تدبر_سورة_الإنسان
-١-
• سورةٌ نعيش معها معنى الفرح، ومما فطرت عليه النفوس أنها تبحث عن
الفرح ..!
الفرح صفةُ كمالٍ يتذوقها القلب،هو أعلى نعيم القلب ولذته وبهجته ..
تصور لنا فرحاً خاصاً ..فرحٌ يأتي بعد عمل،
فرحٌ يأتي بعد تعب،فرحٌ يأتي بعد سير،
فرحٌ يأتي بعد تعب،فرحٌ يأتي بعد سير،
إنه فرح الأجير، فرح المجتهد، فرح العامل إذا
انتهى من عمله وأعطاه صاحب العمل أجرته
فجاءت الأجرة فوق ما كان يتصوره عقله وفوق ما
كان يخطر بباله !!
فكان فرحه كبيراً ...
هذا المعنى وهذا المشهد وهذا الفرح توصله لك
تلك الآية الكريمة اللطيفة :
{إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمْ
جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا}
• سنعيش أيضا في هذه السورة
مع الأبرار وصفاتهم، وبر الله بهم،وما أخص صفة رُزقوا بها هذا البر ..
لعلنا بهذه المدارسة أن نلحق بهم، ونتشبه بهم،
ونتمتع ببر الله كما تمتعوا ..
ونتمتع ببر الله كما تمتعوا ..
[ومن سار على الدرب وصل]
• أيضا هي سورة تشوق للجنة،
تنقل القلوب للجنة ..
كل ما تريده من نعيم،وكل ماتريده من متعة،وكل ما تشتهيه من لذة،ستجده في الجنة ..
{وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ
رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا}
وكم تتداوى قلوبنا بذكر الجنة !
فقد نعيش في الدنيا و فينا من الآلام والغصص
والأوجاع والأكدار والأحزان ما لا يخففه علينا إلا أن الدنيا ستنتهي..والموعد الجنة...!
إنها سورة تنقلك إلى عالم سماوي مختلف عن دنيا
البشر ،،،
تدبر_سورة_الإنسان
-٢-
● مقصودها وموضوعها الرئيسي
الذي تدور حوله :
[الامتنان]
وهذا واضح من افتتاحها {هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ
حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا}،
هل خطر ببالك يوماً أيها الانسان أنك لم تكن
شيئاً؟
لم تكن موجوداً؟ كنت عدماً..!
فجاءت أول منة من منن الله عليك بأن أوجدك وأنشأك
وخلقك.
• ثم امتن عليك وبين لك
كيف خلقك وما أصل خلقتك {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ
فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}
..
• ثم امتن عليك بأن خلقك
سميعاً بصيراً عاقلا مدركاً مختاراً، لك إرادة تختار بها إما طريق الهداية وإما الضلال.
• ثم امتن عليك أيضاً يوم
أن بين لك الحكمة من خلقك {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاج نَّبْتَلِيهِ} ..لم يخلقك عبثاً ولا تسليةً ولا ملأ للفراغ،إنما
خُلقت لتُبتلى ..تُبتلى بالتكاليف والواجبات،
تُبتلى بالمصائب والنعم،تُبتلى بالخير والشر ..
اقتضت حكمة الله أن ليس في الدنيا سرورٌ دائم
ولا سعادةٌ كاملة ولا صحة دائمة ولا نعيم كامل .
جعل الله مسراتها إلى تنغيص،جعل الله أحوالها في تقلّب ..!
فتنبه لحقيقة وجودك وتيقظ لماذا خُلقت؟
و إلى أين أنت صائر؟
و ما هي نهايتك؟
تدبر_سورة_الإنسان
-٣-
{إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ
مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا}
● من هم الأبرار؟
يقول ابن السعدي رحمه الله:
"هم الذين برت قلوبهم
بما فيها من محبة الله ومعرفته والأخلاق الجميلة، فبرت أعمالهم واستعملوها بأعمال البر".
• بر الأبرار يبدأ من بر
قلوبهم،
و برّ القلوب هو:
صفاؤها، نقاؤها، طُهرها، خلوصها، طِيبها، زكاؤها ..
• هو قلب كامل الطهارة،
كامل النقاء، كامل الخلوص، ليس فيه شر
..
يقول ابن القيم رحمه الله وهو يصف بر صدر رسول
الله صلى الله عليه وسلم.:
"وإن الخير ليتفجر
من رسول الله تفجراً، وليس في الدنيا محلّ أكثر خيراً من صدر رسول الله، فقد جُمع الخير
بحذافيره وأُدع في صدره".
لذلك فاض هذا البر على جوارحه فكان كالريح المرسلة ..!
يعطي الغني والفقير، والقريب والبعيد، والرجال
والنساء، والصغار والكبار ..
يواسي بالقليل وبالكثير، يواسي بالفعل وبالقول ..
يُهدي هذا، ويُكرم هذا، ويجبر هذا بكلمة، وهذا
بدعوة، وهذا بمال، وآخر بعطية ..
اتسع قلبه للجميع،بر قلبه فبرت جوارحه ...
تدبر_سورة_الإنسان
-٤-
● من أين رُزق الأبرار برهم؟
• الله البر تجلّى ببره
على عباده،،
• ورد اسم الله البر مرة
واحدة في القرآن في سياق آية كريمة لطيفة فيها روْحٌ جميلٌ من التشويق والتحبيب، آية
تصف مشهد لأهل الجنة ..
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ
عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ}
إقبال الإنسان على الآخر هو التفاته إليه بالكلية،
بحيث يكون أمامه في مواجهته ..
ينظر بعضهم إلى بعض ويدنو بعضهم من بعض، فيسأل
بعضهم بعضا :
كيف كنتم؟
كيف كانت عبادتكم؟
كيف نالكم هذا العطاء؟
هذا هو إقبال أهل الجنة بعضهم على بعض في مجالس
نعيمهم في الجنة ..
فيأتي الجواب على ألسنتهم :
{قَالُوا إِنَّا كُنَّا
قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ
السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}
إنه اسم ورد على لسان أهل الجنة لما رأوا ذاك
النعيم العظيم والنعيم الكبير ..!
ذاك البر الذي غمرهم الله به في جنته ..
[لا بر على الحقيقة إلا الله،ولا رحيم على الكمال إلا الله]
تدبر_سورة_الإنسان
-٥-
● معنى اسم الله البر:
أي الكثير الإحسان ،،،ذو الإحسان البالغ العظيم المنهمر الذي لا ينقطع
ولا حدود له .
● ومن صور هذا البر :
• أن الله يبر دعاء عبده،،،
جاء في حديث تشبيه المؤمن بالنخلة أن ورقها
لا يسقط، وكذلك المؤمن لا تسقط له دعوة ..
وتأمل كيف قرن الله بين الدعاء وبين اسمه البر
{إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}
يقول أهل التدبر:
كأن في هذا الاقتران إشارة إن أردت أن تعرف
بر الله بك فارفع يديك بالدعاء ..
لترى كيف يعطيك،وكيف يستجيب لك ويغدق عليك،وكيف يغير لك الأحوال والأوضاع ..
مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس أصابهم بلاء،
فقال صلى الله عليه وسلم أما كان هؤلاء يسألون الله العافية. ..!
وكأن رسول الله استنكر وتعجب كيف أنهم تركوا أنفسهم في هذه البلاءات تفترسهم
وفي أيديهم الدواء الحاسم وهو [الدعاء].
كل من عرف بر الله ومزيده استكثر من الدعاء، ولم يشبع من فضل الله ..
وقد قالها أيوب عليه السلام لما عافاه الله
من مرضه، أنزل عليه من السماء جرادا من ذهب فأخذ يحثو ويجمع في ثوبه فقال الله:
"ألم أغنك من فضلي يا أيوب؟"
فقال: "ومن يشبع من فضلك يارب..!"
وصدق عليه السلام ومن يشبع من فضلك وبرك يارب
،،،
تدبر_سورة_الإنسان
-٦-
● ومن صور بر الله بعباده:
• أن الله يبر عبادتهم،
فيغمرهم ببره ومضاعفته جزاء عبادتهم
..
• وأن الله يُحسن في معاملتهم،
يرفق بهم ويُشفق عليهم، يصلهم ولا يقطعهم ..
من أتاه بقلب يحتاج إلى طهارةٍ طهره له ..
من عقد العزم على السير إليه أعانه وأرسل له
من يحمله ويسنده ويوصله ..
من ابتعد وتاه وشرد ثم عاد إليه، وجده رباً
رحيماً براً كريماً فاتحاً أبوابه لكل من يعود ...
لا يخيب ظن عبده به..!
[وكما أن الله لا نهاية
لأوصافه، كذلك لا نهاية لبره وإحسانه]
تدبر_سورة_الإنسان
-٧-
● صفات الأبرار:
١/ يوفون بالنذر،،
وهي العهود التي بينهم وبين الله.
أعاهدك يارب إن نجيتني وسترتني أن أتوب ولا
أعود ثانية ..
أعاهدك يارب إن تيسرت لي الوظيفة سأتصدق من
كل راتب ..
نذر علي إن شفى الله ابني وقُضيت حاجتي سأفعل
وأفعل ...
• كل هذه عهود موثقة بين
العبد وربه وهي من أعظم العهد، ويجب الوفاء بها، فالله أحقُ من يوفّى له .. قال صلى
الله عليه وسلم : "من نذر أن يطيع الله فليطعه" .
• جاء عمر رضي الله عنه
إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
"يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام"، فقال
رسول الله : أوفِ بنذرك .
• الوفاء بالنذور والعهود
هو وصف الأبرار و أولي الألباب والمتقين، والله يحب من عباده الأوفياء ...
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذف