السبت، 15 أبريل 2017

فقه الصيام سؤال وجواب






درس رقم 1
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له  ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ...
أما بعد :
فهذا مختصر في أحكام الصيام من كتاب الصيام ، من كتاب : ( الشرح الممتع ) لشيخنا العلامة : محمد العثيمين رحمه الله ووالدينا وجميع المسلمين ، وجزاه الله خير الجزاء .

السؤال : ما هو تعريف الصيام ؟
الجواب :
لغة :  مصدر صام يصوم ، ومعناه : أمسك .
ومنه قوله تعالى: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَن صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا } [مريم] ،

فقوله: {صَوْمًا} أي: إمساكاً عن الكلام، بدليل قوله: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} أي: إذا رأيت أحداً فقولي: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَن صَوْمًا} يعني إمساكاً عن الكلام {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} ، ومنه قولهم صامت عليه الأرض ، إذا أمسكته وأخفته

شرعاً: التعبّد لله تعالى بالإمساك عن الأكل والشرب ، وسائر المفطرات ، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .

يقول الشيخ رحمه الله: ويجب التفطن لإلحاق كلمة " التعبد " في التعريف؛ لأن كثيراً من الفقهاء لا يذكرونها بل يقولون: " الإمساك عن المفطرات من كذا إلى كذا"،

وفي الصلاة يقولون هي: " أقوال وأفعال معلومة "،
ولكن ينبغي أن نزيد كلمة التعبد، حتى لا تكون مجرد حركات، أو مجرد إمساك، بل تكون عبادة .





السؤال: ما حُكم صيام رمضان ؟
الجواب :
حكمه واجب بالنص والإجماع .

ومرتبته في الدين الإسلامي: أنه أحد أركانه، فهو ذو أهمية عظيمة في مرتبته في الدين الإسلامي .

السؤال: متى فُرِضَ الصّيام ؟ :-
الجواب:
فرض الله الصيام في السنة الثانية إجماعاً ، فصام النبي تسع رمضانات إجماعاً. 
وفُرض أولاً على التخيير بين الصيام والإطعام، والحكمة من فرضه على التخيير: التدرج في التشريع ليكون أسهل في القبول؛ كما في تحريم الخمر، ثم تعيّن الصيام وصارت الفدية على من لا يستطيع الصوم إطلاقاً.

السؤال: متى يجب صوم رمضان ؟ 
الجواب:
يجب بأحد أمرين :
1 رؤية هِلاله،  أي هلال رمضان ...
لقوله تعالى : {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥] .

وقوله : ( إذا رأيتموه فصوموا ) [متفق عليه] .
2إتمام شعبان ثلاثين يوماً ، لأن الشهر الهِلالي لا يمكن أن يزيد عن ثلاثين يوماً، ولا يمكن أن
ينقص عن تسعة وعشرين يوماً.

وعُلم منه أنه لا يجب الصوم بمقتضى الحساب، فلو قرر علماء الحساب المتابعون لمنازل القمر أن الليلة من رمضان، ولكن لم ير الهلال، فإنه لا يصام؛ لأن الشرع علق هذا الحكم بأمر محسوس وهو الرؤية.

مسألة: إنْ حالَ دون رؤية الهِلال غَيمٌ أو قَتَرٌ ليلة الثلاثين من شعبان فما العمل؟
والغيم: هو السحاب.
والقَتَرْ: وهو التراب الذي يأتي مع الرياح ، وكذلك غيرهما مما يمنع رؤيته.
الراجح أنه يَحْرُم صيام ذلك اليوم، ولكن إذا رأى الإمام وجوب صوم هذا اليوم، وأمر الناس بصومه، فإنه لا يُنابذ ..

ويحصل عدم منابذته بألا يظهر الإنسان فِطره، وإنما يفطر سراً.
والمسألة هنا لم يثبت فيها دخول الشهر، أما لو حكم ولي الأمر بدخول الشهر فالصوم واجب .

وأدلة القول بالتحريم :-
1 قوله:( لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه )[متفق عليه]

وإن لم يكن يصوم صوماً فصام هذا اليوم الذي يُشَكّ فيه فقد تقدم رمضان بيوم .

2 حديث عمار بن ياسر ـ رضي الله عنهما ـ الذي علقه البخاري، ووصله أصحاب السنن ـ : ( من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم ). 
ولا شك أن هذا يوم يشك فيه ؛ لوجود الغيم والقتر.
3قوله: ( هلك المُتَنَطِّعُون )[رواه مسلم]
فإن هذا من باب التَّنَطُّع في العبادة والاحتياط بها في غير محله.

4 قوله: ( الشهر تِسْعٌ وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تَرَوهُ، فإن غُمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين )[رواه البخاري] ..

فقوله: ( أكملوا العدة ثلاثين ) أمْرٌ، والأصل في الأمر الوجوب، فإذا وجب إكمال شعبان ثلاثين يوماً حَرُمَ الصوم .

يتبع بإذن الله تعالى 

[ المصدر : مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه الله 


درس رقم 2

 مسألة: إذا رأى الهِلالَ أهلُ بلدٍ دون غيرهم ، فهل يلزم الصوم كل الناس؟
تنبيه: المراد هنا بالأهل: من يَثبت الهِلال برؤيته، فهو عام أُرِيدَ به خاص، فليس المُرادُ جميع أهل البلد من كبير وصغير، وذكر وأنثى ..

الجواب:  في المسألة أقوال أربعة:  
1 يلزم الناس كلهم الصوم ، وهذا هو المذهب .
   
2 لا يجب إلا على من رآه أو كان في حكمهم بأن توافقت مطالع الهِلال ، فإن لم تتفق فلا يجب الصوم.
 وهذا القول هو القول الراجح ، وهو الذي تدل عليه الأدلة.

3 أنه يلزم حكم الرؤية كل من أمكن وصول الخبر إليه
في الليلة نفسها. وهذا في الحقيقة يُشابه المذهب في الوقت الحاضر؛ لأنه يمكن أن يصل الخبر إلى جميع أقطار الدنيا في أقل من دقيقة، ولكن يختلف عن المذهب فيما إذا كانت وسائل الاتصالات مفقودة.

4 أن الناس تبع للإمام ؛ فإذا صام صاموا، وإذا أفطر افطروا، ولو كانت الخلافة عامة لجميع المسلمين فرآه الناس في بلد الخليفة، ثم حكم الخليفة بالثبوت لزم من تحت ولايته في مشارق الأرض أو مغاربه، أن يصوموا أو يفطروا لئلا تختلف الأمة وهي تحت ولاية واحدة ، فيحصل التنازع والتفرق. وعَمَلُ الناس اليوم على هذا.

 وهذا من الناحية الاجتماعية قول قوي، حتى لو صححنا القول الثاني الذي نحكم فيه باختلاف المطالع فيجب على من رأى أن المسألة مبنية على المطالع أن لا يظهر خلافاً لما عليه الناس.

 مسألة: صوم الأقليات الإسلامية في الدول الكافرة؟
إن كان هناك رابطة أو مكتب أو مركز إسلامي؛ فإنها تعمل بقولهم، وإذا لم يكن كذلك فإنها تُخَيَّر، والأحسن أن تتبع أقرب بلد إليها.

يتبع بإذن الله تعالى 

المصدر : مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه 


درس رقم 3

 مسألة: الشروط  التي يجب أن تتوفر فيمن رأى الهلال حتى يُقبلَ قوله ؟

1 الشرط الأول: أن يكون عدلاً  .
والعدل لغة : هو المستقيم ، وضده المُعْوَجُّ .
وفي الشرع : من قام بالواجبات ولم يفعل كبيرة ، ولم يُصِّر على صغيرة .

 والمراد بالقيام بالواجبات : أداء الفرائض كالصلوات الخمس.
 والمراد بالكبيرة: كل ذنب رُتّبَ عليه عقوبة خاصة، كالحدّ والوعيد واللعن ونحو ذلك.

 وذكر الشيخ أن من الكبائر النميمة والغيبة.
 والنميمة: هي نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض لقصد الإفساد بينهم .
 والغيبة: ذِكْرُكَ أخاك بما يكره من عيب خَلْقِي أو خُلُقِي، أو ديني، سواء في غيبته أو حضوره.
 فالخَلْقِي كأن تقول: أن هذا الرجل أعور.
 والديني كأن تقول: هذا متهاون في الصلاة، أو لا يَبُرّ والديه.
 والخُلُقِي كأن تقول: هذا سريع الغضب ، عصبي. 

 والفقهاء يزيدون على ذلك: ولم يُخالف المُروءة، فإن خالفها فليس بعدل ، ومَثّلوا على ذلك: بمن يأكل في  الأسواق، وبمن يتمسخر بالناس ( أي يُقلد أصواتهم ) وما أشبه ذلك.

▪️لكن ينبغي أن يُقال: أن الشهادة في الأموال ليست كالشهادة في الأخبار الدينية ، ففي الأموال يجب أن نُشدّد، لا سيما في هذا العصر لكثرة من يشهدون زوراً، لكن في الشهادة الدينية يبعد أن يكذب الإنسان فيها، إلا أن يكون هناك مغريات توجب أن يكذب.

 مثل ما يقال في بعض الدول إذا شهد شخص بدخول رمضان أعطوه مكافأة، أو بشهادة شوّال أخذ مكافأة ، هذه الأشياء ربما تغري ضعيف الإيمان فيشهد بما لا يرى.

 ولو قلنا بقول الفقهاء لم نجد عدلاً؛ فمن يَسلم من الغيبة، والسخرية بالناس، والتهاون بالواجبات، وأكل المحرم، وغير ذلك..

 ولهذا كان الصحيح بالنسبة للشهادة أنه يُقبل منها ما يترجح أنه حق وصدق؛ لقوله تعالى:{ مِمَنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ } [البقرة: ٢٨٢]؛ولأن الله لم يأمرنا بردّ شهادة الفاسق بل أمرنا بالتبين فقال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا }[الحجرات: ٦]

2 الشرط الثاني: أن يكون قوي البصر ، بحيث يُحتمل صدقه فيما ادّعاه ، فإن كان ضعيف البصر لم تُقبل شهادته وإن كان عدلاً ؛ لأنه إذا كان ضعيف البصر وهو عدل فإننا نعلم أنه متوهم .

المصدر : مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه الله


درس رقم 4
 مسائل تتعلق برؤية الهلال :-
مسألة (١): لو تراءى عدل الهلال مع جماعة كثيرين، وهو قوي البصر ولم يره غيره فهل يُصام برؤيته ؟
 نعم يصام، وهذا هو المشهور من مذهبنا وعليه أكثر أهل العلم، وهو الصحيح، وذلك لعدالته وثقته.

 وقال بعض العلماء: إنه إذا لم يره غيره مع كثرة الجمع فإنه لا يعتبر قوله؛ لأنه يبعد أنه ينفرد بالرؤية دونهم.

مسألة (٢): من رأى الهلال وهو ممن يفعل الكبيرة، كشرب الخمر يلزمه أن يُخبِرُ أنه رأى الهلال، ولا يُخبِرُ أنه يفعل كبيرة؛ لأن الأحكام تتبعّض.

مسألة (٣): على المذهب لا تُقبل شهادة مستور الحال ؛ للجهل بعدالته.
 وعند الشيخ: أن القاضي إذا وثق بقوله فلا يحتاج للبحث عن عدالته .

مسألة (٤): هل تُقبل شهادة الأنثى برؤية الهلال ؟
 قولان:
1 لا تُقبل: استدلالاً بما جاء في السُّنة لقوله ﷺ:( فإن شهِد شاهِدان ) والمرأة شاهدة لا شاهد.
2 تقبل: لأنه خبر ديني يستوي فيه الذكور والإناث ( وهذا هو المذهب ).

مسألة (٥):
 يثْبُتُ دخول شهر رمضان بشهادة واحد ..
 والدليل حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال:( تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلّى الله عليه وسلّم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه ).
 وهلال شوال وغيره من الشهور لا يثبت إلا بشاهدين ..

 لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ( فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا )، ومثله دخول شهر ذي الحجة لا يثبت إلا بشاهدين ، فلو رآه شخص وحده لم يثبت دخول الشهر بشهادته.

مسألة (٦): إن صام الناس بشهادة واحد في دخول رمضان، ولم يروا هلال شوال:
 قال بعض أهل العلم : إذا صاموا ثلاثين يوماً بشهادة واحد لزمهم الفطر؛ لأن الفطر تابع للصوم ومبني عليه، والصوم ثبت بدليل شرعي وقد صاموا ثلاثين يوماً، ولا يمكن أن يزيد الشهر على ثلاثين يوماً ..

 أو يقال يلزمهم الفطر تبعاً للصوم؛ لأنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً.
وهذا القول هو الصحيح 

مسألة (٧): لو صام برؤية بلد، ثم سافر لبلد آخر قد صاموا بعدهم بيوم، وأتمّ هو ثلاثين يوماً ولم يرَ الهلال في تلك البلد التي سافر إليها، فهل يفطر أو يصوم معهم؟

 الصحيح أنه يصوم معهم، ولو صام واحداً وثلاثين يوماً. وربما يُقاس ذلك على ما لو سافر إلى بلد يتأخر غروب الشمس فيه، فإنه يُفطِرُ حسب غروب الشمس في تلك البلد التي سافر إليها.

مسألة (٨): من رأى هلال رمضان وحده - أي منفرداً إما بمكان أو برؤية - ..
 مثال الانفرداً بالمكان: إذا كان الإنسان في برية ليس معه أحد فرأى الهلال، وذهب إلى القاضي فرد قوله إما لجهالته بحاله، أو لأي سبب من الأسباب.

 ومثال الانفراد بالرؤية: أن يجتمع معه الناس لرؤية الهلال فيراه هو، ولا يراه غيره لكن رد قوله 
 رأي الشيخ في هذه المسألة : أنه عليه ان يصوم ، وهذا من باب الاحتياط .

مسألة (٩): من رأى هلال شوال وحده :-
 يصوم ولا يفطر تبعاً للجماعة ، وهذا ايضا من باب الاحتياط . ولأنه لا تثبت رؤية هلال شوال إلا بشاهدين.

المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه الله

 درس رقم 5
 شروط وجوب الصيام :-
▪️يجب الصوم بشروط خمسة :-
1الشرط الأول: الإسلام ؛ فالكافر لا يلزمه الصوم، ولا يصح منه.
 ومعنى قولنا: " لا يلزمه " أننا لا نلزمه به حال كفره، ولا بقضائه بعد إسلامه ..
 والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } [التوبة].
 فإذا كانت النفقات ونفعها متعد لا تقبل منهم لكفرهم، فالعبادات الخاصة من باب أولى.
 وكونه لا يقضي إذا أسلم دليله :
 قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] ..
 وثبت عن طريق التواتر عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنه كان لا يأمر من أسلم بقضاء ما فاته من الواجبات.

 ولكن هل يِعاقب على تركها في الآخرة إذا لم يُسلم ؟
 الجواب: نعم ، يعاقب على تركها في الآخرة، وعلى ترك جميع واجبات الدين. لأنه إذا كان المسلم المطيع لله الملتزم بشرعه قد يعاقب عليها، فالمستكبر من باب أولى، وإذا كان الكافر يعذب على ما يتمتع به من نعم الله من طعام وشراب ولباس، ففعل المحرمات وترك الواجبات من باب أولى.

2الشرط الثاني: التكليف؛ بأن يكون بالغاً، عاقلاً.
 فإذا رأيت كلمة مكلف في كلام الفقهاء فالمراد بها البالغ العاقل؛ لأنه لا تكليف مع الصِغَر ولا تكليف مع الجنون.

 والبلوغ يحصل بواحد من ثلاثة بالنسبة للذكر:
١- إتمام خمس عشرة سنة 
٢- وإنبات العانة 
٣- وإنزال المني بشهوة 

 وللأنثى بأربعة أشياء:
 هذه الثلاثة السابقة 
 ورابع وهو الحيض ، فإذا حاضت فقد بلغت حتى ولو كانت في سن العاشرة 

 والعاقل ضده المجنون، أي: 
فاقد العقل، من مجنون ومعتوه ومهذرٍ ..
 فكل من ليس له عقل بأي وصف من الأوصاف فإنه ليس بمكلف، وليس عليه واجب من واجبات الدين لا صلاة ولا صيام ولا إطعام بدل صيام، أي: لا يجب عليه شيء إطلاقاً، إلا ما استثني كالواجبات المالية ..
 وعليه فالمهذري - أي: المخرف - لا يجب عليه صوم، ولا إطعام بدله لفقد الأهلية وهي العقل.

 وهل مثل المهذري من أضل عقله بحادث ؟
 فالجواب:
 إن كان كالمغمى عليه فإنه يلزمه الصوم؛ لأن المغمى عليه يلزمه الصوم فيقضيه بعد صحوه.
 وإن وصل به فقد العقل إلى الجنون، ومعه شعوره فله حكم المجنون 
 وكذلك من كان يجن أحياناً، ففي اليوم الذي يجن فيه لا يلزمه الصوم، وفي اليوم الذي يكون معه عقله يلزمه.
 ودليل ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم:( رفع القلم عن ثلاثة النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حت يبلغ وعن المجنون حتى يفيق ) 
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه الله

 درس رقم 6
 ومن شروط وجوب الصيام:
الشرط الثالث: القُدرة ؛ احترازاً من العاجز 
 والعجز قسمان:
 الطارئ: هو الذي يُرجى زواله، فينتظر العاجز حتى يزول عجزه ثم يقضي لقوله تعالى:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} 
 الدائم: هو الذي لا يرجى زواله، وهو المذكور في قوله تعالى:{ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين }[البقرة: ١٨٤]، حيث فسّرها ابن عباس رضي الله عنهما: بالشيخ والشيخة إذا كانا لا يطيقان الصوم ، فيُطعِمان عن كل يوم مسكيناً.
ووجه الدلالة من الآية: أن الله تعالى جعل الفدية عديلاً للصوم لمن قدر، فإذا لم يقدر بقي عديله وهو الفدية 
  فصار العاجز عجزاً لا يُرجى زواله: الواجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكيناً.

 والإطعام له طريقتان:
١- أن يصنع طعاماً يدعو إليه المساكين بحسب الأيام التي عليه ، كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعله لما كَبُر، وكان يؤخره إلى آخر يوم.
٢- أن يطعمهم طعاماً غير مطبوخ.

 وقت الإطعام :
١- إن شاء فدى عن كل يوم بيومه 
٢- وإن شاء أخّر إلى آخر يوم لفعل أنس رضي الله عنه

 ماذا يُطعم ؟
يُطعم بكل ما يسمى طعاماً؛ من تمر أو بر، أو أرز، أو غيره 

وكم يُخرج ؟
 يرجع فيه إلى العُرف، وما يحصل به الإطعام، وعلى هذا فإذا غدّى المساكين أو عشّاهم كفاه ذلك عن الفدية.
 وإن أراد تمليك الطعام: فيُطعِمُهم ( مُدّ بُرٍّ )، أو نصف صاع من غيره بصاع النبي ﷺ، وهو يساوي أربعة أمداد ، وقيل نصف صاع من أي طعام كان ؛ لأن النبي ﷺ قال لكعب بن عجرة في فدية الأذى:( أو أطعِم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع )[ البخاري ومسلم ]، ويقدم معه إدام من لحم ونحوه.

 مسألة: هل يُقَدّم الإطعام على الصوم ؟
لا، لأن تقديم الفدية كتقديم الصوم، فهل يُجزئ أن يُقدم الصوم - أي صوم رمضان - في شعبان؟ الجواب: لا 
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه الله



 درس رقم 7
 ومن شروط وجوب الصيام:
الشرط الرابع: الإقامة 
فلا يجب على المسافر؛ قال تعالى:{ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }[البقرة: ١٨٥]وأجمع العلماء على جواز فطر المسافر.

 مسألة: أيهما أفضل للمسافر، الصوم أو الفطر ؟ 
 الأفضل أن يفعل الأيسر ..
 فإن كان في الصوم ضرر: كان الصوم حراماً؛ قال تعالى:{ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا }[النساء: ٢٩] 
 وإن كان الفطر والصيام سواء: فالصيام أولى للأدلة التالية:
▫️ أن هذا فعل النبي ﷺ، حيث قال أبو الدرداء:( كنّا مع النبي ﷺ في رمضان في يوم شديد الحر حتى أن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر ، ولا فينا صائم إلا رسول الله ﷺ وعبد الله بن رواحة )[متفق عليه]
▫️أنه أسرع إلى إبراء الذمة 
▫️أنه أسهل على المكلف غالباً؛ لأن الصوم مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم بعد ، كما هو مجرب ومعروف.
▫️أنه يُدْرك الزمن الفاضل، وهو رمضان؛ فإن رمضان أفضل من غيره؛ لأنه محل الوجوب.
 وإن كان يشق عليه الصيام: فالفطر أولى؛ والدليل ما أخرجه مسلم: ( أن النبي ﷺ كان في سفر ولم يفطر إلا حين قيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام، وينتظرون ما ستفعل. فإنه في غزوة الفتح صام حتى بلغ كُراع الغَمِيم - مع علمهم أن الصائم مخيّر لكنهم يريدون التأسي بالنبي ﷺ - فدعا بقدح من الماء بعد العصر ورفعه على فخذه حتى رآه الناس فشرب والناس ينظرون إليه ليقتدوا به ، فجيء إليه فقيل: إن بعض الناس قد صام فقال ﷺ:  أولئك العصاة ، أولئك العصاة )[ أخرجه مسلم ]  وذلك لأنهم صاموا مع المشقة.

 لذا نقول: مع المشقة فالفطر أولى ، أما المشقة الشديدة فيحرم الصوم معها كما سبق. 
 وأجيب عن حديث:( ليس  من البر الصوم في السفر ) [البخاري ومسلم]، الذي استدل به من قال بأن الأولى الفطر وبكراهة الصوم في السفر:
١- أن هذا الحديث خاص بالرجل الذي قد ضُلِّلَ والناس حوله، فقال رسولنا ﷺ :ما هذا؟  فقالوا: هذا صائم، فقال:( ليس من البر الصوم في السفر ) 

 فيُقال: ليس من البِر الصوم في السفر لمن شقّ عليه كهذا الرجل ، ولا يعم كل إنسان صام.

الشرط الخامس من شروط الصوم: الخلو من الموانع، وهذا خاص بالنساء.
 والمانع هو الحيض أو النفاس، فلا يلزمهما الصوم ولا يصح منهما إجماعاً ..
 لقوله ﷺ:( أليس إذا حاضت لم تُصلّ ولم تصم ! ) [ رواه البخاري ]
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه الله


درس رقم 8
مسائل في الصيام  
 مسألة (١):
إذا قامت البيّنة أثناء النهار بدخول شهر رمضان، فهل يجب الإمساك والقضاء؟
 مثال: أن يكون الذي رأى الهلال في مكان بعيد، وحضر إلى القاضي في النهار، وشهد بالرؤية.
 في المسألة قولان:
 القول الأول: يجب الإمساك والقضاء.
 أما وجوب الإمساك فلا شك فيه، ودليله:
١- ( أن النبي ﷺ حين وجب صوم عاشوراء أمر المسلمين بالإمساك عن الصيام في أثناء النهار فأمسكوا ) [البخاري].
٢- ولأن هذا اليوم من رمضان فهو يوم له حرمته، ولا يمكن أن تنتهك بالفطر.

 أما القضاء فإنه يلزم ، ووجه ذلك:
١- أن من شرط صحة صيام الفرض أن تستوعب النية جميع النهار، فتكون من قبل الفجر، والنية هنا كانت من أثناء النهار فلم يصوموا يوماً كاملاً ، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )[رواه البخاري].
٢- ووجوب القضاء في هذه المسألة ـ أي: ما إذا قامت البينة أثناء النهار ـ هو قول عامة العلماء .
 القول الثاني يجب الإمساك دون القضاء، قال به شيخ الإسلام، وتعليله:
أن أكلهم وشربهم قبل قيام البينة كان مباحاً، قد أحله الله لهم فلم ينتهكوا حرمة الشهر، بل كانوا جاهلين بنوا على أصل وهو بقاء شعبان فيدخلون في عموم قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا} فهم كمن أكل ظاناً بقاء الليل فتبين أن الفجر قد طلع، أو أكل ظاناً غروب الشمس فتبين أنها لم تغرب.

 وبناء على قوله: لو لم تكن البينة إلا بعد غروب شمس ذلك اليوم لا يلزمهم قضاؤه . فإذا كان الشهر تسعة وعشرين يوماً فقد صاموا ثمانية وعشرين يوماً.
▪️ وأجاب شيخ الإسلام على قولنا:" ويشترط أن ينوي من الفجر ": بأن النية تتبع العلم ولا علم لهم بدخول الشهر، وما ليس لهم به علم فليس بوسعهم، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولهذا لو أخروا النية بعد علمهم بدخول الشهر لم يصح صومهم.
ولا شك أن تعليله قوي يرحمه الله، ولكن يقال: أن من أفطر قبل غروب الشمس ظاناً غروبها، أو من أكل بعد طلوع الفجر ظاناً أن الليل باق كان عنده نية، وهي نية الصوم، فأكل في آخر النهار ظاناً أن الوقت قد انقضى، أما هؤلاء فليس عندهم نية أصلاً، ولهذا كان الخلاف في المسألتين الأخيرتين أشهر من الخلاف في المسألة الأولى.
 وكون الإنسان يقضي يوماً ويبرئ ذمته عن يقين خير له من كونه يأخذ برأي شيخ الإسلام رحمه الله وإن كان له حظ من النظر.

 مسألة (٢):
إذا تجدد سبب الوجوب، مثلا: إذا بلغ الصغير في أثناء النهار، أو افاق المجنون، أو اسلم الكافر:
القول الأول: من قام به سبب الوجوب أثناء نهار رمضان، مثل أن يسلم الكافر أو يبلغ الصغير أو يفيق المجنون فإنه يلزمهم الإمساك والقضاء، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وهو قول أبي حنيفة.
القول الثاني: لا يلزمهم إمساك ولا قضاء وهو الرواية الثانية عن أحمد.
القول الثالث: يلزمهم الإمساك دون القضاء، وذُكر رواية عن أحمد واختيار الشيخ تقي الدين (شيخ الإسلام ابن تيمية) وهو مذهب مالك وهو الراجح؛ لأنهم لا يلزمهم الإمساك في أول النهار لعدم شرط التكليف وقد أتوا بما أمروا به حين أمسكوا عند وجود شرط التكليف، ومن أتى بما أمر به لم يكلف الإعادة.
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه الله



 درس رقم 9
 مسائل في الصيام  
 مسألة (٣): ما الذي يلزم الحائض والنفساء إذا طهرتا أثناء رمضان، والمسافر المفطر إذا قدم أثناء النهار ، و المريض إذا برئ من مرضه اثناء النهار؟
في المسألة قولان:
 الأول: أنه يلزمهم الإمساك والقضاء:
 أما الإمساك: فلزوال المانع.
 وأما القضاء: فلا شك في وجوبه لأنهم أفطروا من رمضان فلزمهم قضاء ما أفطروا.
 الثاني: أنه يلزمهم القضاء دون الإمساك:
 أما لزوم القضاء: فلا شك في وجوبه لأنهم أفطروا من رمضان فلزمهم قضاء ما أفطروا.
 وأما عدم لزوم الإمساك: فلأنهم يجوز لهم الفطر في أول النهار ظاهراً وباطناً، فقد حلّ لهم في أول النهار الأكل والشرب وسائر ما يمكن من المفطرات، ولا يستفيدون من هذا الإمساك شيئاً ، وحرمة الزمن قد زالت بفطرهم المباح لهم أول النهار.
 وهذا القول هو الراجح.
 والقاعدة على هذا القول الراجح: أن من أفطر في رمضان لعذر يبيح الفطر، ثم زال ذلك العذر أثناء النهار لم يلزمه الإمساك بقية اليوم.

 مسألة (٤): إذا أفطر الإنسان لكبر أو مرض لا يرجى برؤه عليه أن يُطعم عن كل يوم مسكيناً.
 ولكن ما الذي يُطْعِم ، وما مقداره، وما عدد المساكين الذين يطعمهم؟
 الجواب: كل ما يُسمى طعاماً من تمر أو بر أو أرز أو غيره.
 وأَمَّا مقداره: فلم يقدر هنا ما يعطى فيرجع فيه إلى العرف، وما يحصل به الإطعام.
 وأما عدد المساكين: فعلى عدد الأيام ، فلا يُجزئ أن يعطي المسكين الواحد من الطعام أكثر من فدية يوم واحد . ويدل لهذا القراءة المشهورة السبعية الثانية:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْاكِينٍ} بالجمع فإنها تدل على أنه لا بد أن يكون عن كل يوم مسكين.
 والخلاصة: أن من عجز عن الصوم عجزاً لا يُرجى زواله وجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكيناً ،سواء أطعمهم أو ملَّكهُم - على القول الراجح .

 مسألة (٥): إذا أُعْسِر المريض الذي لا يرجى برؤه أو الكبير، فإنها تسقط عنهما الكفارة؛ لأنه لا واجب مع العجز، والإطعام هنا ليس له بدل.

 أحوال المريض مع الصوم:-
الحالة الأولى: ألا يتأثر بالصوم ، مثل الزكام اليسير، أو الصداع اليسير، أو وجع الضرس، وما أشبه ذلك، فهذا لا يحل له أن يفطر.
 الحال الثانية: إذا كان يشق عليه الصوم ولا يضره، فهذا يكره له أن يصوم، ويسن له أن يفطر .
 الحال الثالثة: إذا كان يشق عليه الصوم ويضره، كرجل مصاب بمرض الكلى أو مرض السكر وما أشبه ذلك، فالصوم عليه حرام ، ويجب عليه الافطار.
 ولكن لو صام في هذه الحال هل يجزئه الصوم؟

 قال أبو محمد - ابن حزم - رحمه الله: لا يجزئه الصوم؛ لأن الله تعالى جعل للمريض عدة من أيام أخر ، فلو صام في مرضه فهو كالقادر الذي صام في شعبان عن رمضان، فلا يجزئه ويجب عليه القضاء.
وبهذا نعرف خطأ بعض المجتهدين من المرضى الذين يشق عليهم الصوم وربما يضرهم، ولكنهم يأبون أن يفطروا، فنقول:
إن هؤلاء قد أخطأوا حيث لم يقبلوا كرم الله عزّ وجل ولم يقبلوا رخصته، وأضروا بأنفسهم والله عزّ وجل يقول:{ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ }[النساء: ٢٩].
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه الله

درس رقم 10
 مسائل في الصيام  
 مسألة (٦): هل يصوم المسافر أم يفطر؟
 المسافر: هو الذي يحل له القصر، وهو الذي يكون سفره بالغاً لمسافة القصر، فأما المسافر سفراً قصيراً فإنه لا يفطر.
 وسفر القصر على المذهب ورأي جمهور العلماء يقدر بمسافة مسيرة يومين قاصدين للإبل، وهي مسافة ستة عشر فرسخاً، ومقدارها بالكيلو: واحد وثمانون كيلو وثلاثمائة وسبعة عشر متراً بالتقريب لا بالتحديد.
 فعلى هذا نقول: إذا نوى الإنسان سفر هذه المسافة فإنه يحل له القصر ، وحينئذ يسن له أن يفطر.

▪️أحوال المسافر مع الصوم:
المسافر له ثلاث حالات:
 الأولى: ألا يكون لصومه مزيّة على فطره، ولا لفطره مزيّة على صومه، بمعنى أن يكون صومه وفطره سواء، ففي هذه الحال يكون الصوم أفضل له للأدلة الآتية:
 أولاً: أن هذا فعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، قال أبو الدرداء ـ رضي الله عنه ـ: ( كنا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في رمضان في يوم شديد الحر حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعبد الله بن رواحة ) [أخرجه البخاري]. والصوم لا يشق على الرسول صلّى الله عليه وسلّم هنا؛ لأنه لا يفعل إلا الأرفق والأفضل.
 ثانياً: أنه أسرع في إبراء الذمة؛ لأن القضاء يتأخر .
 ثالثاً: أنه أسهل على المكلف غالباً؛ لأن الصوم والفطر مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم بعد كما هو مجرب ومعروف.
 رابعاً: أنه يدرك الزمن الفاضل، وهو رمضان، فإنَّ رمضان أفضل من غيره؛ لأنه محل الوجوب .
 فلهذه الأدلة يترجح ما ذهب إليه الشافعي ـ رحمه الله ـ أن الصوم أفضل في حق من يكون الصوم والفطر عنده سواء.

 الحال الثانية: أن يكون الفطر أرفق به، فهنا نقول: إن الفطر أفضل، وإذا شق عليه بعض الشيء صار الصوم في حقه مكروهاً؛ لأن ارتكاب المشقة مع وجود الرخصة يشعر بالعدول عن رخصة الله عزّ وجل.

 الحال الثالثة: أن يشق عليه مشقة شديدة غير محتملة ، فهنا يكون الصوم في حقه حراماً.
 والدليل على ذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم:( لما شكى إليه الناس أنه قد شق عليهم الصيام، وأنهم ينتظرون ما سيفعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم دعا بإناء فيه ماء بعد العصر، وهو على بعيره فأخذه وشربه، والناس ينظرون إليه، ثم قيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام فقال: " أولئك العصاة، أولئك العصاة " )[ أخرجه مسلم ]، فوصفهم بالعصيان.

 مسألة (٧): لو سافر من لا يستطيع الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه؟
هو كالمقيم تجب عليه الفدية، فيُطعم عن كل يوم مسكيناً؛ لانه لم يكن الصوم واجباً في حقه أصلاً، وإنما الواجب عليه الفدية، و الفدية لا فرق فيها بين السفر والحضر.

 مسألة (٨): إن نوى حاضر صيام يوم ثم سافر في أثنائه:
يجوز له الفطر؛ استدلالاً بعموم قوله تعالى:{ ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} يعني: فأفطر فعدة من أيام أخر، وهذا الآن سافر وصار على سفر فيصدق عليه أنه ممن رخص له بالفطر فيفطر.
 وقد جاءت السنة بهذا من حديث جابر رضي الله عنه:( أن رسول الله خرج إلى غزوة الفتح فصام حتى بلغ كُرَاع الغَمِيم ... فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه ). [رواه مسلم]
 والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم كثيرة في هذا الباب. 

 مسألة (٩): هل يشترط أن يفارق قريته، أو له الفطر قبل أن يفارقها؟
 الصحيح: انه لا يفطر حتى يفارق قريته ، لأنه لم يكن الآن على سفر، ولكنه ناوٍ للسفر ، ولذلك لا يجوز له أن يقصر الصلاة حتى يخرج من البلد.
 وله أن يفطر بأي مفطر شاء من أكل، وشرب، وجماع.
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه الله


درس رقم 11
 مسائل في الصيام  
 مسألة (١٢): الجنون، والإغماء، والنوم:-
الجنون: إذا جُنَّ الإنسان جميع النهار في رمضان من قبل الفجر حتى غربت الشمس فلا يصح صومه؛ لأنه ليس أهلاً للعبادة، ومن شرط الوجوب والصحة العقل، وعلى هذا فصومه غير صحيح، ولا يلزمه القضاء، لأنه ليس أهلاً للوجوب.
الإغماء: فإذا أغمي على الإنسان بحادث ، أو مرض ـ بعد أن تسحر ـ جميع النهار، فلا يصح صومه؛ لأنه ليس بعاقل، ولكن يلزمه القضاء؛ لأنه مكلف، وهذا قول جمهور العلماء.
النوم: فإذا تسحر الإنسان ونام من قبل أذان الفجر، ولم يستيقظ إلا بعد غروب الشمس، فصومه صحيح، لأنه من أهل التكليف ولم يوجد ما يبطل صومه، ولا قضاء عليه.
 والفرق بينه وبين المغمى عليه أن النائم إذا أوقظ يستيقظ بخلاف المغمى عليه.

 مسألة (١٣): النية في الصوم:-
يجب في صيام الفرض تبييت النية قبل طلوع الفجر ...
 وهذا لحديث عائشة مرفوعاً: (من لم يبّيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له )[أخرجه الدار قطني والبيهقي]، والمراد صيام الفرض.
وما يشترط فيه التتابع - كصيام رمضان أو صيام شهرين متتابعين (كفارة) - فإنه تكفي فيه النية من أوله ما لم يقطعه لعذر فيستأنف النية..
 وعلى هذا فإذا نوى الإنسان أول يوم من رمضان أنه صائم هذا الشهر كله، فإنه يجزئه عن الشهر كله، ما لم يحصل عذر ينقطع به التتابع، كما لو سافر في أثناء رمضان، فإنه إذا عاد للصوم يجب عليه أن يجدد النية.
 وهذا هو الأصح؛ لأن المسلمين جميعاً لو سألتهم لقال كل واحد منهم: أنا ناو الصوم من أول الشهر إلى آخره..
وعلى هذا فإذا لم تقع النية في كل ليلة حقيقة فهي واقعة حكماً؛ لأن الأصل عدم قطع النية، ولهذا قلنا: إذا انقطع التتابع لسبب يبيحه، ثم عاد إلى الصوم فلا بد من تجديد النية.
 وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس ولا يسعُ الناس العمل إلا عليه.
 وبناءً على هذا القول: لو نام رجل في رمضان بعد العصر، ولم يفق إلا من الغد بعد الفجر صح صومه؛ لأن النية الأولى كافية، والأصل بقاؤها ولم يوجد ما يزيل استمرارها.

 مسألة (١٤): ما الحكم لو قال قائل: أنا صائم غداً إن شاء الله؟
إن قال ذلك متردداً - يعني لا يدري هل يصوم أو لا يصوم - فسدت نيته ولا يصح صومه؛ لأن النية لا بد فيها من الجزم ، فلو بات على هذه النية بأن قال: أنا صائم غداً إن شاء الله متردداً، فإنّ صومه لا يصح إن كان فرضاً، إلا أن يستيقظ قبل الفجر وينويه.
وإن قالها متبركاً - أي مستعيناً بالتعليق بالمشيئة لتحقيق مراده - صح صومه.
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه الله


درس رقم 12
 مسائل في الصيام  
 مسألة (١٥): يصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال أو بعده..
ولكن بشرط ألا يأتي مفطِّراً من بعد طلوع الفجر، فإن أتى بمفطر فإنه لا يصح.
 مثال ذلك: رجل أصبح وفي أثناء النهار صام، وهو لم يأكل، ولم يشرب، ولم يجامع، ولم يفعل ما يفطّر بعد الفجر، فصومه صحيح مع أنه لم ينو من قبل الفجر.
 ودليل ذلك: ( أن النبي صلّى الله عليه وسلّم دخل ذات يوم على أهله فقال: هل عندكم من شيء؟ قالوا: لا، قال فإني إذاً صائم )[رواه مسلم]
 ولكن هل يثاب ثواب يوم كامل، أو يُثاب من النية ؟

 في هذا قولان للعلماء:
 القول الأول: أنه يُثاب من أول النهار؛ لأن الصوم الشرعي لا بد أن يكون من أول النهار.
 القول الثاني: أنه لا يثاب إلا من وقت النية فقط ، فإذا نوى عند الزوال، فأجره أجر نصف يوم.
 وهذا القول أي: القول الثاني - هو الراجح لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم:( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )وهذا الرجل لم ينو إلا أثناء النهار فيحسب له الأجر من حين نيته.
 وبناءً على القول الراجح: لو علق فضل الصوم باليوم مثل صيام الاثنين، وصيام الخميس، وصيام البيض، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ونوى من أثناء النهار فإنه لا يحصل له ثواب ذلك اليوم.
 فمثلاً: صام يوم الاثنين ونوى من أثناء النهار، فلا يثاب ثواب من صام يوم الاثنين من أول النهار؛ لأنه لا يصدُق عليه أنه صام يوم الاثنين.
 وكذلك لو أصبح مفطراً فقيل له: إن اليوم هو اليوم الثالث عشر من الشهر، وهو أول أيام البيض، فقال: إذاً أنا صائم، فلا يُثاب ثواب أيام البيض؛ لأنه لم يصم يوماً كاملاً، وهذه مسألة

 مسألة (١٦): ما الحكم لو قال: إن كان غداً من رمضان فأنا صائم فرضي، وإن لم يكن فلا ؟
 في المسألة قولان:
الأول: لا يصح صومه ؛ لأن قوله: (فهو فرضي) وقع على وجه التردد، والنية لا بد فيها من الجزم.
الثاني: أن صومه صحيح - وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - ولعل هذا يدخل في عموم قول النبي ﷺ: (حجي واشترطي: أن محلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيتي )[منفق عليه] ولأن تردده مبني على التردد في ثبوت الشهر، لا على التردد في النية.
وعلى هذا فينبغي لنا إذا نمنا قبل أن يأتي الخبر ليلة الثلاثين من شعبان، أن ننوي في أنفسنا أنه إن كان غداً من رمضان فنحن صائمون - وإن كانت نية كل مسلم على سبيل العموم أنه سيصوم لو كان من رمضان - لكن تعيينها أحسن ، فيقول في نفسه: " إن كان غداً من رمضان فهو فرضي " فإذا تبين أنه من رمضان بعد طلوع الفجر صح صومه.
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه الله

درس رقم 13
 مسائل في الصيام  
 مسألة (١٧): من نوى الإفطار أثناء الصوم هل يفطر؟
نعم يفطر. والدليل قوله ﷺ:( إنما الإعمال بالنيات )فما دام ناوياً الصوم فهو صائم، وإذا نوى الإفطار أفطر، ولأن الصوم نية وليس شيئاً يفعل ، كما لو نوى قطع الصلاة فإنها تنقطع الصلاة.
ومعنى قولنا ( أفطر )أي: انقطعت نية الصوم - وليس كمن أكل أو شرب.
وبناء على ذلك: لو نواه بعد ذلك نفلاً في أثناء النهار جاز، إلا أن يكون في رمضان، فإن كان في رمضان فإنه لا يجوز؛ لأنه لا يصح في رمضان صوم غيره.
 لكن هل يباح له الاستمرار في الفطر بالأكل ، والشرب، مثلاً؛ وهو في رمضان؟
 إن كان ممن يباح له الفطر؛ كالمريض والمسافر فلا بأس.  
وإن كان لا يباح له الفطر، فيلزمه الإمساك والقضاء، مع الإثم.

 وقولنا: "يلزمه القضاء" ،لأنه لما شرع فيه ألزم نفسه به فصار في حقه كالنذر ؛ بخلاف مَنْ لم يصم من الأصل متعمداً ، فهذا لا يقضي، ولو قضاه لم يقبل منه؛ لقوله ﷺ:( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ).
 وأما حديث:( من أفطر يوماً من رمضان متعمداً لم يقضه صوم الدهر )فهذا حديث ضعيف، وعلى تقدير صحته يكون المعنى: أنه لا يكون كالذي فُعل في وقته.

 مسألة (١٨): إنسان صائم نفلاً ، ثم نوى الإفطار، ثم قيل له: كيف تفطر لم يبق من الوقت إلا أقل من نصف اليوم؟ قال: إذاً أنا صائم، هل يكتب له صيام يوم أو من النية الثانية؟
 الجواب: من النية الثانية ؛ لأنه قطع النية الأولى وصار مفطرا.

 مسألة (١٩): إنسان صائم وعزم على أنه إن وجد ماء شربه فهل يفسد صومه؟
 الجواب: لا يفسد صومه؛ لأن المحظور في العبادة لا تُفْسَدُ العبادة به إلا بفعله، ولا تُفْسَدُ بنية فعله.
 وهذه قاعدة مفيدة، وهي: أن من نوى الخروج من العبادة فسدت - إلا في الحج والعمرة -، ومن نوى فعل محظور في العبادة لم تفسد إلا بفعله.
 ولهذا أمثلة منها ما ذكرناه هنا في مسألة الصوم.
 ومنها: ما لو كان متحرياً لكلام من الهاتف - أي منتظر لإتصال - فدخل في الصلاة ومن نيته أنه إن كلّمَهُ من يتحراه، أجابه، فلم يكلمه فصلاته لا تفسد.
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه الله

درس رقم 14
 ما يُفْسِدُ الصوم ولا يوجب الكفارة:-
المفسد للصوم يسمى عند العلماء:( المفطرات )وأصولها ثلاثة ذكرها الله ـ عزّ وجل ـ في قوله: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[البقرة: ١٨٧].
 وقد أجمع العلماء على أن هذه الثلاثة تفسد الصوم.

 الأكل :-
 وهو إدخال شيء إلى المعدة عن طريق الفم 
 ويشمل ما ينفع ، كاللحم والخبز وما أشبه ذلك 
 وما يضر، كأكل الحشيشة ونحوها 
 وما لا يضر ولا ينفع، مثل أن يبتلع خرزة سبحة أو نحوها 
 ووجه العموم إطلاق الآية {كُلُوا وَاشْرَبُوا} وهذا يسمى أكلاً 

 الشرب:-
 والشرب يشمل ما ينفع وما يضر، وما لا نفع فيه ولا ضرر 
 فيشمل كل ما يُشرب من ماء، أو مرق، أو لبن، أو دم، أو دخان، أو غير ذلك 
 ويلحق بالأكل والشرب ما كان بمعناهما، كالإبر المغذّية التي تغني عن الأكل والشرب 

 السعوط:-
 وهو: ما يصل إلى الجوف عن طريق الأنف ، فإنه مفطر؛ لأن الأنف منفذ يصل إلى المعدة..
 ودليل ذلك قول النبي ﷺ للقيط بن صبرة:( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ) 
 وهذا يدل على أن الصائم لا يبالغ في الاستنشاق، ولا نعلم لهذا علة إلا أن المبالغة تكون سبباً لوصول الماء إلى المعدة، وهذا مخل بالصوم.
وعلى هذا فنقول: كل ما وصل إلى المعدة عن طريق الأنف أو الفم فإنه مفطر.

 الاحتقان:-
 الاحتقان: هو إدخال الأدوية عن طريق الدبر، وهو معروف، ولا يزال يُعمل، مثل ما يوضع في الدبر عند شدة الحمى 
 والراجح أنها لا تفطر،وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله -، وذلك لأنه:
 لا يُطلق عليها اسم الأكل والشرب لا لغة ولا عرفاً 
 وليس هناك دليل في الكتاب والسنة أن مناط الحكم وصول شيء إلى الجوف 
 والكتاب والسنة دلا على شيء معين وهو الأكل والشرب 

ولدينا قاعدة مهمة لطالب العلم : أننا إذا شككنا في شيء مفطر أم لا؟ 
 فالأصل عدم الفطر، فلا نجرؤ على أن نفسد عبادة متعبد لله إلا بدليل واضح يكون لنا حجة عند الله تعالى 
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه الله

درس رقم 15
 ما يُفْسِدُ الصوم ولا يوجب الكفارة:-
 الاكتحال (بما يصل إلى الحلق):-
 والراجح أنه لا يفطر، ولو وصل إلى الحلق؛ لأنه:
 ليس أكل ولا شرب، ولا في معنى الأكل والشرب 
ولا يحصل به ما يحصل بهما
 وليس عن النبي ﷺ حديث صحيح صريح يدل على أنه مفطر 
 والأصل عدم التفطير وسلامة العبادة حتى يثبت لدينا ما يفسدها
 وبناءً على هذا: لو أنه قطّر في عينه وهو صائم فوجد الطعم في حلقه فإنه لا يفطر بذلك، أما إذا وصل طعمها إلى الفم وابتلعها فقد صار أكلاً وشرباً 

 مسألة: إذا أدخل المنظار إلى المعدة حتى وصل إليها هل يفطر؟
 الصحيح: أنه لا يفطر، إلا أن يكون في هذا المنظار دهن أو نحوه يصل إلى المعدة بواسطة هذا المنظار فإنه يكون بذلك مفطراً..
ولا يجوز استعماله في الصوم الواجب إلا للضرورة 

 مسألة: لو أدخل عن طريق الذكر خيط فيه طعم دواء هل يفطر؟
 الصحيح أنه لا يفطر لأنه لا يسمى أكلاً ولا شرباً 

 تعمد القيء:-
يعتبر مفطراً، ولا فرق بين أن يكون القيء قليلاً، أو كثيراً؛ لقوله ﷺ:( من استقاء عمداً فليقض، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه )[أخرجه أحمد والترمذي وقال حديث حسن غريب]
 «ذرعه» أي: غلبه 
أما إذا استقاء فلم يخرج القيء فصومه صحيح 
 ولا يفطر إلا ما خرج من المعدة ، أما ما خرج بالتعتعة من الحلق فلا
 واستدعاء القيء له طرق:
 النظر: فكأن ينظر الإنسان إلى شيءٍ كريهٍ فتتقزز نفسه ثم يقيء 
 الشم: فكأن يشم رائحة كريهة فيقيء 
 العصر: فكأن يعصر بطنه عصراً شديداً إلى فوق ثم يقيء 
 الجذب: بأن يدخل أصبعه في فمه حتى يصل إلى أقصى حلقه ثم يقيء 
 السمع: كأن يسمع شيئاً كريهاً ثم يقيء . 
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه 
درس رقم 16
ما يُفْسِدُ الصوم ولا يوجب الكفارة:-
 الاستمناء:-
 وهو طلب خروج المني بأي وسيلة 
فإذا أنزل المني فسد صومه، والدليل:
 قوله ﷺ في الحديث القدسي:( يَدَعُ طعامه وشرابه وشهوته من أجلي )[رواه البخاري ومسلم]
 والاستمناء شهوة، وخروج المني شهوة 
 والدليل على أن المني يطلق عليه اسم شهوة: قول الرسول ﷺ:( وفي بضع أحدكم صدقة قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر، كذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر )[رواه ومسلم] والذي يوضع هو المني.
القياس: فكما أن المستقيء والمحتجم يفطران لأنهما بفعلهما هذا يضعف بدنهما، فكذلك الاستمناء، ولهذا أُمِرَ بالاغتسال ليعود إليه النشاط.

 مسألة: لو باشر الرجل زوجته باليد أو بالتقبيل، أو بالفرج، فإنه إذا أنزل أفطر، وإذا لم يُنزل لم يفطر.

 مسألة: لو باشر الرجل زوجته باليد أو التقبيل فأمذى لا يفسد صومه بل هو صحيح - وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ..
والحجة: عدم الحجة ؛ لأن هذا الصوم عبادة شُرع فيها الصوم على وجه شرعي فلا يمكن أن نفسد هذه العبادة إلا بدليل.
 والمذي: هو ماء رقيق يحصل عقيب الشهوة بدون أن يحس به الإنسان عند خروجه، وهو بين البول والمني من حيث النجاسة..
 فالمني طاهر موجب لغسل جميع البدن.
 والبول نجس موجب لغسل ما أصاب من البدن والملابس.
 والمذي يوجب غسل الذكر والأنثيين، ولا يوجب الغسل إذا أصاب الملابس، بل يكفي فيه النضح 

 مسألة: ما الحكم إذا نظر فأنزل؟
 إن كرر النظر حتى أنزل فسد صومه.
 وإن أنزل بنظرة واحدة لم يفسد ، لقوله ﷺ:( لك الأولى وليست لك الثانية ). [رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن غريب] إلا أن يستمر حتى ينزل فيفسد صومه ؛ لأن الاستمرار كالتكرار، بل قد يكون أقوى منه في استجلاب الشهوة والإنزال.

 مسألة: ما الحكم لو فكر فأنزل؟
لا يفسد صومه لعموم قوله ﷺ:( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم )[متفق عليه] إلا إن حصل معه عمل يحصل به الإنزال كعبث بذكره ونحوه.

 مسألة: لو تحدث الرجل مع امرأته حتى أنزل، هل نلحقه بالمباشرة فنقول: يفسد صومه أو نلحقه بالنظر؟
 الظاهر أنه يلحق بالنظر فيكون أخف من المباشرة، وعليه يلحق تكرار القول بتكرار النظر، فإن الإنسان مع القول قد يكون أشد تلذذاً من النظر.
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه 
 درس رقم 17
 ما يُفْسِدُ الصوم ولا يوجب الكفارة:-
 الاحتجام :-
 فيها قولان لاهل العلم:
الاول: ان الحجامة لا تفطر وهو قول اكثر اهل العلم.
الثاني: انها تفطر، وهو قول الامام احمد رحمه الله - وهو من مفرداته - واختاره شيخ الاسلام ابن تيمية، وهو اختيار الشيخ.
 ولكن يشترط فيها خروج الدم ، فمن احتجم وظهر دم فسد صومه ، فإن لم يظهر دم لكون المحجوم قليل الدم ولم يخرج منه شيء لم يفسد صومه، سواء كانت الحجامة في الرأس أو في غيره.
 والدليل على ذلك قوله ﷺ:( أفطر الحاجم والمحجوم )
 وهذا الحديث ضعّفه البعض وقالوا لا يصح ، وصححه البعض كالإمام أحمد وشيخ الإسلام وغيرهما، وعلى هذا يكون الحديث حجة عند من صححه.

 مسألة: ما الحكمة من فساد الصوم بالاحتجام؟
 قال الفقهاء إنها تعبدية.
 وقال شيخ الإسلام: لذلك حكمة:-
 أما المحجوم فلأن الحجامة تسبب له الضعف الذي يحتاج معه إلى غذاء؛ لأنه لو بقي بلا غذاء لأثّر ذلك عليه في المستقبل.
 أما الحاجم: فلئلا يصل الدم إلى جوفه أثناء مصه لدم المحجوم.

 مسألة:هل يفطر الحجّام بحجامته لغيره ؟
 اذا كان يستخدم قارورة الحجامة ويمص بها الدم فإنه يفطر، لأنه إذا مصّها فإنه سوف يصعد الدم إلى فمه، وربما من شدة الشفط ينزل الدم إلى بطنه من حيث لا يشعر، وهذا يكون شرباً للدم فيكون بذلك مفطراً.
 أما  إذا حجم بآلات منفصلة لا تحتاج إلى مص ، فإنه لا يفطر بذلك لعدم وجود العلة - وهي وصول الدم لبطن الحاجم.

 مسألة: هل يُلحق بالحجامة: الفصد، والشرط، والإرعاف المتعمد؟  
 والفصد: شق العرق عرضا.
 والشرط: شق العرق طولاً.
 وفيه قولان:
 الأول: لا يُلحق، لأن العلة في الحجامة تعبدية، والتعبدي لا يقاس عليه 
 الثاني - وهو قول شيخ الإسلام : يلحق للحكمة السابقة 

 مسألة: خروج الدم القليل أثناء الاستياك، والحك، أو الرعاف بدون اختيار، أو قلع الضرس؟
 قلع الضرس - ولو خرج دم لا يفطر؛ لأنه لم يقصد إخراج الدم، بل خروج الدم جاء تبعاً.
 وكذلك الحك وغيره لا يضر خروج الدم معه.

 فائدة:-
قال الشيخ - رحمه الله : انفراد الإمام أحمد عن المذاهب لا يعني أن قوله ضعيف؛ لأن قوة القول ليست بالأكثرية، بل تعود إلى ما دل عليه الشرع، وإذا انفرد الإمام أحمد بقول دل عليه الشرع فإنه مع الجماعة 
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه 


 درس رقم 18
 ما يُفْسِدُ الصوم ولا يوجب الكفارة:-
 مسائل متفرقة 
 مسالة (١): يشترط لفساد الصوم:
 أن يكون عامداً، وغير مكره:- والعامد ضده غير العامد ، وهو نوعان:
 الأول: أن يحصل المُفَطِّر بغير اختياره بلا إكراه، مثل أن يطير إلى فمه غبار أو دخان أو حشرة أو يتمضمض فيدخل الماء بطنه بغير قصد فلا يفطر..
 والدليل على ذلك قول الله تعالى: { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } [الأحزاب: ٥]وهذا لم يتعمد قلبه فعل المفسد فيكون صومه صحيحاً.
 الثاني: أن يفعل ما يُفطِّر مكرهاً عليه فلا يفسد صومه لقوله تعالى:{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [النحل] ، فإذا كان حكم الكفر يُعفى عنه مع الإكراه، فما دون الكفر من باب أولى.
 أن يكون ذاكراً غير ناسياً:- فلو فعل شيئاً من هذه المفطرات ناسياً، فلا شيء عليه سواء  كان صائما صوم فريضة او نافلة ..
 لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: ( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه )[أخرجه البخاري ومسلم] 
 أن يكون عالما غير جاهل:- والجهل ينقسم إلى قسمين:
 جهل بالحكم الشرعي، أي: لا يدري أن هذا حرام .
 جهل بالحال، أي: لا يدري أنه في حالٍ يحرم عليه الأكل والشرب فيه .
 والدليل قوله تعالى:{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]

 مسالة (٢):
 لو شرب أو أكل ناسياً ثم ذكر أنه صائم واللقمة في فمه فإنه يلزمه أن يلفظها لأنها في حكم الظاهر، إذ الفم في حكم الظاهر 
أما لو ابتلعها حتى وصلت ما بين حنجرته ومعدته لا يلزمه إخراجها، ولو حاول وأخرجها لفسد صومه لأنه تعمد القيء 

 مسالة (٣):
 إذا طار إلى حلقه ذباب فإنه يفطر؛ لأنه بغير قصد، لكن لو طار إلى أقصى الفم فإنه يمكنه أن يخرجه، إنما لو ذهب إلى الحلق فلا يمكن أن يخرجه، وربما لو حاول إخراجه تقيأ، لذلك يعفى عنه.
 وكذلك إذا طار إلى حلقه غبار فإنه لا يفطر؛ لعدم القصد 
 لو تمضمض فدخل الماء إلى حلقه حتى وصل إلى معدته فإنه لا يفطر لعدم القصد 

 مسالة (٤): من فكر في الجماع فأنزل - سواء كان ذا زوجة ففكر في جماع زوجته، أو لم يكن ذا زوجة ففكر في الجماع مطلقاً - فإنه لا يفسد صومه بذلك 
 ودليله : قول النبي ﷺ:( إن الله تجاوز لأمتي ما حدّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) [متفق عليه] وهذا لم يعمل، ولم يتكلم إنما حدث نفسه وفكر فأنزل 
لكن لو حصل منه عمل فإنه يفطر، بأن تدلّك بالأرض حتى أنزل، أو حرّك ذكره حتى أنزل، أو قبّل زوجته حتى أنزل، أو ما أشبه ذلك فإنه يفطر.

 مسالة (٥): الاحتلام لا يفسد الصوم حتى لو نام على تفكير، واحتلم في أثناء النوم؛ لأن النائم غير قاصد، وقد رفع عنه القلم 

 مسالة (٦): إذا استيقظ الإنسان حينما يتحرك الماء الدافق عند الإحتلام، فهل يلزمه في هذه الحال أن يمسكه ؟
 الجواب: لا؛ لأنه انتقل من محله ولا يمكن رده؛ لأن حبسه بالضغط على الذكر مُضِّر، كما لو تحركت معدته ليتقيأ فإنه لا يلزمه أن يحبسها لما في ذلك من الضرر 
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه 


درس رقم 19
 ما يُفْسِدُ الصوم ولا يوجب الكفارة:-
 مسائل متفرقة 
 مسالة (٧): لو يبس فم الصائم - كما يوجد في أيام الصيف، ومع بعض الناس بحيث يكون ريقه قليلاً ينشف فمه - فيتمضمض من أجل أن يبتل فمه أو تغرغر بالماء ونزل إلى بطنه، فلا يفطر بذلك؛ لأنه غير مقصود، إذ لم يقصد الإنسان أن ينزل الماء إلى بطنه وإنما أراد أن يبل فمه، ونزل الماء بغير قصد 

 مسالة (٨): هل يجوز للصائم أن يستعمل الفرشة والمعجون؟
 يجوز، لكن الأولى ألاّ يستعملها لما في المعجون من قوة النفوذ والنزول إلى الحلق، وبدلاً من أن يفعل ذلك في النهار يفعله في الليل.

 مسالة (٩): من أكل وشرب، وهو شاك في طلوع الفجر: فصومه صحيح لقوله تعالى:{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } [البقرة: ١٨٧] وضد التبين الشك والظن، فما دمنا لم يتبين الفجر لنا فلنا أن نأكل ونشرب..
 لقوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] وهذا من الخطأ.
 ولحديث أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما( حيث أكلوا يظنون غروب الشمس، ثم طلعت )  وإذا كان هذا في آخر النهار فأوله من باب أولى؛ لأن أوّله مأذون له في الأكل والشرب حتى يتبين له الفجر.
لكن هل يقيد هذا فيما إذا لم يتبين أنه أكل بعد طلوع الفجر؟
 الراجح أنه لا يقيد ، حتى لو تبين له بعد ذلك أن الفجر قد طلع، فصومه صحيح لأنه كان جاهلاً ؛ ولأن الله أذن له أن يأكل حتى يتبين.

 مسالة (١٠): من أكل شاكاً في غروب الشمس؟
 فصومه غير صحيح لأن الأصل بقاء النهار، وعليه القضاء ما لم نعلم أنه أكل بعد غروب الشمس، فإن علِمنا أن أكْلَهُ كان بعد الغروب، فلا قضاء عليه.
 فائدة: الفرق بين من أكل شاكاً في طلوع الفجر ومن أكل شاكاً في غروب الشمس:
 أن من أكل شاكاً في طلوع الفجر، بانٍ على أصل وهو بقاء الليل، فله أن يأكل حتى يتبين له طلوع الفجر 
 وأن من أكل شاكاً في غروب الشمس، أيضاً بان على أصل وهو بقاء النهار، فلا يجوز أن يأكل مع الشك في غروب الشمس.

 مسالة (١١): من غلب على ظنه غروب الشمس فأكل فصومه صحيح ولا قضاء، سواء تبين أنها غربت أو تبين أنها لم تغرب.
 والدليل على جواز الفطر مع غلبة الظن مع أن الأصل بقاء النهار حديث أسماء قالت:( أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي ﷺ ... )وإفطارهم بناء على ظن قطعاً، فدل ذلك على أنه يجوز الفطر بالظن.
 من أفطر قبل أن تغرب الشمس إذا تبين أن الشمس لم تغرب، وجب عليه الإمساك ، لأنه أفطر بناءً على سبب، ثم تبين عدمه.

 مسالة (١٢): رجل غابت عليه الشمس وهو في الأرض وأفطر، وطارت به الطائرة ثم رأى الشمس ؟
 لا يلزمه أن يمسك؛ لأن النهار في حقه انتهى، والشمس لم تطلع عليه بل هو طلع عليها ..
لكن لو أنها لم تغب وبقي خمس دقائق، ثم طارت الطائرة، ولما ارتفعت إذ الشمس باقٍ عليها ربع ساعة أو ثلث، فإن صيامه يبقى؛ لأنه ما زال عليه صومه.

 مسالة (١٣): من أكل معتقداً أنه ليل فبان نهاراً: أي اعتقد أن الفجر لم يطلع، وكذلك من أكل معتقداً غروب الشمس.
 الراجح: أنه لا قضاء عليه ، وصومه صحيح.

 مسالة (١٤): الناس الذين على الجبال أو في السهول والعمارات الشاهقة، كلٌ منهم له حُكمه، فمن غابت عنه الشمس حل له الفطر، ومن لم تغب عنه الشمس فلا يفطر حتى تغرب عنه.
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه 
درس رقم 20
 ما يُفْسِدُ الصوم ويوجب الكفارة:-
الجماع هو ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة مع القضاء، وليس شيء من المفطرات يوجب الكفارة غير الجماع، لأن الجماع من أعظم المفطرات تحريماً وأكثرها تفصيلاً، ولهذا وجبت فيه الكفارة.
 ودليل ذلك: الكتاب، والسنة، والإجماع.
 أما الكتاب: فقوله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧].
 وأما السنة: حديث أبي هريرة المتفق عليه:( أن رجلا أتى رسول الله ﷺ فقال: هلكت، قال: ما أهلكك؟، قال: وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم . فسأله النبي ﷺ هل تجد رقبة؟ فقال: لا. قال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا. ثم جلس الرجل فجيء إلى النبي ﷺ بتمر فقال : خذ هذا وتصدق به. قال: على أفقر مني يا رسول الله، والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني . فضحك النبي ﷺ ثم قال: أطعمه أهلك فرجع إلى أهله بالتمر ).
 وأما الإجماع : فهو منعقد على أنه مفطر.

شروط من تلزمه الكفارة والقضاء إذا جامع:
 أن يكون ممن يلزمه الصوم ، فإن كان ممن لا يلزمه الصوم، كالصغير، فإنه لا قضاء عليه ولا كفارة .
 ألاَّ يكون هناك مسقط للصوم، كما لو كان في سفر، وهو صائم ، فجامع زوجته ، فإنه لا إثم عليه ولا كفارة ، وإنما عليه القضاء فقط، لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥].
 أن يكون الجماع في قبل أو دبر. والقبل يشمل الحلال والحرام، فلو زنى فهو كما لو جامع في فرج حلال.
والجماع في الدبر غير جائز لكن العلماء يذكرون المسائل بقطع النظر عن كونها حلالاً أو حراماً .
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه 


درس رقم 21
 ما يُفْسِدُ الصوم ويوجب الكفارة:-
 مسائل متفرقة 
 مسألة (١): هل يجب القضاء على من جامع في نهار رمضان؟
 فيها قولان لأهل العلم:
 الأول: أنه يجب عليه القضاء، لأنه أفسد صومه الواجب فلزمه القضاء كالصلاة، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم.
 الثاني: ذهب بعض العلماء إلى أن من أفسد صومه عامداً بدون عذر ، فلا قضاء عليه، وليس عدم القضاء تخفيفاً، لكنه لا ينفعه القضاء، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ 

 مسألة (٢): رجل مريض صائم وهو ممن يباح له الفطر بالمرض، لكنه تكلف وصام، ثم جامع زوجته فلا كفارة عليه ، لأنه ممن يحل له الفطر 

 مسألة (٣): تجب الكفارة في أي جماع سواء أكان حلالاً أم حراماً، وحتى في الدبر.

 مسألة (٤): وجوب الكفارة احتراماً للزمن: 
وبناء على ذلك لو كان هذا الجماع في قضاء رمضان، فعليه القضاء لهذا اليوم الذي جامع فيه وليس عليه كفارة ؛ لأنه خارج شهر رمضان، بخلاف ما إذا كان في الشهر.
 مسألة (٥): الكفارة تجب بالجماع ولو لم يحدث الإنزال، ما دام أولج الحشفة في القبل .
 مسألة (٦): إن كانت المرأة مطاوعة ، فعليها القضاء والكفارة.
 مسألة (٧): المعذور بالجهل أو نسيان أو إكراه - سواء الرجل أو المرأة: لا يجب عليهما الكفارة، ولا القضاء.
وليس المراد بالجهل ما يترتب على هذا الفعل المحرم، ولكن المراد بالجهل هو الجهل بالحكم هل هو حرام أو ليس بحرام.
 ولهذا لو أن أحداً زنى جاهلاً بالتحريم، وهو ممن عاش في غير البلاد الإسلامية، بأن يكون حديث عهد بالإسلام، أو عاش في بادية بعيدة لا يعلمون أن الزنى محرّم، فزنى فإنه لا حدّ عليه، لكن لو كان يعلم أنّ الزنى حرام ولا يعلم أن حده الرجم، أو أن حده الجلد والتغريب، فإنه يُحَدّ لأنه انتهك الحرمة، فالجهل بما يترتب على الفعل المحرم ليس بعذر، والجهل بالفعل هل هو حرام أو ليس بحرام هذا عذر.

 مسألة (٨): هذه مسألة مهمة، وهي أن الفقهاء ـ رحمهم الله ـ ، قالوا: لا يمكن الإكراه على الجماع من الرجل، أي: لا يمكن أن يكره الرجل على الجماع؛ لأن الجماع لا بد فيه من انتشار وانتصاب للذكر، والمكره لا يمكن أن يكون منه ذلك! 
 فيقال: هذا غير صحيح ؛ لأن الإنسان إذا هُدد بالقتل أو بالحبس أو ما أشبه ذلك، ثم دنا من المرأة فلا يسلم من الانتشار، وكونهم يقولون هذا غير ممكن نقول: بل هذا ممكن.
المصدر: مختصر من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع   للشيخ  بن عثيمين  رحمه
درس رقم 22
 ما يُفْسِدُ الصوم ويوجب الكفارة :-
 مسائل متفرقة  
 مسألة (١٢):
 المسافر إذا كان مفطراً فقدِمَ إلى بلاده وجامع زوجته - اذا كانت زوجته ممن يباح لها الفطر -  على القول الراجح : يجوز له الجماع لأن هذا اليوم في حقه غير محترم.   
 كذلك المريض إذا شفي وزال عنه المرض الذي استباح به الفطر، فإنه يجوز له جماع زوجته - اذا كانت زوجته ممن يباح لها الفطر - وليس عليه كفارة.
 وكذلك بالنسبة للمرأة لو طهرت من الحيض في أثناء النهار، فلو جامعها زوجها الذي يباح له الفطر فليس عليها الكفارة.

 مسألة (١٣): من أفسد صومه بالأكل والشرب ، ثم جامع زوجته، فإنه يجب عليه الإمساك بقية اليوم، والقضاء، مع الإثم، وعليه الكفارة؛ لأن أكلهُ وشربهُ محرم عليه.

 مسألة (١٤): من جامع وهو معافى ثم مرض أو جُنَّ، ومن جامع وهو مقيم ثم سافر: لم تسقط عنهم الكفارة مع إباحة الفطر لهم آخر النهار؛ لأنه حين الجماع كان ممن لم يؤذن له بالفطر فلزمته الكفارة.

 مسألة (١٥): لا تجب الكفارة إلا بالشروط التالية:
 أن يكون مفسد الصوم جماعاً 
 أن يكون في صيام رمضان
 أن يكون الصيام أداء وليس قضاء 
 أن يكون ممن يلزمه الصوم 
 فلا تجب الكفارة بالجماع في صيام النفل، أو في صيام كفارة اليمين، أو في صيام فدية الأذى، أو في صيام المتعة لمن لم يجد الهدي، أو في صيام النذر ، ولا تجب الكفارة إذا جامع في قضاء رمضان، ولا تجب إذا جامع في رمضان وهو مسافر، ولا تجب الكفارة في الإنزال بقبلة، أو مباشرة، أو نحو ذلك؛ لأنه ليس بجماع 
درس رقم 23
 ما يُفْسِدُ الصوم ويوجب الكفارة :-
 مسائل متفرقة  
 مسألة (١٦): الكفارة هي:
 عتق رقبة، أي: فكّها من الرّق.
 فإن لم يجد - يعني إن لم يجد رقبة، أو لم يجد ثمنها - فصيام شهرين متتابعين.
 فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً  أي: فعليه إطعام ستين مسكيناً.
 والمسكين هنا يشمل الفقير والمسكين؛ لأن الفقير والمسكين إذا ذُكِرا جميعاً كان الفقير أشد حاجة ، وإذا أُفرِدَ أحدهما عن الآخر صارا بمعنى واحد، فإذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا.

 مسألة (١٧): يجب الترتيب في الكفارة، بحيث لايعدل عن عتق الرقبة إلا إذا لم يجدها أو لم يجد ثمنها، وكذلك لا يعدل عن صيام شهرين متتابعين الي الإطعام الا إذا لم يستطع الصيام ..
 ودليل ذلك أنّ النبي ﷺ قال للرجل الذي قال إنّه أتى أهله في رمضان: ( اعتق رقبة، فقال: لا أجد، قال: صم شهرين متتابعين، فقال: لا أستطيع، قال: أطعم ستين مسكيناً، قال: لا أجد ) فجعلها النبي ﷺ مرتبةً.

 مسألة (١٨): يشترط في صيام الشهرين: التتابع، أي: يتبع بعضهما بعضاً بحيث لا يفطر بينهما يوماً واحداً .. إلاّ لعذر شرعيّ:
 كالحيض والنفاس بالنسبة للمرأة.
 وكالعيدين وأيام التشريق.
أو عذر حسّي، مثل:
 المرض والسفر للرجل والمرأة، بشرط ألا يسافر لأجل أن يفطر، فإن سافر ليفطر انقطع التتابع.

  مسألة (١٩): إن لم يجد الكفارة من وجبت عليه سقطت عنه، ودليل ذلك:
 قوله تعالى:{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا}[الطلاق: ٧]، وهذا الرجل الفقير ليس عنده شيءٌ فلا يكلّف إلاّ ما آتاه الله، والله ـ عزّ وجل ـ بحكمته لم يؤته شيئاً، وقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]..
 ودليل من السنّة: وهو أن الرجل لمّا قال: ( لا أستطيع أن أطعم ستين مسكيناً ) لم يقل النبي ﷺ: أطعمهم متى استطعت، بل أمره أن يطعم حين وجد ، فقال: (خذ هذا تصدّق به، فقال: أعلى أفقر مني يا رسول الله... فقال: أطعمه أهلك)، ولم يقل: والكفارة واجبة في ذمتك، فدل هذا على أنها تسقط بالعجز.
 ودليلٌ ثالث: وهو عموم القاعدة الشرعيّة، وهي: " أنّه لا واجب مع عجزٍ "، فالواجبات تسقط بالعجز عنها، وهذا الرجل الذي جامع لا يستطيع عتق الرقبة ولا الصيام ولا الإطعام، نقول إذاً لا شيء عليك وبرئت ذمّتك.

 مسألة (٢٠): إن أغناه الله في المستقبل فهل يلزمه أن يُكفّر، أو لا؟
 الجواب: لا يلزمه لأنها سقطت عنه، وكما أنّ الفقير لو أغناه الله لم يلزمه أن يؤدي الزكاة عمّا مضى من سنواته لأنّه فقير فكذلك هذا الذي لم يجد الكفارة إذا أغناه الله تعالى لم يجب عليه قضاؤها.

 فائدة:
قال الشيخ -رحمه الله-: وهكذا أيضاً نقول في جميع الكفارات، إذا لم يكن قادراً عليها حين وجوبها فإنها تسقط عنه:
 إمّا بالقياس على كفارة الوطء في رمضان .
 وإما لدخولها في عموم قوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]وقوله:{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا} [الطلاق: ٧] وما أشبه ذلك.

  مسألة (٢١): كلما جاءت الرقبة مطلقة فلا بد من شرط الإيمان ؛ لأن النبي ﷺ لما جاء معاوية بن الحكم يستفتيه في جارية غضب عليها ولطمها فأراد أن يعتقها، فدعاها الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقال:( أين الله ؟ فقال: في السماء، فقال: اعتقها فإنها مؤمنة ) ..
 ولأن إعتاق الكافرة قد يستلزم ذهابها إلى الكفار؛ لأنها تحررت فتذهب إلى بلاد الكفر ولا يرجى لها إسلام.

 مسألة (٢٢): هل يشترط سلامة الرقبة من العيوب؟
 فيه خلاف:
 فقيل بالاشتراط، واستدل من قال بهذا، أن إعتاق المعيب عيباً يخل بالعمل خللاً بيناً فإن إعتاقه يكون به عالة على غيره، وعدم إعتاقه أحسن له.
 وقيل: لا يشترط سوى ما اشترط الله وهو "الإيمان".
◀️ قال الشيخ : والمسألة تحتاج لتحرير، لكن الذي يظهر لي أنه لا يشترط .
درس رقم 24
 ما يُكره وما يُستحب من الصائم :-
 المكروه عند الفقهاء: هو الذي نهى عنه الشرع لا على وجه الإلزام بالترك؛ لأنه إن نهى عنه على وجه الإلزام بالترك صار حراماً.
 وأمثلته كثيرة: ففي الصلاة مكروهات، وفي الوضوء مكروهات، وفي الصيام مكروهات، وفي الحج وفي البيع وغيرها.
 أما حُكمه: فإنه يثاب تاركه امتثالاً، ولا يعاقب فاعله.
وبهذا ظهر الفرق بينه وبين الحرام، فالحرام إذا فعله الإنسان استحق العقوبة، أما هذا فلا .
 وأما في لسان الشرع: فإن المكروه يطلق على المحرم، بل قد يكون من أعظم المحرمات، قال الله تبارك وتعالى في سورة الإسراء حين نهى عن منهيات عظيمة، قال:{كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا }[الإسراء: ٢٨].
 والمستحب: هو المسنون، وهو ما أُمِر به لا على وجه الإلزام بالفعل، فإن أُمِرَ به على وجه الإلزام كان واجباً.
 وحكم المستحب: أن يثاب فاعله امتثالاً، ولا يعاقب تاركه، ولكنَّ ثوابَ المستحب أو المسنون أقل من ثواب الواجب 

 مسائل متفرقة 
  مسألة (١): ما حكم جمع الريق ثم بلعه ؟
 ليس بمكروه، ولا يقال إن الصوم نقص بذلك (على الراجح)، لكن لو بقي طعمُ طعام ، كحلاوة تمر أو ما أشبه ذلك، فهذا لا بد أن يتفله، ولا يبلعه.

  مسألة (٢): ما حكم بلع النخامة ؟
 حرام على الصائم وغيره لأنها مستقذرة، وربما تحمل أمراضاً، ولكنها على الراجح: لا تفطر ولو وصلت إلى فمه لأنها لم تخرج من الفم، ولا يعد بلعها أكلاً، ولا شرباً.

 مسألة (٣): إذا ظهر دم من لسانه أو أسنانه، هل يجوز بلعه؟
 لا يجوز، لا للصائم ولا لغيره؛ لعموم قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: ٣] وإذا وقع من الصائم فإنه يفطر، ولهذا يجب على الإنسان أن يلاحظ الدم الذي يخرج من ضرسه إذا قلعه في أثناء الصوم، أو قلعه في الليل، واستمر يخرج منه الدم ألا يبتلع هذا الدم؛ لأنه يفطره وهو أيضاً حرام.
درس رقم 25
مسائل متفرقة
مسألة  (٤):ماحكم  تذوق الصائم للطعام؟
ويُكره أن يذوق الصائم طعامًا كالتمر والخبز والمرق ؛ لأنه ربما ينزل شيء من هذا الطعام إلى جوفه من غير أن يشعر به، فيكون في ذوقه لهذا الطعام تعريض لفساد الصوم، إلا إذا كان لحاجة فلا بأس، والحاجة مثل أن يكون طباخًا يحتاج أن يذوق الطعام لينظر ملحه أو حلاوته، أو يشتري شيئًا من السوق يحتاج إلى ذوقه، أو امرأة تمضغ لطفلها تمرة، أو ما أشبه ذلك.

مسألة (٥): ماحكم مضغ العلك للصائم؟
ويُكره للصائم أن يمضغ علكًا قويًا، والقوي هو الشديد الذي لا يتفتت ؛ لأنه ربما يتسرب إلى بطنه شيء من طعمه إن كان له طعم ، فإن لم يكن له طعم فلا وجه للكراهة، ولكن مع ذلك لا ينبغي أن يمضغه أمام الناس؛ لأنه يُساء به الظن فما الذي يُدريهم أنه علك قوي أو غير قوي، أو أنه ليس فيه طعم أو فيه طعم ، وربما يقتدي به بعض الناس فيمضغ العلك دون اعتبار الطعم . وإن وجد طعم العلك القوي في حلقه أو الطعام الذي تذوقه لحاجة، فإنه فلا يفطر؛ لأنه ليس هناك دليل يدل على أن مناط الحكم وصول الطعم إلى الحلق، فأحيانًا يصل الطعم إلى الحلق ولكن لا يبتلعه ولا ينزل إلى الجوف.

◀️ويحرم العلك المتحلل إن بلع ريقه ، وهو الذي ليس بصلب بل إذا علكته تحلل وصار مثل التراب ، فهذا حرام على الصائم ؛ لأنه إذا علكه لا بد أن ينزل معه شيء لأنه متحلل يجري مع الريق ، ويفسد الصوم إذا بلع منه شيئًا . فإن لم يبلع ريقه فإنه لا يحرم ، كما لو كان الإنسان يعلك العلك فلما تحلل لَفَظَه ، أو كان يعلكه ويجمعه ثم يلفظه ولا يَنزل إلى الجوف .

مسألة (٦) :ماحكم القبلة للصائم؟
القُبلة للصائم تنقسم إلى قسمين: 
الأول: جائز، وله صورتان:
 1/ ألا يصحبها شهوة إطلاقًا ، مثل تقبيل الإنسان أولاده الصغار، أو تقبيل القادم من السفر ، أو ما أشبه ذلك ، فهذه لا تؤثر ولا حُكم لها باعتبار الصوم ؛ لأن الأصل الحل حتى يقوم دليل على المنع.
 2/ أن تُحرك الشهوة ، ولكنه يأمن من إفساد الصوم بالإنزال، فلا بأس بها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يُقبل وهو صائم "
الثاني: محرم، وهو إذا كان لا يأمن فساد صومه، فيحرم إذا ظن الإنزال، بأن يكون شابًا قوي الشهوة، شديد المحبة لأهله، فهذا لا شك أنه على خطر إذا قبّل زوجته في هذه الحال ، فهذا يحرم عليه أن يُقبل؛ لأنه يُعرض صومه للفساد. ودواعي الوطء كالضم ونحوه حكمها حكم القُبلة ولا فرق.
درس رقم 26
  مسائل متفرقة
مسألة (٧): ماذا يقول الصائم اذا شتمه احد؟
ويُسن لمن شتمه أحد أو قاتله، أن يقول: إني صائم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم إني صائم". 

مسألة (٨): مايسن في السحور والفطور؟
 ويُسن تأخير السحور اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، واحتسابًا للخيرية التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم:" لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطور وأخّروا السحور". وفي تأخيره رفقًا بالنفس؛ لأنه إذا أخر السحور قلّت المدة التي يُمسك فيها، ويُؤخره ما لم يخشَ طلوع الفجر، فإن خشي طلوع الفجر فليبادر . ويُسن تعجيل الفطر، والمبادرة به إذا غربت الشمس؛ للحديث السابق.

◀️ويُسن أن يكون الفطور على رطب، فإن عُدم فتمر، فإن عُدم فماء ؛ لقول أنس بن مالك رضي الله عنه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفطر قبل أن يُصلي على رطبات فإن لم تكن فتميرات فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء ". 

◀️ويُسن أن يقول ما ورد عند الفطور، ومنه قول:" اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت ، اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم" ووردت آثار أخرى في أسانيدها ما فيها، لكن إذا قالها الإنسان فلا بأس . ومنها إذا كان اليوم حارًا وشرب بعد الفطور، فإنه يقول: " ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله". 
مسألة (٩): مايسن في القضاء:
ويُسن التتابع في القضاء، فلا يفطر بين أيام الصيام في القضاء ؛ وذلك لثلاثة أوجه: الأول: أن هذا أقرب إلى مشابهة الأداء، لأن الأداء متتابع.
 الثاني: أنه أسرع في إبراء الذمة.
 الثالث: أنه أحوط ؛ لأن الإنسان لا يدري ما يحدث له. فلهذا كان الأفضل أن يكون القضاء متتابعًا.

مسألة (١٠): هل يجوز تأخير القضاء ؟
لا يجوز تأخير القضاء إلى رمضان آخر، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت:" كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان". 
أي: لا أستطيع شرعًا تأخيره إلى ما بعد رمضان . ويجوز القضاء في أي شهر متتابعًا أو متفرقًا ، بشرط ألا يكون الباقي من شعبان بقدر ما عليه، فإذا بقي من شعبان بقدر ما عليه فحينئذٍ يلزمه أن يقضي متتابعًا . ولو أخّره إلى رمضان آخر لعذر فإنه جائز، مثل أن يكون مسافرًا فيستمر به السفر أو مريضًا فيستمر به المرض أو تكون المرأة حاملًا ويستمر بها الحمل أو مُرضعًا تحتاج إلى الإفطار كل السنة ؛ لأنه إذا جاز أن يُفطر بهذه الأعذار في رمضان وهو أداء، فجواز الإفطار في أيام القضاء من باب أولى.

مسألة (١١): هل يجوزالتنفل بالصوم قبل القضاء؟ 
يجوز  التنفل بالصوم قبل القضاء ما دام الوقت واسعًا ، وصومه صحيح ولا يأثم ، ولكن الأولى أن يبدأ بالقضاء ، حتى لو مرّ عليه عشر ذي الحجة أو يوم عرفة، فنقول: صم القضاء في هذه الأيام وربما تُدرك أجر القضاء وأجر الصيام في هذه الأيام، وعلى فرض أنه لا يحصل أجر صيام هذه الأيام مع القضاء، فإن القضاء أفضل من تقديم النفل.
درس رقم 27
مسائل متفرقة 
مسألة(١٢): هل تقدم صيام  أيام الست من شوال على رمضان؟
وأيام الست من شوال لا تُقدم على قضاء رمضان، فلو قُدمت صارت نفلًا مُطلقًا، ولم يحصل على ثوابها الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم:" من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر". وذلك لأن لفظ الحديث" من صام رمضان" ومن كان عليه قضاء لا يصدق عليه أنه صام رمضان.

مسألة (١٣): هل يلزم الإطعام لمن أخر القضاء؟
ولو أخر القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني بلا عذر كان آثما ويلزمه القضاء فقط فلا يلزمه الإطعام، لعدم الدليل

مسألة (١٤): ماحكم قضاء الصوم عن الميت ؟
ومن مات وعليه صيام من رمضان أو كفارة أو نذر استحب لوليّه قضاؤه، ولا يجب ، وإنما يُستحب أن يقضيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" من مات وعليه صيام صام عنه وليه". فهذا أمر، ويصرفه عن الوجوب قوله تعالى:{ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ }  

فيُستحب لوليه أن يقضيه فإن لم يفعل، أطعم عن كل يوم مسكينًا قياسًا على صوم الفريضة. والذي إذا مات كان القضاء واجبًا عليه هو الذي تمكن من القضاء فلم يفعل، فإذا مات صام عنه وليه. والولي هو الوارث
ويُجزئ في هذه المسألة أن يقتسم الورثة الصوم، فيصوم كل واحد منهم عدد من الأيام حتى تكتمل الأيام التي يجب قضاؤها.

مسألة (١٥): هل يحج عن الميت؟
ومن مات وعليه حج نذر فإن وليه يحج عنه؛ ودليله أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم: " أن أمها نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت . فقال لها: أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم . قال : اقضوا الله فالله أحق بالوفاء". وكذلك أيضًا حج الفريضة ؛ ودليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما:" أن امرأة قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده بالحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال: نعم."  فإذا جازت النيابة عن الحي لعدم قدرته على الحج ، فعن الميت من باب أولى.
ولا يصح استئجار من يصوم عنه؛ لأن مسائل القُرب لا يصح الاستئجار عليها .
 درس رقم 28
 مسائل متفرقة 
مسألة (١٢): هل تقدم صيام  أيام الست من شوال على رمضان؟
وأيام الست من شوال لا تُقدم على قضاء رمضان ، فلو قُدمت صارت نفلًا مُطلقًا ، ولم يحصل على ثوابها الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم:" من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر". وذلك لأن لفظ الحديث" من صام رمضان " ومن كان عليه قضاء لا يصدق عليه أنه صام رمضان.

مسألة (١٣): هل يلزم الإطعام لمن أخر القضاء؟
ولو أخر القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني بلا عذر كان آثما ويلزمه القضاء فقط فلا يلزمه الإطعام، لعدم الدليل

مسألة (١٤): ماحكم قضاء الصوم عن الميت؟
ومن مات وعليه صيام من رمضان أو كفارة أو نذر استحب لوليّه قضاؤه ، ولا يجب ، وإنما يُستحب أن يقضيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" من مات وعليه صيام صام عنه وليه". فهذا أمر، ويصرفه عن الوجوب قوله تعالى:{ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ }، 

فيُستحب لوليه أن يقضيه فإن لم يفعل، أطعم عن كل يوم مسكينًا قياسًا على صوم الفريضة. والذي إذا مات كان القضاء واجبًا عليه هو الذي تمكن من القضاء فلم يفعل، فإذا مات صام عنه وليه. والولي هو الوارث
ويُجزئ في هذه المسألة أن يقتسم الورثة الصوم، فيصوم كل واحد منهم عدد من الأيام حتى تكتمل الأيام التي يجب قضاؤها.

مسألة (١٥): هل يحج عن الميت ؟
ومن مات وعليه حج نذر فإن وليه يحج عنه؛ ودليله أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم: " أن أمها نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت. فقال لها: أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم قال: اقضوا الله فالله أحق بالوفاء". وكذلك أيضًا حج الفريضة ؛ ودليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما: " أن امرأة قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده بالحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه ؟ قال: نعم.". فإذا جازت النيابة عن الحي لعدم قدرته على الحج، فعن الميت من باب أولى.
ولا يصح استئجار من يصوم عنه ؛ لأن مسائل القُرب لا يصح الاستئجار عليها.
درس رقم 29
  باب صوم التطوع               
 ما حكم صيام ثلاثة أيام من كل شهر؟ 
يُسن صيام ثلاثة أيام من كل شهر، سواء كانت متتابعة أو متفرقة، والأفضل أن تكون أيام البيض، وأيام البيض هي اليوم الثالث عشر من الشهر، والرابع عشر، والخامس عشر، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصيامها. وهذه الثلاثة تُغني عن صيام ثلاثة أيام من كل شهر التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم:" صيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله "

 ويُسن صيام الأثنين والخميس، وصوم الأثنين أوكد من الخميس، فيُسن للإنسان أن يصوم يومي الأثنين والخميس من كل أسبوع، وقد علل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك:" بأنهما يومان تُعرض فيهما الأعمال على الله عز وجل، قال: فأحب أن يُعرض عملي وأنا صائم ". 

هل يسن صوم الجمعة ؟
ولا يُسن صوم يوم الجمعة، ويُكره أن يُفرد صومه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يومًا قبله أو يومًا بعده". 

هل يسن صوم ست من شوال قبل قضاء رمضان؟
ويُسن صوم ست من شوال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر" 
والأفضل أن تكون هذه الست بعد يوم العيد مباشرة؛ لما في ذلك من السبق إلى الخيرات. والأفضل أن تكون متتابعة؛ لأن ذلك أسهل غالبًا، ولأن فيه سبقًا لفعل هذا الأمر المشروع. 
والسُّنة أن يصومها بعد انتهاء قضاء رمضان لا قبله، فلو كان عليه قضاء ثم صام الستة قبل القضاء فإنه لا يحصل على ثوابها، وقد تقدم دليل ذلك. ولو لم يتمكن من صيام الأيام الستة في شوال لعذر كمرض أو قضاء رمضان كاملًا حتى خرج شهر شوال، فله أن يقضيها ويُكتب له أجرها.

هل يسن صوم شهر محرم ؟
ويُسن صوم شهر المحرم، وهو الذي يلي شهر ذي الحجة ، وصومه أفضل الصيام بعد رمضان ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم "
وآكد صوم شهر المحرم العاشر ثم التاسع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: " سُئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: أحتسب على الله أن يُكفر السنة التي قبله ". ثم يليه التاسع ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:" لئن بقيت، إلى قابل لأصومن التاسع . أي: مع العاشر. ولا يُكره إفراد العاشر بالصوم، ولكن يفوت بإفراده أجر مخالفة اليهود 

متى يبتدأ صيام تسع ذي الحجة؟ 
ويُسن صوم تسع ذي الحجة، وتبدأ من أول أيام ذي الحجة وتنتهي باليوم التاسع وهو يوم عرفة ، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر". والصوم من العمل الصالح . وآكد تسع ذي الحجة صيام يوم عرفة لغير حاج بها، ويوم عرفة هو اليوم التاسع ، وإنما كان آكد أيام العشر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم يوم عرفة فقال: " أحتسب على الله أن يُكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ". وعلى هذا فصوم يوم عرفة أفضل من صوم عاشرواء ؛ لأن يوم عاشوراء يُكفر السنة التي قبله فقط  ويُكره للحاج أن يصوم يوم عرفة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصمه وهو حاج، ولأن هذا اليوم يوم دعاء وعمل ولا سيما أن أفضل زمن الدعاء هو آخر هذا اليوم، فإذا صام الإنسان فسوف يأتيه آخر اليوم وهو في كسل وتعب، فتزول الفائدة العظيمة الحاصلة بهذا اليوم 
درس رقم 30
 صيام التطوع 
 ما هو أفضل صوم التطوع ؟
وأفضل صوم التطوع ، صوم يوم وفطر يوم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: " صُم يومًا وأفطر يومًا فذلك صيام داود عليه السلام وهو أفضل الصيام " 

 هل يسن إفراد رجب بصوم ؟
ويُكره إفراد رجب بالصوم؛ لأنه من شعائر الجاهلية، ولم يرد في السنة في تعظيمه شيء، وكل ما يُروى في فضل صومه أو الصلاة فيه من الأحاديث فهي كذب باتفاق علماء الحديث.

 هل يكره صيام  يوم السبت لسبب ؟
ويُكره إفراد يوم السبت بالصوم؛ لحديث: " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم". وإن صح هذا الحديث فيُحمل على النهي عن إفراده، وأما جمعه مع الجُمعة أو الأحد فلا بأس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لجويرية وقد وجدها صائمة يوم الجمعة: " أصمت أمس ؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً ؟ قالت: لا ، قال فأفطري" . فدل على أن صومه مع الجمعة لا بأس به. وإن أفرده لسبب فلا كراهة ، مثل أن يُصادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء.

 ما حكم صوم يوم الشك؟
ويحرم صوم يوم الشك، وهو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال، وأما إذا كانت السماء صحوًا فلا شك. ودليل حرمة صوم يوم الشك، حديث عمار بن ياسر: " من صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم". 

 ما حكم صوم العيدين؟
ويحرم صوم العيدين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يومي العيدين، عيد الفطر وعيد الأضحى. ولو كان صوم فرض، كقضاء من رمضان أو نذر.

 هل يجوز صيام أيام التشريق؟ 
ويحرم صيام أيام التشريق ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ". وأيام التشريق ثلاثة بعد يوم النحر، وهي: الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر 
 ويجوز صيامها للحاج المتمتع والقارن ممن عليه الهدي فلم يجد، فيصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.

 هل يلزم الإتمام في صيام النفل ؟
ولا يلزم الإتمام في صيام النفل؛ ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أهله ذات يوم فقال: " هل عندكم شيء؟ قالو : نعم عندنا حيس ، قال: أرينيه - يقوله لعائشة - فلقد أصبحت صائمًا ، فأَرته إياه فأكل".

فدل هذا على أن النفل أمره واسع وللإنسان أن يقطعه، ولكن العلماء يقولون: لا ينبغي أن يقطعه إلا لغرض صحيح 

إذا فسد  النفل  هل يلزم القضاء ؟.
ولو فسد النفل ، فإنه لا يلزمه القضاء؛ لأنه لو وجب القضاء لوجب الإتمام، فإذا كان لا يجب الإتمام فلا يجب القضاء من باب أولى  

إلا الحج فإنه يلزمه إتمامه ولو كان نفلًا، ويجب قضاء فاسده، ولو كان نفلًا ؛ لقوله تعالى:{ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ }وهذه الآية نزلت قبل فرض الحج، ومع هذا أمر الله بإتمامهما مع أنهما نفل لم يُفرضا بعد، ودلت السُّنة على وجوب قضائه 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق