سليمان بن محمد الحميضي أحد أعلام القضاء
في تاريخ السعودية
حسام عبدالعزيز مكاوي - باحث في تاريخ مكة
المكرمة
يعد سليمان الحميضي أحد أعلام القضاء في
تاريخ السعودية،
وكتب له منصور فايز الثبيتي ترجمة وافية في مجلة العدل
بتاريخ 30 ربيع
الآخر 1427،
كما أوضح ابنه محمد في تلخيص لسيرته خلال حديثه لـ"مكة".
ولد سليمان محمد عبدالله الحميضي في مدينة
عنيزة في 1330، واستقر في بلدة القصب، ونشأ في حجر والديه، حيث كان والده من علماء
عنيزة وإماما لمسجد العليويات.
وكان معروفا بسعيه في الإصلاح بين الناس،
إضافة إلى شهرته في العلاج بالكي، وعرفت أمه بصلاحها وتقواها.
وبدأ سليمان رحلته العلمية بحفظ القرآن
الكريم، ثم التحق بإحدى المدارس الابتدائية في عنيزة، وتخرج منها على يد مديرها عبدالعزيز
الدامغ في 1346، ثم درس الأصول الثلاثة على يد عبدالرحمن بن ناصر السعدي، ليرتحل بعدها
إلى الحجاز مكملا رحلته في طلب العلم، وذلك في 1349.
ونزل المدينة المنورة وأقام بها مدة ملازما
محمد علي التركي في دروسه بالمسجد النبوي الشريف، وانتقل في نفس العام إلى مكة، حيث
عمل لدى سليمان العمران في محله الكائن في الجودرية والمتخصص في بيع المشالح والزل،
إضافة إلى متابعته دراسته في الحرم المكي الشريف على يد محمد مانع، ومحمد أبوالسمح،
وعلي محمد الهندي، وظل على ذلك حتى 1353، حيث غادر مكة إلى عنيزة بسبب مرض والده، وبعد
وفاة والده بقي في عنيزة حتى 1357 إماما لمسجد الضليعة ثم عاد إلى مكة، وسكن في شعب
عامر بجوار مسجد الجفالي، ليبدأ مشواره العملي، متدرجا في عدد من الوظائف المتعلقة
بالوعظ والإرشاد والإمامة والخطابة والقضاء.
بدأ تحصيله العلمي في القصيم، ثم واصل دراسته
في الحرم المدني ومنه للمكي، وبعد أن تحصل على قدر كاف من العلم عينه عبدالله آل الشيخ
في وظيفة الوعظ والإرشاد بقرية الزيمة التابعة لمكة، ثم أضيفت إليه إمامة وخطابة جامعها.
وانتقل بعدها إلى مديرية المعارف في 26جمادى
الثانية 1370، وعين مديرا للمدرسة العزيزية بالسيل الكبير، والتي أسسها بعد حصوله على
موافقة الملك عبدالعزيز على افتتاحها، مع إمامة وخطابة جامع السيل الكبير، وبقي مديرا
للمدرسة حتى عام 1377.
كما تم ترشيحه من قبل رئيس القضاة عبدالله
آل الشيخ للعمل في القضاء، حاول لمدة ثلاثة أشهر أن يتم إعفاءه، إلا أنه خضع بعد ذلك
وعين قاضيا للطائف، ثم قاضيا لمحكمة بني سعد جنوب الطائف.
وفي 1384هـ نقل إلى قضاء المحكمة المستعجلة
الثانية بمكة المكرمة، إضافة إلى إمامة وخطابة مسجد المعابدة.
وفي 1388 أضيفت إليه أعمال المحكمة المستعجلة
الثالثة، وظل فيها حتى أدمجت مع المحكمة المستعجلة الثانية 1391، واستمر في عمله بها
إلى أن أحيل إلى التقاعد في 1 رجب 1400، بعد أن أمضى 42 عاما في الوعظ والإرشاد والقضاء،
إلا أنه ظل في إمامة مسجد المعابدة حتى 1407، وبعد ذلك أصبح يقوم بإثبات واقعات الطلاق
- احتسابا - حسب إفادة الزوجين، ويرفعها للشيخ عبدالعزيز بن باز للفتوى بموجب ما يثبته.
وكان في قضائه ينتهج الرفق والمداراة، والصلح
بين الخصوم، ويستعين في ذلك بالأعيان والوجهاء ومشايخ القبائل، وكان يناصر المرأة ويقف
معها في حسن المعاشرة، وكان يأخذ بالتحكيم بين الزوجين، وتبنت هيئة كبار العلماء بعض
آرائه في التحكيم بين الزوجين، وعمل في الوعظ والإرشاد والتعليم والقضاء نحو 42 عاما،
ركز مؤلفاته في القضاء والإصلاح الاجتماعي.
كما ترك الحميضي عددا من المؤلفات، ما زالت
مسودات وهي: الزوجان المثاليان، أركان الإسلام، رسالة عن زيف الماركسية الشيوعية وبطلانها،
والموعظة الحسنة، إضافة إلى عدد من الرسائل في الصلاة، وأطفال الأنابيب والمعاملات
التربوية وغير ذلك.
وبقي على ما هو عليه من العطاء، حتى مرض
ولزم الفراش في بيته لأكثر من سنة ونصف، وتوفي عن عمر يناهز 92 عاما، في 17 جمادى الآخرة
1423، ودفن في مقابر العدل بعد أن صلي عليه في المسجد الحرام، وشيعه جمع غفير.
من مؤلفاته:
1 - مجموعة الرسائل الثلاث، وقد طبعت في 1396 وتضم الطرق
الشرعية لحل المشكلات الزوجية، ورسالة لا جاهلية في الإسلام، وتناول فيها تحريم حجر
النساء وعضلهن عن الزواج، ومشكلة غلاء المهور، والثالثة تحدث فيها عن أضرار المسكرات
والمخدرات.
2 - مع القضاة حول فضل العدل، ونماذج من سير قضاء السلف.
3 - مع المحققين والمرشدين حول فضل الرفق، وعدم قبول
الاعتراف الإجباري.
4 - ثلاث رسائل أخرى غير الأولى طبعت في 1409، بتقديم
أحمد محمد جمال، وتضم: دعوة الشباب من الجنسين إلى الزواج المبكر، ورسالة في أحكام
الطلاق الشرعي، ورسالة في فريضة الزكاة وأحكامها.
5 - درر الخطب المنبرية في إصلاح المجتمع، ويشمل مجموعة
من الخطب التي ألقاها في مناسبات متفرقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق