلق  لا من شيء بحكمته ، وابتدعهم من غير حاجة لهم بقدرته ، وأحاط بكل شيء عِلْمه ، ورَزَقهم من كل شيء بكرمه، ليدل على وحدانيته ، وكمال قدرته ، ويَرى خلقه آثار صُنعه ، وعجائب حكمته , ونفوذ تدبيره في ملكه :
{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا } [ الطلاق /١٢] .

وليعرف الخلق ما توحد به من الأسماء الحسنى , والصفات العلى ، والمثل الأعلى, 
وما اختص به من القدرة ، وما انفرد به من الملك والجلال والكبرياء , والعظمة والعزة، والتصريف
 والتدبير :
{ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف / ٥٤ ]  .

وإذا عرف الناس ربهم بأسمائه وصفاته أحبوه وعظموه , ثم عبدوه وأطاعوه  :{ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } [ الأنعام /١٠٢].
كتاب التوحيد فقه أسماء الله الحسنى 
جامعة الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة





 فقه التعبد لله عزوجل باسم الله " البصير " 
اعلم هداك الله لمعرفته أن الله بصير بالعباد،يعلم أفعالهم، ويقسم أرزاقهم، بصير بمن يستحق الهداية ممن لا يستحقها، بصير بمن تصلح حاله بالغنى،وبمن تفسد حاله بالغنى :
{ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [ الإسراء / ٣٠ ] .

وإذا علمت أن الله بصير بالعباد كلهم، يرى أعمالهم، ويسمع كلامهم، فعليك بالخضوع والذل له، وإحسان عبادته , ودوام المراقبة له، ولزوم طاعته، والبعد عن معصيته، 
فإنه يراك وإن لم تكن تراه :
{ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [يونس/٦١].

واعلم أن الله أعطاك البصر لتبصر به مُلك ربك الكبير ,  ومخلوقاته العظيمة ، ونعمه السابغة, وتقديراته النافذة، وآياته المنزلة؛ ليزيد نور الإيمان في قلبك ، ويَعْظم جلال الرب في نفسك:
{ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ } [يونس/١٠١].

واعلم يقيناً أن البصير الحق يراك في جميع أحوالك فتزين له بالتقوى، وتقرب إليه بما يحب ويرضى من الأقوال والأعمال والأخلاق :
{ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }[ الإسراء / ٣٦].
وأحسِن عبادة ربك العظيم، والزم ذكره , وسبح بحمده، واشكر نعمه، واصبر على بلائه 
وقم بين يديه عابداً، وقم بين خلقه داعياً ومحسناً, واشكره أنْ جعلك في قبضة اليمين فضلاً منه :
{ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [ التغابن/٢] .

وإياك أن يراك الله مصراً على معصيته، فما كفر به أحد إلا من جهله بربه ، وجهله بأمره ، وجهله بنفسه، وما قَدَر الله حق قَدْره من عصاه :
{ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [ يونس/٧-٨] .

فأبصِر رحمك الله مواضع النجاة ومواطن الهلاك، وتعرَّف على ذلك من كتاب ربك العظيم، وسنة نبيك الكريم :
{ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ }[الأنعام/١٠٤].

كتاب التوحيد فقه أسماء الله الحسنى 
جامعة الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة



 حقيقة بصيرة قلب العبد بتعظيم بصر الرب 
اعلم أن من علم أن الله يبصره ويراه عبد ربه كأنه يراه, وأحبه وتولاه , وخافه ورجاه , 
واستحيا منه , وتلذذ بمناجاته, وسارع إلى طاعته , وفر من معصيته :
{ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } [ الملك/١٢]  

واعلم أن الله أكرمك بنعمة البصر لتبصر به المخلوقات العظيمة والآيات الكونية الدالة على عظمة ربك العظيم , وتنظر به إلى آياته الشرعية الدالة على كمال علمه وعدله وإحسانه  :
{ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ * مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [ الأعراف/١٨٥-١٨٦].   

فتدبر القرآن ففيه الأخبار الصادقة , والأحكام العادلة, والأخلاق الحسنة, والمؤمن حقاً من كان صمته فكراً ونطقه ذكراً ونظره عبرة :
{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } [ النساء/٨٢].

واعلم أن البصير الذي خلق فيك السمع والبصر والعقليبصرك في جميع أحوالك فأطعه ولا   تعصه , ولا تجعله أهون الناظرين إليك :
{تَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ* وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ* إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[ الشعراء/٢١٧-٢٢٠].
واتق الله أن يكون السميع البصير القادر على كل شيء أهون الناظرين إليك.

واعلم أن من أخفى عن غير الله ما لا يخفيه عن الله فقد استهان بنظر القادر القاهر إليه  :
{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ الزمر/٦٧].

فاستح من الله على قدر قربه منك واشكره على قدر نعمه عليك وخف منه على قدر قدرته عليك
وأحبه على قدر إحسانه إليك  :
{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ } [ الحديد/١٦].

فيا من عصيت الملك الجبار في ملكه وسلطانه في خلوتك, إن كنت ظننت أنه لا يراك فقد كفرت 
وإن كنت علمت أنه يراك فقد اجترأت فتب إلى ربك فإنه غفور رحيم, وزيِّن باطنك بالمراقبة , وزيِّن ظاهرك بالمحاسبة  :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [ الحشر/١٨].

وإذا أردت أن تعصي ربك فاعصه في مكان لا يراك فيه , أو اخرج من سلطان ملكه 
وهذا وهذا محال حتى في الخيال  :
{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ  لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ }[ الحديد/٤-٥].
{ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [ الأعراف / ٢٣ ].

« اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ, لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ ، كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ » أخرجه مسلم.

اللهم أنت البصير بعيوبي , الخبير بذنوبي, المطلع على سري, وبيدك زمام أمري, اجعل في قلبي نوراً حتى أعبدك كأني أراك.

اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي  فاقبل معذرتي, وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي, وتعلم ما في نفسي  فاغفر لي ذنوبي واستر عيوبي, ورضني بما قسمت لي يا أرحم الراحمين.

 كتاب التوحيد فقه أسماء الله الحسنى 
جامعة الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة





 فقه تحقيق التوكل
قال الله تعالى : {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23].
وقال الله تعالى : {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3].

التوكل من أعظم مقامات الدين وأجلها وأفضلها.
وقد أمر الله أنبياءه ورسله وعباده بالتوكل عليه، وحثهم عليه في جميع أحوالهم، وفيما أمرهم به، وفيما تعبدهم به.

وأخبر سبحانه أنه يحب المتوكلين عليه ، كما يحب الشاكرين والمحسنين .
 وأخبر سبحانه أن كفايته للناس مقرونة بتوكلهم عليه، وأنه كاف من توكل عليه.
وجعل سبحانه لكل عمل من أعمال البر جزاء معلوما ً، وجعل نفسه جزاء المتوكل عليه وكفايته 
 كما قال سبحانه:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2،3].

ثم قال في التوكل : 
{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا(3)}[الطلاق:3].

فالتوكل أقوى السبل عنده وأحبها إليه، والتوكل نصف الدين، والنصف الثاني الإنابة، فإن الدين استعانة وعبادة،
* فالتوكل هو الاستعانة .
* والإنابة هي العبادة.

وقد خاطب الله بالتوكل أحب الخلق إليه، وأقربهم إليه، وأكرمهم عليه وهم المؤمنون، وأمرهم به، وجعله شرطاً في صحة إيمانهم،  فمن لا توكل له لا إيمان له
 فقال سبحانه: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)} [المائدة: 23].

وقال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)} [الأنفال: 2].
وأخبر سبحانه عن رسله أن التوكل على الله ملجؤهم ومعاذهم في جميع أحوالهم فقال عزَّ وجلَّ:

 {وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85)} [يونس: 84، 85].

فالتوكل أصل لجميع مقامات الدين من الإيمان والإحسان، ولجميع أعمال الإسلام، ومنزلته منها منزلة الجسد من الرأس،فكما لا يقوم الرأس إلا على البدن، فكذلك لا يقوم الإيمان ومقاماته وأعماله إلا على ساق التوكل.

 وينشأ التوكل من علم العبد أن الأمور كلها بيد الله، والخلائق كلها في قبضة الله، وهي موكولة إليه سبحانه.

 وأن العبد لا يملك شيئاً منها، فهو لا يجد بداً من اعتماده عليه، وتفويض أمره إليه، وثقته به
من الوجهين :
* من جهة فقر العبد إلى ربه وعدم ملكه شيئاً البتة .
* ومن جهة كون الأمر كله بيد الله، والتوكل ينشأ من هذين العلمين.


 موسوعة فقه القلوب 
 جامعة الفقه الإسلامى العالميه فى ضوء القرآن والسنه 


فقه حقيقة الناس فى التوكل
مقصود التوكل على الله تسليم الأمر إلى من هو له، وعزل نفسه عن منازعة مالكه واعتماده عليه فيه، وخروجه عن تصرفه بنفسه وحوله وقوته وكونه به إلى تصرفه بربه وكونه به سبحانه دون نفسه كما قال سبحانه عن رسله: 
{وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم: 12].

فالأنبياء وأتباعهم يتوكلون على ربهم في جلب مصالحهم، ودفع مضارهم؛  لعلمهم بتمام كفايته ، وكمال قدرته، وعموم إحسانه، وسعة رحمته.

وتوكل الأنبياء في أعلى المطالب وأشرف المراتب، وهي التوكل على الله في إقامة دينه ونصره ↔️وهداية عبيده ↔️ وإزالة الضلال عنهم↔️ وهذا أكمل ما يكون من التوكل.

ومجموع الدين أمران :
أن يكون العبد على الحق .
وأن يكون متوكلاً على الله.
{فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79)} [النمل: 79].

والإنسان آفته:
 إما من عدم الهداية ↔️وإما من عدم التوكل.
▪️فإذا جمع مع الهداية و التوكل فقد جمع الإيمان كله.

والناس في التوكل متفاوتون:
فمن متوكل على الله في حصول الملك .
*ومن متوكل على الله في حصول رغيف .
*ومن متوكل عليه في جلب مصلحة دينية أو دنيوية  أو دفع مفسدة دينية أو دنيوية.
*ومن صدق توكله على الله في حصول شيء ناله.
*فإن كان محبوباً لله مرضياً له كانت له فيه العاقبة المحمودة . 
*وإن كان مسخوطاً مبغوضاً كان ما حصل له بتوكله مضرة عليه.
*وإن كان مباحاً حصلت له مصلحة التوكل دون مصلحة ما توكل فيه، إلا إذا استعان به على طاعته.

والتوكل عمل القلب ، وعلم القلب بكفاية الرب للعبد ، وانطراح القلب بين يدي الرب يقلبه كيف يشاء.
والمتوكل من رضي بالله وكيلاً، ورضي بكل ما يفعل الله، وتعلق بالله في كل حال.

والتوكل : أن لا يظهر في العبد انزعاج إلى الأسباب مع شدة فاقته إليها، ولا يزول عن حقيقة السكون إلى الحق مع وقوفه عليها.

والتوكل على الله لا ينافي القيام بالأسباب،  فلا يصح التوكل إلا مع القيام بها، وإلا فهو بطالة وتوكل فاسد.

 والتوكل حال النبي - صلى الله عليه وسلم والكسب سنته، فمن عمل على حاله فلا يتركن سنته .
فمن طعن في الحركة فقد طعن في السنة.
ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان.





  موسوعة فقه القلوب 
 جامعة الفقه الإسلامي العالميه فى ضوء القرآن والسنه 





 فقه سر التوكل في القلب 
التوكل درجته أن يكون بعد التقوى التي هي القيام بالأسباب المأمور بها، فحينئذ إن توكل على الله فهو حسبه:
 {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3].

فالتوكل هو التسليم لأمر الرب وقضائه مع فعل ما أمر به، والتفويض إليه في كل حال، وقطع علائق القلب بغير الله.

وسر التوكل:
هو اعتماد القلب على الله وحده، فلا يضره مباشرة الأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها، كما لا ينفعه قوله توكلت على الله مع اعتماده على غيره وركونه إليه.

فتوكل اللسان شيء، وتوكل القلب شيء آخر، 

فقول العبد توكلت على الله مع اعتماد قلبه على غيره مثل قوله تبت إلى الله وهو مصر على معصيته مرتكب لها.

 والتوكل من أقوى الأسباب في حصول المتوكل فيه، فهو كالدعاء الذي جعله الله سبباً في حصول المدعو به.

فإن قيل : المتوكل فيه المدعو بحصوله إن كان قد قدَّر حصل، توكل أو لم يتوكل، دعا أو لم يدعُ؟.
 وإن لم يقدَّر لم يحصل، توكل أو لم يتوكل، ولو ترك العبد التوكل والدعاء ما فاته شيء مما قدِّر له؟.

فيقال : بقي قسم ثالث وهو الواقع، وهو أن يكون قد قضى الله بحصول الشيء عند وجود سببه من التوكل والدعاء،
 فنصب سبحانه التوكل والدعاء سببين لحصول المطلوب، وقضى الله بحصوله إذا فعل العبد سببه،  فإذا لم يفعل السبب لم يحصل.

كما قضى سبحانه بحصول الشبع إذا أكل، وحصول الري إذا شرب، فإن لم يفعل لم يشبع ولم يرو،
 وقضى بحصول الولد إذا جامع الرجل المرأة، فإن لم يجامع لم يخلق الولد، 
وقضى بطلوع الحبوب التي تزرع بشق الأرض، وإلقاء البذر فيها، فإذا لم يفعل ذلك لم يحصل إلا الخيبة.
وقضى سبحانه بدخول الجنة لمن أسلم وأتى بالأعمال الصالحة، فإذا لم يسلم ولم يعمل صالحاً لم يدخلها أبداً.

 فالتوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب، ويندفع بها المكروه، فمن أنكر الأسباب لم يستقم منه التوكل.

ولكن من تمام التوكل عدم الركون إلى الأسباب، وقطع علاقة القلب بها، فيكون حال قلبه قيامه بالله لا بها، وحال بدنه قيامه بها.

فالأسباب محل حكمة الله وأمره ودينه، والتوكل متعلق بربوبيته وقضائه وقدره.

فلا تقوم عبودية الأسباب إلا على ساق التوكل، ولا يقوم ساق التوكل إلا على قدم العبودية.

ومن نفى الأسباب فالبهائم أفقه منه؛ لأنها تسعى في السبب بالهداية العامة.
 ولا يستقيم توكل العبد حتى يصح له توحيده، بل حقيقة التوكل:
توحيد القلب، فما دامت فيه علائق الشرك فتوكله معلول مدخول، وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل.

فإن العبد متى التفت قلبه إلى غير الله نقص من توكله بقدر ذلك الالتفات.

ومن هنا ظن بعض الناس أن التوكل لا يصح إلا برفض الأسباب،وهذا حق، لكن رفضها عن القلب لا عن الجوارح.

 فالتوكل لا يتم إلا برفض الأسباب عن القلب، وتعلق الجوارح بها، فيكون منقطعاً عنها بقلبه، متصلاً بها ببدنه، وتلك سنته - صلى الله عليه وسلم -، وفعله وأمره.
 فخلع الأسباب من القلوب توحيد، 
وتعطيل الأسباب إلحاد وزندقة،
 فخلعها عدم اعتماد القلب عليها وركونه إليها مع قيامه بها، وتعطيلها إلغاؤها عن الجوارح.
فالذي أمر بالتوكل بقوله: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [المائدة: 23].
هو الذي أمر بأخذ الحذر بقوله: {خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا } [النساء: 71].

ولم يأمر الله بالتوكل إلا بعد التحرز واستفراغ الوسع
☀️ كما قال سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } [آل عمران: 159].  
موسوعة فقه القلوب 
 جامعى الفقه الإسلامى العالميه فى ضوء القرآن والسنة 




 فقه أركان التوكل
أما أركان التوكل :
فالتوكل حال مركبة من عدة أمور لا تتم حقيقة التوكل إلا بها: 
وأول ذلك معرفة العبد بالرب وصفاته من قدرته وكفايته وقيوميته، وانتهاء الأمور إلى علمه، وصدورها عن مشيئته وقدرته.
 وهذه المعرفة أول درجة يضع فيها العبد قدمه في مقام التوكل.
والثاني: إثبات الأسباب على الجوارح، ورفضها عن القلوب، ومن نفاها فتوكله مدخول.
والثالث: اعتماد القلب على الله وسكونه إليه، بحيث لا يبقى فيه اضطراب من تشويش الأسباب، ولا سكون إليها.

وعلامة هذا: أن لا يبالي بإقبالها وإدبارها، ولا يضطرب قلبه ويخفق عند إدبار ما يحب منها وإقبال ما يكره لأن اعتماده على الله وسكونه إليه واستناده إليه قد حصنه من خوفها ورجائها.

الرابع: حسن الظن بالله.
فحسن الظن بالله يدعو العبد إلى التوكل عليه، إذ لا يتصور التوكل على من ساء ظنك به، ولا التوكل على من لا ترجوه.

والخامس: استسلام القلب لله، والانقطاع عما سواه.
▪️ بأن يكون العبد بين يدي الله كالميت بين يدي الغاسل يقلبه كيف أراد ولا يمتنع منه، ولا يكون له حركة ولا تدبير
بل يستسلم لتدبير الرب، وهذا في غير باب الأمر والنهي
بل في باب القضاء والقدر، أي فيما يفعله الرب بالعبد، لا فيما أمرك الرب بفعله ↔️ فتنبه.

وروح التوكل ولبه وحقيقته:
تفويض الأمور كلها إلى الله، وإنزالها به طلباً واختياراً لا كرهاً واضطراراًكتفويض الابن العاجز الضعيف كل أموره إلى أبيه، العالم بشفقته عليه ورحمته وتمام كفايته، وحسن ولايته وتدبيره
فهو يرى أن تدبير أبيه له وقيامه بمصالحه خير له من تدبير نفسه، فلا يجد أصلح له وأرفق به من تفويض أموره كلها إلى أبيه.

فإذا وضع العبد قدمه في هذه الدرجة انتقل منها إلى درجة الرضا وهي ثمرة التوكل وأعظمها فائدة.
فإنه إذا توكل حق التوكل رضي بما يفعله وكيله.

وباستكمال هذه الدرجات يستكمل العبد مقام التوكل، وتثبت قدمه فيه.
والتوكل له تعلق بعامة أسماء الله وصفاته كالغفار والعزيز، والرحمن والتواب، والفتاح والرزاق، والقوي والقدير، والمعطي والمانع ونحو ذلك.

وبحسب معرفة العبد بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، يصح له مقام التوكل↔️ وكلما كان بالله أعرف كان توكله على ربه أقوى.

وكان الناس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - على قسمين:
الأول: من عنده الأشغال الكسبية، وهؤلاء عامة الصحابة رضي الله عنهم.
الثاني: من ليس عنده الأشغال الكسبية ، كأصحاب الصفة رضي الله عنهم.

 ومن كان عندهم الأشغال الكسبية كان في توكلهم شيئان 
الأول: أنهم لا ينظرون إلى زيادة المال، بل ينظرون إلى تنفيذ أوامر الله ورسوله فيه ولو قل المال.
الثاني: أنهم كانوا متهيئين مع شغلهم ومستعدين للخروج في سبيل الله في أي وقت طلبهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيه، ومتى لزم الأمر، ولا يتفكرون في أموالهم .
 وبذلك أعطاهم الله البركة في أموالهم.

 أما من ليس عنده الأشغال الكسبية ففي توكلهم ثلاثة أشياء:
أنهم كانوا لا يسألون الناس باللسان ولا بالحال .
 وليس في قلوبهم إشراف لما عند الناس .
 وإذا جاءت عليهم المشقة لا يخبرون أحداً بل يتوجهون إلى الله وحده ويبكون أمام الله، وبذلك يأتيهم الفرج، وتنزل عليهم نصرة الله.




 موسوعة فقه القلوب
جامعة الفقه الإسلامى العالميه فى ضوء القرآن والسنه

 فقه درجات التوكل 
 قد وكل الله عزَّ وجلَّ بدينه أنبياءه ورسله، ومن آمن بهم ،ووفقهم للإيمان به والقيام بحقه، والذب عنه، وجهاد أعدائه.

 وهو توكيل رحمة وإحسان، وتوفيق واختصاص، لا توكيل حاجة كما يوكل الرجل من يتصرف عنه في غيبته لحاجته إليه.

 فمن آمن بهم أسعده الله في الدنيا والآخرة، ومن كذبهم وأعرض عن هديهم فالرسل قائمون بها، مؤدون لها، مستقيمون عليها:
☀️{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ } [الأنعام: 90].

والتوكل على ثلاث درجات:
الأولى: التوكل على الله مع الطلب وفعل السبب على نية شغل النفس بالسبب مخافة أن تفرغ فتشتغل بالهوى والشهوات، فإنه إن لم يشغل النفس بما ينفعها شغلته بما يضره.
وكذلك يقوم بالسبب على نية نفع النفس، ونفع الناس بذلك.

وكذلك يقوم بالسبب ليتخلص من إشارة الخلق إليه، الموجبة لحسن ظنه بنفسه، الموجب لدعواه،
 فالسبب ستر لحاله ومقامه، وحجاب مسبل عليه.

ومن وجه آخر  وهو أن يشهد به فقره وذله، وامتهانه امتهان العبيد والفعلة، فيتخلص من رعونة دعوى النفس.

وأعظم من هذا كله أن القيام بالأسباب المأمور بها محض العبودية، وحق الله على عبده، الذي توجهت به نحوه المطالب، وترتب عليه الثواب والعقاب، وأرسلت به الرسل، وأنزلت لأجله الكتب، وبه قامت السموات والأرض.

الدرجة الثانية: التوكل مع إسقاط الطلب من الخلق فإن الطلب من الخلق في الأصل محظور، ولا يباح إلا عند الضرورة، فلا يطلب من أحد شيئاً.

▪️فسؤال المخلوق للمخلوق سؤال الفقير للفقير، والله تعالى غني حميد، يحب من يسأله، وقبيح بالإنسان أن يتعرض لسؤال العبيد وهو يجد عند مولاه كل ما يريد.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم  «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ» أخرجه أحمد والترمذي .

الدرجة الثالثة: أن يعلم أن ملك الحق تعالى للأشياء هي ملكة عزة لا يشاركه فيها أحد،فهي ملكة قوة وامتناع وقهر تمنع أن يشاركه في ملكه لشيء من الأشياء مشارك .

فهو سبحانه العزيز في ملكه، الذي لا يشاركه غيره في ذرة منه، كما هو المتفرد بعزته التي لا يشاركه فيها مشارك.

وعلم العبد بتفرد الحق تعالى وحده بملك الأشياء كلها، وقدرته على كل شيء وأنه ليس له مشارك في ذرة من ذرات الكون من أقوى أسباب توكله.

فإذا تحقق ذلك علماً ومعرفة لم يجد بداً من اعتماد قلبه عليه سبحانه وثقته به، وسكونه إليه وحده، وطمأنينته به لعلمه أن حاجاته وفاقاته وجميع مصالحه كلها بيد الله وحده، لا بيد غيره.

وعلة التوكل:
التفات القلب إلى ما سوى الله، إلى من ليس له شركة في ملك الحق، ولا يملك مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، فهذه علة توكله، وعلة أخرى وهي رؤية توكله، فإنه التفات إلى عوالم نفسه.

وعلة ثالثة وهي صرف قوة توكله إلى شيء غيره أحب إلى الله منه.
والتوكل : عبارة عن اعتماد القلب على الوكيل وحده.

 موسوعة فقه القلوب
جامعة الفقه الإسلامى العالميه فى ضوء القرآن والسنه


 فقه درجات حال العبد فى توكله على الله 
حال العبد في توكله على الله درجات :
الأولى: أن يكون حاله مع ربه وثقته بكفالته وعنايته كحاله في الثقة بالوكيل عادة.

الثانية: وهي أقوى، أن يكون حاله مع ربه كحال الطفل مع أمه، فهو لا يعرف غيرها، ولا يفزع لأحد سواها، فإذا رآها تعلق في كل حال بذيلها، وطلب منها كل ما يريد.

الثالثة: وهي أعلاها، أن يكون بين يدي الله تعالى في حركاته وسكناته كالميت بين يدي الغاسل، يرى تدبيره وتصريفه بيد مالكه الذي يدبر الكون  فهو مثل صبي علم أنه إن لم يزعق بأمه، فالأم تطلبه ولا تتركه.

 وهذا المقام في التوكل سببه المعرفة والثقة بكرم الله وعنايته، وأنه يعطي ابتداء أفضل مما يُسأل، ويقتضي الشكر له، وسؤاله وعدم سؤال غيره.

 ووجود العبد الرزق من غير طلب دلالة على أن الرزق مأمور بطلب العبد، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها:
☀️ {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود: 6].

 وقوة التوكل مبنية على كمال التوحيد، فمن كان توحيده أكمل كان توكله على الله أعظم.

فإذا آمن العبد بالله رأى كل شيء صادراً عن الواحد، ومتى علم أنه لا فاعل سوى الله لم ينظر إلى غيره بل يكون الخوف منه، والرجاء له، وبه الثقة، وعليه التوكل وحده لأنه في الحقيقة هو الفاعل وحده، والكل مسخرون له.

فلا يعتمد على المطر أو الماء في خروج الزرع ولا يعتمد على الريح في سير السفينة
ولا على العين في الرؤية ولا على الأذن في سماع الأصوات ولا على الطعام في الشبع
ولا على الدواء في الشفاء.

 ومن علم أن القلم لا حكم له في نفسه .. شكر الكاتب دون القلم.
وكل المخلوقات في قهر تسخير الخالق أبلغ من القلم في يد الكاتب.
 فسبحان مسبب الأسباب، الفعال لما يريد، الذي لا تتحرك ذرة إلا بإذنه.

فالتوكل 
هو اعتماد القلب على الوكيل، ولا يتوكل الإنسان على غيره إلا إذا اعتقد فيه أشياء يحبها ويطمئن إليها كالشفقة والقوة، والمعرفة والغنى، والهداية والأمانة، وحسن التدبير، وحسن الخلق.

وإذا عرفت هذا فقس عليه التوكل على الله سبحانه وإذا ثبت في نفسك أنه لا فاعل سواه، 
واعتقدت مع ذلك أنه تام العلم والقدرة، واسع الرحمة، عظيم الحلم، جزيل العطاء، وأنه ليس وراء قدرته قدرة، ولا وراء علمه علم، ولا وراء رحمته رحمة ↔️ اتكل قلبك عليه وحده لا محالة، ولم يلتفت إلى غيره بوجه من الوجوه.

وإذا لم يجد العبد هذه الحالة في نفسه فذلك إما لضعف اليقين بإحدى هذه الخصال وإما لضعف القلب باستيلاء الجبن عليه.

▪️فلا يتم التوكل إلا بقوة القلب، وقوة اليقين جميعاً.
وليس معنى التوكل ترك الكسب بالبدن، وترك التدبير بالعقل والقلب، والسقوط على الأرض،
 فهذا فعل الجهال، وهو محرم في الشرع.

 موسوعة فقه القلوب
جامعة الفقه الإسلامى العالميه فى ضوء القرآن والسنه



 فقه التوكل ومباشرة الأسباب 
قد أثنى الله سبحانه على المتوكلين وأعلن محبته لهم .
وإنما يظهر تأثير التوكل في حركة العبد وسعيه إلى مقاصده.
وسعي العبد إما أن يكون لجلب نفع مفقود كالكسب .
أو لحفظ موجود كالادخار .
أو لدفع ضرر لم ينزل كدفع الصائل .
أو لإزالة ضرر قد نزل كالتداوي من المرض .
فحركات العبد لا تعدو هذه الأربعة.

فالأول  جلب المنافع
وتجلب إما بأسباب مقطوع بها كالأسباب التي أمر الله بها شرعاً وجعلها سبباً كأن يكون الطعام بين يديك وأنت جائع فلا تمد يدك إليه، وتقول أنا متوكل، وشرط التوكل ترك السعي  فهذا جنون وسفه محض، ليس من التوكل في شيء.

 وكذلك لو لم تزرع وطمعت أن يخلق الله تعالى نباتاً من غير بذر .
 أو تلد الزوجة من غير وقاع، فكل ذلك جنون وجهل بسنة الله، وليس من التوكل.
وإنما التوكل أن تعتمد على الله في كل شيء ، وتباشر الأسباب التي أمر الله بها ببدنك.

والثاني  أسباب ليست متيقنة كمن يسافر بغير زاد متوكلاً على الله،فهذا مجرب على الله ، وفعله منهي عنه ، وحمله للزاد مأمور به.

الثاني في التعرض للأسباب بالادخار .
 ومن وجد قوتاً حلالاً يشغله كسب مثله عن جمع همه فادخاره إياه لا يخرجه عن التوكل.

الثالث  مباشرة الأسباب الدافعة للضرر .
فليس من التوكل ترك الأسباب الدافعة للضرر .
 فلا يجوز النوم في أرض مسبعة، أو مجرى السيل، أو تحت جدار خراب ، فكل ذلك منهي عنه.
 ولا ينقض التوكل لبس الدرع، وإغلاق الباب، وشد البعير بالعقال ويتوكل في ذلك كله على المسبب لا على السبب ويكون راضياً بكل ما يقضي الله عليه.

▪️ومتى عرض له أنه إذا سرق متاعه أنه لو احترز لم يسرق .
 أو أخذ يشكو ما جرى عليه فقد بان أن توكله مدخول ، وأنه بعيد عن التوكل .

الرابع  السعي في إزالة الضرر كمداواة المريض ونحو ذلك.
فالسبب المزيل للضرر إما مقطوع به كالماء المزيل لضرر العطش، والخبز المزيل لضرر الجوع
 فهذا تركه ليس من التوكل في شيء بل تركه جنون وسفه.

 وإما أن يكون السبب مظنوناً كالفصد والحجامة، وشرب المسهل ونحو ذلك فهذا لا يناقض التوكل.
وقد تداوى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمر بالتداوي.

وإما أن يكون السبب موهوماً كالكي والرقية زمن العافية لئلا يمرضوا فهذا ينافي التوكل 
وإنما تكون الرقية والكي بعد المرض.
 وليس معنى التوكل أن نترك العمل.

 بل الله عزَّ وجلَّ أمرنا بأمرين:
أمرنا أن نعمل .
وأمرنا ألا نعتمد على العمل.

أمرنا أن نكتسب وأمرنا أن نؤمن أنه هو الرزاق وحده .
وأمرنا أن نتداوى .
وأمرنا أن نؤمن أنه هو الشافي وحده .
وأمرنا أن نعد للعدو ما نستطيع.
وأمرنا أن نعتمد عليه وحده .
وأمرنا أن نأخذ بالأسباب وأن نعتمد عليه وحده.
فمن أعد وعمل ولم يتوكل عليه سبحانه فقد أخل بأحد الأمرين .

ومن توكل ولم يستعد فقد أخل بأحد الأمرين .
 فلا بدَّ من الإيمان بالله، والإيمان بالأسباب التي بثها الله في الكون .
فمن أنكر الأسباب وعطلها كفر .
ومن جعل لها تأثيراً أشرك .
 فالأسباب نؤمن بها ونفعلها، ولكن لا نعتمد إلا على الله وحده لا شريك له: 
☀️{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الأنعام: 102].


موسوعة فقه القلوب
جامعة الفقه الإسلامى العالميه فى ضوء القرآن والسنه

فقه الحذر من مرض الكبر
اعلم رحمك الله أن الكبر منك منه ما هو محمود ومنه ما هو مذموم:
فالمحمود منه : 
التكبر على أعداء الله المعاندين 
والتكبر عن المعاصي والرذائل .
المذموم منه:
الاستكبار عن طاعة الله ورسوله
والاستكبار عن عبادة الله

والاستكبار عن طاعة من تجب طاعته، و التكبر على الناس : 
☀️{إنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ * لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ }[ الأعراف/٤٠-٤١].

واعلم أن تصاغرك بين يدي ربك شرفك عنده، وتصاغرك لمن تجب طاعته في الله طاعة لربك، وزَيْن لك عند الله وعند الناس وعنده :
☀️{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩}[ السجدة / 15].
▪️ وتصاغرك لذي دنيا لدنياه هَدْم لدينك، وتصغير لقدرك عند الكبير المتعال: 
☀️{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ }[ هود/١١٢-١١٣].

واعلم أن مَنْ غَمَط الناس ازدراهم ، ومن ازدراهم رد الحق على قائله، و هذا أصل العصيان كله , وعذابه أشد العذاب كله :
☀️{ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ }[ النحل/٨٨] .

فإياك أن ترد الحق على قائله الذي أوصله إليك فتكون فيك الصفات التي لعن الله إبليس من أجلها 
☀️كما قال سبحانه :{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }[ البقرة/٣٤ ].

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي قال:« لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ » 

قالَ رَجُلٌ : إِنَّ الرَّجُلَ يُـحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَناً ، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً ، 
قالَ:« إِنَّ الله جَمِيلٌ يُـحِبُّ الْجَمَالَ ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ » أخرجه مسلم.

وعليك بالتواضع والإحسان
▪️ واحذر الفخر والعجب والبطر
▪️ وجانب الكبر كله وما تولَّد منه تسلم وتغنم وتؤجر: 
☀️{ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ * وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ ۚ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ }[لقمان/٢٢–٢٤] .

☀️{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }[ آل عمران/8]. 
☀️{قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }[ الأعراف/٢٣].

« اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ, وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ, وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ, وَجَمِيعِ سَخَطِكَ » أخرجه مسلم. 

«اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السموات , وَمِلْءُ الْأَرْضِ, وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ, أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالمَجْدِ, لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ, وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ,  وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَـدِّ مِنْكَ الجَـدُّ» أخرجه مسلم.

اللهم يا بديع السموات والأرض, يا ذا الجلال والإكرام, يا ذا الجبروت والكبرياء, يا ذا العزة التي لا ترام 
ارحم ضعفنا, واجبر كسرنا, واختم بالصالحات أعمالنا, ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا, يا أرحم الراحمين.
 كتاب التوحيد《فقه أسماء الله الحسنى 》
جامعة الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة 



يتبع بإذن الله.....



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق