السبت، 19 سبتمبر 2015

فقه الحكمة من ركن اﻹسلام اﻷكبر (2)






فقه ثمرات عبودية الذكر
 الدرس السابع و العشرون:
 والله سبحانه يريد بالتسمية قبل كل سورة في القرآن (بسم الله الرحمن الرحيم)
أن يذكرنا دائماً أن ندخل عليه متوكلين عليه، معتمدين على رحمته لا على عملنا،
فالإنسان مهما عمل .. ومهما اجتهد .. ومهما بذل وأعطى .. ومهما نصح ..
فلا يخلو عمله من شائبة.
فإن تكلم فقد ينم ويغتاب ..
وإن حكم فقد يظلم ..وإن عمل فقد يقصر،
والإنسان خلق ظلوماً جهولاً، وخلق خطاءً،
ولولا رحمة الله ما بقيت لنا نعمة:
{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَنْ يُدْخِلَ أحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّة» قَالُوا: وَلا أنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: «وَلا أنَا، إِلا أنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ مِنْهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ» متفق عليه .
 إن الذين يبذلون أقصى جهدهم في طاعة الله لا يصلون إلى مرتبة الكمال،
وحسبهم أن يقاربوا، فالكمال لله وحده،والإنسان ظلوم كفار، وإن عمل فهو خطاء
كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» أخرجه الترمذي وابن ماجه.
 والشيطان يريد ويحاول أن يقعد بالإنسان عن الصراط المستقيم،
وأن يمنعه من طاعة الله، والنفس تأمره بالسوء.
ولذلك كان لا بدَّ من باب الرحمة يدخل منه البشر إلى الله سبحانه،
وإن يكون الباب مفتوحاً على مدى الزمن
يهرع إليه كل عبد، وكل عاص، وكل تائب.
 وكم من الكفار والعصاة الذين فتح الله لهم باب رحمته فتابوا إلى الله،
فقبل توبتهم، وحسن إسلامهم، وأصبحوا من أئمة هذا الدين:
 {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر: 7].
 والله تبارك وتعالى خلق الخلق
لعبادته وذكره،ومعرفته بأسمائه وصفاته،وأمرهم بذلك،
فمن أطاع فهو من المفلحين، ومن عصى فهو من الخاسرين.
قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12].
 والشكر لله درجات
تبدأ بالاعتراف بفضله،  والحياء من معصيته،
وتنتهي بالتجرد لشكره في كل حركة بدن، وفي كل لفظة لسان، وفي كل خفقة قلب، وفي كل خطرة جفان.
ومن قصر في الذكر والشكرانتهى به ذلك إلى الكفر والعياذ بالله.
 ولقد ذكر المسلمون الأوائل ربهم وشكروه
فذكرهم ورفع ذكرهم،ومكنهم من القيادة الراشدة،
ثم نسوه فإذا هم همل ضائع، وذيل تافه، لا ذكر لهم في الأرض، ولا في الملأ الأعلى، ولا عند المولى،
ومن ذكر الله ذكره، والوسيلة قائمة:
 {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ } [البقرة: 152].
 ولكي يؤثر ذكر الله في القلب لا بدَّ عند الذكر من ثلاثة أشياء:
أحدها: فراغ القلب من كل شيء سوى الله،
كما قال سبحانه:{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)} [الشرح: 7، 8].
الثاني:التبتل
وهو الانقطاع إلى الله، والانفصال بالقلب عن الخلائق
كما قال سبحانه: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8]. 
الثالث: التدبر لما يقول،
فإذا قال: سبحان الله،
قال: يا الله أنت بريء من كل عيب، وأنا مليء بكل عيب،
وإذا قال: الحمد لله،
 قال أنت العظيم الكريم فلك كل حمد، وأنا لا أستحق الحمد،
وإذا قال: لا إله إلا الله،
قال: أنت معبودي وإلهي وأنا لا أمشي على هواي،
وإذا قال: الله أكبر
قال: أنت الكبير الذي له الكبرياء في السموات والأرض، وكل ما سواك مخلوق صغير. 
 فبالتدبر يدخل كل هذا في القلب،
ويؤثر فيه أعظم من تأثير الطعام في البدن،
وبذلك يحصل على كمال الإيمان واليقين والتقوى. 
 فالعبادات والصلوات والأذكار كلها تذكر العبد بربه ..
فيزيد إيمانه ..ويحرص على طاعته ..ويجتنب معصيته ..
ويرجو رحمته ..ويخاف عذابه ..ويشكره على نعمه ..
ويستحي أن يراه على معصيته.
ولذلك أمرنا الله بكثرة ذكره وتسبيحه في كل حين
 كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)}
[الأحزاب: 41، 42].

فقه أشرف بقاع اﻷرض
الدرس الثامن و العشرون: 
خصائص المساجد الثلاثة:
المساجد الثلاثة هي:
المسجد الحرام ،
والمسجد النبوي ،
والمسجد الأقصى.
1- المسجد الحرام بناه إبراهيم وابنه إسماعيل ، وهو قبلة المسلمين، وإليه حجهم، وهو أول بيت وُضع للناس، جعله الله مباركاً وهدىً للعالمين.
والمسجد النبوي بناه محمد وأصحابه رضي الله عنهم، وقد أُسس على التقوى.
وليس في الدنيا حرم إلا هذان الحرمان فقط.
والمسجد الأقصى بناه يعقوب ، وهو أُولى قبلتي المسلمين ، ومسرى الرسول .

2- مضاعفة ثواب الصلاة في هذه المساجد الثلاثة،
ولهذه الخصائص وغيرها لا تُشد الرحال إلا لهذه المساجد الثلاثة.
1- قال الله تعالى:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ}[آل عمران/96].
2- وقال الله تعالى:{لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}[التوبة/108].
3- وقال الله تعالى:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء/1].
4- وعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَن النَّبِيِّ قَالَ:«لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ المَسْجدِ الحرامِ، وَمَسْجدِ الرَّسُولِ ، وَمَسْجدِ الأَقصَى». متفق عليه.

 فضل الصلاة في المساجد الثلاثة:
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: «صَلاةٌ في مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلفِ صَلاةٍ فِيْـمَا سِوَاهُ إلَّا المَسْجِدَ الحرامَ». متفق عليه.
2- وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله قال: «صَلاةٌ في مَسْجدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلفِ صَلاةٍ فيمَا سِوَاهُ إلَّا المَسْجدَ الحَرَامَ، وَصَلاةٌ في المَسْجدِ الحَرَامِ أَفضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلفِ صَلاةٍ فيمَا سِوَاهُ». أخرجه أحمد وابن ماجه.
3- وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : تَذاكَرْنا ونحن عند رسول الله أيُّهما أفضل : مسجد رسول الله ؟ أم مسجد بيت المقدس؟ فقال رسول الله : «صَلاةٌ في مَسْجدِي هَذا أفضَلُ مِنْ أرْبَـعِ صَلَواتٍ فِيهِ ، وَلَنِعْمَ المُـصَلَّـى». أخرجه الحاكم.

 فضل الصلاة في مسجد قباء:
1- عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا. متفق عليه.
2- وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «مَنْ تَطَهَّرَ في بَيْتِـهِ، ثُمَّ أَتى مَسْجِدَ قُبَاءَ فَصَلَّـى فِيهِ صَلاةً، كَانَ لَـهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ». أخرجه النسائي وابن ماجه.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق